الاقتصاد العراقي: مشاكل متأصلة وارتدادات متكررة

شارك الموضوع :

في الوقت الذي يمتلك العراق الكثير من الموارد التي تؤهله لبناء اقتصاد قوي الا انه لايزال يعاني من سرعة الاستجابة لأي أزمة داخلية أو خارجية وذلك بحكم الهشاشة الاقتصادية، بمعنى ان هشاشة الاقتصاد العراقي هي التي تستقبل الازمات وتساعد على استفحالها وليس الازمات هي من تتسبب هشاشة الاقتصاد العراقي، من حيث اولوية التشخيص

عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في يوم السبت 8/ 2/ 2025 حلقته النقاشية الشهرية، حيث ناقش فيها الحضور ورقة بحثية تحت عنوان (الاقتصاد العراقي: مشاكل متأصلة وارتدادات متكررة) قدّمها الباحث في المركز الأستاذ حامد عبد الحسين الجبوري، وحضر هذه الحلقة نخبة من الأساتذة الأكاديميين ومدراء مراكز البحوث وعدد من الكتاب والمثقفين، قدموا مداخلاتهم المرموقة حول ما طُرِح في هذه الحلقة من أفكار مهمة تتعلق بأزمات ومشكلات الاقتصاد العراقي.

وقد جاء في متن هذه الورقة البحثية ما يلي:

الاقتصاد العراقي: مشاكل متأصلة وارتدادات متكررة

في الوقت الذي يمتلك العراق الكثير من الموارد التي تؤهله لبناء اقتصاد قوي الا انه لايزال يعاني من سرعة الاستجابة لأي أزمة داخلية أو خارجية وذلك بحكم الهشاشة الاقتصادية.

بمعنى ان هشاشة الاقتصاد العراقي هي التي تستقبل الازمات وتساعد على استفحالها وليس الازمات هي من تتسبب هشاشة الاقتصاد العراقي، من حيث اولوية التشخيص.

هذا ما يدفعنا للبحث عن المشاكل المتأصلة التي تجعل الاقتصاد العراقي هشا وغير قابل للصمود أمام الازمات الداخلية والخارجية على حدٍ سواء، بل وسريع الاستجابة لها.

يمكن القول، هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، لكن هناك مشاكل متأصلة وأخرى متوالدة؛ كالفساد مثلاً؛ مما ينبغي التركيز على الاولى لتختفي الثانية تلقائياً، فما هي المشاكل المتأصلة؟ وماهي تمظهراتها؟

تتمثل المشاكل المتأصلة في ثلاثة وهي:

اولاً: النظام الاقتصادي

بمعنى ان معالم النظام الاقتصادي في العراق غير واضحة على ارض الواقع، فعلى الرغم من تحول العراق من نظام التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق إلا انه لازال يعاني من الفوضى الاقتصادية.

حيث انسحبت الدولة من النشاط الاقتصادي من ناحية إلا إنها لم تفتح الباب بشكل رحب أمام القطاع الخاص من ناحية ثانية، فظل الاقتصاد العراقي متعثر الاداء.

لأنه من المفترض في ظل التحول الاقتصادي ان تتحقق امور عديدة منها:

الاول: انخفاض حجم الموازنة 

في حين ارتفع حجم الموازنة من 50 تريليون دينار عام 2006 الى اكثر من 198 تريليون دينار عام 2023.

الثاني: غياب او انخفاض العجز 

في حين ارتفع العجز المالي من 5 تريليون دينار عام 2006 الى 64 تريليون عام 2023.

الثالث: انخفاض التوظيف الحكومي

بينما ارتفع التوظيف الحكومي من 1900 الف موظف عام 2006 الى 4 ملايين موظف عام 2023

الرابع: ملكية عناصر الانتاج وأهمها الارض والمال

أي أن تكون النسبة الأكبر من عناصر الانتاج بيد القطاع الخاص(افراد وشركات) لا الدولة، بينما الواقع هو العكس.

ثانياً: الثقافة الاقتصادية "الاقتصاد العراقي.. بين حتمية التحول وثقافة القطاع العام"

بمعنى ان المجتمع العراقي يفضل الدولة والقطاع العام على قيادة الاقتصاد من القطاع الخاص وذلك بحكم استمرار الدولة والريع النفطي لمدة طويلة مما أسهم في تغذية المجتمع دون ان يكون له مسؤولية مباشرة، هذا ما ادى الى الغاء ثقافة العمل الحر بعيداً عن الدولة.

ما عقّد الأمر أكثر، هو سوء ادارة التحول المزدوج عام 2003 وبالخصوص التحول الاقتصادي، حيث لم يتم العمل على بناء ثقافة اجتماعية تنسجم والتوجه الجديد، بل تم تطبيقه بشكل مباشر لا تدريجي، وهذا ما دفع بالمجتمع على عدم تقبله وعدم التفاعل معه.

لذلك تمثل ثقافة القطاع العام مشكلة متأصلة تقف كعائق أمام تحول الاقتصاد العراقي مما تسبب في تعثر اداءه.

ثالثاً: ضعف المؤسساتية

اتجه العراق نحو المؤسساتية بعد 2003 إلا انها لازالت شكلية وغير قادرة على اخذ دورها 

بشكل حقيقي، مما اثرت بشكل كبير على اداء الاقتصاد العراقي.

حيث تعد المؤسساتية في العراق حديثة العهد، أي تفتقد لمسيرة تاريخية طويلة من الاداء المؤسسي نظراً لاستمرار الحكم الاستبدادي في الامد القريب والمشاكل والانقلابات في الامد المتوسط والاحتلال الخارجي في الامد البعيد.

ان وجود مؤسسات قوية قادرة على القيام بوظائفها وتحقيق اهدافها بشكل مستقل بعيداً عن اي تقاطعات فيما بينها وترفض أي تدخل في عملها سواء من الداخل او الخارج، تكون كفيلة بتحسين اداء الاقتصاد وتجنب أو امتصاص الارتدادات سواء كانت داخلية أم خارجية.

وبما ان المؤسساتية في العراق لازالت حديثة النشأة من حيث الاداء المؤسسي وليس الوجود المؤسسي؛ الى جانب التأثير السياسي والاجتماعي، فهي مشكلة حقيقية لا يمكن تجاوزها. 

لان عدم وجود مؤسسات قوية يعني عدم القدرة على تشريع القوانين الاقتصادية، وعدم القدرة على حماية ثروات المواطنين، وعدم القدرة على ارجاع الحقوق بشكل عام والاقتصادية بشكل خاص وعدم القدرة على كشف الفساد ومحاربته.

بعبارة اخرى، النظام يمثل القاعدة التي يسير عليها الاقتصاد.. قواعد اللعبة.

الثقافة تمثل نظرة المجتمع للاقتصاد وطبيعة تفاعلهم داخل النظام.

المؤسسات تمثل الحكم الذي يرعى ضبط ايقاع التفاعل الاقتصادي داخل النظام.

مظاهر المشاكل المتأصلة 

تمظهرت المشاكل المتأصلة أعلاه في اختلال بنية الهياكل الاقتصادية وكما هي أدناه:

- اختلال الهيكل الانتاجي، وذلك بحكم هيمنة القاع النفطي على الناتج المحلي الاجمالي قبل وبعد 2003 مقابل تواضع مساهمة القطاعات الانتاجية فيه.

- اختلال الهيكل المالي، وذلك بحكم ارتفاع النفقات العامة مقابل تواضع الايرادات العامة، نظراً لتدخل الدولة في الاقتصاد.

- اختلال الهيكلي التجاري، استمرار تنوع الاستيرادات السلعية من العالم الخارجي مقابل استمرار تركز الصادرات السلعية للعالم الخارجي.

- اختلال الهيكل النقدي، حيث نلاحظ هناك فرق بين السعر الرسمي والسعر الموازي لسعر الدولار، علماً ان كلا السعرين غير حقيقيين ولا يعبران عن حقيقة الاقتصاد بفعل الدعم الاقتصادي.

- اختلال هيكل العمل، حيث ان الطلب على الوظائف الحكومية أكبر من الطلب على العمل في القطاع الخاص.

الارتدادات المتكررة

نظراً للهشاشة الاقتصادية التي اتضحت من خلال مظاهر المشاكل المتأصلة، أصبح الاقتصاد العراقي معتمد على النفط ومرتبط من خلال الاخير بالعالم الخارجي، وان أي ما يطرأ على النفط داخلياً او خارجياً؛ ينسحب بسرعة تلقائياً على الناتج والمالية والتجارة والنقد والعمل.

ان اعتماد الاقتصاد العراقي على الدولار النفطي يعني سهولة التحكم به من قبل الولايات المتحدة لمعاقبة خصومها الاقليميين والدوليين سواء ايران، كما اوضح ذلك ترامب في تصريحاته الاخيرة بخصوص منع استيراد الكهرباء والغاز من ايران؛ او روسيا او غيرهم.

كذلك سهولة التحكم به من قبل الشركاء التجاريين الذين يعتمد عليهم في تلبية طلبه المحلي، وهذا حصل أكثر من مرة حين تمنع الكهرباء او امدادات الغاز الطبيعي للعراق من ايران سواء بقصد او بغير قصد.

الخلاصة:

 المشاكل المتأصلة أسهمت في استمرار اختلال بنية الهياكل الاقتصادية مما جعل العراق يعاني من الهشاشة الاقتصادية ويتأثر سريعاً بالأزمات.

مما يتطلب العمل على معالجة المشاكل المتأصلة نظامياً وثقافياً ومؤسساتياً، وهذا سينعكس في تصحيح الاختلالات الاقتصادية وتحسين المناعة الاقتصادية ويكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الأزمات.

وبعد الانتهاء من عرض الورقة البحثية قام الباحث الأستاذ حامد الجبوري بطرح السؤالين التاليين على المشاركين في هذه الندوة وهما: 

س1: ما هي أسباب المشاكل المتأصلة في الاقتصاد العراقي؟

س2: كيف يمكن معالجة المشاكل المتأصلة لتلافي الارتدادات المتكررة؟

المداخلات

الدكتور عقيل كريم كلية القانون جامعة كربلاء المقدسة

رؤية اقتصادية غير واضحة

في البدء أعبر عن شكري وتقديري لمؤسسة النبأ، وللسيد الباحث مقدم الورقة البحثية، طبعا المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي من المواضيع المهمة جدا والحيوية، كونها متصلة بطبيعة حياتنا، الاقتصاد العراقي لحد الآن هو غير واضح بفكره الذي يتبناه، ولا نعرف الآن هل هو قائم على الاقتصاد الحر، اقتصاد السوق، أم هو اشتراكي أو رأسمالي، أم هو خاضع للدولة المتدخلة، يعني الدولة هي التي تدير الاقتصاد.

منذ بدء نشوء الدولة العراقية في 1921، حيث تأسست الدولة العراقية والاقتصاد كان حرًّا، بصراحة كان هناك إنتاج وتوجد دراسات تشير إلى أن القطاع الخاص كان يساهم بنسبة 58% من الإنتاج، هذا كان يحدث في العهد الملكي، وبعده جاء النظام الجمهوري، تحوَّل الاقتصاد بشكل جذري، من الاقتصاد الحر أو من اقتصاد السوق إلى اقتصاد تمتلكه الدولة وتضع خطوات التنمية الاقتصادية وفق الخطط التي تضعها الدولة والجهة القطاعية.

استمر هذا الوضع إلى أن انهار الاقتصاد العراقي في التسعينيات حيث لم يعد لدينا اقتصاد في العراق، فقد كنا في التسعينات نعيش بالقدرة، لا يوجد اقتصاد، ولا سوق ولا أي شيء، بعد 2003 هنالك بصراحة نوع من التخبط والرؤية غير الواضحة بخصوص الاقتصاد العراقي، فهل هو اقتصاد دولة أم ماذا؟

هناك دراسة توجد في مجلس الوزراء، تم تشكيل لجنة في 2014 مهمتها تقييم الشركات العامة الموجودة في الدولة، فالشركة العامة مملوكة للدولة 100%، فوجدوا أن 86% من الشركات العامة هي عبء على الدولة، شركات خاسرة وفاشلة، خسارة 100%، حيث يوجد موظفون تعطيهم الدولة أجورا شهرية، بينما نسبة 14% فقط من الشركات لديها إنتاج.

وعندما نأتي لمعرفة هذه الشركات المنتجة، نجدها مثل شركة الكهرباء، شركات البترول وإنتاج النفط، طبعا هذه منتجة، فنحن لم نقم بشيء إنتاجي لأن هذه الشركات هي أصلا ريعية وتدر أموال من بطن الأرض ويعتبرونها شركات ناجحة، أما كشركات إنتاجية فلا توجد عند العراق مثل هذه الشركات.

لذا فإن مشاكل الاقتصاد العراقي كبيرة جدا، أما الفساد فلا يعتبر مشكلة اقتصادية، بل هو مشكلة عامة في البلد وهي حتما تؤثر على الاقتصاد 100%، ولكن الفساد ليس مشكلة اقتصادية، ويوجد لدينا من المشاكل الاقتصادية أيضا، نحن في هذه الفترة لا توجد لدينا عمالة ماهرة. 

في أحد الايام قمنا بمناقشة موضوع اقتصادي، حيث قال خبير اقتصادي: إذا أردنا الآن أن نفتح مصنعا، أقل وقت نحتاجه لهذا المشروع من سنتين إلى سبعة سنين حتى نستطيع إكماله وافتتاحه وتشغيله، لأنه لا يوجد لدينا العمالة الماهرة التي تقوم مباشرة بتشغيل المصنع بعد إكمال إنشائه. 

ينما مثلا إذا تم بناء مصنع في الصين، فيتم تشغيله وإنتاجه خلال سبعة أيام، ولذلك نلاحظ أن الاستثمارات حاليا كلها متوجهة إلى دول شرق آسيا، الصين، تايلند... لماذا؟ لأنه توجد لديها عمالة ماهرة، حيث بالإمكان تشغيل اي آلة أو جهاز أو محرك حديث بسبب المهارات الموجودة عند الأيدي العاملة هناك، ويمكن تشغيل أي مصنع.

فالمشاكل بصراحة هي كثيرة، لكن نحن إذا أردنا تحديد مشكلة معينة ربما نستطيع تدريجيا نحدد جميع المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، أما اسباب المشاكل، فنحن لدينا كثير من المشاكل وتوجد أسباب سياسية، نتحدث الآن مثلا عن التشريعات القانونية، نحن لا توجد لدينا مشكلة في التشريعات القانونية، بالنسبة للتشريعات الاقتصادية وافية جدا.

نحن لدينا قانون استثمار فتح المجال أمام كل المستثمرين، وأعطى امتيازات للمستثمر، أما قانون النفط فهو قضية سياسية، وهذا القانون غير استثماري بل ريعي، لكن من الواضح أن قضيته سياسية، لحد الآن لم يشرَّع قانون وهو أمر سياسي كما نعرف في الفترة الحالية.  

