صحوة الشيعة في الشرق الأوسط... هل يقود إلى إعلان الدولة الكبرى؟

لا بدّ لنا، إذا أردنا فهم ما يدور اليوم من أحاديث حول الصحوة الشيعية في الشرق الأوسط, والدور المتنامي للشيعة في المنطقة ، والدور المتزايد للأحزاب الشيعية في الحياة السياسية في دول الشرق الأوسط وقدرتها على إدارة عمل المؤسّسات داخل الدولة، وعلى فرض رؤيتها، إن لم يكن بالقوة، بل بقدرته على التأثير وإسماع الصوت بقوة، في محاولة منه لتغيير آليات اللعبة السياسية من خلال زيادة حصّة الشيعة في الحكم، وتمكينهم من المشاركة بفاعلية أكبر، في إدارة الدولة، لا يمكننا فهم رغبة الشيعة في إقامة الدولة الكبرى لهم اليوم، دون فهم تنامي قوّة الشيعة في المنطقة ككلّ، ابتداءً من إيران, هذا التنامي الذي بدأ مع الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني عام 1979، التي كان لها دور مؤثر على شيعة المنطقة, وقد زاد تأثير الثورة وأصبح لها دفعاً إضافياً بعد سقوط النظامين المعاديين لإيران، أوهما نظام طالبان المتشدّد في أفغانستان، ونظام البعث العلماني شكلاً في العراق, وصعود الشيعة في اليمن, ولبنان وسوريا, والانتفاضة الشيعية في البحرين، هذا ما سمح باستكمال مشروع تمدّد النفوذ الشيعي في منقطة الشرق الأوسط، وفي المنطقة العربية على وجه التحديد، مع تمكّن إيران من تشكيل أذرع نفوذ عسكرية (أو سياسية) قوية بدءاً من العراق مروراً ببلدان الخليج كالبحرين والسعودية ، وانتهاءً بلبنان "حزب الله"، وفلسطين "حماس". مع الإشارة إلى أنّ طموح الدولة الشيعية الكبرى لم يبدأ مع الثورة الإيرانية، بل يعود إلى أيّام سبقت ذلك التاريخ بكثير، منذ ذلك الحين، وهو المشروع الذي ينادي به الكثير من السياسيين الشيعة اليوم، لا بدّ في هذا الإطار، من العودة إلى كتاب يرصد إرهاصات هذا التحوّل المهمّ والمتمثّل بتنامي دور الشيعة في المنطقة، رصداً دقيقاً ومحكماً، وهو كتاب ولي نصر المعنون "صحوة الشيعة", يرى المؤلّف أنّ الولايات المتحدة تخطئ إذا لم تأخذ بعين الاعتبار واقع المنطقة الجديد، ألا وهو تنامي نفوذ الشيعة، وإزاحتهم النظام الذي كان سائداً طيلة عقود، والذي يقوم على هيمنة أنظمة سنيّة مستبدّة قامت بممارسة القمع والتمييز الديني (وأحياناً العنصري)، ضدّ أقلياتها الشيعيّة، تلك الأقليات التي أصبحت اليوم في عدد من الدول العربية (كالعراق ولبنان والبحرين) أكثرية تطالب بحقّها في مزيد من المشاركة السياسية. وهناك عدة اسباب يمكن اعتبارها اليوم فاتحة الامل لقيام الدولة الشيعية الكبرى، وهذه الاسباب هي: 1- قيام الثورة الإسلامية في إيران وإعلان الجمهورية الإسلامية , على أساس الشورى في الحكم وولاية الفقيه, واعتماد الدين الإسلامي دينا رسميا للدولة على المذهب الشيعي الاثني عشري, وهي أول دولة إسلامية شيعية في المنطقة, في العصر الحديث – قبلها كانت الدولة الفاطمية قامت على أساس المذهب الاسماعيلي في مصر- قيام هذه الجمهورية الإسلامية وما تلاها من أحداث, ووقوف العالم العربي والغربي ضدها, وصمودها بوجه محاولات إسقاطها بصورة مباشرة من خلال الحرب مع العراق لثمان سنوات, أو بصورة غير مباشرة من خلال الحصار الاقتصادي والسياسي, بحجج واهية, لقد أدى صمودها وتطورها العلمي من خلال إنشاء الصناعات المتطورة وإتباع التكنولوجيا الحديثة ومنها النووية, والنهوض الاقتصادي, ودعمها لحركات التحرر العربية والإسلامية, إن تكون نموذجا يحتذي به من باقي دول المنطقة وخاصة الدول التي تضم أقليات شيعية مثل العراق والبحرين والسعودية ولبنان وغيرها, وأصبحت شعوب هذه الدول من الشيعة تنظر إلى إيران باعتبارها الدولة الشيعية التي استطاعت إن تبني مجدها من خلال الاعتماد على نفسها ومواردها بعيدا عن الهيمنة الغربية, كذلك إن دعمها للحركات المقاومة في المنطقة مثل حماس وحزب الله, وحتى دعم دول بأكملها مثل دعم العراق ضد داعش والمجموعات المسلحة, جعل منها دولة جذب ومركز استقطاب لشيعة العالم, والتي ستكون نواة للدولة الشيعية الكبرى في المنطقة. 2- إنّ الشرق الأوسط هو اليوم أكثر عرضة للاضطراب والتطرّف من أي وقت مضى منذ أن أطاحت الثورة الإيرانية الإسلامية حليفاً للولايات المتحدة عن عرش إيران، وحملت علماء دين شيعة إلى سدّة السلطة هناك, لقد زعزعت الدعوة الأميركية إلى نشر الديمقراطية في المنطقة حلفاءها في الوقت الذي عجزت فيه عن استرضاء أعدائها, إن الشيعة يتعرضون للإبادة الجماعية والإقصاء والتهميش والحرمان والتمييز في اغلب الدول التي يتواجدون فيها, ففي العراق وباكستان وأفغانستان تحصد العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة أرواح المئات من القتلى والجرحى بين فترة وأخرى, وفي البحرين والسعودية يمارس ضدهم اقسي أنواع التمييز والتهميش والحرمان من حقوق المواطنة, وبهذا فان الشيعة في الشرق الأوسط أدركوا مدى الخطر المحدق بهم في المنطقة بسبب التوجهات المتطرفة لبعض والأحزاب والمجموعات المسلحة الإسلامية السنية " والوهابية, والسلفية مثل " القاعدة والنصرة وداع", وقيام هؤلاء بأعمال قتل وتنكيل ضد الشيعة في العراق وسوريا ولبنان, إذ إن أكثر من 95% من العمليات الإرهابية التي تحدث في العراق منذ سنة 2003 ولحد الآن هي عمليات إبادة جماعية ضد الشيعة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى, ووصل الأمر إلى حد التعاون بين الإرهابيين وإسرائيل ضد العرب الشيعة كما حصل في سوريا ولبنان, ووقوف بعض الدول العربية والإقليمية وخاصة الخليجية مثل السعودية وقطر وتركيا ودعمها المجموعات المسلحة في المنطقة, لقيامهم بأعمال تدمير منظم في سوريا والعراق ولبنان, ووصل الأمر إلى وقوف هذه الدول ضد المقاومة الإسلامية في لبنان وغزة ضد إسرائيل, كذلك قيام حركة طالبان بأعمال قتل طائفية ضد الشيعة في أفغانستان, خلال سيطرتهم على الحكم من عام 1996-2001, وبعدها, كذلك عمليات الانتحارية والقتل الذي يطال الشيعة في باكستان على يد المجموعات المتشددة, وأخر هذه الأعمال وليس آخرها العدوان السعودي الأمريكي, المتعاون مع القاعدة ضد اليمن, بدعوى إعادة الشرعية, وقيام هذا التحالف بأعمال قصف ضد المدنيين وخاصة في مناطق الحوثيين الشيعة في شمال اليمن, كل هذه الأعمال دفعت الشيعة في المنطقة إلى التعاون والتكاتف لصد هذه الهجمة ضدهم, ومن ثم ظهور العديد من الدعوات لإقامة الدولة الشيعية الكبرى, والتي تمتد من العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان وباكستان , وتكون كل تلك البلدان تابعة للدولة الشيعية الكبرى , ليتكون بذلك الحزام الشيعي