عام على احتجاجات تشرين: العراق الى اين؟

تقرير خاص

أعده : مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية بمشاركة نخبة من الخبراء والمهتمين بالشأن العراقي والعلاقات الدولية في الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات تشرين الأول-أكتوبر 2019

 

توطئة:

احتجاجات تشرين تشير الى الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في بداية شهر تشرين الاول/ 2019، في مختلف محافظات العراق الوسطى والجنوبية ونجم عن ايامه الستة الاولى مقتل أكثر من 100 متظاهر وجرح العشرات، ثم اسـتأنف المتظاهرين نشاطهم وبشكل اقوى في 25 من الشهر نفسه واستمرت الحركة الاحتجاجية بتوسع ومشاركة فئات اجتماعية مختلفة وتوسعت رقعتها وصولا للأشهر الاولى من العام الجاري 2020. وللحد من تزايد عدد الاصابات بجائحة كوفيد-19 كورونا وما تقتضيه من ضرورة تجنب التجمعات، انسحب الشباب من الساحات وبقي عدد منهم للاعتصام. وظهرت دعوات لاستئناف الحراك الاحتجاجي يوم 25 تشرين الاول الجاري.

وعلى حد تعبير أحد المحتجين: " لم يكن الحراك الاحتجاجي ردة فعل لحدث يتعلق بالخدمات كما يقال عنه دائما في كل صيف قائض، بل هو امتعاض وغضب ينمو منذ سنين، يخرج كل فترة مطالبا بالخدمات لكن في حقيقته هو رغبة كاملة في تغيير الوضع السياسي وسوء إدارة الدولة من قبل أحزاب السلطة". 

لم يحقق الاحتجاج كل الاهداف المرسومة، لكن ضغط الاحتجاج نجح في تحقيق بعض الخطوات رغما عن " القوى السياسية" على الرغم من عنجهية تعامل تلك القوى والسلطات مع الحركة الاحتجاجية التي تجسدت بقتل المتظاهرين واغتيال الناشطين الذي فاق عددهم الـ (600)، وخطف وتغييب الكثير ولازال البعض منهم غير واضح مصيره.

استقالة الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي – التي ينظر لها الكثير على انها اسوء حكومة بعد التغيير السياسي في العراق عام 2003 عملت على تقوية شوكة قوى اللادولة ضد مؤسسات الدولة-وتشكيل حكومة جديدة، لم تكن المطالب الرئيسة للمتظاهرين، بل كانت مرحلة للعبور الى تشكيلة حكومية تلبي طموحات الجمهور الدستورية والسياسية والاقتصادية والامنية والخدماتية. وعلى الرغم من تحديد الحكومة الحالية لموعد الانتخابات في حزيران 2021، واقرار مجلس النواب لقانون لتنظيم الانتخابات المبكرة، الا ان الراي العام العراقي ينظر الى القانون الجديد على انه يلبي طموحات الاحزاب الكبيرة. 

ولتعضيد الافكار أكثر، واغناء الموضوع بشكل أعمق، تم تقسيم هذا التقرير الى محورين، وكل محور يمثل سؤال تم الإجابة عليه من قبل عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن العراقي من المشاركين في هذا التقرير، وكما يلي:

المحور الاول: ماذا حققت الحركة الاحتجاجية؟

-ا. د. خالد عليوي العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية.

لم تكن احتجاجات تشرين الأول –أكتوبر سنة 2019 الأولى في العراق، ولن تكون الأخيرة، ولكنها كانت الأعنف والأكثر استمرارية بين الاحتجاجات السابقة، وتشكل مؤشر على ما يمكن ان يحصل مستقبلا في الاحتجاجات المماثلة، طالما ان الأسباب الدافعة الى الاحتجاج ورفع الصوت الشعبي عاليا لا زالت كما هي، وربما ازدادت سوءا بعد جائحة كوفيد 19.                                         

وفيما يتعلق بما حققته حركة الاحتجاج التي انطلقت في تشرين الاول 2019، يمكن القول: انها حققت الكثير كما انها لم تحقق شيء، كيف؟                                                                

هي حققت الكثير؛ لأنها أجبرت الحكومة العراقية السابقة (حكومة السيد عادل عبد المهدي) على الاستقالة، وأربكت حسابات القوى السياسية المتسيدة للمشهد العراقي وداعميها الإقليميين والدوليين، واجبرتهم على تشكيل حكومة جديدة غير مرغوب فيها تماما من قبلهم (حكومة السيد مصطفى الكاظمي)، واضطرت هذه القوى الى حل مجالس المحافظات، وإعادة النظر بقانون الانتخابات، والتصويت على مشروع قانون جديد يجري استكمال اطره الفنية، وتم تحديد موعد للانتخابات التشريعية المبكرة في حزيران / 2021. كما نجحت في اسماع صانع القرار العراقي صوت الحراك الشعبي وبقوة، وكشف اهتماماته، ورغبته في استعادة الهوية الوطنية العراقية، فضلا على ظهور دور فاعل لشباب العراق في حركة الاحتجاجات واستعدادهم للتضحية بالنفس في سبيل ما يؤمنون به، بعد شعورهم بالخيبة والإحباط التام من أداء حكامهم.

