مؤتمر أهل السنة في الشيشان... قراءة تحليلية

عقد مؤتمر لعلماء الدين السنة في (غروزني) عاصمة جمهورية الشيشان الروسية، لمدة ثلاث أيام للفترة من 25-27 آب 2016، وحضر 200 عالم سني من مختلف الدول العربية والإسلامية، وسمي مؤتمر ( أهل السنة والجماعة) ، واعتبر المشاركون أن المؤتمر كان يهدف إلى التعريف بمن هم أهل السنة والجماعة ، وحصرهم شيخ الأزهر (احمد الطيب) الذي افتتح المؤتمر بـ( الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف)، وأكد المؤتمر على ضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم أهل السنة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه، كما حددوا المؤسسات الدينية السنية العريقة بأنها (الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية). وبعد انتهاء المؤتمر خرج بتوصيات عدة، وهي كما وردت نصيا في البيان الختامي: إنشاء قناة تلفزيونية على مستوى روسيا الاتحادية لتوصيل صورة الإعلام الصحيحة للمواطنين ومحاربة التطرف والإرهاب، زيادة الاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي، إن يتم إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف واقترح المتجمعون أن يحمل هذا المركز اسم "تبصير"، ضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العلمية العريقة كالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية، توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والحواضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل والتحذير من خطر اللعب على سياسة الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه، ويوصي المؤتمر الحكومات بتشريع قوانين تجرم نشر الكراهية والتحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات، كما أوصى المشاركون بأن ينعقد هذا المؤتمر الهام بشكل دوري لخدمة هذه الأهداف الجليلة. إن عقد المؤتمر لم يكن بالأمر الصعب ولا البعيد المنال، فقد أفرزت أحداث الشرق الأوسط الأخيرة وخاصة الأزمة في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وما خلفته من دمار وقتل وتشريد وسبي وجود مذاهب تدعي أنها إسلامية على طريق أهل السنة والجماعة قد ارتكبت هذه الأعمال، وأصبح الإرهاب لصيقا بها، بل شمل معظم أهل السنة والجماعة، لهذا ومن اجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لجا أهل السنة والجماعة إلى عقد المؤتمر لتوضيح الأمور والتعريف بأهل السنة والجماعة الحقيقيين، إلا إن عقد المؤتمر بهذا الوقت والمكان، كذلك اقتصاره على عدة مذاهب إسلامية فقط كممثلين لأهل السنة والجماعة سيكون له تداعيات كبيرة، أهمها على المذاهب التي أخرجت من السنة وأهمها الوهابية والسلفية التي تعد نفسها ممثل السنة، واهم التداعيات هي: 1- مؤتمر الشيشان خطوة كبيرة ومهمة لسحب المرجعية الدينية السنية من السعودية، خاصة وان مذهبها الوهابي هو دخيل على المذاهب السنية، فقد تأسس، وكما تقول بعض المصادر، على يد (محمد بن عبد الوهاب) في القرن التاسع عشر الميلادي، بدعم من الانكليز وعميلهم (همفر)، كذلك كثرة المشاكل السياسية والعسكرية التي تستهدف السعودية هذه الأيام ، في سورية واليمن والعراق وليبيا وإيران، ولكن إن تأتي آخرها، من الشيشان الروسية بالذات وهي تعد منبع الإرهابيين السلفيين الذين يقاتلون في كل بقاع العالم تحت مسمى الجهاد، وبالإضافة إلى عدم توجيه الدعوة لعلماء السعودية بالمشاركة في المؤتمر، باستثناء باحث شرعي سعودي غير معروف عربيا، يدعى حاتم العوني، إن تشكيك المؤتمر في قيادة السعودية للإسلام السني، واخرج مذهبها الوهابي الذي تعتنقه من معسكر أهل السنة والجماعة، هذا أمر خطير جدا في إبعاده ومعانيه وتوقيته. 