على السيد عادل عبد المهدي أن يستثمر الفرص المتاحة له، لاسيما فرص دعم المرجعية الدينية وضغط الشارع العراقي؛ لأن فشل السيد عبد المهدي في مهامه كرئيس حكومة سيضع الدولة العراقية في مسار خطير
لم يتبقى إمام رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة السيد عادل عبد المهدي سوى إياماً معدودةً حتى يقدم كابنته الوزارية إلى مجلس النواب العراقي للتصويت عليها داخل قبة البرلمان، ووفقا للدستور العراقي يتحتم على عبد المهدي تقديم الكابينة الوزارية الجديدة خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ تكليفه. وعلى الرغم من أن اغلب التوقعات والمصادر تقول بأن عبد المهدي من الممكن أن يعلن عن تشكيل كابنته الوزارية مطلع الاسبوع المقبل او نهايته، إلا أن هناك تعقيدات كبيرة ستواجه السيد عبد المهدي في اختيار كابنته الحكومية، وهذا ربما يضطره إلى تقديم نصف كابنته إلى مجلس النواب للتصويت عليها مع الابقاء على الوزارات السيادية من بينها وزارات (الدفاع والداخلية والخارجية والمالية). هذه التعقيدات من الممكن أن تضع مسارات محددة إمام السيد عادل عبد المهدي في اختيار كابنته الوزارية، فما هي أبرز تلك المسارات الواردة في عملية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة؟
بالتأكيد هناك فرص كبيرة إمام السيد عبد المهدي، ربما لم تتوفر لسلفيه ممن سبقوه في رئاسة الوزراء سابقاً، في حال استثمرها بالشكل وبالصورة الممكنتين، فالانتهاء من "داعش" والاحتجاجات الشعبية والنضوج السياسي لبعض القوى السياسية والمراقبة الشعبية وضغط المرجعية الدينية، جميعها عوامل مساعدة يمكن استثمارها في عملية تشكيل الحكومة العراقية، وقد تكون عامل مساند للسيد عبد المهدي في اختيار كابنته الوزارية، لاسيما وأن هناك قوى سياسية واحزاب اعطت السيد رئيس الوزراء المكلف حرية كاملة في اختيار كابنته الوزارية كـ (تحالف سائرون وتيار الحكمة) على سبيل المثال، وحتى القوى السياسية الأخرى قد تكون داعمة له بشكل أو بآخر، فهذه الفرص لو تم استغلالها بشكل صحيح من الممكن أن تخرج له تشكيلة حكومية متوازنة. وعلى الرغم من وجود بعض التحديات التي من الممكن أن تؤثر على مسارات تشكيل الحكومة العراقية القادمة وخيارات السيد عبد المهدي في الإعلان عن تشكيل كابنته الوزارية، إلا أن خيارات السيد عبد المهدي لا يمكن أن تخرج عن ثلاث مسارات في اخراج الكابينة الوزارية:
المسار الأول: حرية الاختيار، وفقاً لهذا المسار قد يكون إمام السيد عبد المهدي حرية مطلقة في اختيار وزراءه بعيداً عن تدخل القوى والاحزاب السياسية، وبهذا المسار قد يكون رئيس الوزراء مسؤول مسؤولية مباشرة عن نجاح أو فشل الحكومة. وهذا ما يتوافق مع تطلعات الشارع العراقي وتوصيات المرجعية الدينية، بأن يتحمل السيد عادل عبد المهدي مسؤولية اختياره لكابتنه الوزارية، إلا أن هذا السيناريو أو المسار سيصطدم بإرادة بعض القوى السياسية، لاسيما القوى الكردية والسنية، والتي لطالما أكدت على استحقاقها الانتخابي في الحكومة العراقية.
المسار الثاني: الاختيار المضغوط، وهنا يكون اختيار رئيس الوزراء المكلف مضغوط بناءً على رغبات بعض القوى والاحزاب السياسية التي ما تزال تقّيد رئيس الوزراء بتشكيل كابنته الوزارية. ووفقاً لهذا المسار فأن إرادة القوى السياسية ستتحكم في إرادة السيد عبد المهدي، مما تضعه في خانة حرجة إما القبول أو الفشل. وهذا ما يضعنا إمام السيناريوهات الماضية التي تشكلت عليها الحكومات العراقية السابقة.
المسار الثالث: الاختيار المشروط، هذا المسار ربما لا يعطي السيد عادل عبد المهدي حرية الاختيار بشكل مطلق، ولا يقيده بشكل كامل، أي بمعنى أن يكون هناك توازن في الاختيار بين إرادة القوى السياسية وبين إرادة السيد عادل عبد المهدي، يعني على سبيل المثال، ربما ترشح بعض القوى السياسية عدة أسماء لتولي المناصب الوزارية وتترك الاختيار للسيد عبد المهدي حرية الاختيار، وبالتالي نكون إمام سيناريو مشروط بإرادة القوى السياسية وحرية عبد المهدي في الاختيار وفق الاعتبارات القومية والأثنية والمذهبية، أي مراعاة التنوع (القومي والاثني والمذهبي) داخل العملية السياسية والمجتمع العراقي بشكل عام. وهو مسار توافقي بين المسارين السابقين والأكثر ترجيحاً من بين المسارات الثلاثة.
ربما لا تخرج سيناريوهات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة عن المسارات أعلاه، لكن على السيد عادل عبد المهدي أن يستثمر الفرص المتاحة له، لاسيما فرص دعم المرجعية الدينية وضغط الشارع العراقي؛ لأن فشل السيد عبد المهدي في مهامه كرئيس حكومة سيضع الدولة العراقية في مسار خطير، لاسيما وأن الشارع العراقي والمحتجين يترقبون حكومة قوية تعمل لخدمتهم وبعيدة عن سلطة الاحزاب والقوى السياسية. وعليه أن يكون رئيس الوزراء المكلف صريح وشفاف إمام شعبه ومسؤول أمامهم في اختيار كابنته الوزارية، وأن لا يحذوا حذو ممن سبقه في عملية تشكيل الحكومات العراقية السابقة، فالأحزاب والقوى السياسية تريد رئيس وزراء ضعيف، تملي عليه شروطها بما يتوافق مع تطلعاتها ومصالحها الحزبية والسياسية، وللسيد عبد المهدي ما يؤهله بأن يكون أقوى من سلطة تلك القوى والاحزاب، لاسيما وأنه مستقل ويتمتع بشخصية متوازنة ومقبولة من جميع اطراف العملية السياسية. فهل يستثمر السيد عبد المهدي تلك الفرص ويخرج بتشكيله وزارية متوازنة أم سيضع نفسه في خانة الفشل السياسي المتكرر؟.
اضافةتعليق