الذي يمتد من باكستان وأفغانستان مرورا بإيران والعراق وسوريا ولبنان, فيكون في النهاية حلفا شيعيا بامتياز يتشارك في الوحدة والدين والهدف , ويغلق كل المنافذ والطرق التي يحاول منها الإرهاب الوصول للمنطقة, كذلك الانطلاق للمساعدة وتكوين الدول الشيعية الأفريقية, في الدول التي توجد فيها أقليات شيعية في السودان وجيبوتي وجزر القمر ونيجيريا, وفي دول أخرى تقع في القرن الأفريقي وضمها في نهاية المطاف للدولة الشيعية الكبرى. 3- الحرب على العراق التي حملت إلى السلطة ائتلافاً شيعياً وأوجدت تمرّداً سنيّاً طائفيا لا يفتأ يلهب جذوة التطرّف الديني المتشدد هناك وعلى امتداد رقعة المنطقة, وإنّه على امتداد ربع قرن، ما بين الثورة الإيرانية عام 1979 و11 أيلول 2001، كثيراً ما كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الشرق الأوسط من خلال عيون النخب السنيّة المتسلّطة في إسلام أباد وعمّان والقاهرة والرياض، التي تمثّل الحلفاء المحليّين الرئيسيين لأميركا, وحتى في الدراسات الأكاديمية الغربية عن الإسلام، لم يكن الشيعة يحظون سوى بإشارات عابرة وسطحيّة. لكن مع استمرار التحوّلات الطارئة على الشرق الأوسط وتعرّض الهيمنة السنّية لتحدّيات شتّى، كان لا بدّ للمنظور الأميركي للمنطقة من أن يتغيّر هو الآخر, لقد رسمت الحرب على العراق ، حدّاً فاصلاً ما بين شرق أوسط قديم وآخر جديد, لقد كان الشرق الأوسط القديم يعيش تحت هيمنة مكوّنه العربي، ويتوجّه بأبصاره نحو القاهرة وبغداد ودمشق (وهي الحواضر الغابرة للخلفاء السنّة) باعتبارها مدن السلطة "السنيّة" فيه, كما أن مشاكل المنطقة ومطامحها وهويتها وصورتها عن نفسها كانت في المقام الأول، مشاكل العرب ومطامحهم وهويتهم وصورتهم, كما أنّ القيم السياسية التي كانت غالبة في الشرق الأوسط القديم، كانت عصارة عقود وعقود من القوميّة العربية, إنّ هذا الشرق الأوسط القديم، الذي كان في جوهره موئلاً للمؤسّسة السنيّة الحاكمة، وفي متناولها ورهن مشيئتها، هو اليوم آخذ في الزوال، وسط حالة من الاضطراب الشديد, أمّا الشرق الأوسط الجديد، الذي يولد حالياً ولادة متشنّجة، فإن ثمة هوية جديدة تحدّده وعلى قدم المساواة, إنها هوية الشيعة بروابطهم الثقافية وعلاقاتهم الدينيّة وتحالفاتهم السياسية وصلاتهم التجارية العابر للفوارق ما بين العرب وغير العرب وبالتحديد الإيرانيين, وقد كان الوزراء المعيّنون في الحكومة العراقية الناشئة ما بعد الحرب، من أوائل القادة الشيعة الذين تقيم معهم الولايات المتحدة اتصالاً مباشراً منذ قيام الثورة الإيرانية. وحين تحدّث القادة الأميركيّين في ظلّ إدارة بوش الابن عن الرغبة في تغيير المنطقة نحو الأفضل بعيد الحرب على العراق، إنما كانوا يتحدّثون عن إرادة نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط القديم ذي الهيمنة السنيّة, وهو ما يعني على أرض الواقع، السماح للشيعة بالوصول إلى مراكز القيادة في بعض البلدان العربية، حيث أصبحوا يشكّلون فيها الأكثرية العدديّة الفعلية، في مواجهة المدّ السنّي المتطرّف، ولكسر شوكة الأنظمة السنيّة القوميّة العربيّة ومنعها من الوصول مجدّداً إلى السلطة, إنّ هذا الشرق الأوسط الجديد الآخذ بالبزوغ اليوم، لن تحدّد معالمه، الهويّة العربيّة أو أي شكل من أشكال الحكم القومي البائد, بل إنّ طابع المنطقة سيتقرّر في النهاية، داخل بوتقة "الصحوة الشيعية", والهادفة إلى الوحدة الكبرى بين الشيعة. 