أما على صعيد التشريعات، يوجد لدينا قانون الشركات، أي شخص يريد أن يؤسس شركة يمكنه ذلك الآن، أكبر شركة نريد أن نقوم بتأسيسها رأس مالها مليونيّ دينار، ويمكن تأسيس شركة تتكون من شخص واحد، فهي بصراحة تشريعات مرنة جدا، ومواكبة أيضا، مع العلم أن هذه التشريعات صادرة منذ الثمانينيات.

أجروا عليها بعض التعديلات نعم، وحسنوها، لكن المشكلة ليس في التشريعات، وإنما المشكلة سياسية، بل المشكلة الاولى التي نعاني منها بالنسبة للاقتصاد هي سياسية.

مداخلة الاستاذ صادق الطائي 

تغيير الحكومات من أجل التسلّط

لازمت المشاكل الاقتصادية السوق العراقي ومسألة النفقات بشكل كبير منذ عام (١٩٦٣) كان القصد من تغيير الحكومات في العراق هو التسلط والحكم، ليس من اجل اصلاح الوضع

الاقتصادي او رفع الثقل والمشاكل من على اكتاف الناس، اذن التحرك والعمل الحزبي والتنظيمات والعمليات الفدائية كانت من اجل التحكم والتسلط، وليس كما كانوا يبشرون ويدعون به، هذا ليس في العراق فقط بل في بلدان اخرى.

كل هذه الانقلابات والتحولات السياسية جاءت وهي لا تمتلك نظرية اقتصادية، او انها تريد تحقيق تجربة جيدة في الاقتصاد.

مثلا في موضوع الاستيراد ليس هناك قانون او نظرية تخدم المواطن او المزارع، مثلا محاصيل الطماطم والتمور موجودة في العراق، لكن التاجر العراقي يقوم باستيرادها كالتمور المعلبة من دول اخرى وبسعر منافس او اقل، والدافع الرئيسي هو الربح فقط. ثم خلق البطالة للعراقي، وتحوله الى رجل ينتظر (دوراً) في عمليات سياسية من انقلاب او انتخاب او قدرة او علاقات.

امريكا تريد من العراق ان يكون مستهلكا فقط، ما يحصل عليه من نقود النفط يصرفها في الاستيراد كي يستمر بالاستهلاك، ممنوع عليه ان يصنع (إبرة) خياطة، ممنوع عليه ان يتقن (علم الاقتصاد الانتاجي). وإذا أكمل هذا القسم يكون مصيره القتل بالسيارة او الاصطدام او غير ذلك، المهم هذه فتنة أو حديث ممنوع.

الأستاذ أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

عدم استقرار العملة في العراق

أقدم في مداخلتي هذه وجهة نظر مختلفة، حول الاسباب التي أدت إلى أن يكون الاقتصاد العراقي بهذا الشكل، هنالك أسباب داخلية وأخرى خارجية، من الأسباب الداخلية بحسب فهمي هو التخبط السياسي في حل المشكلات الاقتصادية، إذ لا توجد لدينا سياسة اقتصادية محددة، ولا يوجد لدينا تخطيط اقتصادي واضح.

الشيء الثاني قضية عدم استقرار العملة في العراق، عاصرناها في التسعينات من القرن المنصرم، وإلى الآن فإن العملة والسوق غير مستقر، الشيء الثالث قضية النظام المصرفي العراقي، فهو نظام معقد، وربما آخر القرارات التي أصدرها البنك المركزي هي التي تتعلق ببيع العقارات.

اذ أصدروا تعليمات أن الذي يبيع أو يشتري دارا عليه أن يودع أمواله في المصرف ابتداء من مبلغ 100 مليون دينارا صعودا، وهناك ضرائب يتم فرضها بحسب قيمة العقار، يعني شروط كثيرة ومجحفة، بينما ما نعرفه نحن أن الناس (مسلطون على أموالهم)، فأي شخص يمتلك أموالا له الحرية في التصرف بها في مجال الشراء والبيع، أو كيفما يتصرف بها، فما هي علاقة البنك المركزي في هذا الجانب، مثلا عندي أموال أريد أن أتبرع بها لجمعيات تهتم وترعى الحيوانات، أو أريد اصرفها كما اشاء، وإذا كان هدف البنك المركزي المراقبة فنحن معه في هذا الجانب، ولكن هذه الخطوة تحد من حركة النشاط التجاري في هذه القضية.

كما نعرف ونتفق أيضا بأن العراق بحاجة إلى استثمارات كبيرة، لكن المستثمر يجد أمامه معرقلات ومعوقات وفساد، هذه كلها تقف أما المستثمر لذا لا يمكن أن يرتقي الاقتصاد العراقي بوجد هذه العلل التي ليس لها حلول ولا معالجات.

سماحة الشيخ مرتضى معاش 

نحتاج الى فهم معنى الاقتصاد

هناك مشاكل متأصلة في الاقتصاد العراقي يمكن أن نتطرق إليها أو نوجزها كالتالي:

أولا: أكبر مشكلة هي أزمة فهم الاقتصاد

هذه المشكلة متأصلة في فكر الدولة وعقل الدولة وأيضا في العقل الاجتماعي، ولا يفهمون ما هو معنى الاقتصاد، الآن يمكن أن اسمي الاقتصاد باقتصاد (الدكان)، يعني بيع وشراء، وهذا لا يسمى اقتصاد، وليس له علاقة بالماضي ولا له علاقة بالمستقبل.

بالنتيجة يبقى عدم فهم الاقتصاد خصوصا في عالم اليوم، هذا العالم المتقدم اقتصاديا، والمتشابك جدا، يحتاج إلى فهم لمعنى الاقتصاد وكيف يعمل وكيف يسير.

ثانيا: أزمة الاستهلاك والإنتاج

اليوم أصبح الإنسان العراقي مجرد مستهلك وليس منتجا، وهذه أزمة، حيث يتزايد مفهوم الاستهلاك الذي يعتمد على الاستيراد الخارجي بما لا يتناسب مع حاجات المجتمع العراقي، ولا يتناسب مع الموارد الموجودة، ولا مع التوازن الاجتماعي، كل هذا يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه مشكلة في التوازن الاقتصادي في البلد.

نحن يوجد لدينا شيء في قضية أزمة الإنتاج والاستهلاك، وهذا الشيء يسمى (الإنسان الاقتصادي)، وهو الشخص الذي توجد لديه خطة للعمل الاقتصادي من ناحية العمل، من ناحية الانتاج، من ناحية تناسب عمله مع وارده الذي يحصل عليه، وأيضا من ناحية الاستهلاك والادخار.

كمثال عن ذلك يعتمد الإنسان العراقي على وظيفة الدولة، هذا ليس بإنسان اقتصادي، فهذا الشخص يعتمد على ريع الدولة، وهذا الريع بالنتيجة ريع معرض للازمة كونه لا يفكر في المستقبل، ولا توجد عنده رؤية مستقبلية، بالإضافة إلى ذلك هو لا يدّخر ادخارا حقيقيا، ولا يحول هذا الادخار إلى استثمار يفيده في المستقبل. طبعا أزمة فهم الاقتصاد وأزمة الاستهلاك تؤدي إلى أزمة الإنسان الاقتصادي في العراق.

ثالثا: أزمة الثقة بالنظام السياسي وبالسلطة

ليست هناك ثقة بالنظام السياسي، وهذه أزمة عميقة جدا، وأزمة الثقة هذه تؤدي إلى وجود القلق من المستقبل، فلا يشعر الإنسان بالاستقرار النفسي، ولا الاجتماعي، وفي كل يوم يشعر بأن قلقه كبير بخصوص ما سيحدث في المستقبل، يفكر بحدوث مشاكل، وهذه أزمة كبيرة لها ارتدادات.

