يلزم البلدان النفطية، وخصوصا العراق، الاستعداد جيدا لهبوط جديد في الايرادات النفطية، وعدم التعويل على تعافي مستدام للأسعار نظرا لان معدلات اسعار النفط أكثر حساسية لآفاق النمو والتعافي الاقتصادي العالمي مقارنة مع قيود الانتاج المحددة من قبل مجموعة (اوبك +)
في يوليو/ تموز الجاري تنتهي المرحلة الأولى من اتفاق خفض الإنتاج الذي بدأ تنفيذه مطلع مايو/أيار الماضي، بخفض إجمالي مقداره (9.7 مليون برميل يوميا). وتبدأ المرحلة الثانية مطلع أغسطس/آب المقبل بتقليص حجم الخفض إلى (8 مليون برميل يوميا) ويستمر حتى نهاية العام 2020، وتتضمن المرحلة الثالثة خفض إجمالي مقداره (6 مليون برميل) مطلع العام 2021 حتى أبريل/نيسان من العام نفسه. وقد تراجعت أسعار النفط قليلا (43.46 دولار للبرميل) بعد اتفاق منظمة أوبك وحلفاؤها، بقيادة روسيا، على تقليص قيود قياسية على الإمدادات اعتبارا من أغسطس آب القادم. ورغم التوقعات بهبوط اسعار نفط برنت الى دون (40 دولار للبرميل) نتيجة الاتفاق، الا ان آمال التعافي السريع في الطلب في الولايات المتحدة، بعد سحب كبير لمخزونات الخام فيها، حد من تراجع الاسعار. فقد تلقت الأسعار دعما من بيانات أميركية أظهرت تراجعا بمقدار (8.3 مليون برميل) في الأسبوع الماضي (10 يوليو/تموز) إلى (531 مليون برميل)
الاتفاق الجديد
اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+، يوم الأربعاء الماضي (15 يوليو/تموز) على تقليص خفض إنتاج النفط اعتبارا من أغسطس آب مع تعافي الاقتصاد العالمي ببطء من تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد. وبعد ان خفضت (أوبك+) الإنتاج بمقدار (9.7) مليون برميل يوميا منذ مايو أيار الماضي، أي ما يعادل (10%) من الإمدادات العالمية، تقرر تقليص التخفيضات رسميا إلى (7.7) مليون برميل يوميا حتى ديسمبر كانون الأول. فيما يشير وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الى ان تخفيضات الإنتاج في أغسطس آب وسبتمبر أيلول القادم ستتراوح ما بين (8.1 -8.3 مليون برميل يوميا)، نظرا لعدم التزام عدد من الدول في المجموعة بقيود الانتاج خلال الشهور الماضية وستعوض ذلك عبر تخفيضات إضافية في أغسطس آب وسبتمبر أيلول القادم. ويرى المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إن التوازن يعود ببطء إلى أسواق النفط العالمية بعد الصدمات التي شهدتها أثناء الإغلاقات التي فرضتها الحكومات حول العالم لاحتواء فيروس كورونا. ويتوقع بيرول أن تبلغ أسعار النفط نحو (40 دولارا للبرميل) في الأشهر المقبلة.
الموجة الثانية وفائض مخزونات النفط
أظهرت دراسة خاصة بمنظمة أوبك، نشرت مضمونها وكالة رويترز، أن المنظمة تخشى أن تخفق التخفيضات القياسية المعتمدة في إعادة التوازن إلى اسواق النفط والتخلص من فيض المعروض النفطي إذا ما قوضت موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا التعافي الاقتصادي خلال هذا العام. ورغم ان مجموعة (أوبك+) قد قلصت القيود القياسية على إمدادات النفط اعتبارا من أغسطس آب القادم في اجتماع الاربعاء الماضي نتيجة التعافي التدريجي الذي شهده الطلب العالمي بالتزامن مع تخفيف إجراءات العزل العام حول العالم، والتوقعات بارتفاع الطلب على النفط بمقدار (7 برميل يوميا) في عام 2021 بعد تراجعه بمقدار (9 ملايين برميل يوميا) هذا العام. الا ان الدراسة تجد أن الأرقام المستهدفة قد تكون في خطر إذا ما أجبرت موجة ثانية من الوباء الحكومات حول العالم على فرض إجراءات العزل العام من جديد وما يخلفه ذلك من خفض اجمالي الطلب بمقدار (11 مليون برميل يوميا) في العام 2020، وبالتالي زيادة المخزونات العالمية من النفط، والتي تعتبرها المنظمة مؤشرا أساسيا لمراقبة مدى فاعلية إجراءات خفض الإنتاج.
وتشير دراسة منظمة اوبك المعدة لاجتماع لجنة تابعة (لأوبك+)” يجب أن نلفت النظر إلى أن هذا السيناريو ستصل فيه الزيادة في المخزون الكلي لمستوى غير مسبوق عند (1.218 مليار برميل) في 2020“. ومثل هذا الرقم يعني تخزين ما يعادل أكثر من (12 يوما) من إنتاج النفط العالمي بسبب ضعف الطلب العالمي.
وفي إطار تصور” الموجة الثانية“ من تفشي كورونا، لن تتراجع المخزونات العالمية في الربع الثالث وستنخفض بمقدار متواضع في الربع الرابع، لتظل مرتفعة عن متوسط خمس سنوات في الدول الصناعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو (149 مليون برميل). وتسعى أوبك لإبقاء المخزونات عند أو أقل من متوسط الخمس سنوات. وتصورها الأساسي الحالي يتوقع أن تصل مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أقل من متوسط خمس سنوات بنحو (104 مليون برميل) نهاية العام 2020 بعد عمليات سحب من المخزون جرت في وقت لاحق من العام 2020.
وهكذا تعود اسعار النفط من جديد تحت ضغوط فيروس كورونا واحتمالات دخول الموجة الثانية لتفشي الوباء خلال الربع الرابع من العام الجاري، مما يلزم البلدان النفطية، وخصوصا العراق، الاستعداد جيدا لهبوط جديد في الايرادات النفطية، وعدم التعويل على تعافي مستدام للأسعار نظرا لان معدلات اسعار النفط أكثر حساسية لآفاق النمو والتعافي الاقتصادي العالمي مقارنة مع قيود الانتاج المحددة من قبل مجموعة (اوبك +).
اضافةتعليق