قراءة مركزة في تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الخاص بتشجيع الاستثمار في العراق للعام 2016

يمكن تشبيه الأستثمار بالوقود الذي تقلع به الطائرة او الذي تنطلق به السيارة في طريقها لمسار معين، وكثيراً ماكان الأستثمار هو الحل للعديد من المشاكل التي عانت منها معظم اقتصادات العالم، خاصة النامية منها، وربما قد تثير موضوعة الاستثمار حفيظة البعض، كونه طالما أرتبط بأفكار سياسية او وطنية، خاصة في مجال الانفتاح نحو الخارج والاستثمارات الاجنبية التي قد تمثل خطراً على قطاعات الاقتصاد المحلي وفي بيئة تشبه بيئة الاقتصاد العراقي التي تعاني من ضعف القطاع الخاص في خلق الاستثمارات المطلوبة لتنشيط الوضع الاقتصادي في البلد، اذ ان هذا التخوف مازال يحيط بنا لهذه اللحظة خوفاً من تبعات ونتائج هذه الاستثمارات على المستوى المحلي اقتصادياً وسياسياً، وبالتالي حرمان البلد من مايمكن ان تقدمه هذه الاستثمارات من دفعة لتطوير واقع البلد الاقتصادي، وبما أننا نتكلم عن العراق فأن بيئة الاعمال الخاصة بالاستثمارات سواء المحلية منها او الاجنبية مازالت تواجه تحديات ومشاكل على المستوى السياسي والاقتصادي والتنظيمي المتعلق بالتشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمارات، ومن اجل ذلك وفي العام 2007، طلبت حكومة العراق دعم منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCED)، للمساعدة في تحديد ودعم الاصلاحات السياسية من خلال البحوث وحوار السياسات وبناء القدرات، وقد قدمت الـ (OCED)، مجموعة من المبادرات السياسية الاقتصادية في مجال تحسين مناخ العمل والاستثمار في العراق، وقد بينت المنظمة ان العراق يواجه تحديات سياسية واقتصادية هائلة، منها الحرب ضد التنظيمات الارهابية بالاضافة إلى ويلات بلد منقسم بالفعل على أسس عرقية وطائفية، اذ ان الاستقرار وبناء السلام يتطلب جهود إعادة الإعمار على نطاق واسع. وتحتاج البلاد كذلك إلى تطوير نموذج اقتصادي مما يقلل من الاعتماد على النفط من خلال التنويع الاقتصادي وقطاع خاص أقوى. وان قدرة العراق على جذب وتعبئة الاستثمارات تقف في قلب هذه القضايا. وستكون هناك حاجة للاستثمار المباشر المحلي والأجنبي لإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي. فالاستثمار خاصة خارج قطاع النفط والغاز، يمكن ان يساهم في خلق فرص عمل وآفاق جديدة للنمو والتنمية، والذي سيؤدي بدوره في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما أنه يمكن أن يولد الإيرادات الضريبية التي إذا ما أديرت بشكل جيد، يمكن من خلالها تعزيز رأس المال البشري والمادي، وفي دعم زيادة استثمارات القطاع الخاص، وقد سلط التقرير الضوء على هذه المسألة من عدة زوايا، ويعتمد على مشروع منظمة التعاون والتنمية في العراق، والذي تم اطلاقه في عام 2007، وعمل على تحسين مناخ الاعمال والاستثمار بين 2013و 2016، وعلى وجه التحديد فأن مشروع الـ (OCED)، في العراق ركز على الأتي : 1- مساعدة الحكومة في تطوير سياسة أكثر جاذبية للاستثمار . 2- العمل على زيادة القدرة والطاقة الاستيعابية للاستثمار في جذب المستثمرين . 3- دعم جهود الحكومة في وضع أطر لتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة بالاستثمار. 4- ضمان مشاركة اصحاب المصلحة العراقية في الانشطة والبرامج التنافسية الخاصة بـ (OCED). وبحسب التقرير فأن مشروع الـ (OCED)، حقق بعض النتائج الملموسة ومنها : 1- سن التعديل الثاني لقانون الاستثمار لعام 2006 في العراق، وقد تم دمج توصيات منظمة التعاون والتنمية في الصيغة النهائية للقانون، وقد استفاد الخبراء القانونيين في العراق من تقديم المشورة بشأن السياسات وبناء القدرات في مختلف القضايا القانونية، مثل قانون التحكيم واتفاقيات الاستثمار الثنائية. 2- تدريب اكثر من 60 موظف من الهيئة الوطنية للاستثمار وهيئات الاستثمار في المحافظات، والتعامل مع استفسارات المستثمرين وتقديم المعلومات لهم، واعداد ملفات الاستثمار لصياغة ورسم الفرص الخاص بالاستثمار في السوق العراقية . 3- خلق بيئة فريدة ومستقلة لاصحاب المصلحة من الحكومة مع جمعيات رجال الاعمال والقطاع الخاص للحوار البناء . 4- المشاركة الواسعة وعلى مستوى عال في وضع السياسات من قبل المسؤولين الحكوميين وممثلين عن مجتمع الاعمال ومنظمات المجتمع المدني وشبكات الخبراء الاقليمية لبرنامج التنافسية الخاص بـ (OCED). الا انه وبسبب ما يعانيه العراق من مستويات عالية من العنف وانعدام الامن والثقة بين الفصائل العرقية والدينية والسياسية المختلفة في البلد، مع ضعف وغياب دور المؤسسات في كثير من الاحيان، بالاضافة الى الحرب ضد داعش الارهابي وانهيار اسعار النفط عام 2014- 2015، مثل ضربة قوية تقوض من مسار الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق . جاء هذا التقرير في اربعة فصول ليقدم شرحاً مفصلاً عن الاوضاع السياسية والاقتصادية التي مر بها العراق، اذ تناول الفصل الاول شرح الفرص والتهديدات المرتبطة بتشجيع وتنمية القطاع الخاص وعن طبيعة مشروع الـ (OCED) في العراق، بينما ناقش الفصل الثاني طرق تشجيع وتسهيل الاستثمار من خلال وصف وتحليل نظام دعم الاستثمار ودور وكالات الاستثمار في تنشيط الاستثمار وماهي التوصيات الواجب تنفيذها من اجل تحقيق ذلك، اما الفصل الثالث فهو تحليل للاطار القانوني للاستثمار في العراق وكيفية تحسين وتطوير هذا الاطار بما يخدم بيئة الاعمال والاستثمار في البلد.
التعليقات