تحركات الولايات المتحدة ضد إيران تثير مخاوف الصراع الاقليمي

شارك الموضوع :

أصدر الرئيس الامريكي دونالد ترامب – في خطوة يمكن ان تشجع المملكة العربية السعودية ان تتحرك قدماً بخطط لزعزعة الوضع في ايران – مثل تعليماته الى مساعديه في البيت الابيض بتوفير المعلومات الخاصة بالتزام ايران بالاتفاق النووي مع القوى العظمي في شهر تشرين الاول القادم

بقلم: جيمس م. دورسي نقلا عن Mideast soccer

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

ترجمة: وحدة الترجمة في المركز

 

أصدر الرئيس الامريكي دونالد ترامب – في خطوة يمكن ان تشجع المملكة العربية السعودية ان تتحرك قدماً بخطط لزعزعة الوضع في ايران – مثل تعليماته الى مساعديه في البيت الابيض بتوفير المعلومات الخاصة بالتزام ايران بالاتفاق النووي مع القوى العظمي في شهر تشرين الاول القادم. كان الرئيس ترامب منتقداً للاتفاقية التي تحد من نشاطات الجمهورية الاسلامية في برنامجها النووي والذي تطلب الامر شهادة الرئيس بالالتزام الايراني كل ثلاثة أشهر، الا انه قام بذلك على مضض منذ تسنمه السلطة في كانون الثاني 2017. وفي الوقت ذاته، فرض الرئيس العقوبات الامريكية مرتين على إيران لمعاقبتها على تطويرها الصواريخ البالستية، في حين ان إيران قالت ان هذا التطوير غير مشمول بالاتفاقية. ومن المحتمل ان النقاشات التي قالت ان إيران فشلت في تطبيق الاتفاقية التي رفعت العقوبات الدولية وفتحت الباب واسعاَ على مصراعيه للرجوع الى المجتمع الدولي، سترجع الى دائرة الضوء باتهامات ان الجمهورية الاسلامية قد فشلت في تطبيق روح الاتفاقية وليس الورقة المكتوبة فيها. ولعل ان قرار الرئيس الامريكي في اعطاء الدور لمساعديه المتشددين في البيت الابيض وليس الى وزارة الخارجية كما هو معروف في سياق السياسة الخارجية، يبين لنا الاحباط الذي يعانيه الرئيس من فشل وزير الخارجية ريكس تيلرسون في توفير النقاشات التي يحتاجها. وقد استشهدت مجلة السياسة الخارجية ان موظفي ادارة الرئيس ترامب يقولون ان الرئيس ترامب أراد الاختيارات، الا انه سيقرر سحب الثقة عن إيران في شهر تشرين الاول القادم. 

ويناقش المنتقدون للاتفاقية مع ايران انها مكنت ايران في عام 2015 في زيادة قدراتها الضاربة ضد دول الخليج بصواريخ بالستية وبإسناد عملائها، بضمنهم حزب الله اللبناني، والمليشيا الشيعية في العراق والمتمردين في اليمن. ويرى بعض المنتقدين ان تمزيق الاتفاقية لن يحل المشكلة ، كما ان الالتزام الايراني بالاتفاقية ليس كافياً. ولكن على هؤلاء ان يبينوا كيف سيستطيع الرئيس ترامب استخدام الاتفاقية النووية لمواجهة السياسات الايرانية. ونشر موقع لوبل لوغ ان الرسائل الالكترونية – التي قيل انها قرصنت من حساب يوسف العتيبة الالكتروني (السفير الاماراتي في واشنطن) اوحت ان دولة الامارات العربية المتحدة واللوبي السعودي في واشنطن كانوا يساندون المجموعتين الاميركيتين التين يرأسها السناتور السابق جوزيف ليبرمان والموظفين السابقين المتشددين في ادارة الرئيس بوش الذين طالبوا وشجعوا الموقف السياسي الامريكي المتشدد ضد ايران.

وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان بلاده ستستنفذ جميع فقرات الاتفاقية لمقاومة  التحركات الامريكية للتقليل من اهمية الاتفاق، لكنه حذر ان ايران "لديها بدائل اخرى متوفرة، بضمنها الانسحاب من الصفقة". وبغض النظر عما سيقرره الرئيس ترامب، فإن تحركاته، مثل تصريحاته خلال زيارته للرياض في شهر ايار الماضي، ساهمت في اثارة أزمة الخليج والمقاطعة التي قادتها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ضد قطر، وبالتالي شجعت المملكة العربية السعودية لزيادة مستويات موقف معاركها ضد ايران. كان من ضمن الطلبات التي ارادها التحالف السعودي – الاماراتي تقليل مستوى العلاقات مع ايران التي تتجاور مع قطر في اكبر حقل عالمي للغاز. في الوقت الذي كانت فيه الامارات تحاول موازنة العلاقات العلاقات السعودية – الايرانية ، قامت بطرد السفير الايراني و 14 من الدبلوماسيين بتهم تتعلق "بخلية التجسس والارهاب"، كما ان المملكة العربية السعودية تشجعت بالموقف العدائي الذي اتخذه الرئيس ترامب ضد ايران، اضافة الى تركيزه الى مكافحة الارهاب، رغم ان السياسة الامريكية ممزقة بين مواقف الرئيس وبعض من مساعديه الرئيسيين.