ومع كل هذه النتائج المحفزة وغيرها، فان الحركة الاحتجاجية لم تحقق شيء مؤثر وجوهري وملموس، اذ لا زالت القوى السياسية المهيمنة على السلطة في العراق هي نفسها، ولا تبدو انها منفتحة على المشاركة مع قوى جديدة، ولم تعالج العوامل الدافعة نحو الاحتجاج: فساد، بطالة، فقر، محاصصة، وسوء الأداء الحكومي، وتخلف الخدمات، وتدخل خارجي...الخ. ولا زال العراق ساحة لعب ساخنة لوكلاء السياسة والسلاح، وارضه مجرد ميدان لتصفية حسابات القوى الإقليمية والدولية، اذ تشير معظم التحليلات والتوقعات الى ان القادم ربما يكون اسوء، لا سيما مع انكشاف عجز المؤسسات العسكرية والأمنية عن حماية أرواح المواطنين والسيطرة على المليشيات غير المنضبطة، والسلاح المنفلت، مع تراجع كبير في احترام القانون وسلطات انفاذه في بلد هش وغير مستقر للغاية.                        

ان مقارنة بسيطة بين ما حققته الاحتجاجات وما لم تحققه، تثير المخاوف من احتمال ضياع نضال الحراك الاحتجاجي، ونجاح القوى السياسية المعادية له في إدارة اللعبة لمصلحتها في الوقت الحاضر، لاسيما وأنها الأكثر قوة على مستوى التنظيم والإرادة وامتلاك المال والسلاح.               

                                                                         

-م. م. نور حسين الرشدي تدريسية في كلية الآداب / جامعة اهل البيت (ع) وباحثة دكتوراه في الجغرافية السياسية

بعد 17 عام من المحاصصة الطائفية المقيتة وفي ظل سلطات متهمة بالفساد ولديها ولاءات خارجية، وتنفذ أرادات دول الجوار الرامية الى تمزيق الجغرافيا العراقية على اساسات مذهبية وقومية. 

جاءت ثورة تشرين لتشكل نقطة تحول مضيئة في عتمة سنوات من التغييب للوعي والأدراك الشعبي العراقي. ويمكن القول انها حققت: 

اولاً: نجحت ثورة تشرين في قلب المعادلة السياسية على الرغم من القمع والاغتيالات التي تعرض لها المتظاهرين والناشطين في الساحات وبالتالي اعطت الأمل بإمكانية التغيير.

ثانياً: أنها كانت ثورة عابرة للطائفية والمذهبية والمناطقية، وقد حل الانتماء للوطن بدلاً من الانتماء للمذهب بعد سنوات من القتل والتهجير على الهوية، بالتالي وحدت جميع فئات الشعب في تيار وطني واسع محاولاً اعادة هويته وانتماءه للوطن.

ثالثا: الامتداد الجغرافي لتأثير الثورة في دول اخرى رافضة للتدخل الإيراني في شؤونها، فضلا عن ان الحركة الاحتجاجية شجعت الإيرانيين أنفسهم للقيام باحتجاجات مماثلة تم مواجهتها بالقمع ايضا، مثلما عملت الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق.

رابعاً: أبرز حدث سياسي كان اسقاط حكومة عادل عبد المهدي التي كانت متشبثة بالسلطة وما تلاها من حكومات تم رفضهم من قبل المحتجين وصولاً الى حكومة الكاظمي التي اعلنت "وقوفها مع مطالب المحتجين"! لكن على ارض الواقع لم يتحقق شيء.

خامساً: على الصعيد الأمني والاقتصادي وفي ظل جائحة كورونا نلاحظ بان الوضع قد ازداد سوءاً بسبب الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم والذي انعكس بدوره على الاقتصاد العراقي المتأزم اساساً بسبب فساد السلطة واهدارها للمال العام. أما من الناحية الأمنية، تحاول الفصائل المسلحة في زعزعة الوضع الأمني تارة بقصف السفارات والبعثات الدبلوماسية وتارة اخرى باختلاق مشكلات امنية محاولةً في ذلك التغطية والالتفاف على المطالب الجماهيرية.

-م. ميثاق مناحي العيسى باحث وأكاديمي في مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء وباحث مشارك الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

تتباين الاوصاف العلمية والشعبية بشأن الحراك الشعبي العراقي الذي خرج في تظاهرات كبيرة نهاية العام الماضي في 1تشرين الثاني/ أكتوبر 2019، حسب طبيعة المواقف الشخصية والسياسية والايديولوجية، فضلاً عن المواقف الموضوعية. إذ تراوح وصف الحراك الشعبي بين الموضوعية العلمية، والتشدد بالضد منه وعليه. فهناك من وصفه بالثورة، وهناك من وصفه بالانتفاضة، وهناك من وصفه بتسميات أخرى، كالحراك والتمرد والفتنة... وغيرها، فضلاً عن الأوصاف الأخرى، إلا أن الكل يكاد يتفق على الفشل والانحطاط السياسي الذي وصلت له العملية السياسية والنظام السياسي العراقيين خلال المرحلة الماضية، وأن تشرين كانت نتاج طبيعي لكل عوامل الفشل التي رافقت تلك العملية لمدة أكثر من 17 عام؛ مما أفقدها كل عوامل أو مقومات النجاح؛ لذلك لا يمكننا أن نشكك في حركة أو انتفاضة تشرين، بالرغم من كل السلبيات التي رافقتها. لهذا فأن الايمان بشرعية تشرين وديناميتها، تضعنا أمام حقيقية المكتسبات التي حققتها الانتفاضة منذ انطلاقتها الأولى ولحد الآن. فقد تمكنت تشرين من الاطاحة بـ أسوأ حكومة عراقية ورئيس وزراء على مدار الـ 17 عام الماضية، لتكشف لنا حجم الكارثة التي سيطرت على مفاصل الدولة ومقدرتها، سواء تلك المتمثلة بالسيطرة الحزبية على مفاصل الدولة، أو غيرها من مظاهر اللادولة التي اخذت ترّسخ هيمنتها السياسية والأمنية والاقتصادية على القرار السياسي والأمني، فضلاً عن سيطرتها شبه المطلقة على الثروة الوطنية، وربما لا نبالغ إذا قلنا، بأن بقاء الدولة العراقية قائمة لحد الآن والحفاظ على الوضع القائم، كان بفضل حراك تشرين، ولاسيما أذا ما اخذنا الأزمة المالية وجائحة كوفيد-19 في نظر الاعتبار. لذلك يمكننا القول، بأن ما حققته تشرين على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، يتمثل في التغيير الحكومي، وما رافقه من تغيرات انعكست ايجاباً على الاداء الحكومي على المستوى الاقتصادي والأمني، سواء من ناحية التحركات الحكومية ضد الفساد واخضاع سيطرتها على المنافذ الحدودية، أو من ناحية تقليص سلطة ودور المليشيات في القرار الأمني والسياسي، فضلاً عن المكتسبات المعنوية التي اعادت للشعب قوته ودوره الحقيقي، باعتباره مصدراً للسلطات في تحديد موعداً للانتخابات المبكرة، وارغام القوى السياسية على معظم مطالبها.

-م. م. حامد عبد الحسين الجبوري / باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

هناك ترابط وثيق بين السياسة والاقتصاد، وكلما يكون الأداء السياسي أداءً جيداً سينعكس أيضاَ على الاقتصاد والعكس صحيح كلما يكون الأداء السياسي سلبياً ينعكس على الاقتصاد بشكل سلبي أيضاً.

ونتيجة للفوضى السياسية التي حصلت بعد 2003 بسبب خطأ عملية التحول السياسي من النظام الدكتاتوري إلى الديمقراطي، أصبح الاقتصاد العراقي يعاني الشلل وعدم القدرة على خلق المزيد من فرص العمل بالتزامن مع النمو السكاني المتزايد.

 اذ اعتمد العراق على النفط الذي يتصف بأنه صناعة كثيفة رأس المال قليلة الاستيعاب للأيدي ولم يسهم في خلق المزيد من فرص العمل، إضافة لعدم توظيفه بما يسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي الذي يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية، وكانت النتيجة فشل اقتصادي دفع لاحتقان شعبي.

