بعد هزيمة تنظيم داعش معا، يسعى اكراد العراق الى الانفصال عن بغداد

الكاتب: باروسلاف تروفيموف نقلا عن صحيفة الوول ستريت

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية 

ترجمة: هبه عباس محمد

 

ان نتيجة الاستفتاء الكردي هي الشيء الوحيد غير المشكوك فيه، ومن المؤكد ان الأغلبية الساحقة ستدعم إنشاء أحدث دولة في العالم. والتساؤل هنا عن الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لتقسيم العراق، وما الذي سيحدث بعد اجراء الاستفتاء في ٢٥ ايلول المقبل، وهل سيضع السياسيون الاكراد خلافاتهم جانبا؟ وهل ستتمكن السلطات الاتحادية العراقية والجيران المتدخلون في المنطقة من منع الأحداث التي تدور خارج نطاق السيطرة في أعقاب الاستفتاء الذي لا مفر منه؟

ومن جانبها لا تتمنى الدول المجاورة للعراق مثل إيران وسوريا وتركيا نجاح الاستقلال الكردي خشية أن يلهم ذلك الأقليات الكردية التي لا تهدأ داخل حدودها ويحثها على المطالبة بالاستقلال، وفي الوقت الذي يهتف فيه بعض المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب بشكل خاص بقضية الاستقلال الكردية، يبقى الحفاظ على وحدة العراق هو السياسة الرسمية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.

كما يشعر الشركاء الغربيين للعراق بالقلق من ان يؤدي الاستفتاء-حتى لو لم يحقق الاستقلال في الوقت الحالي-الى تغيير المناخ السياسي في باقي انحاء البلاد، ومع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية العراقية في العام المقبل، يمكن ان يسلط هذا النظام الضوء على القوى الشيعية المتطرفة المعادية لنهج رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ويضاف هذا الى الخطر الكبير على الاستقرار الاقليمي في وقت هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا.

وقال مسؤول امريكي رفيع المستوى نعتقد ان فكرة الاستفتاء فكرة سيئة وتوقيته سيء ايضا لان الاكراد غير مستعدين لخوضه، وان مضي الاكراد بأجراء الاستفتاء هذا العام سيؤدي الى تعزيز وتقوية الشخصيات الاكثر استقطاباً والاكثر طائفية في بغداد واضعاف من هم أكثر اعتدالا ومن سيصلون عبر الخطوط الطائفية ويشكلون تحالفات.

ومن جانبهم رد المسؤولون الاكراد على هذا التصريح بالقول أن الوقت مناسب تماما لتحقيق الرغبة الكردية التأريخية في تشكيل دولة مستقلة، بعد أن أقامت حكومة العبادي والقيادة الكردية تعاون وثيق في القتال جنبا إلى جنب لإطاحة تنظيم داعش في الموصل. واضاف المسؤولون ان كردستان تخطط لاجراء مفاوضات مفصلة مع بغداد حول كيفية ووقت تنفيذ الاستقلال.

وللاجابة على التساؤل عن سبب اجراء الاستفتاء في الوقت الحالي يقول همين هورامي القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني يمكن ان نحقق من خلال هذه العلاقة الايجابية مع بغداد تفاهما متبادلا لاننا لا نعلم من سيخلف العبادي ويكون مسؤولا في بغداد، كما نريد أن نتجنب المواجهة المستقبلية وإراقة الدماء في المستقبل من خلال إنهاء هذا الترابط غير المفيد في العلاقات مع بغداد، واضاف ان اجراء الاستفتاء هو من اجل الاستقلال لكن هذا لا يعني انه في ٢٦ سبتمبر سوف يتم اعلان الاستقلال بل انها بداية عملية طويلة.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة الفدرالية العراقية التصويت غير قانوني لعدم وجود تشريع للقيام به، فمن غير المرجح أن تفعل بغداد أي شيء لمعارضة ذلك، وقال سجاد جياد هو المدير الإداري لـ مركز البيان للتخطيط والدراسات، وهو مؤسسة بحثية مستقلة غير ربحية مقرها في بغداد ان معظم العراقيين في المناطق الفدرالية لا يدعمون الاستفتاء، لكنهم بصراحة ليسوا في وضع يسمح لهم بقضاء الكثير من الوقت في القلق بسبب وجود الكثير من المشاكل الأخرى في البلاد.

تتمتع المناطق التى يسيطر عليها الاكراد فى شمالى العراق بحكم ذاتى واسع منذ عام ١٩٩١، النظام الذي نص عليه الدستور العراقي عام ٢٠٠٥، فمنطقة اقليم كردستان التي تساوي بمساحتها مساحة ايرلندا وهي موطن لحوالي ٥.٢ مليون شخص لديها بالفعل قوات امن خاصة بها وضوابط للهجرة، ولا يسمح للقوات الاتحادية والشرطة بالتواجد على اراضيها دون اذن خاص.

ان تعقيد اي تحرك نحو الاستقلال عن العراق سيؤثر على الاراضي المتنازع عليها -اي الواقعة خارج الحدود المعترف بها لحكومة اقليم كردستان-مثل مدينة كركوك وحقول النفط القريبة التي تسيطر عليها القوات الكردية ويسكنها الكثير من السكان الأكراد. وقد استولت قوات البيشمركة الكردية على العديد من هذه المناطق على مدى السنوات الثلاث الماضية، في سياق الحرب ضد تنظيم داعش، وتسعى بغداد لاستعادة السيطرة على هذه الأراضي المتنازع عليها، وأدانت الخطط الكردية لإجراء الاستفتاء هناك، ناهيك عن ضمها بشكل دائم.

وقال عمار توما، رئيس كتلة الفضيلة الشيعية في البرلمان العراقي، إذا تم إجراء الاستفتاء وانفصال الاقليم سيؤدي الى خلق المزيد من الصراعات حول قضايا مثل الأراضي المتنازع عليها، ولن يستفيد منه الاكراد والعراقيين. وتعد السودان خير مثال على الدول التي حدث فيها الاستقلال بعد اجراء الاستفتاء عام ٢٠١١، وبعد عامين من الاستقلال انحدرت البلاد الى حرب اهلية ادت الى نزوح الملايين.

ومن جانبهم خاض الأكراد العراقيون حربهم الأهلية في التسعينات ولا يزال اقليم كوردستان مقسما بين المناطق الغربية التي يسيطر عليها الحزب الديموقراطي الكردستاني التابع لبارزاني والمناطق الشرقية تحت سيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس له.

وقد شُلت مؤسسات المنطقة ذات الحكم الذاتي بسبب الأزمة السياسية التي اندلعت عام٢٠١٥، وبعد انتهاء ولاية بارزاني لم يتمكن برلمان كردستان الذي كان يخطط لعقد جلسة لانتخاب خليفة لبارزاني من الاجتماع لمدة سنتين تقريبا بسبب منع دخول رئيس البرلمان الى عاصمة الاقليم من قبل الحزب الديموقراطي الكردستاني. ومن المقرر ان تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كردستان في تشرين الثاني بعد اسابيع من الاستفتاء المقرر.

وقد دعا بارزاني إلى التصويت على الاستقلال الذي طال انتظاره، كما ازدادت الاحتجاجات ضد الجمود السياسي والفساد في جميع أنحاء كردستان، وللقيام بذلك استغل بارزاني ببراعة المشاعر القومية الكردية لتفادي الاضطرابات الداخلية، على الأقل حتى الآن.

وقالت ماريا فانتابي المختصة بالشؤون الكردية في مجموعة الأزمات الدولية ان الشعور بعدم الثقة بلغ ذروته، وكان الناس يشعرون بعدم قدرة القيادة الكردية على قيادة القضية الوطنية الكردية، لكن اصبح الشعور الوطني الآن هو الشعور السائد ، وقد لعب قادة كردستان هذه الحيلة بشكل جيد .

رابط المقال الاصلي:

https://www.wsj.com/articles/after-defeating-isis-together-iraqi-kurds-seek-divorce-from-baghdad-1498728603 

التعليقات