كما يرغب ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان (31 عاماً)، الذي عزز من مواقعه خلال هذا الشهر في انقلاب داخل القصر السعودي القيام بالمخاطرة في جعل المملكة السعودية القوة المسيطرة على الشرق الاوسط وشمال افريقيا. كان الامير محمد ، خلال العام الماضي، يضع الاسس لمحاولاته في زعزعة الوضع الايراني بإثارة القلاقل بين الاقليات العرقية داخل الجمهورية الاسلامية بخطط لاقت صدى في بعض اروقة ادارة الرئيس ترامب ... تلك الاروقة التي عرفت بمواقفها العدائية تجاه الجمهورية الاسلامية، حتى ولو اختلفوا بمواقفهم تجاه الاتفاقية النووية. ففي مذكرة كتبها مارك دوبوفيتز، المدير التنفيذي لمعهد الدفاع عن الديمقراطيات الذي مقره واشنطن وتسانده دولة الامارات العربية المتحدة، والتي جرى توزيعها بين مساعدي الرئيس ترامب، توصلت هذه المذكرة ان " ايران ستتأثر باستراتيجية الديمقراطية بالقوة، لأنه لا يوجد لها الاسناد الكافي وتعتمد على عامل الخوف في البقاء في السلطة. فالوضع الخاص للنظام يوفر المجال لعدم الاستقرار ، والازمات وربما السقوط".

ان الحقيقة الناصعة تبين ان الرئيس ترامب يفكر بعدم اعطاء الثقة لإيران في شهر تشرين الاول القادم بغض النظر عما سيقرره، وبالتالي سيشجع الامير محمد – في أقل الاحوال – على تطوير خططه وتأمين ان المملكة ستقوم ببناء الحواجز بدلاً عنه. وبغض النظر عن الخلفيات التاريخية بفشل الجهود الامريكية في زعزعة الموقف في إيران، فسيكون لخطة الامير محمد – اذا تم تنفيذها – نتائجها وصداها على مستوى اوراسيا.

"أن زعزعة النظام في ايران سيكون مثل هز المشكال بهدف الوصول الى العمالقة. ليس من الواضح ان النتائج ستكون افضل مما هي عليه الآن"، كما حذر ميشال اكسوورثي، الاستاذ والموظف السابق في وزارة الخارجية البريطانية والذي سبق ان عمل في ايران. ويعتبر استخدام محافظة بلوشستان الباكستانية – الممزقة فعلياً في الصراعات القومية والجهادية الاسلامية، ما هي الا محاولة للتقليل من جهود الباكستان في السيطرة على بعض المجاميع المتطرفة في البلاد وبالتالي اشعال الصراع الطائفي. وتجاور بلوشستان الباكستانية محافظتي سيستان وبلوشستان الايرانيتين ، حيث  يعتقد ان المجاميع الجهادية تحظى بالاسناد السعودي في القيام بهجمات عبر الحدود، وبالتالي اثارة ايران في القيام بهجمات مقابلة ضد الجهاديين داخل الاراضي الباكستانية. وذكرت مصادر استخبارية ان الباكستان القت القبض في بداية شهر ايار الماضي على احد قادة الحرس الثوري الايراني الذي كان يقوم بمهمة تجنيد في بلوشستان الباكستانية. وفي نفس الوقت، صنفت وزارة الخزانة الامريكية الشيخ مولانا علي محمد ابو تراب ( جهادي باكستاني من اصول افغانية)– الذي تسانده المملكة العربية السعودية – بإعتباره ارهابياً اثناء جولة له في الخليج لجمع الاموال. فالشيخ ابو تراب هو زعيم جماعة أهل الحديث، وهي مجموعة وهابية باكستانية تحظى بالاسناد السعودي التي تقوم بإدارة المعاهد الدينية على طول الحدود الباكستانية – الافغانية.

اضافة الى ذلك فإن ابي تراب عضو في مجلس قناة  بيغهام الباكستانية – التي تساندها السعودية-  ورئيس حركة حماية المدينتين المقدستين التي اصبح سكرتيرها العام مولانا فضل الرحمن خليل والذي جرى تصنيفه من قبل وزارة الخزانة الامريكية ايضاً. ويعمل ايضاً في المجلس الاسلامي العقائدي الباكستاني، وهي لجنة استشارية معينة حكومياً تضم عدداً من الاساتذه والباحثين التي انشأت من اجل توحيد القوانين مع القرآن الكريم واحاديث النبي محمد صلى الله عليه واله. وأكدت عناصر جهادية في الباكستان واطراف قريبة منها ان الاموال السعودية كانت تتدفق على المعاهد الدينية في بلوشستان التي غالبا ما تكون محظورة العمل، الا انها تدار من قبل عناصر مناوئة للشيعة. ونرى ان منظمة (أهل السنة والجماعة - اسوج) المحظورة، ما زالت تعمل وتقوم بالتجمعات في مختلف ارجاء البلاد ، "كما تشارك في الانتخابات. لا توجد لدينا سياسة حكومية واضحة تجاه التصرف معها"، كما قال ضابط كبير في شرطة كراتشي في مقابلة تلفزيونية.

