لمواجهة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالطلب العالمي على النفط بسبب أزمة كوفيد-19، اتفقت دول تحالف (أوبك+) العام الماضي على خفض الإنتاج قرابة (10) مليون برميل يوميا اعتبارا من شهر أيار 2020، على أن تنتهي تلك القيود على مراحل حتى نهاية نيسان 2022. وقد تم تقليص الخفض في الانتاج تدريجيا بعد تعافي اسعار النفط مطلع العام الجاري ليصل حاليا الى قرابة (5.8) مليون برميل يوميا. ومؤخرا، اقترحت موسكو والرياض تمديد فترة التخفيضات حتى نهاية العام 2022 لتجنب تخمة جديدة في المعروض النفطي نتيجة هشاشة الطلب وتصاعد الاصابات بفيروس كورونا في العديد من بلدان العالم بسبب المتحور دلتا. مع ذلك، شهد تحالف (اوبك+) خلافات كبيرة خلال الاجتماع الدوري لأعضاء التحالف في مطلع شهر تموز الجاري بعد أن أوقفت الإمارات خطة تخفيف تخفيضات الانتاج وتمديدها حتى نهاية 2022.
وقد عبرت وكالة الطاقة الدولية منتصف الشهر الجاري عن قلقها تجاه المحادثات المتعثرة بين كبار منتجي النفط بشأن ضخ المزيد من الإمدادات الى السوق، خشية تحول الخلافات إلى حرب أسعار، في الوقت الذي ارتفع فيه الطلب العالمي على النفط نتيجة انتشار اللقاحات المضادة لكوفيد-19. وهو ما ينذر بتقلبات حادة واحتمال ارتفاع أسعار الوقود وتغذية التضخم وإلحاق الضرر بالتعاف الاقتصادي الهش الذي يعيشه العالم نتيجة عدم اليقين وتفاوت التعاف الاقتصادي العالمي وارتفاع الإصابات بسلالة دلتا المتحورة .
موقف الامارات
تتعاون السعودية وروسيا وبقية أعضاء (أوبك+) على نحو وثيق منذ انهيار اسعار النفط في آذار 2020 بسبب تداعيات فيروس كورونا والاغلاق الكبير للاقتصاد العالمي. مع ذلك، اعترضت الإمارات، التي لديها أهداف طموحة لزيادة إنتاج النفط، على الاقتراح خطة إنهاء قيود الانتاج على مراحل حتى نهاية شهر نيسان 2022 خلال الاجتماع الاخير، مطالبة تحالف (أوبك+) تغيير خط الأساس للتخفيضات، وهو مستوى الإنتاج الأولي الذي يتم من خلاله حساب التخفيضات. ويعني رفع خط الأساس تقليص مقدار الخفض الفعلي للإمارات. ولا تعارض الإمارات مبدأ زيادة إنتاج المجموعة لكنها ترغب في أن يرتفع إنتاجها.
وترى الامارات إن خط الأساس الخاص بها، وهو مستوى الإنتاج الذي يتم من خلاله حساب التخفيضات، كان في الأصل متدنيا للغاية وهو أمر كانت مستعدة لغض البصر عنه إذا انتهى الاتفاق في نيسان. ووفقا لمصادر في (أوبك+) فإن الإمارات ترغب في أن يتحدد خط الأساس لإنتاجها عند (3.8) مليون برميل يوميا مقارنة مع المستوى الحالي عند (3.168) مليون برميل يوميا. وإذا تغير خط الأساس، فإن ذلك يعني إضافة المزيد من النفط إلى السوق عن المخطط أو سيتعين على بقية المنتجين قبول زيادة أقل. ولدى الإمارات خطط طموحة لزيادة الإنتاج، فقد استثمرت مليارات الدولارات لتعزيز الطاقة الإنتاجية، غير ان اتفاق تقييد الإمدادات الحالي يعطل قرابة (30%) طاقتها الإنتاجية بحسب مصادر مختصة. وترى الإمارات إنها ليست الوحيدة التي تطلب خط أساس أعلى، فقد عدلت دول أخرى مثل أذربيجان والكويت وقازاخستان ونيجيريا المستوى الذي تنفذ عنده التخفيضات منذ بدء اتفاق تقييد الانتاج في العام الماضي.
نتائج المفاوضات
يوم الاحد الماضي، 18 تموز، بعد مفاوضات صعبة قررت مجموعة (أوبك+) زيادة حصص إنتاج أعضائها من النفط الى (400) الف برميل يوميا، على أساس شهري، بدءًا من تشرين الاول 2021 لحين التخلص التدريجي من التعديل على الإنتاج وتصفية كامل كمية (5.8) مليون برميل المخفضة في ايلول 2022، على أن تعمل المجموعة على تقييم تطورات الاسواق وأداء الدول المشاركة في كانون الاول 2021.
وقد توصلت دول تحالف (أوبك+) إلى اتفاق جديد بشأن زيادة تقليص تخفيضات إنتاج النفط، بعد تسوية الخلاف بين السعودية والإمارات. ويقضي الاتفاق الذي أبرم خلال الاجتماع بتمديد القرارات الخاصة بشأن الحد من إنتاج النفط حتى أواخر العام 2022. ووافق التحالف ايضا على تعديل المستوى الأساسي للإنتاج النفطي لبعض الدول الأعضاء فيه ابتداءا من شهر ايار 2022، والمتضمن زيادة حصة الإمارات من (3.168) الى (3.5) مليون برميل يوميا. كما تشمل التعديلات زيادة حصة كل من روسيا والسعودية إلى (11.5) مليون برميل يوميا بدلا من (11) مليون حاليا، بالإضافة إلى زيادة إنتاج العراق والكويت بواقع (150) ألف برميل يوميا. ووفقا لتقييمات وكالة "رويترز"، فإن تعديل مستوى الأساس لإنتاج (أوبك+) النفطي سيضيف الى الاسواق قرابة (1.63) مليون برميل يوميا اعتبارا من ايار 2022.
علما بان روسيا تصر على ضخ المزيد من النفوط في الاسواق خوفا من تحفيز ارتفاع الأسعار نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي المنافس للنفوط التقليدية. في حين تتبنى السعودية أكبر منتج في أوبك نهجا أكثر حذرا وترى ضرورة ضخ براميل أقل بالنظر إلى حالة عدم اليقين المستمرة بشان مسار الجائحة، مع تسبب سلالات فيروس كورونا في اضعاف الطلب العالمي على النفط.