أي تغيير حضاري عند أُمةِ من الأمم لا يمكن الاستدلال عليه إلا من خلال الأواصر السلوكية التي تربط أبناءها وتشدهم إلى بعض وطبيعة العلاقة التي تقوم بين مكونات تلك الأمة وما حجم الصلاة التي تربطهم وما يستعملونه من مواد ووسائل لتحقيق أغراضهم الحياتية العامة.
وما تواجهه المجتمعات اليوم من تحديات جوهرية تتعلق بواقع الفرد والإسرة والمجتمع فإن المرأة تشكل رقماً كبيراً في المجتمع النهائي إذ تقف هذه التحديات عائقاً أمام مشاركتها الفعالة، وإن كانت القضية تتعلق بالإصلاح العام وتمكين المواطنين من نيل حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
في مجتمع الديمقراطية، إلا إن هذا المفهوم لا يطبق كواقع عملي دون الإشارة إلى دور المرأة لأنها الأكثر حماساً واندفاعاً في أي مشروع وطني فهي غالباً ما تحول القضايا من خاصة إلى عامة لمواقفها المميزة في عملية البناء وما تختزنه من العطاء، لذلك فالمجتمع بحاجة للفهم والجدية وحسن التقييم ولا يمكن الوصول إلى التنمية الواقعية دون تنمية وتطوير الوعي السياسي لدى المرأة، وإن كان الأمر بالدرجة الأولى رهين بيد المرأة نفسها، وهذا التطوير النفسي والعقلي سواء لدى المرأة أو الرجل إنما هو حجر البناء الأساسي للنجاح العام.
ففكرة المشاركة الإيجابية في الحياة وتوزيع الفرص وتحقيق العدالة وفرز القدرات بتوازن سليم، يضمن الاستمرار الحقيقي للمشاركة الفعالة وتحقيق الرفاه الاجتماعي بشرط الالتزام بمبادئ الخير والعفة والأخلاق ونكران الذات التي تحث عليها الشرائع السماوية وجميع الأفكار الإنسانية، بضمنها الديمقراطية التي ما هي إلا نتاج موروث ثقافي تاريخي مضافاً إليه أحداث الحاضر، فلابد من معالجة الوضع الجديد للمرأة ضمن إطار ثقافي عراقي واقعي ودون إقصاء فئوي أو جهوي. ولا شك أن لذلك تأثيره الواضح على النشئ الجديد، باعتبار إن المرأة حاضنة الحياة وتأثيرها كبير في التربية والسلوك اليومي، ومن ذلك قولهم (إن المرأة التي تهز المهد بيد، تهز العالم باليد الأخرى).
فالأمر إذن يطلب تفعيل وتعزيز دورها من خلال خلق عناصر نسائية متميزة في مجالات الحياة السياسية والبرلمانية وزيادة الدورات التدريبية من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية فهي بحاجة لذلك الدعم لأن تجربتها ضيقة المدى في المجتمع العراقي خاصة، بل تكاد تكون معدومة بسبب سياسة النظام السابق والسياسات التي سبقته.
ومن حق المرأة أيضاً في مجتمع ديمقراطي، التمتع بظروف أمنية ومعيشية وخدمية جيدة، فتحقيق الأمن الاقتصادي والصحي وعلى مستوى أعم، الأمن الوطني والقومي، حق أساسي ليس للمرأة فقط وإنما لكل مواطن، ولكن الإشارة إلى المرأة العراقية قبل كل شيء لأنها صاحبة اليد الطولى في الصبر والجهاد والتحمل لسنوات طويلة، ولا زالت فحقوقها جزء لا يتجزأ من حق المجتمع بأكمله، وتحقيق أمنها هو يتحقق لأمن المجتمع وكل ما يحقق لها يعود للمجتمع والعكس صحيح.
وصدق رسول الأكرم إذ يقول: (ما أكرم المرأة إلا كريم، وما أهانها إلا لئيم). فعليك أفضل الصلوات وأتم التسليم يا معلم الإنسانية العظيم.
اضافةتعليق