كان الضابط يشير الى مختصرات اسمها التي تدل على انها تمثل اهل السنة والجماعة والتي تعتبر احدى المجموعات ذات الحضور المهم في بلوشستان، والتي يعتقد انها تتسلم الاموال من المواطنين السعوديين من ذوي الاصول البلوشية. كان الضابط يجيب على احد الاسئلة حول عدم امكانية القانون في اتخاذ موقف ضد منظمة (اسوج) اثناء قيامها بحملة جديدة لجمع الاموال باسم منظمة النجوم الخيرية.

خلال هذا الاسبوع، رفضت ادارة الرئيس ترام بان تدفع للباكستان 300 مليون دولار كسداد لمبلغ قتالها ضد المجاميع الجهادية، التي يعتقد ان بعض اجهزة المخابرات الباكستانية تقوم بإسنادهم. وقالت وزارة الدفاع الامريكية انه جرى وقف ارسال هذه الاموال بسبب فشل الباكستان في اتخاذ "مواقف مهمة" ضد شبكة حقاني، وهي شبكة مقرها الباكستان وهي فرع لمنظمة طالبان الافغانية. ان عدم الاستقرار في ايران، اضافة الى العنف في بلوشستان، سيؤدي الى تعقيد وضع الحزام الصيني الواحد ومبادرة الطريق الواحد. فالصين تشعر بالقلق ، فعلاً، ان ازمة الخليج قد تهدد استيراداتها  من الطاقة من المنطقة، اضافة الى استثمرات الخليج في مصرف الاستثمار الاسيوي في البنى التحتية الذي مقره مدينة بكين، الذي يقوم بتمويل مشروعات "حزام واحد ... طريق واحد". وقد وردت انباء عن هجمات ضد الصينيين في بلوشستان من قبل الجهاديين، وخصوصاً لمشروع صيني بقيمة خمسين مليون دولار الذي فتح الباب للتعاون الاقتصادي الصيني- الباكستاني.

وبان واضحاً ان الامير محمد قد بذل جهوداً هذا العام لزعزعة الاستقرار في ايران بالإعلان ان القتال بين القوتين العظميين في الشرق الاوسط سيكون داخل اراضي الجمهورية الاسلامية ، وليس في داخل المملكة العربية السعودية. لم يحدد الامير محمد ما يجري في عقله، الا ان مركز الابحاث السعودي (مركز الخليج العربي للدراسات الايرانية)  يعتقد بإسناده الكامل، كما ورد في دراسة تؤيد الاسناد السعودي لحالة تمرد صغيرة للبلوش داخل ايران.  فقد ذكرت الدراسة : " قد تتمكن السعودية من اقناع الباكستان تخفيف معارضتها لاي اسناد سعودي للبلوش الايرانيين ... فالتحالف البلوشي – العربي متأصل في التأريخ في منطقة الخليج اضافة الى معارضتهم للهيمنة الباكستانية". اضافة الى ذلك، كشفت المملكة العربية السعودية عن اسنادها للمعارضين الايرانيين خلال فترة رئيس المخابرات السعودية الامير تركي الفيصل بمشاركته خلال العامين الماضيين في التظاهرات التي عقدتها منظمة المجاهدين الشعبية الايرانية ، او منظمة مجاهدي خلق، وهي مجموعة جهادية يسارية تنادي بالاطاحة بالنظام الاسلامي في ايران ويعود تاريخ مقاومتها الى عهد الشاه الذي اطيح به في ثورة عام 1979. وقد سبق ان قال الامير تركي لإحدى التظاهرات : " ان نضالكم الشرعي ضد النظام (الايراني) سيحقق اهدافه الان او لاحقاً. انا ايضاً ارغب بسقوط النظام".

واشارة الى ما يراه مكتوباً على الجدران، حذر وزير الخارجية الالماني السابق ونائب المستشار يوشكا فيشر قائلاَ ان "الفصل اللاحق من تأريخ الشرق الاوسط سيتحدد من المواجهة المفتوحة والمباشرة بين المملكة العربية السعودية السنية وإيران الشيعية من اجل السيطرة الاقليمية. ان هذا الصراع المشتعل، حتى الوقت الحاضر، يتم بواسطة عملاء مختفين... ان اي مواجهة عسكرية مباشرة ضد ايران ستؤدي ، بالطبع، الى اشعال المنطقة بشكل يتجاوز جميع حدود حروب الشرق الاوسط السابقة".

رابط المقال الأصلي:

http://mideastsoccer.blogspot.com/

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية