قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هدية ما قبل التنصيب والتي يتجاهلها على مسؤوليته الخاصة. وكان التوقيت مهمًا بقدر أهمية "اتفاقية الشراكة الشاملة" الروسية الإيرانية نفسها
فريدريك كيمبي (Frederick Kempe) نقلا عن المجلس الاطلسي / واشنطن
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
ترجمة: د. حسين احمد السرحان
كانون الثاني-يناير 2025
قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هدية ما قبل التنصيب والتي يتجاهلها على مسؤوليته الخاصة. وكان التوقيت مهمًا بقدر أهمية "اتفاقية الشراكة الشاملة" الروسية الإيرانية نفسها.
قبل ثلاثة أيام من تنصيب الرئيس المنتخب للولايات المتحدة دونالد ترامب، التقى بزشكيان وبوتن في موسكو لتوقيع الاتفاقية التي تغطي التجارة والتعاون العسكري والعلوم والتعليم والثقافة والمزيد من القضايا الاخرى. كما تؤكد على العلاقة الرباعية المتنامية بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية "محور المعتدين" الذي لم يعترف الرئيس الأمريكي المنتخب بعد بتحديه المشترك كأولوية.
ومع ذلك، لا شيء يميز تحديات ولاية ترامب الأولى عن تلك التي يواجهها في ولايته الثانية أكثر من التعاون الدفاعي الصناعي والاقتصادي والسياسي المزدهر لهذا المحور. قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على تيليجرام: "هذه المعاهدة ليست نقطة تحول رئيسة تعزز علاقاتنا الثنائية فحسب، وهي ليست مجرد اتفاقية سياسية؛ إنها خريطة الطريق الى المستقبل".
لقد تطورت العلاقات بين روسيا وإيران والصين بشكل مطرد منذ غزو بوتن لأوكرانيا قبل ما يقرب من ثلاث سنوات. وفي هذا الإطار أرسلت إيران صواريخ باليستية قصيرة المدى، بالإضافة الى طائرات بدون طيار والتكنولوجيا الخاصة بها، الى روسيا. فقد وجد تحقيق أجرته شبكة CNN في كانون الاول 2024 أن مصنعًا في منطقة تتارستان الجنوبية في روسيا ينتج كميات كبيرة من الطائرات بدون طيار من طراز شاهد مصممة إيرانيًا بمكونات صينية. وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، صنع المصنع ما يقرب من ستة آلاف طائرة بدون طيار من طراز شاهد، أي أكثر من ضعف ما كان لديه في العام السابق.
في حزيران 2024، وقع بوتن اتفاقية شراكة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون. وفي تشرين الثاني من نفس العام أعقبت بيونج يانج ذلك بإرسال عشرة آلاف جندي الى روسيا لمحاربة الهجوم الأوكراني في منطقة كورسك الروسية. وفي وقت سابق من هذا الشهر كانون الثاني 2025، أسرت القوات الأوكرانية جنديين كوريين شماليين بالقرب من الحدود. كذلك في كانون الأول 2024، أبرم بوتن معاهدة أمنية مع بيلاروسيا تضمنت نشر روسيا للأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا.
وقد جاء ذلك في أعقاب التوسع المستمر وتعزيز الشراكة "بلا حدود" التي أبرمها بوتن مع الرئيس الصيني شي جين بينج قبل وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا في شباط 2022. وقد قاومت القيادة الصينية كل الجهود التي بذلها المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون لإقناع بكين بتقليص دعمها لروسيا، والذي لولاه لما كانت موسكو قادرة على مواصلة حملتها العسكرية.
وعلى الرغم من تركيز ترامب مؤخراً على استعادة قناة بنما، والاستحواذ على جرينلاند، وإضافة كندا إلى قائمة الولايات المتحدة الحادية والخمسين، فان الطريقة التي يتعامل بها مع التعاون بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية ستكون ذات عواقب تاريخية وجيوسياسية أعظم الى حد لا نهائي.
ومع ذلك، فان أحدث صفقة بين إيران وروسيا تتعلق بالضعف بين الشركاء الأربعة بقدر ما تتعلق بقوتهم المشتركة، والتي توفر لترامب فرصًا لتعطيل قضيتهم المشتركة. اذ لم تكن إيران ضعيفة اقتصاديًا وعسكريًا الى هذا الحد منذ ثلاثين عامًا. لقد تم تدمير وكلائها حماس وحزب الله، وتآكلت دفاعاتها الجوية، وفشلت ضرباتها الصاروخية غير المسبوقة على إسرائيل العام الماضي في إضعاف إسرائيل عسكريًا. ومن الواضح أن روسيا لم تقدم لإيران صفقة الدفاع المتبادل التي كانت جزءًا من اتفاقياتها مع بيلاروسيا ومع كوريا الشمالية.
السؤال هو، كيف سيستجيب ترامب لهذه الهدية التي قُدمت له قبل تنصيبه؟ كان أحد إخفاقات الرئيس الأمريكي جو بايدن هو الحذر المفرط في التعامل مع التحدي المتزايد المتمثل في التعاون بين روسيا والصين، الى جانب إيران وكوريا الشمالية، على الرغم من أنه كان رائدًا في تشخيص "نقطة التحول" التي يؤشر لها مثل هذا التعاون الاستبدادي. قد يكون ترامب أكثر استعدادًا من بايدن لاتخاذ إجراءات لفرض المصالح الأمريكية.
رابط المقال الاصلي:
https://www.atlanticcouncil.org/content-series/inflection-points/a-russian-iranian-inaugural-gift-for-trump
اضافةتعليق