4- الموارد الهائلة من النفط والغاز في مناطق الشيعة في الشرق الأوسط، فالمنطقة الشرقية للسعودية تحوي على اكبر مخزون للنفط بالعالم، كذلك منطقة الوسط والجنوب في العراق، والكويت, والإمارات, وأذربيجان, وأفغانستان, إضافة إلى إيران, إذ إن اتحاد هذه الدول مع بعضها وإنشاء الدولة الشيعية الكبرى, تصبح هذه الدولة من أغنى مناطق العالم, وذات تطور صناعي كبير, ومحط أنضار العالم, لان هم العالم اليوم البحث عن الموارد, وتوفر الموارد ببيئة أمنة سيجعل من هذه الدولة ذات أهمية كبرى عالميا. 5- انطلاق الثورة في البحرين ضد نظام آل خليفة ما هي الا بوادر لما يسمى البحرين الكبرى, فالبحرين حاضرة شيعية متميزة، نبغ فيها علماء ومجاهدون عظماء حملوا مشعل الهداية الشيعية ووقفوا بوجه الطغاة الذين حاولوا قلبهم إلى الإسلام المزيّف ومازالوا على صمودهم إلى اليوم، ولا شك أن إعادة مجد البحرين الكبرى، ذات الحكم الشيعي الممتد ليشمل البحرين الحالية وساحل الخليج بدءا من الكويت شمالا وحتى عمان جنوبا هو سيضيف وزنا عظيما للخريطة الشيعية العالمية، وعلى الرغم من الصعوبات في ظل ظلم السلطات الحالية لكنه ليس مستحيلا في المستقبل، وفي حالة قيام دولة البحرين الكبرى سوف يؤدي إلى ربط ما بين هذه الأوصال الشيعية المقطعة. 6- إقامة الدولة الشيعية الكبرى سوف ينهي الصراع الطائفي في الشرق الأوسط, وتعيش كل طائفة بدولة كبرى ترعى مصالحها, وتحميها من الإخطار, وبهذا سوف تكون هناك علاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل والأعراف الدبلوماسية, ولن تكون هناك فوضى وأحقاد بين الطوائف, إذ تعترف كل طائفة للأخرى بحدودها الدولية, ومصالحها الخاصة, كذلك إن إنشاء دولة خاصة بالشيعة سوف يجعل منهم امة قوية تستطيع الوقوف بوجه كل من يحاول الاعتداء عليها من الإرهابيين, أو من الدول الأخرى, ولن تكون هناك اعتراضات على تدخل دولة ما ضد دولة أخرى, كما هو حاصل اليوم من انتقاد تدخل إيران لحماية الشيعة في دول المنطقة من الإبادة على يد التنظيمات الإرهابية المدعومة من بعض دول المنطقة. وعلى أية حال فإن المطلوب كخطوط عريضة لاستراتيجية التحرك وتحقيق الدولة الشيعية الكبرى يتمحور حول عدة محاور رئيسية هي: 1- المحور التربوي، وبه يتم إعداد الجيل الجديد عقائديا وفكريا بما هو مطلوب، وتخليصه من عُقَد الأجيال السابقة مثل المهادنة والانهزامية والخوف وما إلى ذلك. 2- توسيع العلاقات، وبه يتم حشد التأييد الدولي لقضيتنا العادلة وحقنا في تأسيس الدولة الإسلامية الشيعية الواحدة على كامل الأراضي التي نقطنها كأكثرية. 3- الإعلامي، وبه يتم تنوير مختلف العقول بالحقائق المفضية إلى تحقيق الهدف، على أن تكون الوسائل الإعلامية متعددة شكلا ومضمونا ولغةً وأسلوبا. 