دور القيم في ترصين إنتاجية الموارد البشرية

شارك الموضوع :

يبدو جليًّا ذلك التأثير الفاعل لمجموعة القيم التي تدخل في صلب نشاطات الموارد البشرية بشكل عام، نعم من الأهمية بمكان مراعاة مصلحة المنظمة، ولكن يجب أن لا تقوم المنظمة بإهمال القيم، وفي نفس الوقت يجب تدريب الموارد البشري على التمسك بالقيم كونها تؤدي بالنتيجة إلى سمعة طيبة، وترويج ناجح، وتفوق بين المنظمات المنافِسة

لكل فرد ما زال على قيد الحياة قيم ومبادئ معينة يؤمن بها، قد تكون دينية أو ثقافية أو قيم أخلاقية أنتجتها البيئة الاجتماعية، وهذه القيم تنعكس بطريقة أو أخرى على النشاط الفردي، ومن مجموع الأفراد ينتج لنا النشاط الاجتماعي الكلي، فما هي القيم وما هو دورها في تحديد مسار إنتاجية الموارد البشرية في إطار عمل المنظمة؟

وقبل الخوض في فكرة موضوعنا هذا من المفيد أن نلقي بعض الضوء على معنى ومفهوم القيم وأثرها على طبيعة مهارات الموارد البشرية بشكل عام، إن القيم بحسب ما يذكره المختصون هي مجموعة الصفات التي تعطي ثمنًا (قيمة) لشيء معين أو كائن أو ظاهرة، أما مفهوم القيم من وجهة النظر الفلسفية منقبل العالِم (بيتري أندريه) أن ظاهرة القيم هي ظاهرة نفسية، شعور يصاحب الحكم الذي يسعى إلى تحقيق غرض معين أو أهداف بأشكال مختلفة.

وهكذا فإن الإنسان يؤسس قيما مختلفة وفقًا للظروف الخارجية والأحكام الروحية، فقد أشار علماء الموارد البشرية إلى أن التعريف الكلاسيكي للقيم ، وهو التمييز الصريح أو الضمني للفرد أو السمعة أو سمة من سمات المجموعة، والتي تكون مرغوب بها، بحيث يؤثر هذا التميّز على اختيار الأساليب والوسائل وأهداف العل المتاحة. كما أنها تُعد من المبادئ أو المعايير لسلوك الموارد البشرية والذي يمكن من خلالها الحكم على ما هو مهم وما هو أهم في حياته أو عمله... وبهذا المعنى فإن القيم تعكس مواقفهم وخياراتهم وقراراتهم وأحكامهم وعلاقاتهم وما يحملون من رؤى تجاه أعمالهم والبيئة المحيطة بهم وهذا بحد ذاته تحدٍ كبير للموارد البشرية التي تسعى إلى التحقق من تلك القيم والعادات والتقاليد التي تعلمها الأفراد منذ الطفولة ومن خلال الأسرة والبيئة والأقارب والأصدقاء أو الدين، لذا يجب على الموارد البشرية العمل على السيطرة على هذه العوامل بما يحقق مصلحة المنظمة ولا يؤثر على الثقافات الشخصية للعاملين. 

وهنا سوف يبرز أمام قادة المنظمة سؤال في غاية الأهمية، هل يتناقض تأثير ودور القيم مع ما تنتجه الموارد البشرية بحسب طبيعة وماهيّة هذه القيم؟، والإجابة لابد أن يكون للقيم التي يؤمن بها الفرد أو مجموعة الأفراد تأثيرا في عمله ومعظم نشاطاته، فهناك على سبيل المثال قيمة الصدق والجودة في العمل، إذا تم التمسك بها فإن النتائج سوف تكون في صالح المنظمة، أما إهمالها فسوف يؤدي إلى تقليل الجودة وبالتالي تقليل الإقبال على المنتَج، وهذا يتسبب بخسائر نتيجة تأثير القيم.

هناك من يعتقد بأن الجودة تتطلب أثمانا باهضة، تؤثر في تحديد السعر الكلي، فيكون مرتفعا نتيجة الجودة العالية، لذا من الأفضل تقليل الجودة لترويج أفضل، وهنا يكون للقيم والأخلاقيات دورا حاسما في تحديد نوعية المنتَج، لذا فإن القيم سوف تنعكس بقوة على طبيعة ما ينتج عن الموارد البشرية، حيث يتضح أن التهاون في قضية القيم سوف يؤدي إلى نتائج سيئة على مستوى الإنتاجية ونوعيّتها.

ما هي الحلول الوسطية التي يمكن أن تلجأ إليها المنظمة، لتلافي الأضرار المحتملة:

أولا: التمسك بالجودة

لابد أن تكون هناك خطة معدة لعدم التفريط بعنصر الجودة، إذا لا يمكن اللجوء إلى التحايل أو تقليل التكاليف على حساب النوعية، لأن النتيجة لن تكون في صالح العملية الانتاجية للمنظمة، كما أن التعامل المزدوج يؤثر على الجوانب الإيجابية للموارد البشرية.

ثانيا: الأخلاق والقيم

لا يصح التخلي عن أخلاقيات العمل، ولابد أن يتم زرع القيم الرصينة في نفوس وتعاملات الموارد البشرية، وذلك لتعزيز القيم البناءة، وعدم تفضيل الأرباح على حسب النوعية.

ثالثا: تعزيز الوسطية

مثلما يفكر المدير التنفيذي للمنظمة بأهمية تحقيق الأرباح أو النتائج الجيدة، عليه في نفس الوقت أن يعد الخطة اللازمة التي تضمن جودة المنتَج، فيجب أن تكون هناك وسطية تضمن وجود القيم وتأثيرها، وتضمن في نفس الوقت نتائج إيجابية للمنظمة.

رابعا: إظهار الاهتمام بجميع الأطراف

لا يمكن للمنظمة التفكير بالعملية الربحية على حساب الجودة، فمثل هذا السلوك يعني التخلي عن القيم التي تضبط الإيقاع الإنتاجي، وتمنحه الديمومة التي توازن بين تكلفة الإنتاج، والأرباح المتحققة، وفي حالة تحققت حالة التوازن بين الطرفين في النتائج سوف تكون في صالح المنظمة.

وفي خلاصة ما تقدم، يبدو جليًّا ذلك التأثير الفاعل لمجموعة القيم التي تدخل في صلب نشاطات الموارد البشرية بشكل عام، نعم من الأهمية بمكان مراعاة مصلحة المنظمة، ولكن يجب أن لا تقوم المنظمة بإهمال القيم، وفي نفس الوقت يجب تدريب الموارد البشري على التمسك بالقيم كونها تؤدي بالنتيجة إلى سمعة طيبة، وترويج ناجح، وتفوق بين المنظمات المنافِسة.

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية