تحتل الخدمات أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي، وذلك لما لها من دور كبير في المؤشرات الاقتصادية.
حيث يُمكن استكشاف مدى اهمية الخدمات من خلال معرفة واقعها في الاقتصاد العالمي، وبالتحديد من خلال حجم القيمة المضافة ومساهمتها في الناتج والفرص التي تولدها ونموها.
وتجب الاشارة، إلى ان المدة الزمنية لم تُكن ثابتة لكل المؤشرات في هذا المقال بل ستكون متغيرة حسب ما متاح منها في موقع البنك الدولي.
الخدمات في الاقتصاد العالمي
يُمكن استكشاف اهمية قطاع الخدمات في الاقتصاد العالمي من خلال المؤشرات أدناه وهي
1- القيمة المضافة لقطاع الخدمات ونسبة تطورها(نسبة التغير)
حيث ارتفعت القيمة المضافة لقطاع الخدمات في الاقتصاد العالمي من 20 تريليون دولار عام 1995 الى 61 تريليون دولار عام 2021.
وان نسبة التغير هي 205% بمعنى ان القيمة المضافة تضاعفت بأكثر من ضعفين خلال هذه المدة.
وفي المقابل نلاحظ، ان القيمة المضافة لقطاع الزراعة ارتفعت من 280 مليار دولار عام 1969 الى 4 تريليون دولار عام 2021.
وان نسبة التغير هي 1328%، بمعنى انها تضاعفت بأكثر من 13 مرة خلال هذه المدة.
كذلك ارتفعت القيمة المضافة لقطاع التصنيع من ما يُقارب 6 تريليون دولار عام 1997 الى ما يُقارب 16 تريليون دولار عام 2021.
وان نسبة التغير هي 166%، بمعنى انها تضاعفت بأكثر مرة ونصف المرة خلال هذه المدة.
هذا المؤشر يوضح أمرين الاول حجم الاموال التي يدرها قطاع الخدمات اكبر من قطاعيّ الزراعة والتصنيع، والثاني ان النمو في القطاع الزراعي اكبر من قطاعيّ الخدمات والتصنيع.
2- مساهمة الخدمات في الناتج
ان مساهمة القيمة المضافة لقطاع الخدمات متذبذبة بين الارتفاع والانخفاض لكنها بشكل عام تتراوح بين 62% و 65% من اجمالي الناتج المحلي خلال المدة من 1995 الى 2021.
بينما مساهمة القيمة المضافة لقطاع التصنيع لم تكُن متذبذبة بقدر ما كان مسارها العام نحو الانخفاض من 19% عام 1997 الى 16% عام 2021.
ونفس الامر بالنسبة للزراعة حيث انخفضت من 10% عام 1969 الى 4% عام 2021.
هذا المؤشر يعكس أي القطاعات أكثر استحواذاً وتكويناً لإجمالي الناتج المحلي، والذي اتضح ان قطاع الخدمات أكثر القطاعات استحواذاً وتكويناً لإجمالي الناتج المحلي في العالم.
3- الفرص التي يولدها قطاع الخدمات
حيث ارتفعت نسبة عدد العاملون في قطاع الخدمات من 35% من اجمالي عدد المشتغلين في العالم عام 1991 الى 50% من اجمالي عدد المشتغلين في العالم عام 2021.
وبالمقابل ان نسبة عدد العاملون في قطاع الصناعة تتزايد ولكن بشكل خفيف ومتذبذب من 22% عام 1991 إلى 23% من اجمالي المشتغلين في العالم عام 2021.
وبالنسبة لنسبة عدد العاملون في قطاع الزراعة فقد انخفضت من 43% عام 1991 في العالم الى 26% من اجمالي المشتغلين في العالم عام 2021، حسب بيانات البنك الدولي.
هذا المؤشر يوضح عدد فرص العمل ونموها، حيث اتضح ان حجم الفرص التي يولدها قطاع الخدمات أكبر واسرع نمواً من فرص قطاعيّ الصناعة والتشغيل.
4- الاستقرار النسبي للنمو السنوي
يتراوح النمو السنوي لقطاع الخدمات ما بين 2.5% و 4.5% خلال المدة 1998 و2021 باستثناء عام 2009 حينما بلغ – 0.1% بسبب الازمة المالية العالمية، وعام 2020 حينما بلغ – 3.3% بسبب فيروس كورنا الذي تسبب بالإغلاق الاقتصادي، وعام 2021 حين بلغ 10.1% بسبب بدء الحياة والتعافي من فيروس كورونا.
أما بالنسبة للنمو السنوي لقطاع التصنيع فقد كان متذبذباً بشكل واضح وتراوح بين 6.4% و – 1.1% خلال المدة 1998 و 2021، باستثناء عام 2009 حين بلغ – 9.8%، وعام 2010 حين بلغ 8.6%، وعام 2020 حين بلغ – 4.2%، وعام 2021 حين بلغ 7.8% عام 2021 للأسباب ذاتها اعلاه.
والأمر اسوء بالنسبة للنمو السنوي لقطاع الزراعة، حيث كان التذبذب صارخاً، اذ تراوح بين 0.2% و5.8% خلال المدة 1969 و 2021، لكنه لم يكُن بالسالب.
واذا ما تمت المقارنة بين التذبذبات أعلاه، سنجد ان النمو السنوي لقطاع الخدمات أكثر استقراراً من النمو السنوي لقطاعيّ التصنيع والزراعة.
الخدمات بين الاقتصادات المتقدمة والمتخلفة
إضافة الى المؤشرات أعلاه، يُمكن ملاحظة الفرق بين الاقتصادات المتقدمة(مرتفعة الدخل) والاقتصادات المتخلفة(منخفضة الدخل) من حيث مدى اهمية قطاع الخدمات في الناتج والفرص لكل منها، وهذا سيعطينا فهم ادق لواقع الخدمات في الاقتصاد العالمي.
1- في الاقتصادات المتقدمة تتراوح نسبة مساهمة الخدمات بين 65% و 70% من اجمالي الناتج المحلي للمدة 1997- 2021، وهي باتجاه الارتفاع؛ بينما في الاقتصادات المتخلفة تتراوح بين 35% و40%، للمدة نفسها؛ وهي باتجاه الانخفاض.
2- في الاقتصادات المتقدمة تتراوح نسبة العاملون في الخدمات بين 60% و 75% كنسبة من اجمالي المشتغلين للمدة 1991 – 2021، وهي باتجاه الارتفاع؛ وفي المقابل بالنسبة للاقتصادات المتخلفة تتراوح بين 21% و 30% كنسبة من اجمالي المشتغلين للمدة نفسها؛ وهي باتجاه الارتفاع ايضاً.
ونظراً لاتصاف قطاع الخدمات بضخامة قيمته المضافة، وارتفاع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وزيادة فرص التوظيف التي يولدها واستقرار نموه تقريباً مقارنةً بقطاعيّ الزراعة والتصنيع، إضافة لزيادة اهمية الخدمات في الاقتصادات المتقدمة بشكل أكبر من الاقتصادات المتخلفة على مستوى المساهمة في الناتج والتوليد الفرص، أصبح بالفعل قطاع الخدمات قطاع قائد في الاقتصاد العالمي.
وماذا عن واقع قطاع الخدمات في الاقتصاد العراقي في ظل هيمنة القطاع النفطي عليه؟ هذا ما سيكون موضوع المقال القادم.