تأكيداً لما جاءت بها النصوص الدستورية من كفالة الدولة لحق التعبير عن الرأي وبكل الوسائل،وكفالة حرية الصحافة والطباعة والإعلان والنشر صدر قانون حماية الصحفيين وتمت المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية،وهو الآن بانتظار المرحلة الأخير للنفاذ إلا وهي النشر في الجريدة الرسمية(جريدة الوقائع العراقية)،كما نصت على ذلك المادة(19) منه،وصدور هذا القانون والمصادقة عليه خطوة إيجابية في تعزيز حقوق الصحفيين ودعم مسيرة الصحافة في العراق ،فهو يعد لبنة أساسية من لبنات بناء المجتمع الديمقراطي،كون حرية الصحافة وسيلة من وسائل التعبير عن حرية الرأي في المجتمع،والتي لابد من الاعتراف بها للجميع وحمايتها في ظل الأحكام القانونية التي تنظم تلك الحرية ،والتي لا يمكن أن تظهر للناس إلا من خلال صور متعددة مصداقها الحقيقي والرئيس حرية الصحافة والصحفيين.
أن هذا القانون وأن حمل تسمية (قانون حقوق الصحفيين) كونه يهدف إلى توفير الحماية اللازمة للصحفيين،وتعزيز حقوقهم، وأن كانت جل نصوصه وأحكامه تؤكد على الحقوق وبشكل بارز وملفت للنظر،إلا أنه لا يخلو من التزامات تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها،من (الصحفيين)،وأن لم يكن مجالها القانون ذاته بشكل واضح وصريح ومفصلا،وهذا ما يقتضيه العقل والمنطق ،ففي الغالب كل حق يقابله التزام،كما أن الحقوق ليست مطلقة تمارس من قبل أصحابها بدون قيد أو شرط ، فالحقوق تمارس في أطار القانون الذي نظمها وكفل ممارستها،ومراعاة لحقوق الغير التي لا يمكن المساس بها دون مبرر قانوني ،فهناك نصوص أشارت إليها القوانين الأخرى كقانون المطبوعات رقم (206) لسنة 1968 المعدل،وقانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969المعدل،والتي تعد التزامات أو قيود ترد على عمل المؤسسة الإعلامية أو الإعلامي أو الصحفي والذي عليه الالتزام بها عند ممارسة عمله الصحفي،كالمصداقية في نقل الأخبار ونشرها والموضوعية والحياد في الطرح والكتابة،والالتزام بأحكام السرية التي يقررها القانون،والابتعاد عن الأفعال التي تشكل سباً أو قذفاً للأشخاص من غير دليل واضح،والتعرض للحياة العائلية والأسرية سنداً من القانون،وبخلافه يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية،جزائياً ومدنياً وتأديبياً من قبل النقابة التي تكون مسؤولة عن تنظيم شؤون الصحفيين ،وأن لم يشترط القانون الانتماء إليها كشرط لحمل صفة الصحفي وبالتالي ممارسة العمل الصحفيين بناءً على ذلك،وحسناً فعل المشرع العراقي في هذا الأمر،ونراه كان موفقاً كل التوفيق عندما عرف الصحفي دون أن يشترط انتمائه لنقابة الصحفيين،الذي يمكن أن يكون قيداً يحرم الكثير من العاملين في هذا المجال من التمتع بالحقوق والامتيازات التي جاء بها القانون.
سنبدأ تعليقاتنا على القانون وفقاً لتسلسل المواد الواردة فيه،ولكننا أولاً نعلق على تسمية القانون.
أولاً/ تسمية القانون- إن أطلاق تسمية ((قانون حقوق الصحفيين)) وجدناها تعبر عن مضمون القانون ومحتواه،لأنه يضم في معظم بل جميع مواده أحكاماً قانونية تشكل حقوقاُ للصحفيين كونهم الفئة المستهدفة من تشريعه بالدرجة الأساس،ولكننا كنا نأمل عدم قصر الأحكام القانونية الواردة في القانون على حقوق الصحفيين فقط، بل تضمينه الالتزامات (الواجبات والامتناعات) التي تقع على عاتقهم عند ممارستهم العمل الصحفي ،فإذا ما تم ذلك وضمن القانون واجبات الصحفي والتزاماته وجب عندها تغيير تسميته بالشكل الذي ينسجم مع المضمون الجديد لأحكامه ،فتكون تسميته الجديدة عندها (قانون حقوق وواجبات الصحفيين)،أو (قانون تنظيم عمل الصحفيين) أو( قانون الصحفيين) أو (قانون مهنة الصحافة) أو(قانون عمل الصحفيين).
المادة(1)/ والتي تطرقت لمعاني المصطلحات ذات العلاقة بالقانون كالصحفي والمؤسسة الإعلامية،ولنا بعض التعليقات عليها وكما يأتي:-
1- عدم الدقة في المعنى الواردة لمصطلح الصحفي،عندما أشترط القانون مزاولته عملاً صحفياً وهو متفرغ له ،نقول ماذا نقصد (بالعمل الصحفي) أولاً، فكان حرياً بالمشرع إيراد تعريف له أيضاً،وكذلك اشتراط التفرغ للعمل الصحفي حتى يوصف بأنه عملاً صحفياً،ولكننا نتساءل ما هو مقدار الفترة الزمنية لهذا التفرغ؟
هل هي دقائق أوساعة أو ساعات من اليوم، أم اليوم بأكمله،أم الأسبوع بأيامه،أم الشهر بأسابيعه،أم السنة بشهورها؟
وما هو الحكم لو كان يمارسه على فترات زمنية متقطعة وليس بشكل متفرغ تماماً.
هل هو التفرغ الجزئي أم التام ،ومن يحدد ذلك؟ وما هو المعيار المعتمد في ذلك التحديد؟
نعم أن القاعدة القانونية الواجبة العمل هنا،واستناداً لمبدأ تفسير النصوص القانونية تقضي بان المطلق يجري على أطلاقه مالم يقيد،فالعبرة اذاً باللفظ المستخدم والذي يدلل هنا على أنه لفظ عام(...متفرغ له)،فهو التفرغ التام والكلي للعمل الصحفي بكل أنواعه وصوره.
ولكننا نتساءل هنا ألا يمكن تفعيل القاعدة التي تقول(العبرة بالمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني)؟
فظاهر النص يوحي بالتفرغ الكلي والتام،ولكن الواقع قد لا يؤيد ذلك ولا يطابقه.
ونرى أمكانية إعمال تلك القاعدة للحد من غلواء النص ومطلقيته وعموميته.
أ- لما تقدم نقترح تضمين المادة الأولى تعريفاً لمصطلح(العمل الصحفي).كأن يكون التعريف كالآتي:- العمل الصحفي هو كل عمل يمارسه الصحفي في مؤسسة إعلامية مسجلة وفقاً للقانون.
ب- تحديد المقصود بالتفرغ بشكل أكثر دقة ووضوح،وكيفية أثبات ذلك الأمر،ومن هي الجهة التي تقرر ذلك الأمر؟
2- خلا القانون في مادته الأولى من إيراد تعريف للعديد من المصطلحات التي لها علاقة بالصحفي وعمله،نذكر منها على سبيل المثال (النقابة)،ماذا يقصد بها،وهل يمكن للنقابة أن تقوم ببعض الإجراءات ،أو كالحضور عند اتخاذ الإجراءات التحقيقية معه.أو كالدفاع عن شخص لا ينتمي لها ما دام الانتماء ليس شرطاً لتمتع بصفة الصحفيين.
وكذلك (نقيب المحامين) و(وسائل الإعلام) و(أدوات عمل الصحفي) و(المعلومات).