فالإنسان عندما لا يثق باقتصاد بلده، لن تكون عنده مساهمة فعالة في هذا الاقتصاد، لدرجة أن المواطن لا يثق يضع أمواله في المصرف، وكما قيل فإن المصرف أصلا هو من أهم أعداء الاقتصاد العراقي، أو هو أهم عائق في عملية تطور الاقتصاد العراقي.

رابعا: تضخم النظام البيروقراطي

هذا التضخم يستنزف الموازنة كلها، ويستنزف الاقتصاد كله، لأنه نظام استهلاكي بيروقراطي غير منتج يؤدي إلى عملية انتشار الفساد بشكل كبير، لذلك من المفارقات اليوم أننا نرى أهم مشروع لدى ترامب أنه يحارب النظام البيروقراطي في أمريكا، وما يقوم به الآن إنه يستهدف كل الوزارات وكل الوكالات وكل المؤسسات الحكومية التي ستنزف موازنات أمريكا.

وآخرها كانت يوم غد وما حدث في وزارة التعليم، حيث استهدفها ترامب، لأن النظام البيروقراطي لا يسمح بتوقف التضخم وإذا يتوقف النمو الضخم جدا، هذا سوف يؤدي إلى مشكلة كبيرة جدا في المستقبل وله ارتدادات عنيفة. 

لنفترض في إحدى السنوات لا يستطيع النظام العراقي تقديم موازنة، هذا الشيء سوف يؤدي إلى ثورة، وهذا يعد ارتداد خطير جدا، حيث تندلع ثورة شديدة جدا ضد النظام الحاكم.

خامسا: غياب البنى التحتية

وهي أزمة متأصلة، تؤدي إلى زيادة تكاليف الانتاج، ولا تسمح للاقتصاد بأن ينمو نموا اقتصاديا سليما، وإنما يكون في حالة استنزاف، ودائما يشعر المستثمر بأن قيمة الأرباح قليلة جدا، وهذا يؤدي بالمستثمر إلى عملية تقليل الجودة إلى أبعد حد حتى يستطيع أن يكمل أرباحه بالإضافة التكاليف الأخرى الهامشية التي تأتي من خلال العمولات والرشاوي.

أهم مشكلة ذكرها أستاذ حامد الجبوري مقدم هذه الورقة، أنا سأذكرها بعبارة أخرى، من باب التأكيد عليها، بأن اقتصادنا اقتصاد دولة وناقشنا هذا في حلقة سابقة، اقتصاد الدولة هو مدمر للاقتصاد، لا يمكن أن يقوم الاقتصاد على الدولة، لأن الدولة هي مجموعة من الناس المنتفعين الذين يفكرون بكيفية حصولهم على الامتيازات الخاصة بهم، ويديرون عمليات التمويل بما يتناسب مع عمولاتهم وأرباحهم التي يحصلون عليها وعلى مقاساتهم.

أما الاقتصاد الحقيقي فهو الاقتصاد الاجتماعي، وهناك مشكلة السياسة المالية المرتبطة بالدولة وهي تتعلق بتشريع السياسات والخطط التي ترتبط بمصالح الأحزاب والسلطة المتنفذة، وهذا ما يقوم بمحاربته ترامب حاليا حيث يسمي هؤلاء بالشيوعيين، هناك كاتب جيد اسمه دورون عاصم أوغلو وهو معروف وخبير، وهو يتكلم ليس بعنوان الاقتصاد العلمي وإنما يتكلم بعنوان الاقتصاد كثقافة اجتماعية وهذا هو الاقتصاد فعلا.

في كتاب إذا فشلت الأمم يقول مؤلفه (لابد أن يبدا الاقتصاد من القاعدة)، وأنا أسمي ذلك بالاقتصاد الاجتماعي، وهو الاقتصاد الحقيقي.

الأزمة الأخرى وهي أزمة كبيرة جدا: أزمة الانتخابات

أن في رأيي كما أن الانتخابات جيدة جدا، فهي أيضا سيئة جدا، بدلا من أن يأتي رئيس وزراء جديد لكي يطور الاقتصاد، فإنه يقوم بممارسة عملية تعيينات هائلة جدا، لماذا، لكي يكسب اصوات انتخابية، وهذا يعني ممارسة لتأصيل المشكلة وارتداداتها هذا الكم الهائل من البطالة، كل هذا من أجل انتخابه.

فهذه القضية قضية التعيينات محسوبة، حيث يقوم الموظفون بانتخاب من عينهم لأنه كما يعتقدون صاحب فضل عليهم.

بالنسبة للإجابة عن السؤال الثاني اقول حول الحلول والمعالجات:

أولا: تغيير الثقافة الاجتماعية     

الاهتمام بالجانب الاجتماعي وخلق الإنسان الاجتماعي، من خلال المناهج التعليمية ودعم المؤسسات المستقلة، لأنه المؤسسات المرتبطة بالدولة لا يمكن أن تمارس عملية الاقتصاد الاجتماعي.

ثانيا: إعطاء القوة للقطاع الخاص

من خلال دعم الاستثمارات ورفع العوائق والبيروقراطية.

ثالثا: معالجة سيطرة الاقطاعيات

بالطبع يمكن أن تكون الاقطاعيات من المشكلات المتأصلة لأن اقتصاد العراق كاقتصاد بالمعنى الحقيقي الاقتصادي، لم يحصل على فرصة في تاريخه، منذ زمن الدولة العثمانية وإلى الآن هو في حالة من سيطرة الاقطاعيات عليه من جهة ومن ناحية ثانية سيطرة الدولة عليه، وثالثا كما يجري الآن سيطرة الاقطاعيات زائدا الدولة على الاقتصاد.

تحالف الاقطاعيات مع الدولة أدى إلى مشكلة كبيرة، لذا يجب احتواء الاقطاعيات لأنها تقلل من مبدأ تكافؤ الفرص، في العمل الاقتصادي.

ويجب دعم ابتكار الشباب، فلابد أن يحصل الشباب اليوم فرصته في عملية الابتكار الاقتصادي، وبناء وفتح المشاريع الصغيرة، والمشاريع الناجحة حيث يتعلم منذ الصغر عملية تمويل نفسه وبنائها وإنشاء مشروعه الخاص حتى بالنتيجة نستطيع نحن أن نخرج من هذه الدوامة المستمرة في عملية الارتدادات، وإلا ربما نحن لا نشعر بهذه المشكلة الآن ولكنها مشكلة لها آثار خطيرة جدا.


الأكاديمي علاء الدين الجنابي 

تشجيع الشباب للقيام بالعمل الحر

في تصوري أن المشكلة في الاقتصادي العراقي، تنقسم إلى قسمين، مشكلة خارجية ومشكلة داخلية، المشكلة الخارجية تتعلق بأن العراق منذ القدم لم يكن مستقران خصوصا في ظال العولمة، موقع العراق الاستراتيجي جعل منه عرضة لأطماع كثيرة لدول معينة، ومكان لصراع دول كثيرة، مثل دول الخليج والصراع الإيراني الأمريكي.

كل هذه الأمور موجودة على الساحة العراقية، بالنتيجة هذا الشيء لا يسمح بوجود بيئة آمنة ومستقرة لنشوء اقتصاد صحيح وقوي، يعني يحتاج الاقتصاد إلى بيئة آمنة، ومستقرة لكي يزدهر، فكل هذه المشاكل تجعل من الصعب أن تصنع اقتصادا قويا، ولكن هذا لا يبرر الأمر. 

النقطة الثانية تتعلق بالمشاكل الداخلية، وهي في الواقع منذ نشوء الدولة العراقية حتى اليوم، لا توجد هناك رؤية اقتصادية حقيقية واقعية قابلة للتطبيق وصحيحة وممكن مثلا أن تنهض بهذا البلد، والذي لاحظناه أن كل الحكومات في هذا البلد والتي تعاقبت على حكم العراق هي حكومات أقل ما يُقال عنها غير كفوءة، حيث يكون الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، يعني وجود أشخاص غير كفوئين يقودون الدولة وهذه مشكلة حقيقية.

الغرب وجد حلولا لهذه المشكلة بالرجوع إلى مراكز الدراسات، نلاحظ مثلا أن بعض تصريحات ترامب التي يقولها مضحكة، ولكن يبدو من خلف الكواليس هناك من يدير القضايا السياسية في أمريكا، حيث توجد مراكز دراسات هي التي تخطط وهي التي تضع البرامج وتضع الخطوات الصحيحة وتؤشر غير الصحيحة.

مثلا في قضية المصالح الأمريكية الموجودة في كثير من الدول، فهل يعرف ترامب وحده أن مصلحة امريكا توجد في الدول الفلانية، هناك تقرير في برنامج المخبر الاقتصادي كان لديه حلقة بأن أمريكا تدخلت في 1973 في (تعقيم / من العقم) عشر دول، إعقام نساءهم، وأعطوا النساء أدوية بشكل مباشر وحدث عندهن عقم.

لأن هذه الدول فيها موارد تحتاجها أمريكا، حيث لاحظوا أنه بعد عشر أو عشرين سنة سوف يتنامى سكان هذه المناطق وبالنتيجة سوف يصبح أخذهم لهذه الموارد أكثر، وأمريكا تحتاجها، ولهذا قامت بعقم النساء ومن ضمنها المنطقة العربية (مصر) والبرازيل وغيرها، عشر دول تقريبا وهذه الوثيقة ظهرت في التسعينيات.

أما المشاكل الداخلية فهي أولا عد الوضوح، بمعنى لا يوجد لدينا رؤية واضحة لحد الآن حو اقتصادنا، كذلك المشكلة الثانية أن اقتصادنا ريعي، يعتمد 90% على الايرادات النفطية، في الوقت الذي نرى فيه أن العالم يتجه نحو الذكاء الاصطناعي، يتجه نحو الرقائق الإلكترونية، وإذا حدثت الحرب العالمية الثالثة فهي بسبب شركة تي أف أف التايوانية، حيث أن مشكلة العالم اليوم تدور حول الرقائق الإلكترونية وممكن تقودنا إلى حرب عالمية ثالثة.

كما أننا نعلم جميعا، بأن مشكلة الاقتصاد الريعي أنه يتأثر بالعوامل الخارجية أيضا، ثانيا فسح المجال أمام الاستثمار والقطاع الخاص، هذه تجمع بين المشكلة الداخلية والخارجية، فهي مشكلة خارجية لأن هناك صراعات وتصفية حسابات موجودة وأرضنا خصبة لاستقطاب تصفية الصراعات، كما اننا ل نلاحظ توجه حقيقي نحو تشجيع الاستثمار ولا يوجد فكر ولا توجه حقيقي بهذا الاتجاه.

في أحد المؤتمرات كان يحضر شخص أمريكي نائب، قدم محاضرة من ضمن ما قاله في احدى المدارس في أمريكا طالب في صف أول ابتدائي انا شخصيا اذهب له وأقول له عندما تستيقظ صباحا ماذا تفعل؟، أجاب أغسل وجهي، وماذا أيضا؟، أتناول فطوري، وهذا الماء من أين يأتيك؟، وهكذا أدقق معه في التفاصيل، وأقوم بإفهامه بشكل جيد.

إذن توعية الناس بالاقتصاد مهمة، ويفترض بالحكومة أن تشترك بهذا الأمر، لكن للأسف لا يوجد تشجيع للشباب حول القيام بالعمل الحر الذي هو أفضل كثيرا من الوظيفة الحكومية، نلاحظ التكنولوجيا أخذت تنتج آلات جديدة ومبتكرة، أما في العراق يفتحون التعيين المركزي ويجعلون الطلبة كلهم يذهبون باتجاه الوظيفة. عموما أصبح الفرد اليوم هو جزء من المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي.

الأستاذ علي حسين عبيد كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية

الأسرة العراقية المثقفة اقتصاديا

الأخوة الأعزاء تفضلوا بمداخلات تحمل ملاحظات هامة، فيُصعب أن نضيف عليها شيئا، ولك توجد عندي ملاحظة تتعلق بالأسرة العراقية، أو العائلة العراقية، يعني لو أجرينا مسحا ميدانيا كم هي مثقفة هذه الأسرة اقتصاديا؟ 

هل توجد لدينا عائلة مثقفة اقتصاديا؟، وإذا أجرينا نسبة، فأنا لا أعتقد أن هناك أكثر من 5 إلى 10% من العوائل العراقية قد تكون مثقفة اقتصاديا، و90% من الأسر العراقية لا تمتلك أي ثقافة اقتصادية.

وهذه مشكلة كبيرة جدا، لنك حينما تريد أن تبني اقتصادا معافى ويقوم على ركائز صحيحة وجيدة، عليك أن تبدا من الصفر أو من البدايات، مثل غرس النبتة تماما، والنمو يستمر من الصغر صعودا إلى اكتمال النمو، هذه المشكلة لو أننا تمكنا من حلّها فأنا أعتقد أنها سوف تحل جميع المشاكل الأخرى.

وتضع الحلول المطلوبة لكل مشاكل العراقيين، طبعا نحن نطالب بسياسي مثقف اقتصاديا، نطالب بحلول أخرى تتعلق بطبيعة الاقتصاد العراقي ولكن أنا أكرر الحقيقة يجب أن يكون الفرد العراقي مثقفا اقتصاديا بالدرجة الأولى.  

الاستاذ محمد الصافي باحث في مركز الإمام الشيرازي لدراسات والبحوث

اقتصاد حكومي بحت

بصراحة أنا أرى بأن أكبر المشاكل المتأصلة في الاقتصاد العراقي هي النظام المصرفي، وهو الذي يعيق استقطاب استثمارات خارجية تخدم الاقتصاد العراقي، لأن اقتصادنا في الداخل يعتمد بنسبة أكثر من 95% على الواردات النفطية التي تسيطر عليها الحكومة بشكل اساسي، وهذا يعني أن نسبة الـ 5% هي الاستثمارات التي يشارك بها كل الشعب وهي لا يمكن أن تغطي شيئا من الطلب المحلي في بلد عدد سكانه 45 مليون نسمة عدا الداخلين والمقيمين والزوار الي يزورون البلد، فلا يمكن تغطية الطلب.

 فالاقتصاد بالنسبة والتناسب غير موجود، فهو اقتصاد حكومي بحت، والقطاع المصرفي هو الذي يكون المفتاح لدخول الاستثمار الاجنبي، وقد رأينا الكثير من الفرص التي توفرت للعراق من بعد 2003 خاصة بعد التغيير لم تجد هذه الشركات العالمية موطئ قدم لها أو تسهيلات بحث تمكنها تفتح مشاريع أو تفتح فروعا لها أو تفتح مصانع لها أو مراكز تسويق لها في العراق بحيث يستفيد منها الناس.

وينمو الاقتصاد العراقي مع نمو هذه الفروع، أبسط مثال اليوم كم يستورد العراق من السيارات مثلا، كل الماركات العالمية نراها تسير في الشوارع، وهذه السيارات كلها يتم استيرادها من الخارج، الوكالات الرسمية التي نراها في العراق مثلا (كيا أو تيوتا) وغيرها. 

هذه بالأساس ليست فرعا رئيسية في بغداد أو في أربيل، هي وكالات تابعة للفروع الأصلية مثلا في الكويت أو دبي، هذا لا يعني أن هذه الدول أفضل من العراق لكن لا توجد تسهيلات في العراق للشركات، لذلك اضطر التجار العراقيين أن يأخذوا موافقات أو فروع من الوكالات الموجودة في الكويت أو دبي مثلا لكي يفتح وكالة في العراق.

هذا أكبر عائق أمام تطور الاقتصاد العراقي وهو من المشاكل المتأصلة والتي لا يوجد لها حل لحد هذه اللحظة، كذلك التحول نحو الاقتصاد المالي عبر البطاقات الإلكترونية والدفع المسبق، الاتمتة او الاقتصاد الرقمي. 

نحن نلاحظ البطاقات الرقمية صحيح بدأت تعمل عن طريق الشركات الرقمية مثل ماستر العالمية، لكن جربوا استخدام هذه البطاقات بشراء بعض البضائع الموجودة في الداخل سوف تكتشفون أنها محدودة جدا.

كذلك غياب الثقة بين المواطن والحكومة، والدليل أن راتب المواطن ينزل في الماستر كارت، وهو موظف في الدولة يذهب مباشرة ويسحب الراتب كله، في حين يستطيع ترك الراتب بالبطاقة ويتسوق إلكترونيا لكن لماذا يسحب الراتب كله؟، وذلك لعدم وجود الثقة، وهذه إشكالية كبيرة جدا.

بالإضافة إلى أن الحكومة بسبب اجراءاتها وهي فاشلة جدا، حيث استنزفت ميزانية الدولة كلها، على مشاريع لا تقدم أي فائدة اقتصادية للبلد، فالجسر مثلا لا توجد جدوى اقتصادية فيه، ويقول المستشارون إن الشعب العراقي يمتلك 50 مليار دولار في البيوت فكيف يمكن سحبها، وهذا مؤشر على فشل الاقتصاد، وعدم وجود اقتصاد بالعراق.

كيف يمكن معالجة هذه المشاكل، يجب تحرير الاقتصاد وتبدأ الدولة بسحب يدها عن القطاع الصناعي مثلا والزراعي، وكثير من الشركات فشلت وهي مجرد تقوم بتوزيع رواتب للعاملين بدون انتاج وبدون أي مردود اقتصادي.

الدكتور لطيف القصاب، أكاديمي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية

هوس الاستهلاك في الشخصية العراقية

توجد لدي بعض التعليقات (المشاكسة) إذا جاز التعبير، المشاكسة الأولى لأخي الأستاذ أحمد جويد، الذي قال بأنه غير مختص بالاقتصاد، والحقيقة نحن كلنا مثقفون، وتعريف المثقف إنه يعرف من كل شيء شيئا، ويكون متقنا لشيء ويعرف عنه كل شيء، والمشاكسة الأخرى وردت جملة (تعقيم النساء والصحيح إعقام النساء)، لأن التعقيم بمعنى تلقيح، أما الـ إعقام فهو التسبب بعدم الإنجاب.

هناك رأي أعتز به كثيرا لأحد علماء الاجتماع يقول أنت لا تستطيع أن تفسر مشكلة بهذا الاتساع وهذه الضخامة بسبب واحد، هناك أجواء سياسية واضحة، فنحن اشتغلنا في الصحافة، والإعلام وعرفنا أن هناك إرادة سياسية ضد أن ينمو العراق اقتصاديا، كأنما بعض الشخصيات او الأحزاب بصرف النظر عن التسميات هم جاؤوا لتخريب الماكنة الاقتصادية العراقية بشكل أو بآخر، من خلال إغراق السوق بالبضاعة الاجنبية.

وكذلك من خلال وأد الصناعات العراقية، مثلا شركة ألبان كربلاء وشركة تعليب كربلاء، مصانع مهمة جدا تم إلغاءها، وكذلك ألبان بغداد وحتى معامل النسيج والإسمنت وإلى آخره.

إذن هناك سبب واضح في هذا الموضوع، وإذا أريد التفصيل أكثر أحتاج إلى مجال واسع، اختصارا توجد ثمة أسباب سياسية وتوجد أسباب اجتماعية أيضا تتعلق بالبنية الاجتماعية.

السفر يعطيك تصورات عنك وعن الاخر، أنا رأيت مثلا المواطن السوري أو الإنسان السوري الحقيقة هو اقتصادي أكثر من العراقي، بشكل عام تجده منتجا ويحدد ميزانيته، نحن لدينا تفاوت مناطقي، مثل سكان الموصل نقول عنهم بخلاء، وهم ليسوا بخلاء أبدا، بل هم منظّمون وحريصون على عدم الهدر والتبذير.

كذلك قضية الاستهلاك الذي تطرق له سماحة الشيخ مرتضى معاش، هناك هوس بالاستهلاك وهو شيء معيب في الشخصية العراقية، ونحن كبار السن كنا أحرص بكثير بالمقارنة مع الأجيال الحاضرة، أليس كذلك؟، كنا خاضعين إلى مؤسسة اقتصادية بشكل أو بآخر، فحين تكون في البيت تتعلم الاقتصاد، وحين تدرس تتعلم الاقتصاد.

على أية حال أنت كإنسان مبرمج اقتصاديا، وأضع الدرهم في مكانه، وليس في مكان خاطئ، هذه من الاسباب الاجتماعية وهي كثيرة جدا.

هناك أسباب إعلامية كما ذكر الاستاذ علي حسين عبيد، باعتباره رافد، يعني نحن لدينا الآن محلل سياسي، ويوجد لدينا الآن صحافة رياضية وصحافة سياسية، ولكن لا يوجد لدينا صحافة اقتصادية واضحة ولا صحافة صحية يوجد خلل في البنية الإعلامية لدينا.

إذن الأسباب سياسية، وهناك أيضا خلل في البنية التشريعية، فانا كصحفي راقبت هذا الموضوع، مثلا قضية احالة المشاريع ثم بيعها إلى آخر وآخر، يعني مثلا السياسة المالية هناك فوارق هنا وهناك، ولكن إذا أردت أن تقيّم كصحفي متابع ترى مثلا السياسة الإدارية العراقية هي أفضل من السياسة المالية، مثلا صرف العملة يكاد يكون ثابتا، لكن السياسة المالية هي المتخبطة، بلد ريعي لا يمتلك غير النفط، لو توكل لي القضية الإصلاحية، فنحن تاريخيا وربما حاضرا ومستقبلا نحن بلد زراعي.

الزراعة اذا نشطت وصلحت في العراق صلحت كل الحقول الأخرى، لحد سنة 1958 نحن نصدر الحنطة والرز إلى أمريكا وبريطانيا، فلابد للدولة أن تدعم الفلاح ولا تسمح له يصبح شرطيا ويترك مهنته في الفلاحة ويترك أرضه وأرض آبائه وأجداده.

الأستاذ حسين علي حسين مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

ديمومة الإصلاح الإداري

لقد بيّن الأستاذ الباحث في ورقته البحثية ما هي المشاكل وما هي الارتدادات، وطلب منّا أن نجد الاسباب التي تقف وراء هذه الأمور، ولهذا فقد وضعتُ مجموعة من الاسباب هي:

أولا: سوء الإدارة من قبل الدولة 

أي أن الدولة العراقية وحكوماتها المتعاقبة منذ نشوئها، لم تضع خططا استراتيجية توضح هدفها وما تفاصيل ماهيّة الاقتصاد العراقي، بحيث أننا لو جئنا لتعريف مفرد الاستراتيجية سوف نجد أنها هي الخطة التي توضع لمدة خمس سنوات على أقل تقدير.

ولكن إذا جئنا كي نتفحص الاقتصاد العراقي، سوف نجده اقتصاد الغد فقط، أي أنه يفكر بالعيش غدا فحسب ولا يخطط للمستقبل، وهذا أول سبب من الأسباب.   

ثانيا: ريعية الاقتصاد العراقي

وهو سبب اتفق عليه أغلب الاساتذة وهو ريعية الاقتصاد العراقي، فهو اقتصاد أحادي قائم على موارد النفط فقط فهذا السبب يعد من الأسباب التي تجعل المشاكل الاقتصادية متأصلة ودائمية.

ثالثا: وجود فساد مالي

 بالمقابل لا يوجد هناك إصلاح إداري، وإذا ما أردنا أن نتحدث عن الفساد المالي في العراق فهو من الأساس كثير ومتأصل، ومقابل هذا النوع من الفساد لا يوجد لدينا إصلاح إداري يستطيع إيقاف هذا الفساد لأسباب عديدة معظمها معروفة للجميع.

رابعا: ثقافة الأفراد ودعم الدولة

مَنْ مِنْ الأُسر العراقية يقوم بالفعل التالي؟، حين يجيء الأب براتبه الشهري إلى العائلة، أو الدخل الشهري هل جلس الأب مع أولاده وعائلته وأخبرهم بأن هذا الدخل (الراتب) هو عبارة عن ثلاثة أمور اقتصادية هي ادّخار واستهلاك واستثمار. 

أغلب الأسر العراقية كما ذكر الأساتذة المشاركون في النقاش يكون الجانب الأكبر لديهم من حصة الاستهلاك، وإذا كان هناك نوع من الادخار فإن نسبة 5% من الشعب العراقي يعرف ويمارس مفهوم الادخار ومفهوم الاستثمار. هذا بالنسبة إلى الاسباب.

أما الحلول فهي:

أولا: وضع خطط استراتيجية كفوءة

 يمكن من خلالها تقوية وتحريك وتطوير الاقتصاد العراقي ومعالجة المعرقلات مثل إدخال برامج الذكاء الاصطناعي.

ثانيا: التوجّه إلى فتح المصانع 

والتوجه إلى القطاع الزراعي بدلا من الاقتصاد الريعي الموجود، أما كيفية التوجه إلى الزراعة، فنحن بلد كان يُطلق عليه (أرض السواد)، بسبب كثرة البساتين والأشجار المزروعة فيه، لذلك فنحن كما تفضل الدكتور لطيف القصاب يمكن أن نستفيد من المجال الزراعي بصورة كبيرة.

ثالثا: تفعيل الإصلاح الإداري 

وذلك لمعالجة الفساد المالي الذي يعتبر الحجر الاساس لعرقلة تطور وتقدم الاقتصاد العراقي .

رابعا: إعطاء دورات ودروس داخل المدارس والجامعات

 من المهم التركيز على الجانب التعليمي لفهم الاقتصاد وتفاصيله لكي تجعل من أفراد الشعب يفهمون ما هو الاقتصاد وما هو دور الفرد تجاه اقتصاد بلده وكيف ينمو وينافس الاقتصادات العالمية.


الأستاذ باسم الزيدي رئيس مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

ما هي هوية الاقتصاد العراقي؟

في كل جلسة تتعلق بالاقتصاد أسأل ذات السؤال ولا نجد له أي جواب، والدليل أن هذه الجلسة اليوم عززت أيضا من هذا الفهم، وأظن أن الدولة نفسها لم تجد الجواب عن هذا السؤال، الذي مضمونه: ما هي هوية الاقتصاد العراقي؟

إذا اتفقنا أن الاقتصاد هو ريعي، فإن الدولة ترفض ذلك ولا تقول بأن اقتصادها ريعي، وإذا قلنا بأنه هو اقتصاد سوق، فإن واقع الحال لا ينطبق على ذلك، فهو اقتصاد هجين، هذه النقطة الأولى، وهو اقتصاد غير مستقر، ومتذبذب لغاية الآن، أتصور أننا نتفق على ذلك.

المسألة الأخرى إن العراق يكاد يكون هو البلد الوحيد الذي يكون سبب قوته هو سبب ضعفه في آن واحد، يعني الثروات الموجودة في العراق تجعل منه ضمن البلدات التي يُطلق عليها البلدان ذات الموارد والثروات الكبيرة غير المستغلّة، أو المهدورة، وهذه الثروات إذا لم يتم استغلالها بصورة صحيحة سوف تكون السبب في انهيار اقتصاديات هذا البلد. لأنه تكثر حولها الأطماع والاجتهادات وتكثر فيها أمور أخرى، وهذه مشكلة.

وقد سألوا أحد الأساتذة الكبار في علم الاجتماع، عن طبيعة المشكلة التي يعاني منها العراق، فوصف الحال بأنه مثل رأس البصل، مغلف بطبقة من القشور وكل قشر هو عبارة عن مشكلة، فيقول كلما نرفع قشر يظهر محلّه قشر آخر، وكل قشر جديد هو عبارة عن مشكلة جديدة أيضا، هذه هي الحالة التي نعيشها نحن.

المتداخلون في هذه الحلقة ذكروا الأسباب وذكروا المعوقات، فدعونا نسأل هذا السؤال: نحن نتفق على أن أفضل شيء للعراق هو الانتقال من هذا الاقتصاد اللا اقتصادي، إلى اقتصاد السوق مثلا، باعتبار أنه يلائم الوضع العراقي وينشط كل قطاعاته، ما هي التحديات المهمة والبارزة التي من الممكن أن تعيق هذا التحول؟

أتصور إنها أربع تحديات رئيسة بحسب فهمي:

التحدي الأول: وهو عبارة عن مشكلة في العراق

حيث نعاني منها في أغلب القطاعات، حتى السياسية وهي (مقاومة التغيير)، فالمجتمع العراقي دائما ما يقاوم عملية أي نوع من التغيير، ولا يمكن أن تمر أي عملية تغيير بسلاسة، لسبب أو لآخر. 

في القطاع الاقتصادي توجد حالة التخادم كما ذكر المشاركون بين الدولة والفرد، أن أعطيك وتعطيني خصوصا في الاقتصاد الريعي، فهو يستلم رواتب أو أموال مقال سبع أو عشر دقائق في أغلب الأحيان وهذه هي الخدمة الفعلية في اليوم وكل الموظفين يعرفون ذلك  

هذا هو التخادم بين الطرفين بالإضافة إلى وجود الأحزاب وسواها من الذين يقاومون أي عملية تغيير في الاقتصاد، مثل الخصخصة وتفعيل القطاع الخاص أو بيع الشركات العامة.

التحدي الثاني: الفساد

 وهو عامل قوي جدا، يقف ضد عملية أو تطوير القطاع الاقتصادي، وهذا لمسناه نحن جميعا بواقع الحال في كل شيء، وحتى ما ذكره سماحة الشيخ مرتضى معاش عن أن الانتخابات هي أحد العوامل المعيقة للنمو والتغيير، وبالفعل هذا صحيح لاسيما أنهم قدموا قانون الجوائز الانتخابية فيعطون أموالا للناخب العراقي كي يشارك في الانتخاب وهذا دليل على قوة الفساد.

التحدي الثالث: تهالك البنى التحتية للاقتصاد

ونقصد بها تلك التي تدعم عملية الانتقال أو التطور في القطاع الاقتصادي، نأخذ مثالا بسيطا من بلجيكا فهي جزء صغير من أوربا وهي بلد صغير مساحته 30 ألف كم2، نفوسه 12 أو 13 مليون نسمة، والغريب انه لا يمتلك أي ثروة طبيعية، يعني منذ أن دخل في الصناعة صفر كل ثرواته الطبيعية باستثناء الفحم الذي لا يساوي شيئا اليوم في مجال الطاقة.

لكن نلاحظ أن هذا البلد يعمل في اقتصاد الخدمات، أو السلع نصف المصنعة ونلاحظ أن دخله القومي يتجاوز 600 مليار دولار فما هو فرق هذا البلد مقارنة بالعراق.

التحدي الرابع: القطاع النفطي

وهو مشكلة بحد ذاته، الاعتماد أو الاتكاء على هذا الجانب هو الذي منع تطوير بنية القطاع الاقتصادي بصورة عامة، وهذا هو سبب مشكلتنا، لأننا وجدنا الحلول جاهزة، وثقافتنا تقاوم أي تغيير، لهذا لجأنا إلى هذا الحل الجاهز وابتعدنا عن الحلول الأخرى مقارنة بالحصار للمجتمع العراقي حيث بدأ الناس آنذاك بالبحث عن حلول لتوفير القوت اليومي، وهناك احصائية تقول هناك أكثر من 200 معمل موجود في العراق حتى تاريخ السقوط.

وكانت هذه المعامل تشتغل وتنتج، واليوم جميع هذه المعامل أصبحت في خبر كان، وتم تصفيرها، بعد الاعتماد على السلع الجاهزة عبر ثقافة الاستيراد.

تعقيب الدكتور عقيل عبد الكريم

توجد لدينا تشريعات قانونية، فقد اعطى قانون الاستثمار امتيازات كبيرة جدا للمستثمر، فالمشكلة ليست في التشريعات، وإنما المشكلة هي سياسية، وفي أحد الأيام أجرينا بحثا على التشريعات البحرية، لا توجد لدينا تشريعات جديدة فيما يتعلق بالقضايا البحرية، تشريعاتنا قليلة جدا وقديمة، لدينا تشريع في الستينات وهو قانون الوكالة البحرية.

ولما بحثنا وجدنا المادة 12 أو لا أتذكرها بالضبط حتى لا يحسب علينا الكلام، وهي مختصة تتعلق بالوكالة البحرية، هذه المادة فقط تم تعديها في سنة 2012، حتى تسمح لهم كي يحصلوا على وكالات بحرية، كان فيها شرط لا يسمح لهم بالحصول على الوكالة، فالسياسة تدخلت في هذا الجانب.

أما بالنسبة للحلول الاقتصادية فلو جلس أربعة اقتصاديين مضبوطين لغرض حل المشكلة الاقتصادية فالعراق فسوف يقدمون 100 حل وليس حلا واحدا فقط، ولكن المشكلة سياسية داخلية.

ثانيا: المشكلة سياسية لأن العراق بلد ضعيف، فمن يسمح للعراق من الدول المجاورة كي يستقر اقتصاديا، بالإضافة إلى ذلك العراق لم يحدد حجمه الحقيقي لكي يتطور، فما هو توجه العراق السياسي اليوم، متحالف مع الغرب أم مع الشرق أو مع من؟، كل الدول والجهات معتاشة على العراق، يعني جميع الدول التي تحيط بالعراق هي تعيش على خيرات العراق، لم يجد سد منيع لكي يحتمي به، قبل أيام سمعت خبير اقتصادي قال نحن نستورد في السنة 30 مليون (جورب).

فكل معامل ومنتجات القطاع العام ونسبة كبيرة منها 84% منها فاشلة، وخاسرة هذه الشركات العامة، فالمشكلة اقتصادية أيضا ودور البنوك إذا تم استخدام الدفع الإلكتروني فإنه يوفر للدولة حجم هائل من الأموال، فالنقود أصبحت في العالم مجرد أرقام، كل عمليات البيع والشراء تتم عبر البطاقة الإلكترونية، والأموال باقية في البنوك، لذا بصراحة الأزمة هي سياسية.

 بالإضافة إلى ذلك معاناة العراق من العامل الخارجي، فنحن نعاني منه منذ زمن بعيد، يعني منذ بدء الدولة العراقية، لذا فإن السياسة التي اتبعها العراق غير واضحة تماما، وهذه المشكلة كبيرة جدا، الاقتصاد يحتاج إلى الاستقرار، وعندما يكون هناك استقرار يكون هناك ازدهار، وإذا لم يوجد استقرار لا يوجد ازدهار. فكيف تستقر وأنت لا تمتلك رؤية فكرية واضحة خاصة بك؟ 

تعقيب مقدم الورقة الأستاذ حامد الجبوري:

سيكون ردّي على التعليقات إجمالا، ذكرتم بأن العراق لديه موارد، بصراحة الموضوع لا يتعلق بالموارد بقدر ما يتعلق بالإدارة، والنظام، فعندما تكون هناك إدارة جيدة للموارد، سوف نحقق نظاما اقتصاديا سليما، وهذا طبعا يتعلق بتجارب واضحة مثل سنغافورة أو ماليزيا، فهي دول تفتقد للموارد لكن لديها إدارة جيدة فأسهمت في تطور اقتصادها.

مسألة الفساد هل هي مشكلة متأصلة، الفساد في الحقيقة ليس مشكلة متأصلة بل هو نتيجة لعدم تحول المجتمع، لذلك هي مشكلة متوالدة عن سوء التحول إلى اقتصاد السوق.

النظام المصرفي بشكل عام يعتبر القناة التي تعمل على نقل الأموال من الفائض إلى العجز، فهناك أناس مستثمرة، وهناك من لديهم أموال لكن ليس لديهم أفكار ومشاريع، وبالمقابل توجد أفكار مشاريع ولا توجد لديهم أموال، فالبنك عبارة عن قناة ينقل المال من الفائض إلى العجز، هذا عمل القطاع المصرفي الذي ينقل الأموال من قنوات الفائض المالي إلى قنوات العجز، لأن توجد ناس لديها افكار مشاريع لكن مشكلتها أنها تفتقد للأموال.

فكلما كان القطاع المصرفي مرنا وشفافا وآمنا يستطيع جذب الأموال ومن ثم إقراضها للناس كي تُنشئ بها مشاريع اقتصادية ناجحة، وهذا سوف يحرك العجلة الاقتصادية، لكن بصراحة القطاع المصرفي في العراق ضعيف ولذلك هناك تعثر في نقل الأموال من الفائض إلى العجز.

مسألة استقرار العملة هي نتيجة لسبب وليس هي مشكلة متأصلة، المشكلة المتأصلة تقع في صلب الاقتصاد العراقي الحقيقي، فنحن ليس لدينا اقتصاد انتاجي حقيقي حتى يعتمد على توفير الدولار ومن ثم يساعد على ادخار العملة، ولذلك فإن العملة هي مشكلة متوالدة وليست مشكلة أصلية متأصلة في صلب الاقتصاد. 

فإذا اردنا أن نحقق اقتصاد قادر على المواجهة وقادر على الصمود أمام المشكلات الخارجية، يجب معالجة المشاكل المتأصلة التي ذكرناها وتأكيد الهوية الاقتصادية ضمن نظام اقتصادي سليم ونشر الثقافة الاقتصادية. وأخيرا مسألة المؤسسات التي تم ذكرها أكثر من مرة في المداخلات، عندما نشكل مؤسسات قوية، سوف نعمل على بناء اقتصاد سليم.  

شارك الموضوع :

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية