لم يخطر في ذهن الكثيرين ان يكون استحواذ الحكومة الكردية على وزارة المالية الاتحادية في حكومة عادل عبد المهدي عام 2018 مخطط لتحقيق مكاسب مالية غير عادلة على حساب القانون والمصلحة الوطنية. اتضح ذلك جليا في الاتفاق النفطي بين بغداد والاقليم عام 2018 والقاضي بتسليم ما لا يقل عن (250) ألف برميل يوميا من نفط الاقليم الى شركة (سومو) مقابل تعهد الحكومة الاتحادية بتامين حصة الاقليم في الموازنة الاتحادية لعام 2019. وقد ضُمن ذلك في نص المادة (10) من قانون الموازنة الاتحادية للعام 2019. لكن حكومة الاقليم فاجأت الجميع حين تنصلت عن الاتفاق المبرم وامتنعت عن تسليم برميل واحد للمركز طيلة العام الجاري، وهي مخالفة صريحة لنص القانون. والمفاجأة الثانية (والمثيرة للذهول) كانت استمرار الحكومة الاتحادية بصرف مستحقات الاقليم بالكامل رغم ذلك، وهي مخالفة للقانون ايضا.
تتركز المخالفات القائمة لنص المادة (10) من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 النافذ بمخالفة اقليم كوردستان لنص المادة (10/ ثانيا/أ) في قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 النافذ بعدم تسليم شركة سومو الحصة المتفق عليها والبالغة 250 ألف برميل يومياً. من جانب اخر خالف اقليم كوردستان نص المادة (10/ ثانيا/د) في قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019 النافذ والقاضية بإلزام الحكومة الاتحادية ومحافظات اقليم كوردستان عند حصول زيادة في الكميات النفطية المصدرة، والمذكورة في المادة (1-اولا-ب) من قانون الموازنة، بإيداع الايرادات المتحققة فعلا لحساب الخزينة العامة للدولة. والزيادة تحققت فعلا حين أعلن وزير النفط الاتحادي تجاوز انتاج نفط الاقليم 450 الف برميل يوميا عام 2019. اما السيد وزير المالية الاتحادي فقد خالف نص المادة (10/ ثانيا/ج) في قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019 النافذ باستقطاع مبلغ الضرر الناجم عن امتناع اقليم كوردستان من تسليم الكمية المتفق عليها (250 برميل يوميا)، من حصة الإقليم المقررة في موازنة العام 2019.
ان تخلف اقليم كوردستان عن تسليم النفط الى سومو بمقدار 250 ألف برميل يوميا كلف الموازنة الاتحادية قرابة 6 ترليون و600 مليار دينار منذ بداية العام وحتى شهر اب من العام الجاري بحسب احصاءات وزارة النفط.
في هذه الاثناء، أعلن وزير النفط العراقي عن مباحثات تجريها حكومة الاقليم مع بغداد مؤخرا لضمان حصة جديدة للإقليم في موازنة العام 2020. ونوه ثامر الغضبان ان المباحثات تركزت على نقطتين تناولت الاولى مبادئ تنظم العلاقة النفطية مع الاقليم فيما يخص تسليم نفط الاقليم (250 برميل يوميا) الى شركة سومو لأجل بيعه وتعزيز الرصيد المالي للموازنة الاتحادية، في حين تركز النقطة الثانية على الجانب المالي والمتضمن رواتب الموظفين والاستحقاقات المالية الاخرى.
وهنا نود الاشارة الى جملة من النقاط اهمها:
1- ضرورة استجابة القضاء العراقي للدعوى المقدمة من لدن عدد من النواب على وزير المالية ورئيس مجلس الوزراء بسبب مخالفتهما نص قانون الموازنة الاتحادية للعام 2019 وتعمد تطبيق المادة 10 بشكل جزئي الحق الضرر بالرصيد المالي المخطط.
2- استرجاع ما يقارب 10 ترليون دينار عراقي من اقليم كوردستان كتعويض عن قيمة النفط غير المسلم للحكومة الاتحادية خلال العام 2019، وهو دين في ذمة حكومة اقليم كوردستان ويمثل حق لكافة ابناء الشعب العراقي.
3- عدم انخراط حكومة تصريف الاعمال القائمة في أية اتفاقات نفطية جديدة مع حكومة الاقليم، وان كانت بتعهدات ومواثيق عريضة، نظرا لتنصل حكومة الاقليم عن اتفاقاتها مع المركز باستمرار.
4- إلزام حكومة اقليم كردستان بالانصياع لقرارات اوبك لاسيما وان حجم التصدير المخطط للعراق يبلغ 3 ملايين و880 ألف برميل يوميا، بضمنها ال (250) ألف برميل التي يجب ان تسلم من قبل الإقليم.