3- تعريف المؤسسة الإعلامية يحتاج إلى إيضاح أكثر،فهل يشمل المصطلح المؤسسات العراقية والأجنبية أم يقتصر على العراقية منها على اعتبار أن القانون يسري على الصحفيين العراقيين فقط، فكان الأفضل التخصيص والاقتصار على المؤسسات العراقية المسجلة رسمياً،كما لنا أن نطرح السؤال الآتي:- ما هو حكم المؤسسة الإعلامية الأجنبية المؤسسة،أو المصرح لها بالعمل وفق القانون،ويعمل فيها صحفيون أجانب(غير عراقيين) حصراً،كالقنوات الفضائية والصحف والمجلات الأجنبية؟ هل يسري عليهم القانون أم لا،وإذا كان لا يسري لاقتصار سريانه على الصحفيين من العراقيين فقط،فأي قانون يسري بحقهم إذا،وهل هناك قانون بالفعل ينظم عملهم ويضمن حرية ممارسة العمل الصحفي لهم.
نرى إن هذا الأمر يحتاج إلى معالجة قانونية وفي حدود معينة واطر خاصة،فلا يمكن أن يتمتع الصحفي الأجنبي بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الصحفي العراقي.
4- حددت الفقرة الثانية من المادة الأول نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص بقولها(تسري أحكام هذا القانون على الصحفيين العراقيين))،مما يعني حصر نطاق تطبيقه من حيث الأشخاص على الصحفيين العراقيين فقط (الذي يحملون الجنسية العراقية) دون غيرهم من الصحفيين الآخرين الأجانب(الذين لا يحملون الجنسية العراقية)،سواء كانوا من الدول العربية أو الغربية.
وكنا نأمل هنا أن يوسع نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص ليشمل الصحفيين الأجانب العاملين في العراق ولكن في نطاق محدد،فشمولهم ببعض أحكامه ضرورة لابد منها،كالمواد الخاصة بالمحافظة على كرامة العمل الصحفي،وتقديم التسهيلات المطلوبة وفقاً للقانون،حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة .
المادة الثانية/ حدد القانون نطاق سريانه على الصحفيين من العراقيين فقط،وهذا ما قررته المادة (الأولى/ثانياً) منه،في حين جاءت المادة (الثانية)،محدد للأهداف القانون،ونطاق سريانه مكانياً كما نرى بقولها ( يهدف هذا القانون إلى تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم في جمهورية العراق).
مما يفهم منه انه يشمل حتى غير العراقيين وفقاً للمفهوم الواسع للصحفيين،وعبارة في جمهورية العراق،وإلا فالأمر يحتاج إلى تحديد وتقييد بإيراد عبارة(من العراقيين فقط)، أو أعادة الصياغة اللفظية للنص ونقترح الأتي((يهدف هذا القانون إلى توفير الحماية للصحفيين العراقيين وتعزيز حقوقهم في جمهورية العراق))،ويمكن أن يكون النص المقترح بديلاً أيضاً للفقرة (ثانياً) من المادة الأولى،فيتم دمجها سوية مع المادة الثانية،وهذا مانفضله،فيكون نطاق سريان القانون من حيث الأشخاص والمكان في مادة قانونية واحدة.
كما بينا في المقترح وجدنا هناك تقديم وتأخير في بعض العبارات الواردة في نص المادة الثانية وهي (...تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم...)،أن توفير الحماية يأتي بالدرجة الأساس فمتى ما تم للصحفيين ذلك جاءت المرحلة الثانية وهي تعزيز حقوقهم،فمقترحنا إعادة ترتيب المادة الثانية ومراعاة التقديم والتأخير اللفظيين اللازمين في صياغة النص القانوني.
المادة الثالثة/ جاءت صياغتها كما نرى بشكل فيه زيادة لا داعي لها ولدينا تعليقات بسيطة عليها من حيث الصياغة أو المضمون،ونود أن نوضح أو نشرح هذه المادة بشيء من الإيجاز والاختصار أولا،فنقول أن القانون ألزم دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الأخرى(يقصد بها كما نرى دوائر القطاع المختلط والقطاع الخاص )،التي يمارس الصحفي عمله أمامها بالتعاون معه وتقديم التسهيلات اللازمة التي يحتاجها الصحفي في عمله وفقاً لما يسمح به القانون،كما يجب على تلك الجهات أن تعامل الصحفي بالأسلوب الذي يحفظ كرامته وكرامة العمل الصحفي وذلك بعدم الاعتداء عليه بدنياً أو جسدياً (مادياً) سواء بالجرح أو الضرب أو العنف أو أي فعل مخالف للقانون،ومعنوياً عن طريق المساس بكرامته وشرفه واعتباره ومكانته ومحاولة الانتقاص منها أشارة بالتهديد والتخويف أو قولاً كالسب أو الشتم أو القذف والتهديد والوعيد.
وقد وفر قانون العقوبات الحماية اللازمة في هذا المجال،لاسيما أن قانون حقوق الصحفيين جعل للصحفي صفة الموظف فيما يتعلق بأفعال الاعتداء عليه،مما يعني أن الاعتداء عليه يشكل ظرفاً مشدداً للعقوبة،وهو مسلك محمود للمشرع العراقي وأن كنا نفضل التفرقة بين حالتين،حالة الصحفي الموظف في دوائر الدولة ،فهو موظف في كل الأحوال والذي لا يحتاج إلى مثل هكذا نص لإضفاء الحماية عليه،كونه محمي أصلاً لتمتعه بصفة الموظف أساساً،ولكن هذا النص نحتاجه بالنسبة للصحفي غير الموظف والذي يعمل في القطاع الخاص،فهو يجعل من منزلة الصحفي بمنزلة الموظف لأغراض الحماية المطلوبة ،وأن كنا نرى إسباغ صفة المكلف بخدمة عامة على الصحفي بدلاً من صفة الموظف في هذا المجال،لأنها الأقرب في الوصف القانوني كما نعتقد بالنسبة للصحفي العامل في غير دوائر الدولة أو القطاع العام.
ولما تقدم نرى أعادة النظر في صياغة المادة (9) من القانون ونقترح أن تكون صياغتها كالأتي((يعاقب كل من يعتدي على صحفي..........بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على مكلف بخدمة عامة ...........)).
أو إضافة مادة جديدة للقانون تبين بشكل عام الصفة التي يتمتع بها الصحفي عند أدائه لعمله الصحفي أو عند تعرضه للاعتداء عند أدائه أو بسببه، ونقترح أن تكون صياغتها كما بالأتي ((لأغراض هذا القانون يعد الصحفي مكلفاً بخدمة عامة)) أو((يعد الصحفي لأغراض هذا القانون مكلفاً بخدمة عامة)) أو ((لأغراض الحماية الجزائية يعد الصحفي مكلفاً بخدمة عامة)).
المادة الرابعة/ جاءت هذه المادة مبينة لأحد الحقوق التي يتمتع بها الصحفي وبفقرتين (أولاً) تضمنت شقين،أولهما هو حق الحصول على المعلومات والأنباء والبيانات والإحصائيات،لكن بشرط عدم محظورية هذا الأمور ومن مصادرها المختلفة رسمية أم غير رسمية،أما الشق الثاني فهو نشر هذه المعلومات التي حصل عليها وفق القانون .
