ان الاثر التنموي للإنفاق العام ضعيف، مما يستلزم اعادة النظر في آلية الانفاق العام لينعكس بشكل حقيقي على الواقع وذلك من خلال التركيز على بناء رؤية اقتصادية واضحة وترتيب اولوية الانفاق قطاعياً واقتصادياً ومحاربة الفساد وتفعيل الجانب الاعلامي..
ان الفجوة بين الطموحات المرسومة في المنهاج الوزاري والارقام المالية، تعكس وجود تحديات كبيرة تمثلت في زيادة الانفاق مقارنة بالإيراد، والانفاق الجاري مقارنة بالاستثماري، والايرادات النفطية بغير النفطية وتراجع البرامج الخاصة وزيادة الدين العام، ولأجل اصلاحها لابد من اتخاذ اجراءات تصحيحية مثل اصلاح دور الدولة في الاقتصاد، ربط الانفاق بالإنتاجية، اصلاح الجهاز الاداري لضمان استثمار الايدي العامل افضل استثمار وتفعيل دور القطاع الخاص لتقليص الاعتماد على الدولة وهنا ستقترب الطموحات المرسومة من الارقام المالية..
ان استمرار الزيادة السكانية بالتزامن مع تخلف التعليم وتسارع التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، يجعل العراق في موعد مع أزمات حقيقية مستقبلاً، ولتلافي هذه الازمات يصبح موضوع التنويع الاقتصادي ضرورة ملحة لأجل تقوية الاقتصاد وامتصاص الأزمات..
في الوقت الذي يمتلك العراق الكثير من الموارد التي تؤهله لبناء اقتصاد قوي الا انه لايزال يعاني من سرعة الاستجابة لأي أزمة داخلية أو خارجية وذلك بحكم الهشاشة الاقتصادية، بمعنى ان هشاشة الاقتصاد العراقي هي التي تستقبل الازمات وتساعد على استفحالها وليس الازمات هي من تتسبب هشاشة الاقتصاد العراقي، من حيث اولوية التشخيص..
المشاكل المتأصلة أسهمت في استمرار اختلال بنية الهياكل الاقتصادية مما جعل العراق يعاني من الهشاشة الاقتصادية ويتأثر سريعاً بالأزمات. مما يتطلب العمل على معالجة المشاكل المتأصلة نظامياً وثقافياً ومؤسساتياً، وهذا سينعكس في تصحيح الاختلالات الاقتصادية وتحسين المناعة الاقتصادية ويكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الأزمات..
ان العراق يعمل بسياسة دعم المشتقات النفطية التي تُعد سلاح ذو حدين، حيث لا يمكن الاستمرار فيها نظراً للسلبيات المرافقة لها، كما اتضح بعضها آنفاً؛ ولا يمكن الغاءها نظراً للإيجابيات المرافقة لها، كما اتضح آنفاً، مما يستلزم العمل على اصلاح تلك السياسة..
حينما تكون الديمقراطية، سياسياً؛ والقطاع الخاص، اقتصادياً؛ يسيران في اتجاه واحد، سيتحسن اداء الاقتصاد ويصبح قوياً ومستداماً، وحين يسير الاستبداد، سياسياً؛ ونظام الدولة، اقتصادياً؛ فًي اتجاه واحد سيتعثر اداء الاقتصاد ويصبح ضعيفاً ومتذبذباً..
ان العراق يعاني من اثار الماضي المتمثلة في عدم بناء المجتمع سياسياً واقتصادياً قبل عام 2003 وتفاقم الفساد واستمرار ضعف الاقتصاد بعد 2003، وتحديات المستقبل المتمثلة في نفاد النفط او انخفاض اهميته وتغيّر المناخ في ظل استمرار الاعتماد على النفط..
يُفترض بالدول التي تمر في مرحلة انتقالية كالعراق، أن تسير وفق رؤية واضحة من شأنها تنضيج الديمقراطية وتقوية المؤسسات وحصر المؤسسة العسكرية على تحقيق الوظيفة الاساسية بالتزامن مع التعاون الاقليمي والدولي، وتترك المساحة الأخرى لآلية السوق ليسير الاقتصاد وفقها لضمان نموه وقوته وبما يسهم في تطلبة حاجة المجتمع باسعار معقولة ونوعية جيدة..
ان العراق لا يختلف عن النرويج حيث لا يمتلك ديمقراطية ناضجة ولا مؤسسات قوية قادرة على توظيف النفط وفق الاتجاهات المطلوبة؛ والنتيجة انتشار الفساد وضعف الاقتصاد وربما انهياره في أي لحظة، ولأجل حماية الاقتصاد وتطويره، يتطلب العمل والاستفادة من التجرية النرويجية في كيفية تنضيج الديمقراطية وتقوية المؤسسات لأجل تعزيز الشفافية وتجفيف منابع الفساد وتوظيف النفط وفق الاتجاهات المطلوبة وبما يخدم الاقتصاد تطويراً وحماية..
هناك علاقة وثيقة بين المؤسسات واداء الاقتصاد، حيث تؤثر المؤسسات في الاقتصاد كما يؤثر الاقتصاد فيها. ان وجود مؤسسات قوية يعني تحرك الاقتصاد في مساحته بعيداً عن الضغوط غير الاقتصادية، وبالمقابل وجود نظام اقتصادي سليم يعني سير المؤسسات نحو هدفها بعيداً عن الاغراءات الاقتصادية..