2- استثنى المؤتمر المؤسسات العلمية والدينية السعودية من هذا التعاون، وحصر المؤسسات الدينية السنية العريقة بالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية، وعدم اعتبار مكة المكرمة والمدينة المنورة من الحواضر الإسلامية، وهي منع الإسلام والرسالة المحمدية، هي خطوة خطيرة على السعودية والعالم الإسلامي عامة، فهي من جهة قد تقوي المطالب الدولية بنقل إدارة الأماكن المقدسة من السعودية إلى هيئة إسلامية، إذ إن إيران هي من تطالب بهذا الأمر، بسبب تصرفات السلطات السعودية مع حجاج بيت الله الحرام، وكثرة الحوادث وأخرها حادثة منى 2015، والتي راح ضحيتها الآلاف من الحجاج، والتي أكد البعض أنها مفتعلة من قبل السعودية لأسباب سياسية ضد بعض الدول في المنطقة، كذلك عدم عد مكة والمدينة من الحواضر الإسلامية سوف يخرجها من قدسيتها الدينية وفد تصبح هدف مشروع في حالة اندلاع أي حرب في المنطقة، هنا تكمن خطورة هذا المؤتمر على قدسية الأماكن المقدسة في المنطقة. 3- زيادة عزلة السعودية في العالم الإسلامي، إن عدم توجيه دعوة لعلماء الدين في السعودية، أو من هم على الخط الوهابي السلفي في دول أخرى هو دليل على تراجع دور السعودية الإقليمي والدولي، بل تراجع تأثيرها الديني على المسلمين السنة في بقاع العالم، فقد كانت السعودية تنفق المليارات من الدولارات سنويا على نشر ما يسمى الفكر الوهابي، من خلال الجمعيات الخيرية التي أعدت لهذا الغرض، وبناء الجوامع والمراكز الدينية، ولكن بعد أحداث الشرق الأوسط وقبلها في أفغانستان، ظهر ما كان سرا من خفايا هذا الدور السعودي والمنهج التكفيري الذي يحمله، فقد ارتكب هذا الفكر المتطرف وباسم الدين المجازر بحق الأبرياء في كل بقاع العالم، لا لذنب اقترفوه، ولكن بسبب تكفيرهم من قبل أتباع المذهب الوهابي، ولم تنفع تبريرات السعودية ومحاولة إبعاد نفسها عنهم، لان اغلب الانتحاريين والممولين هم من أتباع هذا المذهب، لهذا أدرك العالم كله خطورته، وبدأت الدعوات لاجتثاثه وإنهاءه، وتجفيف منابعه التي تنبع من السعودية، لهذا جاءت الدعوة هذه المرة من عقر داره ومن اقرب الناس أليه، وعقد مؤتمر آهل السنة والجماعة لتعريف العالم بمن هم آهل السنة والجماعة، وإبعاد أنفسهم عن خط التكفير المتطرف، لهذا الاعتقاد ألان هو كيف تستطيع السعودية إخراج نفسها من هذه الورطة التي دقت أهم باب من أبوابها وهو شرعية مذهبها الديني؟. 4- بعد ان تم إخراج مذهب الوهابية من مذاهب أهل السنة والجماعة، وبعد كل عمليات القتل والدمار التي ارتكبها هذا الفكر المتطرف، فان تهمة الإرهاب أصبحت ثابتة على المذهب الوهابي السلفي ومن ثم سحب ذلك على السعودية التي تدين بهذا المذهب وتموله، إذ يأتي استثناء الوهابيين، بحسب البعض، لأنه بات واضحا في الفترة الأخيرة تكفيرهم للكثير من علماء الأمة، الأمر الذي أدى إلى كثرة وانتشار الجماعات التكفيرية، لهذا فان العالم سوف يتحرك عاجلا أم أجلا، متمثلا بالدول والمنظمات الدولية لإدانة السعودية وإجبارها عن الاعتراف بما اقترفته من دمار لدول العالم باسم التكفير، وعليها أيضا تعويض الضحايا والدمار الذي لحق بهذه الدول. 5- بعد هذا المؤتمر فان العلاقات المصرية السعودية مرشحة للدخول في نفق أزمة قد لا يكون هناك ضوء في نهايته، إن لم تكن قد دخلته فعلا، وهذا يعني إن على قيادة السعودية، وربما دول خليجية أخرى، إن تنسى ما قدمته من مساعدات مالية لمصر، وصلت إلى أكثر من 30 مليار دولار، فمصر دولة إقليمية مهمة، ولها مصالحها وحساباتها، وتعتبر الأزهر الشريف المرجعية السنية الأولى والاهم، كما إن قيادتها التي احترقت أصابعها وإقدامها في اليمن في حرب الستينات، لا يمكن إن تنجر إلى حرب ثانية انتصارا للحليف السعودي، واعترافا بفضل مساعداته، لهذا فان الهجوم السعودي على مصر بدا مبكرا، فقد هاجم علماء السعودية الوهابية مصر كدولة وكمرجعية سنية (الأزهر)، فقد قال محمد إل الشيخ على “التويتر، حيث قال (مشاركة الأزهر في مؤتمر غروزني الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنة يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر.. وطننا أهم ولتذهب مصر السيسي إلى الخراب.. كنا معه لان الاخونج والسفليين المتأخونين أعداء له ولنا.. أما وقد أدار لنا ظهر المجن في غروزني وقابلنا بالنكران فليواجه مصيره منفردا)، أما القرضاوي فأكد تضامنه مع الغضبة السعودية وركز كل هجومه على شيخ الأزهر (احمد الطيب)، وانتقد عدم تعرض المؤتمرين الذي نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة، إي كلمة اعتراض على روسيا في سورية، ووصف من شاركوا في المؤتمر بأنهم علماء السلطان وشيوخ العار)، إن مشاركة وفد كبير من علماء الأزهر في مصر، مثل شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب، ومفتى مصر الشيخ شوقي علام، ومستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي أسامة الأزهري، والمفتي السابق الدكتور علي جمعة، وهم يمثلون النخبة الشرعية الرسمية المصرية، هي رسالة على دوره الواسع لقيادة العالم السني باعتباره المرجعية الوحيدة للسنة، ورفضه أي منافسة من أي جهة كانت، كذلك أثبتت مشاركة مصر في المؤتمر عمق الخلافات بين مصر والسعودية، وان أموال السعودية سوف لن تقف بوجه تطلع المصريين نحو استعادت دورهم العربي والإقليمي 6- تحالف روسيا ومصر أصبح أمرا واضحا للعيان، فمشاركة هذا الوفد المصري الرفيع المستوى لا يمكن إن يتم دون موافقة مسبقة من الرئيس (عبد الفتاح السيسي) شخصيا، مما يعني إن هناك تنسيقا سياسيا روسيا مصريا لعزل السعودية وعلمائها، وتكوين مرجعية سنية جديدة وقوية مدعومة من الأزهر، تسحب البساط من تحت المرجعية السعودية الوهابية وتعزلها كليا، وإلصاق تهمة دعم الإرهاب والتطرف بها. 7- إن المؤتمر سوف يقسم العالم السني ويكرس الاستقطاب والانقسام العقدي والفكري، وستكون الساحة الإسلامية أمام معركة فكرية ومذهبية جديدة داخل الساحة السنية، فالهجمة السعودية ضد المؤتمر تعكس مسألة فقهية وسياسية خطيرة للغاية ، وهي تقسيم العالم السني نفسه، بعد نجاح خطط تقسيم العالم الإسلامي على أسس طائفية بين السنة والشيعة، والجدل لا يجب إن يكون منصبا حول من الذي تسبب في هذه التقسيمات، سواء بين الطائفتين أو الطائفة الواحدة نفسها، وإنما أيضا الحروب التي يمكن إن تترتب على ذلك لاحقا، ومنه التصعيد القائم بين إيران والسعودية على خلفية الموقف من أداء فريضة الحج ، ما يعني إننا سنواجه أزمات إسلامية أخرى داخل المذاهب نفسها في المرحلة المقبلة. 8- ظهور الخلافات بين دول الخليج إلى العلن، وخاصة بين الإمارات والسعودية، فقد صار اللعب الآن على المكشوف، فلم تعد دولة الإمارات تخفي عدائها للسعودية، والكيد لها باستبعاد التيار السلفي من دائرة أهل السنة والجماعة من ناحية أخرى ، في الوقت الذي نتفهم استبعاد تيار الأخوان المسلمين من حظيرة أهل السنة والجماعة على خلفية الصراع السياسي الذي يستهدف استئصال الجماعة وإبادتها بقيادة مصر بالتعاون مع دول الخليج ، لاسيما دولة الإمارات التي تشن حرباً ضارية ضد ما يسمى جماعات الإسلام السياسي في المنطقة وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، لكن أن يتم استهداف الدولة السعودية في هويتها الدينية الوهابية ، من حليف وعضو في مجلس التعاون الخليجي ، فهذا ما يثير ألف علامة استفهام على أهداف حكام الإمارات من هذا العمل باستبعاد علماء السعودية من حضور المؤتمر، بحكم أنها أكبر دولة في المنطقة ، ليس اقتصادياً فحسب، بل بثقلها الديني باحتضانها الحرمين الشريفين، لاسيما وأن هذه ليست أول مرة تسيء الدولة الامارتية للسعودية ، ولنا في الحالة اليمنية النموذج الأمثل للعلاقة المريبة مع أنصار الله الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح ، وإيواءها نجله على أراضيها ، بما تعده بعد المصادر السعودية تهديدا لها، كذلك مهاجمة نائب شرطة دبي (ضاحي خلفان) ل(يوسف القرضاوي) لأنه هاجم مؤتمر الشيشان، وأكد في تغريدة له قال: (المارتدية والأشعرية أصبحت أصل العقيدة ...... وما دخل الإخوان مؤتمرا إلا أخرجوا الناس منه على خلاف). 9- رأى البعض أن هذه المؤتمر ضربة روسية سياسية للسعودية كون المؤتمر انعقد في العاصمة الشيشانية وهي إحدى الجمهوريات الروسية، حيث أحرج المؤتمر الكثير من العلماء الذين يأخذون من الوهابية مصدر للتحدث عن الدين الإسلامي، وتقول روسيا أنها تحارب هذا الفكر كونه منتشرا في سوريا ومناطق القوقاز الروسية، لذا من الأفضل تعريف الإسلام الصحيح، وإخراج الجماعات التكفيرية منه. 10- إعادة التلاحم بين المسلمين، فبعد إن ظهرت لنا جماعات كفَّرت الأمة، وشوهت الدين، وألصقت ذلك بالشرع، ثم زعموا أن فهمهم هذا هو الحق، وما عداهم مبتدع خارج عن فهم أهل السنة، جاء المؤتمر في وقت مناسب زماناً ومكاناً ليقول إنكم ليسوا على منهج أهل السنة؛ لأن من كان على منهج أهل السنة لا يكفر ولا يستبيح الدماء، ولا يتهم أحداً بالشرك، ولا يقول إنه وحده فقط من الفرق الناجية، وسوف يؤسس لبناء إسلامي صحيح مبني على التسامح والتعايش بين المذاهب. وعلى الرغم من إن بعض المتابعين أكدوا على أحقية علماء المسلمين السنة في عقد هكذا مؤتمر وإخراج أنفسهم من خانة الإرهاب والتكفير الوهابي، الذي شوه صورة الإسلام الحق، وشوه صورة أهل السنة خاصة، ولكن في نفس الوقت إن هكذا مؤتمرات يجب إن تطرح الحقيقة وليس إخفاءها، وان تضع النقاط على الحروف، وان تبين من هو الحق ومن هو الباطل والمظلل، لا إن تحاول المراوغة والبس في الأمور، على هذه المؤتمرات إن تعلن براءتها علنا من المذاهب التي تدعم الإرهاب وتدعوا للكراهية والتظليل. 1- على علماء الدين من أهل السنة عدم الانجرار وراء مثل هذه المؤتمرات التي تدار من قبل دول لها أجندات سياسية في المنطقة، لان هذه المؤتمرات سوف تؤسس لانقسام إسلامي جديد يشمل المذاهب الإسلامية نفسها، واتساع سياسة التكفير وإلغاء الأخر، وهنا نعيد نفس الفكرة الوهابية الداعية للتكفير وإقصاء الأخر، كذلك إن اغلب العلماء الذين شاركوا في المؤتمر لهم مواقف ضد مذاهب دينية أخرى غير السلفية، خاصة مواقفهم ضد أتباع أهل البيت وتكفيرهم، لهذا على العلماء على عقد مؤتمرات في الدول العربية والإسلامية، لأنها ستكون أكثر تأثيرا ومقبولية، وأنجع طريقة لحل مشاكل العالم الإسلامي بالحوار فيما بينهم، بعيدا عن الإلغاء والتكفير، وتدخلات الدول الكبرى. 2- تعد مكة والمدينة والقدس من أقدس الأماكن الدينية في العالم الإسلامي، لهذا فان اقتصار الحواضر الإسلامية على (القيروان والأزهر وبعض الأماكن الإسلامية في أسيا الوسطى وروسيا)، يعد موقفا غير موفق من قبل العلماء الدين الذين شاركوا في المؤتمر، فقد كان الأجدر بهم الفصل بين النظم السياسية في الدول العربية والإسلامية وبين الأماكن المقدسة، وكان على المؤتمرين إن يؤكدوا على أهمية وقدسية كل الأماكن الإسلامية الأخرى، وإبعادها عن الفتن والتكفير، وخاصة القدس التي هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وعدم إعطاء الإرهابيين والتكفيريين وغيرهم المبرر للقيام بإعمال إرهابية ضد هذه الأماكن المقدسة، خاصة في العراق وسوريا. 3- على علماء الدين التركيز على قضايا العرب والمسلمين الأساسية، وتوحيد الجهود لحلها، وليس عقد المؤتمرات التي تزيد من فرقة المسلمين وتشرذمهم، وتقوي مواقف التكفير والإرهاب، لان هدف الإرهاب والتكفير هو ضرب الإسلام وقتل المسلمين وتفريقهم، ولا فرق لديه بين مذهب وأخر، وإنما هو عبارة عن آلات مسيرة من قبل جهات معروفة لضرب المسلمين. 4- انه لا يحق للسعودية وعلماء الدين التابعين لمذهبها الوهابي الذين مارسوا التبديع والتضليل والإقصاء لعقود ضد المذاهب الإسلامية الأخرى أن يعيبوا على المؤتمرين أنهم قاموا بإقصائهم من أهل السنة والجماعة، وأن السلفية لن يرضوا حتى لو إن المؤتمرون أدخلوهم معهم؛ لأنهم كانوا - وما زالوا – يريدون احتكار هذا اللقب، ويبدعون ويضللون، وربما كفّروا مخالفهم، فهم لن يرضوا إلا أن يكونوا هم وحدهم أهل السُّنة والجماعة، فقد كان المؤتمر نتيجة حتمية لأفعال الوهابية في العالم، لهذا فان الأجدر بهم ترك سياسة التكفير والتظليل والعودة إلى الإسلام المحمدي الأصيل والدين الحنيف، وعلى التيار السلفي إن يكون أكثر واقعية في تعامله مع واقع العالم الإسلامي، وان يقبلوا الأخر، وان يتخلوا عن أفكار تكفير الأخر، التي سببت الدمار والحروب في المنطقة. 5- إن دعوة المؤتمرين لإنشاء قناة تليفزيونية على مستوى روسيا الاتحادية لتوصيل صورة الإعلام الصحيحة للمواطنين ومحاربة التطرف والإرهاب، وإنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف واقترح المتجمعون أن يحمل هذا المركز اسم "تبصير"، هو أمر مخالف للأعراف والتقاليد الإسلامية، إذ كيف يتم إنشاء إذاعة ومركز إسلامي في روسيا الاتحادية لنقل صورة الإسلامي الصحيح، ودراسة الفرق الإسلامية في دولة غير إسلامية، وهناك المئات من الدول والحواضر الإسلامية التي يمكن إنشاء مثل هذه المراكز فيها، كما انه إنشاء مركز لدراسة الفرق الإسلامية في دول غير إسلامية سوف يزيد من التطرف الإسلامي، خاصة وان هناك بعض النقد الذي وجه للمؤتمر والقائمين عليه من علماء الدين في السعودية وبعض الدول الأخرى، وحجتهم هي عقد المؤتمر في دولة غير إسلامية، فإذا كانت اغلب الدول الإسلامية وحواضرها لم تقنع الفكر المتطرف وتعيده للطريق الصحيح، فهل يمكن لروسيا إن تفعل هذا الشيء؟ وهي الدولة التي يعدها الفكر السلفي المتطرف دول معادية للإسلام، ويجب ضربها وإنهاءها. خلاصة القول، إن مؤتمر غروزني يشكل ضربة قوية للسعودية والمذهب الوهابي وعلمائه الذي أنفقت عليه السعودية مليارات لإخراج المسلمين من دينهم وتجهيلهم ووصفهم بالقبوريين والمشركين، والمؤتمر كذلك جرس إنذار لتنبيهها إلى خطورة الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها في العالم، التي أنتجت حروبا ودمارا وخسائر مالية وبشرية، وضرورة التسريع بإجراء إصلاحات ومراجعات، فعندما تصل الأمور إلى اتهامها برعاية وتفريخ الإرهاب، والعمل على عزلها إسلاميا، بعد عزلها عربيا، فإن الأمر يحتاج إلى وقفه جادة للتأمل، وليس توجيه الشتائم والسباب للآخرين، عليها إن تعيد حساباتها، لقد كشفت أعمال الوهابيين المستور، وتجاوزت المحظور ولم يعد من الممكن السكوت عليها حتى من اقرب حلفاءه من المذاهب السنية الأخرى، فما بالك بالديانات والمذاهب الأخرى، وكما يقال الأساس من الرمال آيل للانهيار مهما علا بناءه.
التعليقات