ولنا تعليقين على هذه الفقرة:-
- ألأول:- يتعلق بإيراد المشرع لمصطلحات نراها زيادة لا داعي لها(الأنباء،البيانات،الإحصائيات)،لأننا نرى أن مصطلح(المعلومات) ألوارد في بداية المادة يكفي للدلالة على بقية المصطلحات،فهو متضمنها بشكل صريح كما نعتقد،ولا داعي لهذه الإطالة وذكر التفصيلات،فالأنباء والبيانات والإحصائيات هي المعلومات ذاتها،ولا نرى فيها أي اختلاف،فنقترح على المشرع أعادة النظر في هذه الفقرة(أولاً) من هذه المادة ورفع تلك المصطلحات والاكتفاء بذكر مصطلح المعلومات فتكون صياغتها كالأتي((أولاً- للصحفي حق الحصول على المعلومات غير المحظورة.....الخ)).
وإما تعليقنا الثاني:- فهو بخصوص اشتراط هذه الفقرة أن يكون النشر بحدود القانون،مما يعني أن الصحفي وأن تحصل على المعلومات فلا يحق له نشرها إلا في إطار ما يسمح به القانون،فهناك قيود وردت في بعض القوانين كقانون العقوبات الذي وردت في كقيود تتعلق بحظر نشر المعلومات السرية خاصة المتعلقة بمرفقي الدفاع والأمن الداخلي أو الخارجي،والتحقيقات والمحاكمات التي جعلها القانون سرية،أو نشر المعلومات الخاطئة أو المغلوطة لأغراض خاصة وشخصية،أو نشر المعلومات الشخصية والعائلية لبعض الأفراد دون حق.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة ذاتها فتؤكد حق الصحفي في الاحتفاظ بسرية المصادر التي حصل عن طريقها على معلوماته،فلا يجبر على الكشف عنها ولا يكره على الإفصاح عن أسمائهم أو عناوينهم أو مكان عملهم أو أي شيء يسهل عملية التعرف عليهم مهما كانت الأسباب والمبررات،كما لا يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية من جراء كتمان مصادره.
فمثلما يلزم الصحفي بعدم نشر معلومات من غير الجائز نشرها،كونها تتمتع بالسرية،تلزم الجهات المسؤلة في الدولة بالمحافظة على حقه في سرية معلوماته.
ونرى أن هذا الأمر أيضاً لا يمكن قبوله على عمومياته وإطلاقه،بل يقيد بقيود منه عدم أضرار ذلك بالمصلحة العليا للدولة،كمقتضيات الأمن العام،والكشف عن الجرائم الإرهابية أو مرتكبيها،أو منع ارتكاب جريمة أو الكشف عنها.
المادة الخامسة/ بناءً على ما جاء ت به المادة(42) من الدستور والتي أكدت على أن ((لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة))،تضمن القانون في الفقرة(أولاً) من مادته الخامسة حق الصحفي في الامتناع عن كتابة أو أعداد مواد صحفية تتنافى مع معتقداته وأرائه وضميره الصحفي،فلا يمكن أجبار الصحفي من قبل المؤسسة الإعلامية أو أحد المسؤلين فيها،أو مسؤلي الدولة أو من قبل أي شخص من الأشخاص،وتحت أي مبرر على كتابة مواضيع تعارض ما يتبناه من معتقدات دينية وفكرية وثقافية،كما لا يجوز الضغط عليه من أجل أعداد وتهيئة المواد الصحفية التي تتعارض مع معتقداته وأرائه الدينية والفكرية والثقافية،وفي الوقت ذاته لا يمكن إجباره على كتابة أو إعداد موضوعات صحفية خلافاً لما يقتضيه ضمير الصحفي من موضوعية وحيادية ومصداقية،والابتعاد عن الخلافات الشخصية والتحريف والتضليل في أعداد وكتابة المواد الصحفية(مقالات،تعليقات،لقاءات صحفية،لقاءات إذاعية،تقديم برامج لا يرغب الخوض فيها،تغطيات إعلامية،إشراكه في برامج خلافاً لارداته، بعيداً عن التحريف أو استخدام الضغوطات المادية والمعنوية.
فإذا ما حصلت مثل هكذا أمور فمن حق الصحفي أن يمتنع عن الاستجابة لمثل هكذا طلبات كونها تتعارض مع أحكام الدستور أولاً، ولأحكام القانون ثانياً دون أن يكون ذلك الامتناع مسوغاً لمساءلته جزائياً أو مدنياً،أو لمحاسبته أو معاقبته،أداريا أو انضباطيا من قبل المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها،ولا يحق لها في الوقت ذاته،فصله أو الاستغناء عنه لمجرد الرفض،وإلا كان للصحفي الحق في اللجوء إلى القضاء لاستيفاء حقوقه ومن ضمنها الاستمرار بعمله إذا ما تم الاستغناء عنه أو طرده من عمله،أو الحصول على التعويض عن الإضرار التي أصابته.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة نفسها فقد تضمنت حق الصحفي في التعقيب والرد فيما يراه مناسباً لإيضاح رأيه للغير وأن كان مختلفاً مع الآخرين في وجهات النظر والاجتهادات الفكرية،فمن حقه التعقيب على ما يكتب من مقالات وأبحاث وتعليقات في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية أو يقدم من برامج ،كل ذلك في إطار القانون من حيث أسلوب وطريقة الرد.
فمن حق كل إنسان إبداء رأيه ووجهة نظره في موضوع أو مواضيع معينة،وقد يفهم البعض ذلك الرأي أو وجهة النظر خلافاً لما أراده وعبر عنه، فتوجه له سهام النقد من اجل تفنيد ما قال أو كتب فمن حقه أن يعقب ويرد على ذلك موضحاً ما أراد البوح به بكل صراحة ووضوح دون أن يعد ذلك تعدياً أو تجاوزاً على الغير ما دام في حدود ما سمح به القانون.
المادة السادسة/ حرصت الفقرة (أولاً) منها على تثبيت الصحفي في الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية ،وعلى الجهات المسؤلة عن ذلك أو التي صدرت منها أو توجد لديها أن تمكن الصحفي من الاطلاع عليها لغرض الاستفادة منها في عمله الصحفي ككتابة المقالات وإبداء الآراء أو تقديم البرامج .
وقد قيد القانون ذلك الحق (حق الاطلاع ) بأن لا يكون ذلك الأمر مضراً بالنظام العام ومخالفة أحكام القانون،خاصة عندما تكون تلك المعلومات متعلقة بأسرار لا يمكن الاطلاع عليها إلا من قبل ذوي العلاقة أو من يمثلهم قانوناً كالمحامين والوكلاء،كونها أسرار شخصية ببعض الأشخاص أو العوائل, متعلقة بأفعال لها خصوصيتها وضرورة محدودية الاطلاع عليها كجرائم الأسرة أو الاغتصاب واللواط والزنا والجرائم الأخلاقية،وكذلك ما يتعلق بأسرار مرافق الدفاع والداخلية والأمن الوطني (الداخلي والخارجي)،أو عندما تتضمن القوانين المختلفة حظر ذلك الأمر،أو تجريم كل من يفشي المعلومات المتعلقة بالوظيفة أو المعلومات التي تتحصل أثناء أدائها أو بسببها.
أما الفقرة (ثانياً)،فقد أعطت الصحفي الحق في حضور المؤتمرات مهما كان نوعها(سياسية ،قانونية،اقتصادية،اجتماعية،ثقافية،فكرية،رياضية)،والجلسات للجهات الرسمية كجلسات مجلس الوزراء،والوزارات والأجهزة التنفيذية،والهيئات المستقلة(كهيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات،والبنك المركزي العراقي،وهيئة الإعلام العراقي وغيرها من الهيئات المستقلة)، أو مجلس النواب أو مجالس الأقاليم أو مجالس المحافظات ومجالس الاقضية والنواحي.
