كثيرة هي دلالات هذه الدعوة، واهمها ان الحزب لايزال يرى نفسه انه مستقل في قراره السياسي والامني ويريد ان يشغل حيزا كبيرا في السياسة الخارجية اللبنانية، في وقت تؤكد الحكومة اللبنانية مراراً وتكراراً ان قرار الحرب والسياسة الخارجية هي قرارات سيادية ولا يمكن لحزب الله ان يقرر عن الدولة اللبنانية بما يهم كل اللبنانيين
وجه امين عام حزب الله اليوم الجمعة 19 ايلول 2025 في خطاب متلفز دعوته المملكة العربية السعودية الى الحوار وفتح صفحة جديدة من التواصل مع المقاومة واعتبار " اسرائيل" هي العدو وليست المقاومة، وان يكون الحوار على اساس تأمين المصالح المتبادلة.
حِزبُ الله أو المقاومة الإسلامية في لبنان هو حزب سياسي إسلامي شيعي مسلح مقره في لبنان تأسس عام 1982، وهو جزء من محور المقاومة الذي تقوده إيران ضد الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي وحلفائهم في الشرق الأوسط.
هذه الدعوة تأتي في وقت عصيب يمر به حزب الله اللبناني على مستوى الضغوطات الداخلية والخارجية التي تضغط بإتجاه تسليم سلاحه والاندماج في إطار الدولة اللبنانية بعد قبول الحزب أتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بين الطرفين بسبب إسناد حزب الله لجبهة غزة بعد عملية طوفان الأقصى والذي دخل حيز التنفيذ في 27 /تشرين الثاني/2024.
كثيرة هي دلالات هذه الدعوة، واهمها ان الحزب لايزال يرى نفسه انه مستقل في قراره السياسي والامني ويريد ان يشغل حيزا كبيرا في السياسة الخارجية اللبنانية، في وقت تؤكد الحكومة اللبنانية مراراً وتكراراً ان قرار الحرب والسياسة الخارجية هي قرارات سيادية ولا يمكن لحزب الله ان يقرر عن الدولة اللبنانية بما يهم كل اللبنانيين.
دلالة اخرى، ان الحزب بهذه الدعوة يبتعد عن الحوار مع الاطراف اللبنانية الداخلية، وهي الاولى بهذه الدعوة، لإعادة ترميم الدولة اللبنانية باعتباره – اي الحزب - مكونا سياسيا مهما وواجهة سياسية وحزبية لمكون كبير من الشعب اللبناني وهو المكون الشيعي، على الرغم من ان الحزب يدعوا الى الحوار مع الحكومة اللبنانية بموضوعة تسليم السلاح. عليه، كيف للحزب ان يثير المخاوف من حرب اهلية وتصادم مع الدولة اللبنانية وجيشها في حال الاصرار على تسليم السلاح، وفي الوقت نفسه يدعوا للحوار مع الخارج؟
في اذار 2016 صدر بيان عقب اجتماع لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، برئاسة العاهل الملك سلمان بن عبد العزيز- تضمن قراراً اتخذته دول مجلس التعاون باعتبار "مليشيات حزب الله بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية".. ورأى مجلس الوزراء السعودي أن "القرار جاء نظرا لاستمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها أفراد تلك المليشيات، وما تشكله من انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها، زيادة على ممارساتها في عدد من الدول العربية التي تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديدا للأمن القومي العربي"، وفقا لما جاء في البيان. وهذا القرار جاء نتيجة قلق الدول الستّ الأعضاء في المجلس من مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، كما ان هذه الخطوة تندرج أيضاً في إطار التوترات الأوسع بين السعودية وإيران.
وبعدها، أكد مجلس الوزراء السعودي قرار دول مجلس التعاون الخليجي تصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، ورحب بإدانة وزراء الداخلية العرب أعمال الحزب التي تستهدف الاستقرار في عدد من الدول العربية.
وفي ايار/ 2017، صنفت العربية السعودية هاشم صفي الدين – قيادي بارز في حزب الله آنذاك - على انه من حزب الله على خلفية مسؤوليته عن عمليات لصالح ما يسمى حزب الله اللبناني الإرهابي في أنحاء الشرق الأوسط وتقديمه استشارات حول تنفيذ عمليات إرهابية ودعمه لنظام الأسد.
هذه المتابعة توضح نظرة العربية السعودية الى حزب الله اللبناني. ولهذا لا يتوقع ان تلقى دعوة نعيم قاسم آذاناً صاغية في العربية السعودية، كما ان دولة مثل العربية السعودية، رحبت كثيرا بقرارات الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله وتعزيز قوة الدولة وادانت غير مرة الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وتواقة لإعادة تفعيل العلاقات مع الدولة اللبنانية، لن توافق على دعوة امين عام حزب الله نعيم قاسم للحوار. كما ان موقف القيادة السعودية وتحركاتها الاقليمية والدولية داعم لوحدة وامن لبنان وسيادته وازدهاره، كما ان علاقاتها مع الدولة اللبنانية والاحزاب اللبنانية تجري بعيدا عن حزب الله الذي تختلف معه ايديولوجيا وفكريا وسياسيا.
اضافةتعليق