4- رفع سقف المطالبات للمعارضة الشيعية في بعض الدول مثل البحرين والسعودية إلى أقصى حد يفرض معادلة جديدة تفضي بتحريم الحوار، والاستمرار بالعصيان المدني، وتوسيع دائرة الثورة لتشمل الشيعة في الخليج كله -ولو بعد زمن -إما إلى تحقيقه أو ما هو دونه. وفي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من طلب شيئاً ناله أو بعضه, وعنه عليه السلام: "من بذل جهد طاقته بلغ كنه إرادته", والتوحد جميعاً على هذا الهدف من خلال اللجوء إلى إجراء استفتاء أممي لتقرير المصير, وأثبتنا عدم تراجعنا عن ذلك وجعلناه زخماً عالمياً؛ ستضطر القوى العالمية للتفاوض معنا لأنه لن يكون للخليج استقرار إلا بإرضاء هذه الأكثرية التي تطلب حكماً مستقلاً، حينئذ ينبغي أن نتفنن بالتفاوض إلى أن نُشعر تلك القوى بالاطمئنان لنا، وأن مصلحتها معنا أولى من مصلحتها مع غيرنا, تعلموا من آل سعود! كيف أقنعوا البريطانيين بالتخلي عن مصالحهم مع الشريف حسين بن علي شريف مكة فأرضوا أبناءه بالأردن والعراق وأعطوا الجزيرة كلها لآل سعود! 5- انه من المهم جدا ان يتصرف قادة الشيعة السياسيين والدينيين والمثقفين بكل حكمة وتعقل بما يعود بالنفع على اتباعهم وذلك بالاستفادة من كل الظروف والامكانيات المتاحة لتحقيق هذا الهدف النبيل، وعدم الدخول في حروب لا تجلب لهم ولأتباعهم سوى المزيد من المتاعب والمشاكل والحرمان، والتي عانينا منها الكثير والكثير، فبدلاً من ذلك نرى من الحكمة إقامة علاقات متوازنة مع الدول الكبرى وغيرها من الدول، والاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي التي لديها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استغلال النفوذ الكبير التي تتمتع به هذه الدول عالميا. على الرغم مما تقدم من إمكانية إقامة حلم الدولة الشيعية الكبرى، الا ان هناك عدد من المعوقات منها ما هو دولي ومنها ما هو إقليمي ومحلي: 1- المعوقات الدولية أهمها المعوق الأمريكي الساعي إلى تقسيم المنطقة على أساس طائفي وديني وقومي, وتحقيق حلم الشرق الأوسط الجديد, وبهذا فان حلم الدولة الشيعية الكبرى يتناقض وأهداف هذا المخطط, إذ إن الولايات المتحدة تطمح لإقامة الدولة الشيعية العربية وتضم أجزاء من إيران " الاحواز" وجنوب العراق والساحل الغربي للخليج حتى عمان, دولة ضعيفة ومسيطر عليها, فأمريكا تعتقد أنها بهذا العمل تحقق حلم الشيعة بدولة من جهة, وتحقق المصالح الأمريكية في الاستحواذ على مصادر الطاقة العالمية – النفط والغاز- على اعتبار المنطقة تحوي اكبر مخزون للطاقة العالمية من جهة أخرى, بل قد تمتد المعارضة لهذه الدولة لتشمل حتى روسيا والدول الاوربية, على اعتبار وجود دولة بهذا الحجم والامكانيات والموقع العالمي المهم, يهدد مصالحها ايضا. 2- قد تقود إلى حرب إقليمية بين الدول التي تضم في ثناياها أقليات شيعية, مثل السعودية والكويت والإمارات والبحرين وأفغانستان وباكستان وتركيا, إذ إن الدولة الوحيدة القادرة على إدارة المشروع بأكمله حاليا هي العراق وإيران, لذلك فان الدعوة له في الوقت الحاضر يلاقي بالطبع معارضة قوية جدا من قبل دول الخليج العربية, وحتى بعض الدول الإقليمية المشمولة به مثل باكستان وتركيا التي تعده موجها ضدها, وضد وحدتها وسيادتها, كذلك إن العراق يواجه ألان حربا شرسة ضد الإرهاب الذي يهدد أراضيه, كما إن إيران تقاتل على أكثر من جبهة للدفاع عن مصالحها في المنطقة, وهي تحت حصار دولي وتهديدات أمريكية مستمرة ضدها بسبب برنامجها النووي, وقد تكون غير مستعدة حاليا للقيام بهذا المشروع, حتى تستكمل كل وسائل القوة اللازمة له, حتى