والملاحظ على الفقرة أعلاه أنها لم تقيد ذلك الحضور بأي قيد مما يعني أن من حق الصحفي الحضور في تلك المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني،ونعتقد أن هذا الإطلاق أو عدم التقييد أمر غير دقيق ويحتاج إلى المراجعة وإعادة النظر،فهناك قيود عديدة تفرض نفسها في هذا المجال،كطبيعة تلك المؤتمرات والمعلومات والمسائل التي تطرح فيها ومدى سريتها وتعلقها بالمصالح العليا للبلد،وكذلك الحال في جلسات الجهات الرسمية،كجلسات المحاكم والمجالس التشريعية(مجلس النواب،مجالس الأقاليم،مجالس المحافظات)، فله الحق في الحضور مادامت علنية،ونظم القانون الحضور والتواجد فيها بطريقة ما،ولم يتخذ قراراً بجعلها سرية ،فهذا القيد نص عليه الدستور بالنسبة لجلسات المحاكم عندما نصت الفقرة(سابعاً) من المادة(19) منه على ما يأتي((جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية))،وكذلك بالنسبة لجلسات مجلس النواب فقد نصت الفقرة(أولاً) من المادة(53) منه على أن((تكون جلسات مجلس النواب علنية إلا إذا ارتأى لضرورة خلاف ذلك))،كما تركت الفقرة (ثانياً) من المادة ذاتها للمجلس تحديد الوسائل التي تنشر عن طريقها محاضر الجلسات(الصحف،القنوات الإذاعية،القنوات الفضائية،المواقع الرسمي لمجلس النواب على الشبكة الدولية للمعلومات –الانترنت)).
لما تقد نقترح على المشرع تقييد هذا الحق بأحكام القانون،,ذلك بإضافة هذه العبارة إلى نهاية الفقرة(ثانياً) لتكون كالأتي:-
(( للصحفي حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني وفقاً لأحكام القانون)).
((للصحفي حق الحضور في المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة من أجل تأدية عمله المهني وفقاً للقانون)).
المادة السابعة/ حرص القانون في هذه المادة على حماية أدوات عمل الصحفي ،وبالتالي لم يجوز الاعتداء عليها إتلافا أو تخريباً أو تعطيلاً أو تعييباً أو مصادرة،إلا بحدود القانون.
أن القانون لم يحدد المقصود بأدوات عمل الصحفي،وأن كنا نرى أنه كان من الأفضل إيراد تعريف لها ولو بشكل عام ومجمل مع التعاريف أو المصطلحات في المادة(الأولى)،ولذا نقترح أن يكون ذلك على الشكل الأتي:-
((أدوات عمل الصحفي- هي الأدوات اللازمة لعمل الصحفي)).
((أدوات عمل الصحفي- هي الأدوات التي يستخدمها الصحفي في عمله المهني وفقاً للقانون)).
فهذه الأدوات نراها تشمل على سبيل المثال( القلم،دفتر الملاحظات أو المعلومات،كاميرات –التصوير المحمولة والثابتة،كاميرات التصوير الديجتال-كاميرات التصوير الفوتوغرافية-،أجهزة الموبايل،جهاز الحاسوب المحمول(اللاب توب،المايكروفون،مكبرات الصوت،كتب التخويل الرسمية للعمل الصحفي ،هوية التعريف-الباج-، الوثائق التي يحصل عليها رسمياً بخصوص عمله الصحفي،الأقراص المدمجة،أقراص التصوير،أقراص ألسيدي،آلات التسجيل(المسجل،الكاسيت،فلاش ممري)،أجهزة التوصيل بشبكة الانترنت،أجهزة الطبع والتحميض للأفلام والصور،حقيبة الأدوات والمعدات الفنية(أسلاك وفيش التوصيل والشحن الكهربائية،عدة العمل،صناديق الحفظ البلاستيكية،حقائب الحفظ الجلد-القماش-البلاستك،ظروف الحفظ- ورقية جلدية-قماش).
كما أن هذا الحظر في عدم جواز التعرض لأدوات عمل الصحفي قيده المشرع بحدود القانون،فقد يكون من اللازم التحفظ على تلك الأدوات كالكاميرات وأدوات التسجيل أو غيرها من الأدوات لوجود حظر أو منع بحكم القانون،أو للمحافظة على السرية اللازمة،أو قد تطلب السلطات من الصحفي التقيد بضوابط للحضور أو التصوير أو لممارسة العمل الصحفي ولكنه يتجاهلها أو لا يلتزم بها مما يضطر الجهات المعنية بالتحفظ على أدوات عمله،كالحجز المؤقت على الكاميرات، أو رفع أدوات التسجيل من الأجهزة،أو قطع التيار الكهربائي،أو رفع بطارية الشحن الخاصة بالكاميرات أو أدوات التسجيل،أو إطفائها أو مصادرة الصور والأفلام أو أشرطة التسجيل الصوتية،أو القيام بمسح المادة التصويرية أو المسجلة وإعادة الكاميرا أو المسجل فارغاً للصحفي.
وقد لا يسمح المكان الذي تعقد فيه المؤتمرات أو الندوات أو الجلسات بحضور جميع الصحفيين أو القنوات الإذاعية أو الفضائية،فيتم السماح لبعضهم دون العض الآخر وفق الطاقة الاستيعابية للمكان،لذا يجب أن تحرص الجهات المعنية بعقدها في مكان عام أو في مكان واسع يستوعب أكبر عدد من الصحفيين وقنوات الإعلام،دون تمييز بينها لأي سبب كان.
ونحن نقول مثلما يجب على الجهات المعنية التعاون مع الصحفي وتسهيل مهماته الإعلامية،على الصحفي أيضا أن يتعاون مع الجهات المعنية من اجل القيام بواجباته الصحفية وفقاً للأصول المرعية لممارسة مهنة الصحافة والإعلام،من خلال التقيد بالضوابط الشرعية المتخذة من قبل تلك الجهات لتنظيم العمل الصحفي والإعلامي وانسيابية القيام به،فلا يلجاً إلى الغش والخداع والمكر والحيلة في الحصول على المعلومة من خلال إخفاء أجهزة التسجيل الخاصة أو استخدام الأجهزة المحظورة أو عدم التقيد بالترتيبات الخاصة بأجهزة الصحافة والإعلام.
المادة الثامنة/ رفعت هذه المادة المساءلة القانونية(الجزائية،المدنية،التأديبية) عن الصحفي إذا ما أبدى رأياً أو نشر معلومات صحفية في أطار عمله المهني،ولا يمكن أن يكون ذلك سبباً للإضرار به،عن طريق المساءلة القانونية(الجزائية،المدنية،التأديبية)،أو فصله من العمل الصحفي،أو تقييد حريته في العمل،أو نقله إلى عمل صحفي آخر لا يتناسب مع مؤهلاته وطبيعة اختصاصه الصحفي أو الإعلامي،كل ذلك بشرط عدم المخالفة للقانون،فإذا ما أبدى الصحفي رأياً بخصوص موضوع معين أو مسألة ما فلا يكون ذلك الرأي سبباً لمساءلته،إلا إذا كان مخالفاً لأحكام القانون الذي حظر مثل هكذا آراء كونها تشكل قذفاً أو سباً وفقاً لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم(111) لسنة 1969 المعدل((المواد433-435))،أو تشكل جريمة ماسة بالشعور الديني ((المادة372))،أو غيرها من الجرائم الأخرى.
المادة التاسعة/ من اجل إسباغ حماية قانونية اكبر للصحفي جاءت هذه المادة من القانون جاعلة منه موظفاً عندما يؤدي مهنته الصحفية،فإذا ما تعرض لأي اعتداء عند قيامه بالعمل الصحفي أو بسبب ذلك عد ذلك الاعتداء واقعاً على موظف،الأمر الذي يعني تشديد العقوبة عندما يقع الاعتداء على الصحفي كون القانون جعله بمنزلة الموظف لأغراض الحماية الجنائية،وبالتالي عدت صفة الموظف هنا ظرفاً مشدداً لمرتكب فعل الاعتداء،الأمر الذي يستوجب تشديد العقوبة المحكوم بها إذا كان محل الاعتداء احد الصحفيين،لكن بشرط أو قيد أن يكون ذلك الاعتداء واقعاً أثناء قيامه بمهام عمله الصحفي الرسمية أو بناءً على التكليف من مؤسسته الإعلامية،أو وقع بسبب أدائه لمهامه الصحفية.
فلا يمكن عد الصحفي متمتعاً بصفة الموظف عندما يتشاجر مع جاره على أمر خاص به لا علاقة له بعمله الصحفي،أو السرقة التي تقع على منزله ،أو حوادث المرور أو السير العادية.
نحن وان كنا نؤيد توجه المشرع في إسباغ الحماية القانونية اللازمة والمطلوبة للصحفي عند أدائه لعمله ،لكننا لا نحبذ جعله بمنزلة (الموظف) لهذه الأغراض ،نعم قد يرى البعض أن منح هذه الصفة هي لأغراض تعزيز هذه الحماية فقط،وبالتالي هو لا يرقى لمنزلة الموظف الفعلية في غيرها من الأمور(الحقوق والامتيازات الوظيفية)،ثم أن هذا الأمر متوافر للصحفي الرسمي ونقصد بذلك من يعمل في مؤسسة صحفية أو إعلامية رسمية عائدة للدولة،فهو موظف ولا يحتاج إلى تكرار تلك الحماية والتأكيد عليها ،فهو موظف شئنا أم أبينا،فنكون هنا أمام تزود من المشرع لا داعي له.
لما تقدم نرى انه كان من الأفضل جعل الصحفي الذي يعمل في مؤسسة صحفية أو إعلامية خاصة بمنزلة المكلف بخدمة عامة لأغراض إسباغ الحماية المطلوبة.
المادة العاشرة/ نصت الفقرة (أولاً) من هذه المادة على إجراء من الإجراءات القضائية والتي لا يجوز اللجوء إليها واتخاذها بحق الصحفي عن جريمة مرتبطة بعمله الصحفي إلا بقرار قضائي،وهذا الإجراء هو ((الاستجواب)).
ولنا تعليقان على هذه الفقرة :-
- الأول:- بخصوص الصياغة اللغوية لها والتي ذكرت أنه (( لا يجوز استجواب الصحفي أو التحقيق معه عن جريمة منسوبة إليه مرتبطة بممارسة عمل الصحفي.....))،فنقول أن الاستجواب وفقاً للأحكام القانونية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي هو أجراء من إجراءات التحقيق ولا يمكن اللجوء إليه إلا من قبل قاضي التحقيق أو المحقق،وبالتالي لا داعي كما نرى لذكر مصطلح الاستجواب اكتفاءً بذكر مصطلح التحقيق،أو الاقتصار على الاستجواب دون ذكر التحقيق،فالتحقيق لفظاً عاماً يستوعب الاستجواب كإجراء من إجراءاته،فهو(الاستجواب) جزء من كل،عليه نقترح أعادة النظر في صياغة الفقرة أعلاه وكما يأتي:-
(( لا يجوز استجواب الصحفي عن جريمة منسوبة إليه......))أو
((لا يجوز التحقيق مع الصحفي عن جريمة منسوبة إليه.....)).
- الثاني:- يتعلق بالقرار القضائي الواجب صدوره من السلطة القضائية المختصة(قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة)،وحسناً فعل المشرع العراقي عند ما أشترط ذلك وقيد الاستجواب أو التحقيق معه بضرورة صدور القرار القضائي،على اعتبار القضاء هو السلطة المختصة بذلك وصاحبة الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية ومنها الإجراءات الماسة أو المقيدة للحقوق والحريات كالقبض والتوقيف والتفتيش والاستجواب وإجراء الفحوصات الطبية والمختبرية.
أما الفقرة(ثانياً) من المادة نفسها فقد أوجبت على المحكمة (محكمة التحقيق،أو المحكمة المختصة بنظر الدعوى- محكمة الموضوع-)) أخبار نقابة الصحفيين-إذا كان الصحفي منتمياً لها،أو المؤسسة التي يعمل فيها ،عن أي شكوى ضد الصحفي مرتبطة بممارسة عمله،وهذا الإخبار كما نراه يجب أن يتم بصورة رسمية(تحريرياً) من خلال إشعار المحكمة المختصة للنقابة الصحفيين أو المؤسسة الصحفية ليكون لديها العلم بالشكوى المقامة ضد الصحفي وموضوعها لتتولى اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات بخصوص ذلك الصحفي دفاعاً أو محاسبة،لان مصطلح الإخبار يمكن أن ينصرف للإخبار الشفوي عن طريق المحادثة المباشرة أو بواسطة الهاتف أو المقابلة الشخصية أو البريد الالكتروني.
لذا نرى أن تتم الإشارة إلى هذا الإخبار التحريري،من خلال إضافة مصطلح (تحريرياً) بعد لفظة الإخبار الواردة في الفقرة أعلاه،لإتمام الصياغة القانونية وإحكامها بدقة،فتكون صياغة الفقرة كالآتي((يجب على المحكمة أخبار نقابة الصحفيين أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي تحريرياً.....)).
أما الفقرة(ثالثاً) فقد أجازت ولم تلزم(لم توجب) نقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي بالحضور شخصياً أو عن طريق من يمثلهم ويخولانه بذلك الحضور رسمياً بناءً على كتاب رسمي صادر من النقابة أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،عند إجراء استجواب الصحفي أو التحقيق الابتدائي أو القضائي معه أو عند محاكمته،ونرى انه من الأفضل أن يكون التخويل أو التمثيل بالحضور من قبل مختص أو خبير في مجال القانون ،كون هذه الأمور تحتاج إلى شخص مطلع وصاحب دراية وعلم في مجال القانون كونها إجراءات قانونية متخذة بناءً على شكوى ومستندة إلى قوانين.
ونسجل الملاحظة الآتية على هذه الفقرة،التي أجازت الحضور ولم توجب ذلك مما يعني أن الأمر متروك لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة الذي بإمكانه عدم الحضور أو عدم تكليف احد أو تخويله بالحضور نيابة عنه،فهو صاحب السلطة التقديرية في هذه المسألة،وقد يحتاج الصحفي إلى وجوده أو من يخوله،ولكن لا يتاح له هذا الأمر للجواز القانونية المنصوص عليه،وبالتالي قد يساء استخدام هذه المكنة القانونية على غير ما أرادها القانون،فيتم الحضور في قضايا البعض دون البعض الأخر مما يخلق نوع من التمايز والتفرقة التي تؤثر سلباً على حقوق الصحفي خصوصاً وفي العمل الصحفي عموماً،لاسيما أن الصحفي وهو في وضع الاتهام أحوج ما يكون لمثل هكذا دعم مادي ومعنوي من خلال حضور نقيب الصحفيين أو رئيس مؤسسته الصحفي وهما يمثلان أعلى سلطة إدارية فيهما،كما أن ذلك يدلل على وقوف النقابة أو المؤسسة مع الصحفي في ذلك الموضوع وعدم التخلي عنه لاسيما وهو لا يزال متهماً،فيتم تقديم ما يمكن من مساعدة قانونية مشروعة له.
