إن العراق تعرض لصدمة اقتصادية مزدوجة نقدية ومالية، إذ إن تخفيض قيمة الدينار العراقي والذي تم تنفيذه بشكل مباشر بالتزامن مع تخفيض تعويضات الموظفين بنسبة كبيرة التي لا تزال قيد النقاش تحت قبة البرلمان وكان لها أثراً إعلامياً، أديا معاً لتراجع النشاط الاقتصادي بسبب حالة الغموض والتخوف بشأن المستقبل..
بعد تشخيص الأزمة الحالية المتمثلة بتدني الإيرادات العامة مقابل ضخامة النفقات العامة، وتشخيص أسبابها، أصبح بالإمكان تلافي الأزمة المالية المُرتقبة من خلال تطبيق الحزمة المالية المتمثلة بسلم رواتب جديد وإحصاء موظفي الدولة وأتمتة إيرادات الدولة ونفقاتها وأخيراً اعتماد موازنة البرامج والأداء بدلاً من موازنة البنود السائدة..
يزداد المأزق المالي حراجة مع اتساع النفقات العامة خارج حدود الامكانية المالية للبلد بسبب الممارسات الحكومية والتشريعات البرلمانية التي لم تراعي الجنبة المالية عند التخطيط والتشريع، بل اعتادت الحكومات السابقة التعويل على ارتفاع اسعار النفط او ضغط النفقات الاستثمارية او اللجوء الى الاقتراض العام، بشقيه المحلي والخارجي، في حال لم تستوعب الايرادات الريعية اجمالي النفقات الجارية، وهذا ما تحقق بالفعل خلال الاعوام الماضية والعام الجاري..
يسمى الفرق بين إنفاق الحكومة وإيراداتها عجز الموازنة وهو موضوع مألوف للقرّاء تعارفت عليه الحكومات منذ زمن بعيد، وأصبح التعبير الأبرز لصدمة كورونا. إذ تشير بيانات منتصف ابريل، نيسان، ان جميع الدول المتطورة عام 2020، باستثناء قبرص ولوكسمبرغ وسنغافورة وهونك كونك، تدير إنفاقها مع عجز لا نظير له بعد الحرب العالمية الثانية..