إن اغلب الإيرانيين قد يكون غير مستعد أصلا لهذه الفكرة, وذلك خشية من إن تكون عمال تهديد لهم بدلا من تحقيق طموحاتهم الإقليمية, اغلب الإيرانيين يخشون من إن يكون التغيير الديموغرافي في الدولة القادمة لصالح العرب وبعض الأقليات الأخرى, باعتبارهم سيصبحون أكثر القوميات عددا في الدولة الشيعية القادمة, ويصبح الفرس أقلية فيها, لذلك فأنهم لابد إن يطمئنوا من إن هذه الدولة لن تكون مصدر تهديد لهم, بل مصدر فائدة وقوة حتى يسيروا في هذا الاتجاه. 3- كذلك إن بعض الأقليات الشيعية في المنطقة , وان كانت راغبة في إقامة الدولة الشيعية الكبرى, الا أنها غير متفقة على حدود هذه الدولة والوسائل التي تحققها, فبعضهم ينادي بإقامة دولة البحرين الكبرى التي تضم البحرين وشرق السعودية وأجزاء من الإمارات والكويت, والبعض الأخر ينادي بالدولة العربية الشيعية من الاحواز إلى العراق وحتى البحرين والساحل الغربي للخليج العربي, بل إن بعض الاحوازيين وخاصة حركة تحرير الاحواز يطالبون بإقامة دولة مستقلة خاصة بهم, والبعض الأخر يطالب بإقامة الدولة الشيعية الكبرى من أذربيجان في الشمال إلى أفغانستان وباكستان في الشرق إلى عمان في الجنوب والعراق ولبنان في الغرب, بل إن بعض الشيعة يطالب بحقوق سياسية واجتماعية فقط كنف الدولة إلام دون المساس بها, لذلك اختلاف الرؤى قد يؤخر قيام هذه الدولة, لحين تبلور رؤية واضحة وإرادة شعبية موحدة وتوفر وسائل تحقيق هذه الدولة. إن الشيعة في المنطقة الآن متحمسون لذلك المشروع أكثر من أي وقت مضى, وهم يعيشون فترة نشوة وانتصار, خاصة بعد سقوط نظام البعث في العراق وطالبان في أفغانستان, وتخبط السياسة الخليجية, وصمود المقاومة في لبنان واليمن, ومقاومة سوريا وصمودها بوجه الهجمة الوحشية من الغرب وتركيا والدول الخليجية, كما يرون بأنه قد حان الوقت للتجمع بين جميع الدول العربية وغير العربية الشيعية, لأنه لا يوجد مرحلة على مر العصور الا سلاميه أنسب من المرحلة الحالية لإتمام ذلك المشروع , وأنه إن لم يحدث ذلك اليوم فانه لن يحدث فيما بعد , فالشيعة ألان في كامل قوتهم وجهوزيتهم , وقد أصبحت لديهم قناعة تامة بأن المشروع الشيعي الكبير مستمر في توسعه وهو يسير من نجاح إلى نجاح, وما انتشار التشيع في سائر البلاد العربية وغير العربية والتي لم يعرف بعضا منها الإسلام من قبل, وازدياد عدد الشيعة في العالم عن السابق الا مقياسا لذلك النجاح . المصادر 1- ولي نصر، صحوة الشيعة، الصراعات داخل الإسلام وكيف سترسم مستقبل الشرق الأوسط، ترجمة سامي الكعكي، ط1 , ( بيروت : دار الكتاب العربي ) , 2007 , صفحات متعددة. 2- فنسان الغريّب، "صحوة الشيعة" والصراع على الشرق الأوسط، مقال منشور في صحيفة الأخبار، العدد ٤٠٧ الثلاثاء ١٨ كانون الأول ٢٠٠٧، على موقع، www.al-akhbar.com/node/128511 3- شاكر حسن, ما هي مصلحة الشيعة في معاداة الدول الكبرى؟, مقال منشور على موقع, , www.qanon302.net/articles/2014/08/27/30003 4- ولي الله شاهين، الشيعة. ونفوذهم المتزايد في أفغانستان، مقال منشور على موقع، www.altanweer.net 5- نحلم بالبحرين الكبرى ونريد أن تنيروا درب ثورتنا، تقرير منشور على موقع الانترنيت، www.alqatrah.net/question/index.php/id=1688http
التعليقات