لما تقد نقترح جعل الحضور وجوبياً على اقل تقدير لممثل عن النقابة أو المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،وإبقاء الأمر جوازي لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،ونقترح أن يعاد النظر في صياغة الفقرة أعلاه في ضوء ذلك المقترح وكالاتي:-
((لنقيب الصحفيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي حضور التحقيق معه أو محاكمته،وفي حالة عدم حضوره يجب تخويل من يقوم مقامه في الحضور)) .
المادة الحادية عشرة/ دون الإخلال بالامتيازات الأخرى التي تمنح للشهداء حددت هذه المادة في الفقرة(أولاً) الحقوق المالية للورثة في حال تعرض الصحفي(من غير الموظفين) لاعتداء إرهابي أو اعتداء يوصف فيه الصحفي بأنه شهيد وفقاً للقوانين النافذة أثناء تأدية واجبه أو بسببه،فقررت منح راتباً تقاعدياً لورثة الصحفي الشهيد(من غير الموظفين) مقداره(750) سبعمائة وخمسون ألف دينار.
ونحن نرى أن هذا الأمر يشكل خطوة داعمة وساندة وتكريماً للصحفي ولحرية الصحافة والعمل الصحفي والإعلامي عموماً ولعوائلهم، لاسيما إذا كانت عائلة الصحفي الشهيد مكونة من عدد كبير من الأفراد،فهي تحتاج إلى رعاية ودعم لاسيما بعد فقدها للمعيل والراعي لها مادياً ومعنوياً.
ولنا تعليق بسيط ولكننا نراه ضروري ومهم على الفقرة أعلاه
1- نحن نفضل عدم تحديد المبلغ ب(750) سبعمائة وخمسون ألف جزافاً،بل نحتاج إلى وضع أحكام أخرى في القانون ذاته،أو ترك الأمر لمجلس الوزراء بالتنسيق مع وزارة المالية لوضع ضوابط لمنح هذه المبالغ المالية(الرواتب التقاعدية)، ونقترح هنا أن يؤخذ عند وضع هذه الأحكام أو التعليمات أو الضوابط الحالة الاجتماعية للصحفي الشهيد،وعدد أفراد الأسرة التي يعيلها،وسنوات الخدمة أو العمل الصحفي بالنسبة له،ونقترح أن يكون المبلغ المشار إليه في الفقرة أعلاه كحد ادني أو خط أساس تبدأ منه احتساب بقية المبالغ وحسب المعايير التي اشرنا لها تصاعدياً.
2- مع تأييدنا الكامل والمطلق لمنح المبالغ المالية لورثة الصحفي الشهيد،نسجل تحفظنا على تسمية المبالغ التي تمنح بهذا الخصوص(كراتب تقاعدي) لان الصحفي هنا(من غير الموظفين) لا يعمل في الدولة والقطاع العام بل هو يعمل في القطاع الخاص(المؤسسات الإعلامية والصحفية الخاصة)- وهي لا تمنح رواتب تقاعدية ،وبالتالي لا يصح كما نرى من وجهة نظر قانونية إطلاق مصطلح (الرواتب التقاعدية) على المبالغ المالية الممنوحة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم تبين الفقرة أعلاه من يقوم بدفها هل هي المؤسسة التي كان يعمل فيها الصحفي الشهيد،أم وزارة المالية التي ألزمها القانون بتوفير التخصيصات المالية المنصوص عليها في هذا القانون،وبالتأكيد منها المبالغ المالية المشار إليها في المادة(11) منه،ونعتقد أن هذه الإشارة هي التي بررت استخدام مصطلح(الرواتب التقاعدي)،كون الدولة-وزارة المالية-هي الجهة الملزمة بتوفير تلك المبالغ المالية المطلوبة،ولكننا كنا نأمل لو تمت الإشارة إلى تلك الجهة،في الفقرة ذاتها من المادة(11)،لان المنطق السليم يقتضي أن تقوم الجهة التي يعمل فيها الصحفي بدفع الراتب التقاعدي،وهو ما معمول به بالنسبة للموظفين فقط. لذا نقترح استبدال مصطلح الراتب التقاعدي بمصطلح آخر بديل أقرب دلالة كأن يكون(مكافأة مالية شهرية) أو(مبالغ مالية شهرية) أو(مبالغ نقدية شهرية).
أما الفقر(ثانياً) من المادة نفسها فقد أشارت إلى المبالغ المالية التعويضات التي يستحقها الصحفيون (كرواتب تقاعدية) من غير الموظفين في حالة تعرضهم أثناء أدائهم لمهامهم الصحفية أو بسببها لإصابات يترتب عليها عجز بنسبة محددة وهي (50%) فأكثر،وجعلتها (500) (خمسمائة ألف دينار).
ومما نسجله على هذه الفقرة خلوها من الإشارة إلى الآلية أو الكيفية التي يتم من خلالها تحديد نسبة العجز ومن هي الجهة المختصة بتحديد ذلك
ونرى أنه كان من الأفضل الإشارة في هذه الفقرة إلى أن تحديد نسبة العجز،يتم من خلال اللجان الطبية المختصة في وزارة الصحة هذا الأمر (تحديد نسبة العجز).
أما الفقرة (ثالثاً) من المادة نفسها فقد حددت مبالغ (الرواتب التقاعدية) ب(250) مائتان وخمسون ألف دينار إذا ما كانت نسبة العجز(30%) فأكثر،ونرى زيادة مقدار المبالغ المالية وجعلها(350-400) (ثلاثمائة وخمسون – أربعمائة ألف دينار).
ويفهم من هاتين الفقرتين(ثانياً وثالثاً) أن المقصود بنسبة العجز في الفقرة الأولى تكون بين(50-100%)،أما الفقرة الثانية فتكون بين(30-50%)
وما نلحظه على هذه المادة بفقرتيها(ثانياً وثالثا) أنه لم تشر إلى حالات العجز إذا ما كانت دون(30%) وما هو مقدار الرواتب التقاعدية في هذه الحالات ،فإذا ما فرضنا تعرض الصحفي من غير الموظفين لعجز نسبته(29%) وبتقرير من جهات طبية رسمية فما هو الحكم في هذه الحالة وكيف يتم تعويضه واحتساب رواتبه التقاعدية أم أنه لا يستحق لعدم وجود معالجة قانونية لمثل هكذا حالات في قانون الصحفيين،كما أنها غير موحدة في الصياغات اللفظية فالفقرة(ثانياً) تستخدم مصطلح الصحفيين بصيغة الجمع،في حين الفقرة(ثالثاً) تستخدم مصطلح الصحفي بصيغة المفرد،لذا نرى من الأفضل إعادة النظر في الصياغة اللفظية والعمل على توحيدها بصيغة الجمع أوالمفرد.
لما تقدم نقترح على المشرع ألالتفات إلى هذا النقص والقصور الجوهري،ومعالجته من خلال إضافة ذلك للفقرة(ثالثاً) أو استحداث فقرة مستقلة للرواتب التقاعدية (المبالغ المالية)، إذا ما كانت نسبة العجز دون(30%)،ونقترح أن تكون الصياغة كالآتي:-
((ثالثاً: يمنح الصحفيون من غير الموظفين الذين يتعرضون لإصابة تكون نسبة العجز فيها(30%)بالمائة فأكثر أثناء تأدية واجباتهم أو بسببها راتبا تقاعدياً_مبالغ شهرية- مقدارها(350-400) (ثلاثمائة وخمسون- أربعمائة ألف دينار......،أما إذا كانت نسبة العجز دون ذلك فيكون مقدار الراتب التقاعدي(250-300) (مائتان وخمسون- ثلاثمائة ألف دينار).
((رابعاً:- يمنح الصحفيون من غير الموظفين الذي يتعرض إلى إصابة تكون فيها نسبة العجز دون(أقل) ((30%)) مبالغ شهرية مقدرها(250-300) (مائتان وخمسون- ثلاثمائة إلف دينار)).
((رابعاً:- يمنح الصحفيون من غير الموظفين الذي يتعرض إلى إصابة تكون فيها نسبة العجز دون(أقل) ((30%)) مبلغ(250-300) (مائتان وخمسون- ثلاثمائة ألف دينار) شهرياً)).
وعند إجراء التعديل يجب الالتفات إلى ترتيب التسلسل الخاص بفقرات المادة(11) فيغير تسلسل الفقرة(رابعاً) ليكون (خامساً).
أما الفقرة(رابعاً) حسب ما ورد في القانون ، و(خامساً) حسب الترتيب الجديد بعد المقترحات التي اشرنا في أعلاه ،فقد بينت بأن حكم الفقرات الواردة في المادة(11) يبدأ تطبيقه على الحالات التي حدثت بعد تأريخ(9/4/2003).
ونرى أنه كان من الأفضل لو تم تحديد تأريخ أقرب من ذلك لبداية التطبيق بالنسبة لمادة أعلاه،فكما يعلم الجميع أن دخول قوات الاحتلال(قوات التحالف أو الائتلاف) كان بتأريخ سابق لهذا التأريخ كما أن سقوط النظام السابق لم يكن بهذا التأريخ،بل قبل ذلك،لذا نقترح أن يكون تأريخ بدأ تطبيق أحكام هذه المادة هو (20/3/2003)،لإسباغ حماية قانونية أكبر للصحفيين لاسيما الذين تعرضوا للاعتداءات (القتل أو الإصابات) أثناء دخول قوات الاحتلال(قوات التحالف).
المادة الثانية عشرة/ نصت هذه المادة على قيام الدولة بتوفير العلاج المجاني للصحفي الذي يتعرض للإصابة أثناء تأديته لعمله أو بسببه.
وتوفير العلاج قد يكون داخل العراق أو خارجه وبالتالي تتحمل الدولة تكاليف إجراء العمليات الجراحية ونقل الصحفي إلى الخارج كأجور الطيران ذهاباً واياباً،والقيد الذي اشترطته المادة للعلاج المجاني هو أن تكون الإصابة قد حدثت أثناء تأدية العمل الصحفي أو بسببه،أو ما تسمى إصابات العمل ،كالإصابات الناشئة عن الأعمال الإرهابية،وبالتالي تخرج الإصابات والأمراض التي تصيب الصحفي خارج ذلك،ونرى بأن هذا الأمر غير مقبول خاصة إذا كان هذا المرض من الأمراض المستعصية والمزمنة والتي تحتاج إلى رعاية خاصة وتكاليف باهضة للعلاج وإمكانيات كبيرة وقدرة على السفر خارج العراق،قد لا تتوافر لدى غالبية الصحفيين،وبالتالي من الضروري تحمل الدولة لنفقات وتكاليف العلاج.
لما تقدم نقترح إعادة النظر في هذه المادة وإضافة الأمراض المزمنة والمستعصية والخبيثة لتكون مشمولة بالعلاج المجاني للصحفي.
وهناك تساءل آخر يطرح نفسه ما هو الحكم لو كان الشخص المصاب هو أحد أقارب الصحفي كالابن أو الأخ أو الأم أو الأب أو الزوجة،فهل يشمله حكم هذه المادة أم لا،ألا يقتضي الأمر الوقوف عنده ،كونه يؤثر سلباً على عمل الصحفي.
نص المادة (12) صريح وواضح ولا يقبل التفسير أو التأويل ليشمل أشخاص آخرين غير الصحفي مهما كانت صلة قرابتهم معه، كما خلا القانون من أي إشارة إلى مثل هكذا حالات نرى ضرورة النص عليها أو الإشارة إليها .
عليه نقترح تضمين القانون الأحكام التي تلزم الدولة بنفقات العلاج أو إرسالهم للعلاج المجاني داخل وخارج العراق،أو على اقل تقدير المساهمة في دعم العلاج بنسبة معينة من النفقات.
ونقترح أن تكون الصياغة كالآتي ((المادة الثانية عشر/ أولاً:- تقوم الدولة بتوفير العلاج للصحفي الذي يتعرض للإصابة أثناء تأديته لعمله أو بسببه،أو أصابته بأحد الأمراض المزمنة أو المستعصية أو الخبيثة)).
وإضافة فقرة بخصوص علاج الأقارب ونقترح أن تكون صياغتها على النحو الآتي-: ((تتحمل الدولة نفقات العلاج لأقارب الصحفي من الدرجة الأولى (حتى الدرجة الثانية)،عند تعرضهم للاصابه عن الأعمال الإرهابية،أو بسبب عمل الصحفي أو عند إصابتهم بأحد الأمراض المستعصية)).
كما أن العلاج المشار إليه نقترح أن يتم من خلال التنسيق بين نقابة الصحفيين ووزارتي الصحة والخارجية.
كما أننا نرى أن هذه النصوص يمكن تطبيقها بسهولة إذا كان الصحفي يعمل في مؤسسة إعلامية حكومية أو تابعة للدولة،ولكن يدق الأمر إذا كان الصحفي يعمل في مؤسسة إعلامية خاصة،عراقية،أو عربية أو غربية، فمن المنصف أن تتحمل تلك المؤسسة الإعلامية جزءً من المبالغ والنفقات اللازمة للعلاج.
المادة الثالثة عشر/ ألزمت هذه المادة الجهات الإعلامية(العراقية)،والأجنبية (العربية والغربية) العاملة في جمهورية العراق إبرام عقود عمل مع الصحفيين العاملين معها وفقاً لأنموذج عمل تعده نقابة الصحفيين في المركز أو الإقليم،على أن يتم إيداع نسخة من العقد لديها.
أن ما جاءت به المادة الثالثة عشر يشكل حماية وضمانة للصحفي من خلال ما يتضمنه العقد المبرم بينه وبين المؤسسة الإعلامية،والتي من اللازم أن يتضمنها العقد الأجر الممنوح للصحفي ومدة العمل وطبيعة العمل والامتيازات الأخرى،إضافة إلى الالتزامات التي تقع على عاتق الصحفي في ممارسة المهنة وفقاً للأصول المرعية لها بعيداً عن المخالفات.
ولم تبين المادة ما هي الأمور التي تدرج في العقد وحسناً فعلت وتركت الأمر إلى نقابة الصحفيين في المركز ونعتقد أن المقصود بذلك نقابة الصحفيين /الفرع العام الذي يكون مقره العاصمة بغداد،والأقاليم، كإقليم كردستان،أو غيره من الأقاليم التي قد تتشكل وفقاً للنظام الفدرالي في العراق،ونرى أنه كان من المستحسن لو ذكرت فروع نقابة الصحفيين في المحافظات غير المنتظمة في إقليم على أن يوزع أنموذج العقد من قبل النقابة العامة مجاناً أو بسعر رمزي،ويتم إيداع نسخ منه لدى فرع النقابة في المحافظة التي أبرم فيها العقد بين الصحفي والمؤسسة الإعلامية وترسل نسخة إلى النقابة المركزية في العاصمة بغداد للتوثيق والحفظ،بحيث يمكن الرجوع إليه عند حصول أي خلاف بين الطرفين حول بنوده.
