على الحكومة القادمة اجراء مراجعة شاملة لمجمل الاخطاء والوقوف على المسببات لا سيما وان اغلب المطالب ذات طابع خدمي ومتشابه في غالبية المحافظات وهذا يسهل من تنفيذها في حال توافرت النية الصادقة لذلك والعمل على مكافحة الفساد وازالة الترهل وتقليل الروتين وصرف المخصصات لمستحقيها ..
ان على الحكومة العراقية الحالية والحكومة القادمة العمل على وضع خطط واستراتيجيات متوسطة وطويلة الأمد تنطلق من حلول حقيقية تهدف لأحداث تنمية مالية واقتصادية مستدامة من خلال تنشيط دور القطاع الخاص وهجر النهج الريعي للدولة والتعلم من الإخفاقات المتتالية للواقع الاقتصادي..
نلاحظ أن التظاهرات لم تختف حتى بعد الاجراءات الحكومية من إطلاق تخصيصات مالية وتمويل مشاريع متوقفة، والسبب الرئيس في ذلك عدم وجود علاقة ايجابية بين المواطن والمؤسسات. وبعبارة اخرى لم يعد المواطن يثق بمؤسسات الدولة، كما ان الجميع يدرك ان المشكلة لم تكن بسبب نقص التمويل وانما بسبب البيروقراطية العقيمة والفساد..
هل ما حصل في العراق هي اجراءات دستورية؟ هل الدستور العراقي سمح للأجهزة الامنية ان تقتل المتظاهرين السلميين؟ هل الدستور العراقي سمح للمتظاهر ان يعتدي على القوى الامنية وأن يحرق املاك الدولة وأن يعتدي على الاملاك العامة والخاصة؟ فاذا سمح الدستور بذلك يبدو أن دستورنا يحتاج إلى مراجعة..
شخصت خطبة الجمعة الماضية مكامن الضعف والخلل في بنية الدولة العراقية وطرق معالجتها، فالمرجعية الدينية أيدت التظاهر السلمي وانتقدت الاجراءات الأمنية ضد المتظاهرين والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وطالبت بإلغاء أو تعديل القوانين التي منحت امتيازات لشرائح معينة..
خروج المحتجين للشوارع والساحات العامة والتوجه نحو المطارات والشركات النفطية والمنافذ الحدودية، كانت تحمل دلالات سياسية على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، لاسيما مع التطورات السياسية والتحركات الدبلوماسية التي شهدتها الساحة الدولية والإقليمية..
ان تداخل الاسباب وتعدد التحديات يزيد من غموض ملامح الاصلاح الاقتصادي المطلوب لتجاوز الازمات الاقتصادية المتكررة وابعاد البلد عن الجزء الحاد من الازمة، عبر سياسات محكمة، قصيرة ومتوسطة الامد، تلائم المأزق التنموي الحرج الذي يمر به الاقتصاد العراقي منذ سنوات..
أفضل ما خرجت به تلك التظاهرات هي رسالة للحكومة القادمة بضرورة تلبية تلك المطالبات اضافة الى تأثيرها على طبيعة التحالفات، اما حلول الحكومة الحالية فهي لا تتعدى ما قامت به لكونها تصريف اعمال وانتهاء صلاحية البرلمان فالأنظار تتجه نحو الحكومة القادة لوضع معالجات حقيقية..