إن استمرار الفوضى سياسيا وامنيا يعني استمرار الشلل الاقتصادي واستمرار المشاكل الاجتماعية خصوصاً مع تزايد عدد السكان ثم ترحيلها للسنوات اللاحقة حتى أخذت تتضخم مع تقدم الزمن دون العمل على علاجها مما أدت الى احتجاجات تشرين التي أذهبت بالحكومة السابقة وتأمل من الحكومة الحالية أن ترسم الخارطة الصحيحة للنظام السياسي لتحسين أداءه لينعكس أخيراً على الأداء الاقتصادي.

من طبيعة الحلول الاقتصادية تتطلب ردحاً من الزمن لتعطي ثمارها وبالتالي لا يمكن الحكم إن الاحتجاجات التشرينية حققت منجزاً اقتصادياً، نعم هي دفعت بشكل واضح لتصحيح المسار السياسي الذي بدأ بوضع الخطوات الأولى لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والتي تمثلت في الورقة البيضاء. ولكن السؤال المطروح هل سيكتب لها النجاح؟ التكهن بنجاح الإصلاحات أصعب من التكهن بفشلها لان الظروف والأزمات لها موقعاً خاصاً في العراق.

المحور الثاني: ما هي خيارات الحركة الاحتجاجية والسبيل لتحقيق الاصلاح السياسي في العراق؟ 

-ا. د. خالد عليوي العرداوي.

قد تبدو نجاحات الحركة الاحتجاجية والقوى السياسية المعادية لها مجرد أوهام مؤقتة، ما لم ينبلج عنها اصلاح سياسي فعال ومؤثر. اصلاح لا يبدو ان هناك مؤشرات قريبة لحصوله، فالجميع في العراق لا زال يلعب نفس لعبة السلطة البائسة منذ سنة 2003 الى اليوم، وهي لعبة كانت نتائجها كارثية على العراق وشعبه، الا ان لاعبيها قد غادرتهم الحكمة، فلم يعودوا قادرين على التخلص من شراكها، والتطلع بشكل استراتيجي نحو المستقبل، وهو مستقبل سيترك نتائجه على الجميع حلوة كانت ام مرة.                                              

فالإصلاح السياسي لبلد يقف على حافة الهاوية مثل العراق يتطلب بداية عقلية جديدة لإدارة الحكم، ومغادرة سريعة لقواعد اللعبة الفاشلة التي يلعبها العراقيون الان، وفتح الفضاء السياسي لدماء جديدة وقوى جديدة تجرب حظها في إدارة بلدها، يمكن ان يجد فيها الشباب العراقي المتمرد غايته في البناء السياسي. ولا يمكن لأي اصلاح سياسي تحقيق النجاح ما لم يرتكز على ثلاثة قواعد مهمة: الأولى استعادة ثقة المحكومين بالحكام، والثانية انهاء التدخل الخارجي بالشأن العراقي، والثالثة ان يكون معبرا عن إرادة عراقية حقيقية وصادقة في العيش المشترك وبناء دولة تستوعب جميع مواطنيها، وفقا لمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان.                                                                   

ان المستقبل القريب سيكشف عن مدى استعداد العراقيين للقيام بمثل هكذا اصلاح، ولكن عليهم ان لا يتأخروا كثيرا في هذا الامر، فالوقت لا يسير بصالحهم انما يسير بصالح مستقبل مجهول مفتوح على كل الاحتمالات السيئة.

 -م. ميثاق مناحي العيسى.

حقيقية الأمر، أن عملية تحقيق الإصلاح السياسي في ظل الاوضاع والظروف الراهنة، عملية معقدة جداً، وربما مستحيلة، إلا أننا يمكن أن نضع الخطوات الرئيسة، أو الخطوط العريضة، التي من شانها أن تعزز من عملية الإصلاح الشامل تدريجياً، ولاسيما أن البعض من تلك الخطوات قد تمت بالفعل كالانتخابات المبكرة أو التصويت على قانون الانتخابات، أو غيرها من المطالب التي حددها المنتفضون، ولعل استمرار ديمومة الاحتجاج وتنظيم صفوف المحتجين، والتحضير للانتخابات المبكرة بتشكيل سياسي – حزبي، وتثقيف جماهيرهم بالشكل اللازم، تعد اولى الخطوات الاساسية لعملية الإصلاح الشامل، التي من شانها أن تقوض من سطوة الاحزاب السياسية المتنفذة والجماعات المسلحة، على العملية السياسية والنظام السياسي، وحركتهُ وتطلعاته الداخلية والخارجية، إلا أن هذا الإصلاح مرهون بالسيطرة على المال العام وفرض هيبة الدولة وحصر السلاح بيدها، وفرض القانون على الجميع، واستعادة هبية وقوة المؤسسة العسكرية الرسمية، وفك الارتباط بين الجانب السياسي والجوانب الأخرى، كالقضاء، والتعليم، والأمن والعلاقات الخارجية، ومصالح البلد العليا... وغيرها؛ من أجل أن لا يتم استثمار ها من قبل الاحزاب والجماعات المسلحة في الانتخابات القادمة، ولضمان عدم ترجيح كفة حزب سياسي معين على حزب أخر، فضلاً عن تقليل فجوة المنافسة بين الاحزاب المتنفذة والقوى السياسية والشعبية الصاعدة. 

