أنهي تحديد موعد الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات يوم 15 آيار 2018 من قبل مجلس الوزراء، على كل التكهنات والتخوفات من تأجيلها لاشعار آخر نتيجة الصعوبات والتحديات التي يمر بها البلد. وهذه التخوفات تتمحور حول دخول العراق في مرحلة فراغ دستوري يجعل من الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال الامر الذي يضاعف من سوء الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية وغيرها.
اعلان الحكومة موعد الانتخابات والوعد باجرائها في موعدها يعني ان هناك تحديا تنظيميا وسياسيا وحتى امنيا امام الحكومة العراقية. لذا نلاحظ بدء رئيس الحكومة الادلاء ببعض الرؤى حول الانتخابات القادمة تهيء الرأي العام المحلي لطبيعة المرحلة القادمة من حيث المشاركة في الانتخابات، وطبيعة التصويت، والاهم، من حيث ثقة الناخب بالعملية الانتخابية التي يشكل احد عناصرها الاساسية، وهي محاولة تهدف الى تعزيز تلك الثقة.
للاسف هناك فجوة بين عمل البرلمان وعمل الحكومة وهناك تباعد واضح بينهما في الرؤى والاجراءات. فالبرلمان لم ينجح في وضع ادارة انتخابية مستقلة قادرة على ان تجعل الانتخابات القادمة خطوة باتجاه التصحيح وان تعبر اصدق تعبير عن الناخبين والجمهور. الامر الذي يجعل الناخب على تردد من المشاركة فيها وبالتالي محدودية المشاركة السياسية بشكل عام. كذلك لايفوتنا ان ننبه الى قانون الانتخابات الذي يعمل البرلمان على صياغته وسط موجات من الرفض له والرغبة بتعديله والاخيرة هي المسيطرة لانها تمثل رغبة الاحزاب الحاكمة المسيطرة على القرار التشريعي.
وفي ظل هذه الصعوبات نرى من الاهمية بمكان ان تتكامل الرؤي البرلمانية والحكومية لان العملية مهمة واهميتها تكمن في ان البلاد على اعتاب مرحلة جديدة تتطلب التصحيح لتجاوز اخطاء الماضي وتخليص النظام السياسي من الاشكاليات التي اعتلته بعد 2003 . واذا ما تمعنا بهذه الاشكاليات نجد ان اساسها يكمن في العملية الانتخابية التي لم تعبر عن طموحات واراء الجماهير فمرة جرى التعبئة لها طائفيا ومرة اخرى جرى التعبئة لها طائفيا – حزبيا. ولذلك نجد هناك فجوة كبيرة بين الناخب من جهة والنخب الحاكمة من جهة اخرى. لذا هناك ضعف وتشكيك في موثوقية الجماهير بالعملية الانتخابية وهذا يحتاج الى جهود عملية فعلية اجرائية لاعادة ترميم تلك الثقة ورفع مستوياتها لضمان نسبة مشاركة تضفي الجدية والموضوعية عليها.
هناك صعوبات اخرى تكمن في موضوع النازحين، فبعد ان اعلنت الحكومة والتحالف الدولي عودة اكثر من مليونين وثلاثمائة الف ناح الى ديارهم، الا انه لازال هناك الكثير من النازحين. وبالتالي مهما كان الاهتمام بضرورة مشاركتهم في العملية الانتخابية الا انه ستكون هناك نواقص كبيرة وواضحة وهذا ربما يبعث في انفسهم خيبة أمل تشكل فيما بعد رفض للاداء السياسي بالشكل الذي يؤثر على شرعية النظام. لذا لابد من تكثيف الجهود لعودة النازحين الى مناطقهم والعمل على ترسيخ عوامل الاستقرار واهمها مشاريع الطاقة والبنى التحتية الاخرى والخدمات التربوية والصحية لضمان عدوة النازحين ومشاركة اوسع في العملية الانتخابية.