سعر الصرف حقق الاهداف التمويلية وجنب العراق صدمة كبيرة، خصوصاً مع وجود مضاربين على العملة. أما بالنسبة للأهداف الاقتصادية كتحقيق تنافسية الانتاج المحلي لم تتحقق بعد لأنها بحاجة لشروط أخرى، إذ كان يفترض العمل على هذه الشروط مبدئياً لكن الوضع المالي قدم تغيير سعر الصرف على الشروط المُسْبقة ولذلك لا يمكن أن نلاحظ النتائج الاقتصادية لسعر الصرف في الأمد القصير، ويمكن ملاحظتها في الأمد المتوسط إذا أتبعت الحكومة سياسات أخرى لدعم المنتج الوطني
عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية لشهر آذار الجاري والتي حملت عنوان" التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لإعادة تغيير سعر الصرف) وذلك في يوم السبت الموافق 12/3/2022 الساعة الرابعة والنصف في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام.
وقد قدُمت في الحلقة ورقة بحثية للباحث في المركز الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمه جاء فيها:
"لماذا تمّ تغيير سعر الصرف عام 2020؟ في عام 2020 واجه الاقتصاد العراقي صدمة مالية حادّة، اختلفت عن باقي الصدمات بحكم أن الاقتصاد العالمي دخل في ركود كبير وانهار الطلب على النفط بشكل حاد جداً نتيجة الاغلاق الكبير، خصوصاً فيما يخص وسائل النقل كونها محرك للطلب العالمي على النفط، لذلك لم تكُن الصدمة مجرد انخفاض في الايرادات النفطية وإنما أيضاً انحسار في الآفاق المستقبلية لعودة اسعار النفط إلى التعافي، هذا الأمر ضغط على الايرادات النفطية بشكل حاد"
عام 2020 استطاعت الحكومة عبور الأزمة عن طريق الاقتراض الحكومي، حيث اقترضت الحكومة 27 تريليون دينار لتغطية الرواتب واستطاعت عبور الأزمة على أمل تحسن الايرادات النفطية وتجاوز الأزمة بأقل تكاليف ممكنة لكن ما حدث إن الجائحة استمرت بالتناسل، واستمرت الاصابات بالتزايد وقيود الاغلاق بالارتفاع، كل هذه الأمور أضعفت الآفاق المستقبلية لإمكانية تحسن الايرادات النفطية في الامد القريب.
سياسات تمويل العجز
كيف تمول الحكومة عجز موازنة 2021؟
بالنسبة لصانع القرار في العراق كان لديه ثلاثة خيارات لتمويل العجز:
1- إتباع سياسة مالية تقشفية من خلال تقليص الرواتب وتخفيض الدخول وفرض الضرائب، إضافة إلى رفع الدعم عن بعض السلع وعن بعض الفئات، ويُقال هناك مقترحات من بعض الجهات لرفع الدعم عن الوقود أيضاً على اعتبار إن الوقود يُكلف الحكومة جزء كبير من التكاليف. هذه السياسة قُوبلت بالرفض على اعتبار إن البلد كان يشهد موجة من الاحتجاجات نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، لذلك خفض الدخول الأسمية للموظفين كان ممكن أن يُضعف الاقتصاد أكثر، إضافة إلى إن هذه الدخول هي محرك للنشاط الاقتصادي في العراق على اعتبار ان كثير من الفئات من غير الموظفين يعتمدون على إنفاق الموظفين. وبالتالي يعني اعتماد هذه السياسة إدخال البلد في ركود اقتصادي عميق لم يكُن في مصلحة الجميع.
2- الاقتراض الحكومي الداخلي، حقيقة هذه السياسة تم اعتمادها عام 2014 و2015 لكن لم تكن تتجاوز قيمة القروض الداخلية (20 تريليون آنذاك). في حين بلغت حد الخطر عام 2021 حين بلغ الدين الداخلي 70 تريليون دينار. ورغم إن الدين الداخلي لم يكُن بالعملة الاجنبية ويعتبره البعض سياسة ملائمة، لكن في الحقيقة هذه الديون تذهب إلى الأسواق وتتحول إلى دولار، وبالنتيجة إنها تضغط على الاحتياطي الاجنبي لدى البنك المركزي، هذا ما يعني إن السياسة الثانية هي سياسة ضارة على مستوى استنزاف الاحتياطي الأجنبي.
3- وهي تخفيض سعر الصرف نتيجة لضغوط مالية حرجة، وتم اختيار هذه السياسة لسببين: السبب الأول، تعظيم الايرادات الدولارية لدى وزارة المالية على اعتبار إنها ستبيع الدولار بسعر 1450 دينار بدلاً عن بيعه بـ 1182 دينار، حيث وفّر لوزارة المالية قرابة 23% من حجم الايرادات أي أكثر من 20 تريليون أسهم في سد العجز. السبب الثاني، أمان لمبيعات الدولار، بمعنى حينما يرتفع سعر الدولار إلى 1450 ستقل مبيعات البنك المركزي عند مقارنتها حينما يكون السعر منخفض 1182، وذلك بحكم العلاقة العكسية بين سعر الدولار والكمية المطلوبة، على الأقل بالنسبة للمستهلكين، إذ إن ارتفاع سعر الدولار يعني ارتفاع أسعار السلع المقومة بالدولار وهذا ما يقلل الطلب والاستيراد، كذلك الأمر بالنسبة للسواح سيقل طلبهم على الدولار حينما يرتفع سعره، هذه العوامل ستؤدي إلى ضغط الطلب على الدولار، إضافة إلى ضغط الطلب المحموم على الدولار عام2020 الذي حصل نتيجة توقعات حقيقة بتخفيض قيمة العملة بحكم زيادة مبيعات الدولار مقابل انخفاض الايرادات الدولارية.
إن الهدف مشترك من تخفيض قيمة العملة تمثل في تمويل عجز الموازنة والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي من الانخفاض، إضافة إلى إنه أداة مضمنة في الورقة البيضاء على اعتبار إنه وفق منطق الحكومة بأن تخفيض قيمة الدينار هي الخطوة الأولى للشروع بتنشيط القطاع الخاص وجعل المنتج العراقي منافس لمثيله الأجنبي، وهذه هي الحجج التي كانت وراء تخفيض قيمة العملة.
حجج إعادة تغيير سعر الصرف
حالياً، هنالك دعوات لإعادة تغيير سعر الصرف، حقيقة هذه الدعوات استندت إلى مجموعة من الحجج وهي:
الحجة الأولى، ارتفاع أسعار النفط: في الحقيقة ارتفاع أسعار النفط لا يمكن التعويل عليه كثيراً، على اعتبار إن الارتفاع الحالي في سعر النفط ليس بسبب أساسيات السوق(العرض، الطلب) وإنما القضية سياسية، بمعنى إنه مجرد ما يحصل تفاوض ممكن تنهار الأسعار بشكل حاد، لأنه لازال العرض أكبر من الطلب، ولا زالت أوبك ملتزمة بسياستها في تقليص الإنتاج لغاية سبتمبر القادم ستتم العودة إلى الانتاج إلى ما قبل عام 2020، نحن لغاية الآن ننتج أقل من عام 2020، وإن أوبك لم تسعى لجعل الزيادة في المعروض فجائية أي إنها تهدف لجعل الزيادة في المعروض بشكل متدرج حتى وإن صعدت الأسعار إلى 90 دولار، لذلك فإن التعويل على سعر النفط في تغيير سعر الصرف، غير صحيح.
إضافة إلى ذلك، إن تغيير سعر الصرف على اسعار النفط يعني فتح قناة جديدة لنقل الأزمات الى الاقتصاد العراقي، إذ كانت الصدمات الاقتصادية العالمية في السابق تتسلل إلى الاقتصاد العراقي عبر الموازنة، أي حينما تنخفض أسعار النفط تنخفض الايرادات النفطية وتصبح الموازنة تقشفية مما يعني انخفاض النفقات كما حصل عام2014 و 2015 بما فيها النفقات الاستثمارية وهذا ما يؤدي إلى الانكماش، بمعنى إن القناة المالية هي القناة الرابط بين الاقتصاد العالمي والاقتصاد العراقي.
ربط سعر الصرف بأسعار النفط، معناه، حينما ترتفع أسعار النفط نرفع قيمة الدينار، وحينما تنخفض أسعار النفط نخفض قيمة الدينار، مما يعني إضافة قناة جديدة وهي قناة نقدية إضافة إلى القناة المالية، وبالنتيجة تصبح الصدمة مزدوجة صدمة مالية وصدمة نقدية، وهذا خطر جداً، والدليل إن السعودية حافظت على سعر صرف الريال لمدة طويلة بحدود 40سنة (كل دولار واحد يساوي 3.75 ريال سعودي) رغم الأزمات التي حصلت في سوق النفط، بمعنى إن سعر الصرف ينبغي أن يكون بعيد عن تقلبات سعر النفط.
الحجة الثانية، ارتفاع مستوى الأسعار(التضخم): ينشأ التضخم في الاقتصاد بسببين أما زيادة في الطلب أو ارتفاع في التكاليف، هذا في حالة الاقتصادات المغلقة، وفي الاقتصادات المفتوحة ممكن ان ينشأ التضخم بسبب استيراد التضخم من الخارج كما هو الحال في العراق، لذلك استخدام سعر الصرف لتقليص الضخم ليست من السياسات الاقتصادية المعتادة . ولا يمكن اعتمادها في العراق.
العراق لم يواجه ارتفاع الأسعار بسبب تخفيض قيمة العملة كما حصل في لبنان، حيث تم تخفيض قيمة العملة بنسبة 22% لكن حسابات التضخم لغاية حزيران 2021 كانت عند 7%، بمعنى أقل من تغيير سعر الصرف، وفي نهاية عام 2021 أجرت وزارة التخطيط مسح لارتفاع مستويات الاسعار ووجدت إن مستويات الاسعار ارتفعت بالإجمالي 8%. إن السبب وراء استقرار الاسعار وعدم ارتفاعها هو عدم رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية ما ساهم في عدم انفلات الاسعار خارج نطاق السيطرة.
السؤال المطروح، هل أن جميع مستويات الاسعار ارتفعت 8% فقط؟ في الحقيقة هناك بعض السلع ارتفعت اسعارها إلى الضعف أو الضعفين لكن لا يمكن حصر السبب بسعر الصرف فقط وذلك لوجود تضخم عالمي، حصل في معظم بلدان العالم، وهو تضخم مقارب للتضخم في العراق، وإن سبب التضخم العالمي هو مقيدات جانب العرض متمثلة بقيود جائحة كورونا التي تسببت في توقف الجهاز الإنتاجي وتعثر سلاسل الامداد فكان الانتاج عام 2020 أقل من عام 2019.
وفي عام 2021 خصوصاً في النصف الثاني حين أصبحت القيود أقل اخذ الاقتصاد العالمي ينتعش لكن واجه مشكلة وهي إن الجهاز الانتاجي لا يستطيع العودة للإنتاج السابق إلا بعد مرور مدة من الزمن، وبسبب زيادة الطلب على العمالة والمواد الاولية ارتفعت اسعارها، كذلك ان ارتفاع أسعار النفط يمثل أيضاً كلفة تضاف لكلف الإنتاج، هذه قيود في جانب العرض. إضافة إلى وجود طلب إضافي، مما يعني تفاعل العرض والطلب فكانت النتيجة ارتفاع أسعار السلع العالمية إضافة إلى مشكلة النقل التي واجهت الاقتصاد العالمي والتي كانت بمثابة صدمة كبيرة حدثت في زيادة الطلبيات ولا تستطيع الأساطيل البحرية وحتى الجوية على إيصال هذه المنتجات بالوقت المناسب لذلك حدث ارتفاع كبير في الاسعار العالمية للسلع، وعلى هذا الأساس حتى لو قامت الحكومة بإعادة سعر الصرف إلى 1200 لم تعود الاسعار إلى ما كانت عليه قبل التغيير.
الحجة الثالثة، تخفيض سعر الصرف لأجل دعم النمو الاقتصادي: حقيقة هذه حجة غريبة إذ إن كل الدول أو في الادبيات الاقتصادية تعتمد تخفيض سعر الصرف لإنعاش المُنتَج الوطني لكن رفع سعر صرف العملة الوطنية سيجعل المنتجات الوطنية أقل تنافسية بل سيزداد حجم الاستيرادات من السلع الأجنبية بحكم انخفاض أسعارها مقابل رفع قيمة العملة الوطنية.
أخيراً، الحجة الرابعة، إنعاش الطبقة الفقيرة: هذا الأمر جداً مهم، وكان المفروض إن يتم تخفيض قيمة العملة الوطنية بعد استيفاء الشروط المسبقة وهي أكثر أولوية وهي غير متوفر في العراق لكن ما حدث تم تخفيض قيمة العملة الوطنية وكانت الأثار أفضل من المتوقع إذ كان المتوقع أن أسعار السلع الرئيسية سترتفع بشكل مضاعف على مستوى الخبز والخضار وغيرها التي تستهلكها العائلة العراقية، على اعتبار إنها مستوردة من الخارج لكن لو تمت مقارنة ما بين أسعار السلع قبل سنتين والآن لن نلاحظ تغيير كبير في الاسعار، هذا لا يعني إن سعر الصرف لم يؤثر على الاقتصاد لكن سبب التأثير هو تضخيم ارتفاع الأسعار بحجة ارتفاع سعر الدولار، وهذه مشكلة سببها تشوهات جهاز تحديد الأسعار في الاقتصاد العراقي بحكم ضعف الرقابة وسيطرة جملة من التجار والموردين على مجموعة من السلع الأساسية، لذلك فان رفع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار إلى سابق عهدها لن يعيد مستويات الأسعار إلى ما قبل الجائحة.
التحفظات على إعادة سعر الصرف
ما هي التحفظات التي يمكن أن يخلفها إعادة سعر الصرف إلى 1200 بدلاً من 1450؟
أولاً: إذا تم تخفيض سعر الدولار ستكون الموازنة بحاجة إلى 20 تريليون إضافية إذا لم يكُن أكثر.
ثانياً: سيؤثر على اداء المصارف على اعتبار إن الدينار العراقي لم يعد صالح كمخزن للقيمة بحكم تذبذبه بين الارتفاع والانخفاض، وهذا ما سيؤدي لمشكلة في عمليات الاقراض والايداع وهذا ما يؤثر على اداء الجهاز المصرفي.
ثالثاً: فقدان مصداقية البنك المركزي، إذ من المفترض أن تكون سياسة البنك المركزي مستقلة ويتم تغيير سعر الصرف فقط لدوافع واعتبارات نقدية في حين يعد تغيير سعر الصرف لدوافع سياسية ضارا بسمعة البنك المركزي وسمعة العراق دولياً وخصوصاً في مؤشر التصنيف الائتماني.
رابعاً: من الممكن توظيف الوفرة المتحققة في سداد الديون وفي إكمال المشاريع المتلكئة وليس في تخفيض سعر الدولار.
جدير بالذكر، إن الحكومة تغاضت عن المهام التي كان ينبغي أن توليها أولويةً واقتصرت على تصدير سعر الصرف كمُنجز للشعب، لكن في الحقيقة إن سعر الصرف لن يُعالج المشكلة.
وتوجد عدة سياسات يمكن أن تلجأ لها الحكومة، فعلى مستوى رفع دخول الفقراء ليس عن طريق خفض سعر الصرف والذي إذا انخفض سيستفاد منه الأغنياء أضعاف مضاعفه عما يستفاد منه الفقراء، والدليل إن عدد الفقراء وصل لأكثر من 10مليون فقير عام 2019 حتى قبل تغيير سعر الصرف ورغم ثبات سعر الصرف. والسبب وجود فجوة في توزيع الدخول وضعف في سياسات دعم الشرائح الفقيرة وفساد في تطبيق برامج وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
كل هذه الأمور بحاجة للإصلاح لكن صرف النظر عن هذه المهام الرئيسية للدولة ودورها في إنعاش هذه الطبقة في بلد غني بالنفط، معناه إشغال للرأي العام في سياسات ترقيعية ومنجزات وهمية على حساب دور الحكومة في تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي وتوفير فرص عمل خارج الجهاز الحكومي للدولة".
وبعد اختتام عرض الورقة البحثية تم طرح سؤالين للإجابة عليهما من قبل الحاضرين، وهذين السؤالين هما:
السؤال الاول/ هل توجد امكانية لإعادة تغيير سعر الصرف من جديد؟
السؤال الثاني/ ما هو المعدل المناسب لسعر صرف الدينار، ولماذا؟
المداخلات
-الدكتور خالد العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية قال في مداخلته: إن تغيير سعر الصرف من جديد يعكس عدم الاستقرار (عدم الاستقرار المالي والنقدي في العراق) وهو مؤشر سلبي يؤشر على الدولة العراقية، وإن المعدل المناسب هو من شأن أصحاب الاختصاص، كما إن مسألة افلاس صندوق التقاعد هي مسألة معروفة وسمعتها شخصياً ذات مرة من مدير الصندوق نفسه، ويبدو إن تحسن سعر النفط رُبما سيسعفهم قليلاً ويعالج المشكلة.
إن تغيير سعر الصرف بهذا المستوى هل كان خيارنا الوحيد المطروح أمام الحكومة العراقية، ألم يكن بالإمكان تغيير سعر الصرف بشكل تدريجي؟
إذا ما أدركنا إنه تم تغيير سعر الصرف ولدينا 10 مليون فقير أو تحت خط الفقر وربما أكثر، ألم تأخذ الحكومة بنظر الاعتبار هؤلاء الفقراء حينما ذهبت لتغير سعر الصرف؟ وهل إن إجراءات الحكومة تجاه الفقراء كانت مناسبة في الموازنة مقارنة بآثار تغيير سعر الصرف؟
لاحظنا قبل مدة إن وزير المالية يتكلم عن تقديمه مشروع لدعم الفقراء، هل إن هذا المشروع يُقدم بعد سنة من اتخاذ قرار تخفيض قيمة العملة؟! كان الأولى أن يُقر قانون الفقراء مع قانون الموازنة عام 2021 إذ لا يمكن اتخاذ قانون يضر بالفقراء وبعد سنة يؤتى بقانون يعالج الفقراء، بمعنى عدم وجود رؤية متكاملة لاتخاذ قرار التخفيض.
فيما يخص السؤال الاول، الحقيقة الحكومة كانت في موقف مالي حرج وكان أمامها ثلاثة خيارات وهي إتباع سياسة تقشفية تتمثل في تقليص الرواتب وزيادة الضرائب ورفع الدعم أو الاستمرار في الاقتراض الداخلي وتم اعتمادها في حكومة العبادي بحكم إن حجم الدين الداخلي ( 28 تريليون آنذاك) لم يكُن بالحجم الذي هو عليه الآن حين بلغ 70تريليون دينار، وإذا ما تم اعتماد الاقتراض الداخلي سيتفاقم حجم الدين مما يعني سرعة استنزاف الاحتياطي الاجنبي، ولذلك كان الاختيار المناسب هو سعر الصرف.
أما بخصوص السؤال الثاني، وعد البنك المركزي بمعالجة اثار تخفيض سعر الصرف بسياستين:
الاولى، إن يدخل في سوق الصرف لمنع التقلبات الحادة في سعر الصرف.
الثانية، القيام بمبادرات لتحفيز الاقتصاد العراقي، وذلك من خلال المصارف عن طريق تقديم التسهيلات اللازمة كقروض الاسكان وغيرها ويقوم البنك المركزي بدعمها مالياً عند الحاجة. علماً إنه لم يدخل بشكل مباشر لأنه بنك البنوك وليس بنك الجمهور.
أما بالنسبة لوزارة المالية فقد قدمت دعم للموازنة يُقارب تريليون دينار لكن تم تخفيضه من قبل مجلس النواب مما أثر على دعم برامج الحماية الاجتماعية وتنويع البطاقة التموينية، وهذا ما صرح به وزير المالية في مجلس النواب عند استضافته من قبل الأخير.
إذن كانت الموازنة تتضمن معالجة تداعيات تخفيض سعر الصرف لكن لم تمرر في موازنة 2021.
-السيد أحمد جويد/مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات يرى أن سعر الصرف سيتغير إلى قرابة 1300 دينار لكل دولار بحكم اعتباره انجاز للكتلة التي تشكل الحكومة حيث إنها وعدت ووفت بوعدها.
كما إن سعر الصرف سيؤثر في السوق بشكل ملحوظ لأنه دائماً أي حركة في السوق تصيب الناس بالهلع، بمعنى إن زيادة قليلة في سعر الدولار بالتزامن مع الأزمة العالمية سنجد أن أسعار السلع ترتفع بأضعاف مضاعفة ويتم تخزينها واحتكارها من قبل التجار.
إن قضية سعر الصرف سياسية اكثر مما هي اقتصادية، إذ إن بعض الكتل تحاول تسقيط الحكومة الحالية (حكومة تصريف الاعمال) بشتى الوسائل بالكهرباء وغلاء المعيشة لكن إذا ما أصبحت هذه الكتل مشاركة في الحكومة ستخفف من تلك الضغوط، بمعنى هذه الكتل ستبين للمواطن أنها تعمل لصالحه وتقدم إنجازات له ومن ضمنها إعادة سعر الصرف والبطاقة التموينية وغيرها من المسائل، فالقضية ليست اقتصادية لان الكتل السياسية لا تأخذ المسائل الاقتصادية بعين الاعتبار.
ويبدو إن هناك تفاوض بين الكتل السياسية حول تشكيل الحكومة وعلى أثرها قد نشهد هوادة في الأسعار على أثر اعادة سعر الصرف إلى 1300 دينار لكل دولار.
تعقيب على المداخلة
نعم، إذا ما حصل تغيير لسعر الصرف فهو تغيير بدوافع سياسية، أي يُراد تصدير تغيير سعر الصرف على إنه منجز تقدمه الحكومة لكن في الحقيقة هو ليس منجز، وبهذا التغيير سيجعل سعر الصرف لعبة كما كانت الموازنة. طيلة السنوات الماضية كان البنك المركزي بمنأى عن الحكومة وكانت الموازنة مسرح للتهريج السياسي وحالياً يراد للبنك المركزي ان يكون مسرح اخر، وذلك من خلال خفض ورفع سعر الصرف كمنجز تقدمه الحكومة للشعب! أو كحاجه لتغطية النفقات المتضخمة بدون ضرورة.
-السيد حامد عبد الحسين الجبوري/ باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يعتقد أنه على افتراض أن تخفيض قيمة العملة قرار خاطئ، لا يمكن العمل على إعادته إلى السعر السابق؛ إذ إن الخطأ لا يُعالج بالخطأ، لان سعر الصرف مؤشر على البيئة الاستثمارية وكلما اتصف بالاستقرار كلما يعطي دلالة على جاذبية البيئة الاستثمارية والعكس صحيح.
نعم، هناك ثلاثة سياسات كان يمكن اتباعها لتقليص عجز الموازنة وهي التقشف والاقتراض وتخفيض قيمة العملة، وفي تقديري كان الأولى أن يتم استخدام السياسة الأولى(التقشفية) بحكم إنها ستشمل فقط دخول الموظفين في حين إن اللجوء إلى السياسة الثالثة (تخفيض قيمة العملة) أدى إلى تآكل جميع الدخول لكل المواطنين، ولذا يُفترض أن تكون هذه السياسة آخر الحلول.
إن تغيير سعر الصرف كان قرار خاطئ لكن لا يمكن إعادته (الخطأ لا يُعالج بالخطأ) إضافة إلى إنه سينعكس مستقبلاً على الاقتصاد العراقي بحكم جعل منتجاته أكثر تنافسية، وفي حال إعادة سعر الصرف سيستفيد المواطن بحكم ارتفاع قيمة الدينار في السفر والشراء حالياً لكن هذا ما سينعكس سلباً على الاقتصاد مستقبلاً.
وفيما يخص السعر المناسب لسعر الصرف، لا يمكن تحديد سعر معين لأنه حتى السعر الحالي بعد تغيير سعر الصرف هل هو سعر غير حقيقي؟ بالتأكيد هو سعر غير حقيقي لأنه مجرد تعويم سعر الصرف سيرتفع سعر صرف الدولار مقابل انخفاض قيمة الدينار بشكل هائل لذلك لا يوجد سعر صرف محدد ينبغي اختياره.
تعقيب على المداخلة
إن لجوء الحكومة إلى السياسة التقشفية صعب جداً، لان الاقتصاد في حالة ركود، وحينما يدخل الاقتصاد في الركود يحتاج لسياسة مالية توسعية، وإن كل دول العالم ارتفعت ديونها بشكل كبير، وذلك بحكم زيادة النفقات من أجل إنعاش الاقتصاد، لذلك لا يمكن في وقت الأزمة اعتماد سياسة مالية تقشفية.
وبخصوص سعر الصرف هل هو حقيقي؟ ما هو سعر الصرف الحقيقي؟ الفرق بين سعر الصرف الرسمي والحقيقي، هو إن الاول يتم تحديده من قبل البنك المركزي وهو 1470 لكل دولار أما الثاني يتحدد من خلال قوى العرض والطلب، وعلى افتراض إن البنك المركزي لم يبيع الدولار لمدة خمسة أيام سيرتفع سعر الدولار بشكل كبير، قد يصل إلى 400 الف لكل 100 دولار.
-السيد باسم الزيدي/ باحث في مركز الأمام الشيرازي للدراسات والبحوث رأى في مداخلته إن تغيير سعر الصرف وإعادته للسابق ممكن سياسياً لكن اقتصادياً غير ممكن وهذا الأخير لا يعتمد من السياسيين باعتبار إنهم قاموا بمغامرات اقتصادية كثيرة والكل يدعي إنه يفهم بالاقتصاد وهذا ما لاحظناه في السنوات السابقة، فبدلاً من معالجة مشكلة البطالة والبطالة المقنعة في الدولة قاموا بتعيين الكثير بشكل اجور وعقود ودائم، بالرغم من تحذيرات الاقتصاديين إن هذه السياسة ستؤدي لكارثة في المستقبل.
وفيما يخص السؤال الثاني، إن أحد الأسباب التي دفعت لتخبط الحكومة في تخفيض قيمة العملة ورفع سعر الدولار، هو عدم وجود هوية اقتصادية للبلد، وهذه مشكلة كون العراق ليس لديه هوية اقتصادية واضحة بل لديه هويات هجينة وهذا ما يقودني لسؤالين الأول، ما هي هوية الاقتصاد العراقي؟ وهل هناك نموذج شبيه له في العالم؟ والثاني، ما الهوية الاقتصادية التي تراها مناسبة التي تستطيع أن تنتشل العراق من معاناته الاقتصادية؟
الاجابة على الأسئلة
هوية الاقتصاد العراقي هوية نفطية حيث يبيع العراق النفط ويحصل على الدولار وبهذا الدولار نستورد السلع، لذلك لو انخفضت الدولارات النفطية لن نستطيع أن نستورد بنفس النسبة أو أن يعوض البنك المركزي انخفاض الدولارات، وإن البنك المركزي لا يستطيع التعويض لمدة طويلة، أي يمكن أن يصمد أمام الأزمة سنة أو سنة ونصف، لذلك كان التوقع إن الاحتياطي الاجنبي قد ينخفض دون مستوى الخطر إذا ظلت إيرادات النفط منخفضة.
-السيد محمد الصافي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث قال: في بداية هذا العام رفع الاتحاد الاوربي العراق من القائمة السوداء ذات العلاقة بغسيل الاموال وتمويل الارهاب، بعد إن دخلها في عام 2020، بنفس الوقت نلاحظ اجراءات شملت سوريا ولبنان وتضررت هذه الدول مصرفياً واقتصادياً بشكل كبير، وبالعكس فيما يخص العراق بعد ان رفعت الحكومة سعر الصرف ووضعت نظام ضريبي نوعاً ما بعيداً عن الآثار التي خلفها، نلاحظ الاتحاد الاوربي والمؤسسات الدولية راضية عن هذه الاجراءات بحكم رفع العراق من القائمة السوداء الذي يُعد بمثابة إشعار للمستثمرين إن هذا البلد مستقر وجاذب للاستثمار وإن سياساته المالية سياسات جيدة. فما هي قراءتك لهذا المشهد؟
وفيما يخص سعر الصرف فاعتقد لن يتغير وما يثار إعلامياً هو قضية سياسية، إذ إن نفس الكتل السياسية التي صوتت على تغيير سعر الصرف هي نفسها تشن حملات على اعادت سعر الصرف لانه أثر على الفقير! بمعنى أنه أداة لتحسين صورتها أمام الجمهور، ومن خلال ملاحظتي لاستضافة وزير المالية في البرلمان، اتضح إن الجهات التشريعية والرقابية عاجزة عن اداء دورها بالشكل المطلوب، بحكم غياب المعرفة في التخصصات ذات العلاقة.
الحكومة عملت على تخفيض العملة في سبيل تعزيز تنافسية الانتاج المحلي لكن ما حصل هو العكس إذ إن نفقات الانتاج في العراق هي نفقات عالية وإن انخفاض سعر الدينار ضعف هذا السعر فهو لا يستطيع منافسة البضاعة الاجنبية بسبب الوقود والكهرباء وغيرها.
الإجابة على السؤال
صندوق النقد الدولي كان حريص على بقاء سعر الصرف على ما هو عليه دون تغييره أي يبقى 1200دينار لكل دولار، وأنا شخصياً متفاجئ، إذ ان الوصفة المعتادة للصندوق تشمل خمس فقرات لأغلب البلدان، وهي رفع الضرائب، ضبط الانفاق العام، مكافحة التضخم، تحرير سعر الصرف، رفع الدعم؛ وهي وصفة مشروطة، بمعنى إن صندوق النقد لا يعطي الدول قروضاً إذا لم تطبق الشروط الخمسة، لانه في حال لم تطبق الدول هذه الشروط ستذهب القروض حالها حال الأموال السابقة وتهدر.
في العراق الحالة يختلف الامر، حيث اوصى صندوق النقد بتطبيق الشروط الخمسة باستثناء سعر الصرف باعتباره ركيزة أمان للطبقات الهشة والفقيرة، لان الصندوق يعرف ما معنى تحرير سعر الصرف، معناه إن سعر الصرف قد يصل إلى 300 ألف لكل 100 دولار وهذا ما يزيد من معدل الفقر ودمار الاقتصاد العراقي الذي لم يشبه الاقتصاد المصري حينما حرر الجنيه فهو يمتلك نوعاً ما قاعدة إنتاجية في حين العراق يستورد كل شيء ولهذا الصندوق لم يفكر في تحرير سعر الصرف.
لكن في المفاوضات بخصوص تخفيض سعر الصرف، حيث كان الصندوق يروم رفع سعر الصرف إلى 1600 دينار لكل دولار في حين ان البنك المركزي لم يرغب برفع سعر الصرف لكنه حدد سعر الصرف بـ 1300، وهذا السعر لم يعالج موقف، ولذلك وزارة المالية اقترحت حل وسطي وهو 1450 دينار لكل دولار وهذا ما اقتنع به الصندوق.
صندوق النقد الدولي كان مهتم بالربط بين الايرادات النفطية والاحتياطي الاجنبية، بمعنى إنه مهتم بالحفاظ على الاحتياطي الاجنبي، لأنه يدرك إن هذا الاحتياطي إذا ما إنهار سيدخل الاقتصاد في صدمة، وبما إن هناك إمكانية لرفع سعر الدولار إلى 1500 فإنه لن يتمكن في المستقبل في الدفاع عن سعر الصرف لان الطلب على الدولار سيرتفع في المستقبل ليس بسبب انخفاض الايرادات النفطية وحسب بل بسبب الهلع لذلك ستحصل عمليات مضاربة قوية جداً ودولرة والتخلص من الدينار العراقي، وهذه أمور خطرة على البنك المركزي.
-الدكتور علاء الحسيني/ باحث في مركز ادام للدفاع عن الحقوق والحريات ذهب الى القول: لو نظرنا للموضوع من ناحية حقوقية سنجد هناك انعكاسات سلبية على المواطن لكن هناك انعكاسات ايجابية كما ذكرت في الورقة، العراق يحتاج إلى نظرة إصلاحية وبرنامج حقيقي وليس كما حصل برنامج ترقيعي.
وحينما استغنت الحكومة عن خيار الاقتراض الذي دأبت عليه الحكومة منذ عام 2008 واللجوء إلى سياسة خفض قيمة العملة وهو خيار لا بأس فيه لو كان مدروس بشكل أكثر، والسؤال المطروح هل كان الأفضل تخفيض العملة بشكل تدريجي حتى الوصول للسعر المستهدف أم كان الأفضل يكون على طريقة الصدمة كما حصل أي إنه مباشرةً تم تحديد السعر عند 1450 دينار لكل دولار.
في ظل التغيرات التي حصلت على سبيل المثال كانخفاض جائحة كورونا وبدْء انتعاش الاقتصاد العالمي ومنحنيات الطلب على النفط والغاز بدأت ترتفع خصوصاً مع الأزمة الاوكرانية-الروسية، هل من الممكن أن يراهن العراق على إنه الطلب سيرتفع على النفط ومن الممكن أن ترتفع حصة العراق في منظمة أوبك ومن الممكن أن يحصل تجاوز منظمة أوبك بلص لاعتبار المشكلة التي حصلت لروسيا مع العالم وامريكا وأوروبا وبدء الاخيرة بالبحث عن بدائل حتى وإن لم تعلن بشكل صريح عن هذا البحث، ممكن أن يراهن العراق على هذه المنحنيات التي تدعم موارده؟ إضافة لهذا إن سعر البرميل الأن ارتفع أكثر من ضعفين عما كان مخطط له عام 2021، بالتالي هذه كلها مؤشرات إيجابية باتجاه الحكومة العراقية.
وبهذا الصدد نحتاج أن نلاحظ صانع القرار بالنسبة لموازنة 2022 التي لحد الآن لم تُعرض بشكل رسمي على البرلمان ما هي الخيارات المتاحة التي تُدعّم هذه الخطوة الاقتصادية وتجعلها تؤتي أُكُلها، وفي نفس الوقت هناك مسألة مهمة وهي قبل يومين الحكومة أقرت حزمة في قضية الدعم بالنسبة إلى معدومي الدخل والفقراء والمتقاعدين، هذه الحزمة هل لها تأثير سلبي على الخطوة الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة عام 2020 باعتبار إن إنها ستؤدي إلى طلب إضافي؟ وهل ستؤثر على نسب التضخم أو لا؟ هل هذا نوع من التناقض في السياسات الحكومية كونها من جهة ترفع سعر الدولار في الوقت الذي نعتمد على الاستيرادات بشكل كبير ومن جهة أخرى تقدم الأموال للمستهلك لشراء المزيد من السلع والخدمات؟
تعقيب على الداخلة
نعم، مشكلتنا إن دوائر القرار توجه الرأي العام كيف نغيّر الموازنة وسعر الصرف، وفي الحقيقة كلاهما نتائج، وإن المشكلة في الاقتصاد الحقيقي، إن إشغال الرأي العام في هذه السياسات هو في الحقيقة ضياع لفرصة الاصلاح الحقيقي.
وفيما يخص رفع سعر الصرف، لم يكُن مناسب لا من حيث التوقيت ولا من حيث المقدار لكنه تأجيل لموضوع كان من المفترض العمل به منذ سنوات، والاضطرار هو الذي دفع الى العمل به في وقت غير مناسب، كما هو الحال في إجراء عملية لمريض في وقت غير مناسب، إذ يُفترض بدايةً العمل على تهيئة المريض من حيث الضغط والنبضات والسكر لإجراء العملية لكن المريض أصبح أمام الموت أو المجازفة، ولذلك اضطرت الحكومة للمجازفة وتكللت العملية بالنجاح وانعكاساتها السلبية لم تكن كما المتوقع المتمثل في حدوث صدمة للاقتصاد لم يتعافى منها بسهولة.
وفيما يخص حصة العراق من التصدير، إن أوبك لم تحدد حصص التصدير هي تحدد حصص الانتاج فقط، إضافة إلى إن العراق ليس لديه طاقة إنتاجية كبيرة كما هو الحال بالنسبة للسعودية التي هي الأخرى تستهلك جزء من إنتاجها، هذا أولاً.
ثانياً لا يمكن المراهنة على سعر النفط، إذ إن هذا الارتفاع قد يعقبه انخفاض حاد، ولا يوجد ارتفاع مستمر، وإن هذا الارتفاع يغذي انهيار نفسه وذلك بحكم إن الاقتصاد يعاني من ركود وفي حال ارتفاع الاسعار سيحصل ما يعرف بالضخم الركودي، وهذا ما يؤدي لأزمة لولبية باتجاه الانخفاض.
-السيد عدنان الصالحي/ مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية رأى في مداخلته أن علاج الاقتصاد بشكل عام تحصل من خلال فريق حكومي متناسق، إذ يُفترض إن تعمل الوزرات بشكل متناسق وخصوصاً وزارة النفط والتجارة والزراعة والصناعة والكهرباء إضافة للمالية، أي لا بُد ان يكون العمل فيهن منظم، والواقع إن أغلب الوزارات تعمل بشكل مستقل دون الأخذ بعين الاعتبار مدى انسجامها مع اداء الوزارات الأخرى مع العلم إن لها ارتباطات وثيقة، عموماً قضية سعر الصرف وغيره هو برنامج سياسي متكامل.
كم تتحمل الدولة لدعم العديد من القطاعات فعلى سبيل المثال قطاع النفط سعر لتر البنزين المحسن الذي يُباع بـ 650 دينار يُكلف شراءه من الخارج أكثر من 1000 دينار كذلك الحال بالنسبة لزيت الغاز أو أقل بقليل ويُباع بـ 750دينار ويُدعم للمواطن 385 دينار وباقي المنتوجات نفس الحالة، هذا نتيجة الشراء من الخارج لو كان لدينا مصافي تكرير لأصبح لدينا اكتفاء ذاتي وتم تلافي مسألة الدعم وتوفير العملة التي تذهب للخارج.
كذلك قضية شراء الغاز من أجل توليد الكهرباء وهي مشكلة أخرى، ولو كان لدينا قطاع نفطي متكامل لاستطعنا سد النقص ووفرنا الكهرباء وهذا ما يعني توفير عملة صعبة.
ولو كانت الكهرباء متوفرة بشكل جيد لكان القطاع الصناعي والزراعي يعمل بشكل جيد ويسد الطلب المحلي ويُقلص الاستيرادات منها، ويحسن سعر الصرف وكل هذا يتطلب أن تعمل الوزارات بشكل مهني بعيداً عن التدخلات إضافة إلى وجود فريق حكومي متناسق مطلق اليد في اتخاذ القرار ولديه الشجاعة في تطبيق الاجراء الصحيح ووجود قرار سياسي بأن تكون الحكومة ناجحة.
-الشيخ مرتضى معاش/ رئيس شبكة النبأ المعلوماتية جاء في مداخلته ما يلي:
سواء ارتفع سعر الصرف أو انخفض لا يؤثر كثيراً، إذ إن المشكلة ليست في سعر الصرف بل في أشياء أخرى وأهم نقطة هو تسيس الاقتصاد لمصالح فئوية خاصة، وإن السعر الواقعي للدولار هو 1500 دينار كما كان في عام 2004، ولكن بسبب التلاعب لأغراض سياسية تم تغييره إلى 1200 في عام 2000، وحينما تعمل الحكومة الجديدة على تسيس الاقتصاد ستكون النتيجة كما حصل عام 2020، لانه دائماً عندما يُسيس الاقتصاد تسقط الحكومات لان الاقتصاد خط أحمر لا يُمكن المساس به.
هل تحققت الأهداف المطلوبة من تغيير سعر الصرف في الورقة البيضاء؟ كم يساوي الدينار مقابل الدولار في حال تم تطبيق التعويم؟
إن سبب التضخم في العراق هو ارتفاع التكاليف وإن سبب الأخير ضعف البنية التحتية إلى أبعد حد بل رداءة وانعدام البنية التحتية وبالنتيجة سوء الادارة والهدر، فمثلاً الكثير من الناس يحجمون عن الاستثمار في الداخل بسبب ارتفاع تكاليف الاستثمار وقلة الارباح.
ويُفترض أن ترتفع الضرائب على السلع الكمالية وليس الضرورية، إضافة إلى إنها تشمل التجار العاديين لا التجار السياسيين والاقطاعيين وهذا التمييز يُدمر التجارة.
مشكلة العراق الاساسية إضافة إلى مشكلة البنية التحتية مشكلة الاكتفاء الذاتي، إذ إن العراق لم يُصدر إلا سلعة واحدة وهو النفط وبالنتيجة يستورد كل شيء بحكم عدم وجود اكتفاء ذاتي وهذا ما يؤدي لاستيراد التضخم، والحل يكمن في تحقيق الاكتفاء الذاتي لكل ما يحتاجه العراق.
كذلك عدم وجود تكافؤ في الفرص وغياب التنافس وهذا ما يؤدي لرفع قيمة التكاليف وعدم الاستقرار وعدم الانصاف، وإن الاستقرار هو الذي يؤدي إلى النمو الاقتصادي.
المشكلة الأساسية في التضخم هو العمالة، إذ إن ارتفاع الاسعار يحصل بسبب انخفاض العمالة، إذ إن الدولة قامت بتوزيع النقود بحكم الاغلاق فلم يعمل العاملون وانخفض الانتاج، وفي العراق المشكلة في العمالة وإذا لم يعمل على حل مشكلة العمالة تبقى المشكلة كبيرة ولذا لا بُد من العمل على رفع مستوى المهارات والاستثمار في بناء العمالة الماهرة والجيدة وهذا ما يجعل البلد جاذباً للاستثمار سواء كان محلي أو أجنبي.
الإجابة على السؤال
سعر الصرف حقق الاهداف التمويلية وجنب العراق صدمة كبيرة، خصوصاً مع وجود مضاربين على العملة. أما بالنسبة للأهداف الاقتصادية كتحقيق تنافسية الانتاج المحلي لم تتحقق بعد لأنها بحاجة لشروط أخرى، إذ كان يفترض العمل على هذه الشروط مبدئياً لكن الوضع المالي قدم تغيير سعر الصرف على الشروط المُسْبقة ولذلك لا يمكن أن نلاحظ النتائج الاقتصادية لسعر الصرف في الأمد القصير، ويمكن ملاحظتها في الأمد المتوسط إذا أتبعت الحكومة سياسات أخرى لدعم المنتج الوطني.
اضافةتعليق