المادة الرابعة عشر/ جاءت هذه المادة بضمانة أخرى من ضمانات الصحفي فحظرت فصله تعسفياً من عمله الصحفي من قبل الجهة التي يعمل فيها،ويقصد بالفصل التعسفي الذي لا يستند إلى حق مقرر قانوناً أو وارد في العقد بل يكون خلافاً لذلك،أو تجاوزاً لحدود ما تقرر قانوناً أو اتفاقا،كالفصل لأسباب شخصية كالخلافات والمعارضة للمدير أو المسؤول،أو لمنع المنافسة،أو بدون سبب مبرر،أو لغاية أخرى كجلب شخص أخر(صحفي) للعمل بدلاً عنه دون صدور أي تقصير من الصحفي المفصول في عمله ،وإذا ما حصل ذلك الفصل التعسفي وثبت ذلك قانوناً جاز له المطالبة بالتعويض وفقاً للقواعد القانونية التي جاء بها قانون العمل العراقي رقم(71) لسنة 1987 المعدل،هذا التعويض الذي يمكن أن يكون مادياً جبراً للضرر الذي أصاب الصحفي كحرمانه من أجوره أو مكافأته أو المبالغ النقدية التي يستحقها،أو حرمانه من حقوق وامتيازات يتمتع بها زملائه في المؤسسة الإعلامية،أو لتفويت فرصة للعمل عنه في مكان آخر،أو أعادته للعمل نفسه،أو معنوياً من خلال الاعتذار والأسف للصحفي عما بدر بحقه من تجاوز،وقد يكون ذلك بالنشر في وسيلة إعلامية أو أكثر من الوسائل التي تمتلكها المؤسسة أو في غيرها من المؤسسات الإعلامية،وإعادته لعمله السابق.
ونرى أنه كان من الأفضل النص على تسوية الخلافات والنزاعات الحاصلة بين الصحفي والمؤسسة التي يعمل فيها ودياً بادئ الأمر(بالتراضي)،ثم اللجوء إلى وسائل التحكيم ،على أن تتولى النقابة مهمة الوسيط بين الطرفين لتقريب وجهات النظر وتسوية الخلاف وتكون النتائج ملزمة للطرفين،وبخلافه يمكن اللجوء إلى الوسائل القضائية لجل النزاع الحاصل بينهما.
المادة الخامسة عشر/ حظرت هذه المادة منع صدور الصحف أو مصادرتها إلا بقرار قضائي،وحسناً فعل المشرع عندما أناط بالقضاء وحده دون غيره من الجهات الحق في إصدار مثل هكذا قرارات لخطورتها وأهميتها وتأثيرها على حرية الصحافة والإعلام وحرية الرأي والتعبير كون ذلك الأمر يشكل قيداً يمكن اللجوء إليه لكن عن طريق مصادره الرسمية وهي (القضاء)،كون السلطة القضائية الحامية للحقوق والحريات وأي تقييد أو مساس بتلك الحقوق والحريات يجب أن يكون مبرراً وبقرار صادر من السلطة القضائية صاحبة الاختصاص الأصيل.
ولكن ما يؤخذ على المادة أعلاه أنها لم تشر إلى حظر مصادرة غير الصحف من المجلات والمنشورات إلاعلامية والصحفية أخرى والكتب والمطبوعات الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كما لم تشر إلى جواز الطعن بالقرار القضائي الصادر بالحظر أو المصادرة وأمام أي جهة قضائية يتم الطعن،ونرى أنه من الأفضل تضمين القانون مثل هكذا أحكام،على أن تكون محكمة الجنايات بصفتها التمييزية في المنطقة التي تقع فيها المؤسسة الإعلامية هي الجهة المختصة بنظر تلك الطعون،إذا كان قرار المنع أو المصادرة صادر من قاضي التحقيق،ومحكمة الاستئناف بصفتها التمييزية أو محكمة التمييز الاتحادية إذا كان القرار صادر من محكمة الموضوع(جنح،جنايات).
مع ضرورة تحديد الفترة الزمنية التي يجوز خلالها الطعن وهي (ثلاثين يوماً) من تأريخ صدور قرار قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة،أو الإشارة إلى تطبيق الأحكام الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم(23) لسنة 11971 المعدل أو قانون المرافعات المدنية رقم(83) لسنة 1969 المعدل.
كما أنها لم تشر إلى حظر غلق المؤسسات الإعلامية،أو تقييد عملها ،فكان الأجدر بالمشرع تضمين القانون وبصورة صريحة مثل هكذا أحكام.
المادة السادسة عشر/ نصت هذه المادة على طريقة احتساب الخدمة بالنسبة للصحفي،إذ يتم ذلك من خلال نقابة الصحفيين عن طريق المؤسسة التي يعمل فيها الصحفي،والتي تزود النقابة بمدة خدمة الصحفي بشكل يبين اليوم والشهر والسنة،لان هذا التحديد تترتب عليه آثار مالية وإدارية عديدة لذا يجب مراعاة الدقة وتجنب الأخطاء ،والابتعاد عن إعطاء المعلومات غير الصحيحة عن مدة الخدمة،لأي سبب كان وتحت رقابة ديوان الرقابة المالية لأغراض الترقية والتقاعد وأن لم يكن الصحفي عضواً في النقابة،فالخدمة تحدد أساساً من قبل المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها الصحفي.
المادة السابعة عشر/ ألزمت المادة وزارة المالية بضرورة توفير المخصصات المالية المنصوص عليها في هذا القانون،كالروا تب- المخصصات المالية- التي تصرف شهرياً لورثة الصحفي،وكذلك المخصصات الشهرية التي تصرف للصحفي المصاب أثناء العمل الإعلامي أو بسببه،وهذا الأمر يقتضي التنسيق والتعاون بين نقابة الصحفيين وبقية المؤسسات الإعلامية من جهة ووزارة المالية من اجل إعداد وتثبيت قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة قدر الإمكان من أجل رصد التخصيصات المالية اللازمة.
ونعتقد أن هذا الأمر يعتريه الغموض والإبهام ويحتاج إلى توضيح ،فلا يمكن أن تتحمل وزارة المالية لوحدها كافة النفقات والتخصيصات المالية،بل لابد من مشاركة المؤسسات الإعلامية لاسيما الخاصة منها.
المادة الثامنة عشر/ نصت هذه المادة بأنه لا يعمل بأي نص يتعارض مع أحكام هذا القانون،الأمر الذي يعني أن أحكام هذا القانون واجبة الإتباع والتطبيق ،ولا يعمل بأي نص في أي قانون أخر سابق لصدوره،على اعتبار أن التنظيم القانوني الوارد في هذا القانون هو تنظيم خاص واجب الإتباع .
المادة التاسعة عشر/ اختارت هذه المادة من بين عدة طرق لنفاذ القانون والبدءً بسريانه، أن يكون تأريخ نفاذه هو تأريخ النشر في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية)،وهي الجريدة الرسمية لجمهورية العراق،والمسؤولة عن إصدارها وزارة العدل،فكما هو معلوم أن القانون بعد التصويت عليه من مجلس النواب وإقراره،تتم أحالته إلى رئيس الجمهورية لغرض المصادقة عليه وإصداره خلال فترة لا تتجاوز(15) خمسة عشر يوماً من تأريخ تسلم القانون،وفقاً لما نصت عليه المادة(73/ثالثاً) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والتي جاء فيها ما يأتي(( يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب،وتتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تأريخ تسلمها)).
وبالتالي لا يمكن للقانون أن يرى النور مالم يتم نشره في الجريدة الرسمية،وهذا الأمر قد يطول أو يقصر،فهو متروك بيد السلطة التنفيذية(وزارة العدل)،وهو ما نتحفظ عليه،ونرى ضرورة جعل المديرية الخاصة بالنشر مستقلة وغير مرتبطة بأية جهة من حيث العمل،وتابعة لإشراف وتوجيه مجلس النواب.وما نراه أنه سيتم نشره في أقرب عدد يصدر لجريدة الوقائع العراقية.