التوصيات:

يختلف مفهوم الاصلاح السياسي من بلد لآخر ومن ظرف زمني الى آخر داخل البلد الواحد. وتظهر مطالب الاصلاح السياسي عادة نتيجة حدوث خلل في الاداء السياسي أو المنظومة السياسية تعجز معهُ تلك المنظومة عن أداء وظائفها بكفاءة وفاعلية. وكما ان هذا الخلل قد يكون في بعض الاحيان بسيطا، فأنه قد يكون في أحيان أخرى متفشي في سائر المنظومة السياسية.

والاصلاح السياسي هو تعديل غير جذري في شكل الحكم، أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأساسها، وهو خلافاً لمفهم الثورة ليس سوى تحسين في النظام السياسي الاجتماعي القائم من دون المساس بأسس هذا النظام. ويمكن القول إن الإصلاح السياسي يعني أجراء تعديل ينصب على البنى السياسية القائمة ذاتها بتبديلها أو تبديل بعض مكوناتها لضمان تطورها وقدرتها على الاستجابة لأوضاع وحاجات مستجدة، وقد يرمي إلى إعادة إنتاجها بصورة جديدة في شروط متغيرة بما في ذلك إزالة العوامل المعوقة مما يجعلها تتناسب ومقومات التفاعل الإيجابي والتقدم.

وبناء على ما تقدم، فلأجل أن تؤتي الحركة الاحتجاجية ثمارها ولا تضيع التضحيات الي بُذلت، ولا تتحول الى مناسبة يجري استذكارها بشكل روتيني كإستذكار لحدث، لابد من العمل الدؤوب من قبل السلطات في الدولة العراقية من جهة، ومن قبل الجماهير من جهة أخرى، وذلك من خلال:

- جماهيريا، تستدعي الضرورة استكمال البنى التنظيمية للتنظيمات السياسية التي أعلن عنها خلال الايام القليلة الماضية من قبل المتظاهرين وساحات الاعتصام.

- الاستعداد وبقوة للمشاركة في الانتخابات التشريعي المقبلة من قبل الجماهير والتي تؤكد الحكومة انها ستجري في الموعد المقرر لها.

- العمل على تعزيز الوعي المجتمعي بالشؤون السياسية والاصلاح السياسي المطلوب بعد الاتفاق على الخطوط العامة لعملية الاصلاح للشروع بتنفيذها في حال الحصول على نسبة من عدد المقاعد النيابية. او للضغط بها من خلال وسائل الراي العام على السلطات.

- من جانب آخر، الاوضاع السياسية والانتخابات تستدعي استكمال الاطر التشريعية الخاصة بأستكمال عضوية المحكمة الاتحادية عبر تعديل امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 30 لسنة 2005 المادة (3) او اقرار مشروع قانون المحكمة الاتحادية المنصوص عليها في المادة 92 من الدستور كونها الجهة المختصة بالمصادقة على نتائج الانتخابات والفصل في المنازعات التي قد تبرز بعد الانتخابات بعد النظر فيها من قبل الهيئة التمييزية في المفوضية.

- استكمال قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية في محافظتي كركوك ونينوى من قبل الجهات القطاعية المختصة كوزارة التخطيط بالتنسيق مع مفوضية الانتخابات، لا ان يترك الموضوع لتوافق القوى النيابية في هذين المحافظتين.

- هناك حاجة الى تهيئة الظروف الامنية الضامنة لإجراء الانتخابات في اجواء استقرار أمنى.

- مطلوب من الحكومة المصادقة على تعيين المديرين العامين المنتخبين من قبل مجلس المفوضين.

- توفير الميزانية الخاصة بالانتخابات ضمن قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، وهذه مسؤولية الحكومة ومجلس النواب. 

- قيام الحكومة بتوفير المستلزمات التي طالبت بها المفوضية سابقا من الوزارات ذات العلاقة.

التعليقات