يوما بعد آخرنجد أن فتوى الجهاد الكفائي التاريخية للمرجعية الرشيدة تواجه محاولات محمومة من أجل توظيفها لمصلحة هذه الجهة أو تلك، نعم بعض الفصائل المقاتلة التي خاضت صولات وجولات ضد الإرهاب والتكفير داخل العراق وخارجه أضافت لها الفتوى الكثير ولا غبار على جهادهم وبذلهم الغالي والنفيس كوننا نشاهد يوما بعد أخر انتصاراتهم الباهرة وجولاتهم التي تشفي الغليل وتفرح أم اليتيم وأب الشهيد والجريح، لكن في المقابل أصبحنا يومياً نتعايش مع إعلانات دعائية في الشوارع والأزقة والمواقع الالكترونية تثير الكثير من الشكوك حول مصداقيتها ولا نعرف شيء عن اهدافها ونوايا اصحابها الحقيقية، وهذا يطرح تساؤلات كثيرة منها: هل أن الالتحاق بالحشد الوطني سياسي أم عسكري جهادي ؟ فإذا كان سياسيا فالوضع خطير للغاية حيث توظف فتوى الجهاد وظروف البلاد والعباد الحرجة سلبيا لمصالح ضيقة، أما إذا كان جهاديا، فالتساؤل المحير هو لما لا يلتحق اصحاب هذه الدعايات بمن نذروا أنفسهم منذ شهور في سبيل الوطن والمواطن وهم اليوم في خطوط التماس الأمامية مع تنظيم داعش الارهابي؟، حقيقة إن ما تنقله وسائل الإعلام لنا يومياً وأيضا من خلال المرابطين في ساحات المواجهة تتحدث عن أن الجهاد ورجاله معروفين وتشكيلاتهم معروفة ، وهذا يزيد الريبة حول العناوين الجديدة التي تظهر هنا وهناك مستغلة فتوى المرجعية، مما يجعل الحاجة ملحة لدعوة مرجعيتنا الدينية الرشيدة ومن موقعها كظهير روحي وتوجيهي فاعل له دور في تحريك الكثير من المفاصل المهمة في المجتمع الى الانتباه إلى الأتي والتحذير منه وهو :-
1- وجود وصوليين استغلوا وجود صبغة الجهاد وذريعة الفتوى ولحى المجاهدين والنتيجة ما يقومون به ليس أكثر من خلق المضايقات المرورية في شوارع المدن الآمنة بأسم الجهاد والمجاهدين والابتزاز لبعض الدوائر والمؤسسات في المناطق الجنوبية والوسطى بدون مبرر، وهذا الحال مستمر منذ شهور والكل يعرف أن عصابات داعش الإجرامية متواجدة في مناطق غرب وشمال العراق والاستعدادات العسكرية من قبل المجاهدين والقوات الأمنية مرابطة في هذه المواطن، في المقابل نتساءل هل هنالك مواطن استحوذ عليها داعش على سبيل المثال كجنوب البصرة أو غربي ذي قار أو وسط الديوانية الكل في هذه المناطق وغيرها يتحدث عن وجوه وجهات استرقت الظروف وباتت تعسكر نفسها في هذه المناطق غير آبهة بمضمون الجهاد الكفائي الذي حفز إلى مواجهة العصابات التكفيرية في المناطق التي يسيطر عليها داعش.
2- هنالك من فشلوا في إدارة البلاد سياسياً أو من يحضرون أنفسهم لمكاسب سياسية جديدة يعملون على توظيف هذه الفتوى سلبيا في ظل الظرف الحرج للبلاد، ومن خلال التجربة السياسية العراقية بعد عام 2003 فان بعض السياسيين العراقيين أصبحوا في حالة من الادمان على التشبث في المواقع الإدارية والتنفيذية في إدارة الدولة حتى وصلوا إلى مرحلة أنهم لا يستطيعون عيش حياة المواطن العراقي العادي الذي لا يمتلك منصبا أداريا أو قياديا رفيعا في الدولة العراقية، فالسلطة ومفاتنها وامتيازاتها جعلتهم في بحث دائم وفي شتى الوسائل عن البقاء فيها، فهم سرعان ما غيروا أقنعة الفشل التي من خلالها أوصلونا إلى مرحلة سقوط المدن بيد داعش إلى أقنعة التبجح بالجهاد الكفائي لغرض واحد ألا وهو ركوب الموجة والبحث عن مآربهم من خلالها،وهنا على المرجعيات الدينية الالتفات لهذا الأمر أيضا .
3- مرحلة هجوم داعش أفرزت عددا غير قليل من المتطوعين في مواجهة هذا التنظيم العالمي التكفيري، والمعلوم إن اغلب هؤلاء المتطوعين ليسوا ممن أثرى على حساب موارد الدولة، فهم شريحة معدمة لبت نداء الجهاد الديني والوطني، وفي المقابل هنالك الكثير من المتبرعين قاموا بتقديم الكثير من الدعم لهؤلاء، ولكن ذهب بعض ذلك الدعم الى أصحاب النوايا السيئة، مما حجبه عن مستحقية الحقيقيين في جبهات القتال الامامية.
4- ان وجود الفئة الوصولية التي جلبت الخراب الى العراق في قمة السلطة يخلق حالة من الاشمئزاز والنفور لدى الشرائح الاجتماعية التي لازالت في عطاء مادي وبشري ومعنوي مستمر لفتوى الجهاد، وهذا يخلق حالة من التراجع والاحباط لديها، ويعرض أهم مورد من موارد الصمود العراقي ألا وهو العنصر البشري إلى الخطر الكبير الذي يهدد المصلحة الوطنية العليا.
اخيرا لا بد من الاشارة الى أن البلاد تمر بظروف استثنائية تهدد الشعب العراقي بالفناء الشامل على يد عصابات تكفيرية لا ترحم، وانطلاقاً من المسؤولية الدينية والوطنية نضع هذه التحديات امام انظار المرجعية الرشيدة؛ خوفاً من عواقبها وتبعاتها، وهي ليست محاولة أو رغبة بالتسقيط السياسي أو التهويل و المغالاة بقدر ما هي دعوة الى ترصين الساحة والجبهة الداخلية للعراق؛ للحفاظ على نقائها ومنع اصحاب النوايا السيئة من الانتهازيين من النجاح في سرقة المعاني والاهداف السامية لفتوى الجهاد لمصلحتهم الضيقة على حساب مصلحــــة الشعب العــــــراقي المظلوم.
اضافةتعليق