الصفقات المحتملة لإنهاء أزمات الشرق الأوسط - ملتقى النبأ الشهري

عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في مدينة كربلاء المقدسة ملتقاه الفكري الشهري يوم السبت الموافق 12/12/2015 تحت عنوان (الصفقات المحتملة لإنهاء أزمات الشرق الأوسط) وقد افتتح الملتقى مدير المركز الدكتور خالد عليوي العرداوي الذي رحب بالضيوف الحاضرين، ومن ثم قدم لهم الباحث في مركز الفرات الأستاذ حمد جاسم الخزرجي ليلقي ورقة بحثية حول الموضوع ، فبدء الباحث بوصف تاريخ الظواهر السياسية وقسمها الى ثلاث مسارات: أما تواصل الظاهرة وتطورها بالاتجاه الذي بريده أصحابها، واما أن تعرف قدرا من التذبذب صعودا وهبوطا، واما ان تدخل في مسار تراجعي ينتهي بنهايتها. وذكر إن منطقة الشرق مرت بالعديد من الأزمات قبل وضعها الحالي الذي أنزلها إلى الهاوية. وحدد المخرج لها من هذا الوضع بين يدي أمريكا وموسكو من جهة وحلفائهم الرياض وطهران وتركيا من جهة أخرى، ثم بعد ذلك عرج على ما سمي حينها ثورات الربيع العربي، التي وضعت الشرق الأوسط والعالم على المحك، فمن تونس إلى ليبيا الغارقة بالفوضى، إلى مصر التي تحاول استعادة أمنها واستقرارها بصعوبة، إلى اليمن التي يشتبك فيها المحلي بالإقليمي والدولي، إلى سوريا التي أصبحت ساحة الصراع الدولي المحتدمة، وتدخل دول إقليمية بهذه الأزمات مثل إيران والسعودية وتركيا، فضلا على الدور الرئيسي ( الأمريكي والروسي) الذي يحاول أن يجمع هذه الأزمات في دول المنطقة وتوظيفها لمصلحتهم الخاصة، لتعظيم المكاسب وتقليل الخسائر، وذكر ان أمريكا وروسيا تنظر الى علاقاتها بالآخرين من زاوية المصالح الخاصة، وان صناعة مشهد جديد يعني الانتقال إلى مرحلة أخرى، مع تبديل أدوات اللعبة واللاعبين. وأشار أيضا إن المتابع للأحداث في العالم منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم يرى إن الكثير من الأزمات بين أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا حاليا تم تجاوزها من خلال الحوار، وذكر رأي العديد من المحللين السياسيين الذي ينص إن ليس من مصلحة أمريكا أو روسيا الاندفاع إلى حرب كونية لا تبقي ولا تذر؛ لان المواجهة العسكرية بين القوتين سوف تكون نهاية العالم، وذكر أيضا إن إسرائيل رغم عدائها مع النظام السوري إلا أنها في النهاية وحسب التحليلات تؤيد بقاء نظام ضعيف في سوريا على رأسه بشار الأسد؛ لان التعامل مع قيادة واحدة أفضل من فوضى غير معروفة النتائج في سوريا، إضافة إلى تركيا التي تحاول تغيير النظام في سوريا ومجيء نظام قوي مع سوريا موحدة؛ وذلك لمنع إقامة كيان كردي جديد على حدودها الجنوبية، وإنها أخيرا غيرت رأيها من سوريا والسبب هو حربها مع حزب العمال الكردستاني التركي واكتشاف المساعدات العسكرية الأمريكية لهذا الحزب، وأخرها أزمتها مع روسيا حول الطائرة التي أسقطتها، وما قد تستغله روسيا لمصلحة الاكراد ضد تركيا، أما الدول العربية فهي الأخرى مشتتة بين راغب باستقرار الأوضاع في سوريا حتى مع وجود الأسد، وبين من يريد التغيير ولو على حساب تقسيم سوريا والمنطقة. وبهذا فان روسيا وأمريكا تدركان جيدا إن أي توتر بينهما سوف لن يكون في صالح أي منهما، وان هناك العديد من دول المنطقة متربصة بهما، لذلك الاعتقاد السائد هو التوافق والصفقات على حل أزمات المنطقة بعد إن يصل كل طرف إلى مرحلة يعتقد إن تجاوزها خط احمر للطرف الأخر، و يبدو أن لبنان على وشك أن تشهد حدوث تقدم دبلوماسي طفيف في الأيام المقبلة، فقد أصبح من الواضح أن حلفاء السعودية وإيران وافقوا مبدئيا على الرئيس الجديد بعد أزمة دامت لثمانية عشر شهرا، حيث تم ترشيح سليمان فرنجية لمقعد الرئاسة اللبنانية الشاغر، وذلك في إطار صفقة سياسية من قبل الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية دعمت نتائجها السياسي المسيحي فرنجية، صاحب العلاقات الودية مع أنصار إيران في سوريا، بالإضافة إلى ترشيح سعد الحريري، الزعيم السني المدعوم بقوة من قبل السعودية لكي يصبح رئيسا للوزراء، هذه الصفقة تمثل خطوة أخرى صغيرة إلى الأمام في العملية السياسية التي جلبت إيران والسعودية إلى طاولة المفاوضات في فيينا لبحث وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية السورية، فإذا تم العمل بالفعل على ما تم الاتفاق عليه، فسيكون هذا الأمر بمثابة حل سياسي مميز يرضي جميع الأطراف. وفي اليمن أكدت المصادر بان مبعوث الأمم المتحدة لليمن (إسماعيل ولد الشيخ) أكد انه حصل على موافقة الأطراف اليمنية على عقد مؤتمر دولي حول إنهاء الأزمة في اليمن يعقد في سويسرا منتصف هذا الشهر بإشراف الأمم المتحدة، من أهم بنوده وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن اليمن، وهو ما وافقت عليه كل الأطراف اليمنية، إن موافقة الأطراف اليمنية على المؤتمر لإنهاء الأزمة، هو حتما تم بموافقة الدول المؤثرة في المنطقة ومنها أمريكا والسعودية من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى، من خلال صفقة بين هذه الإطراف. وفي نهاية الورقة البحثية طرح الباحث سؤالين للحضور لغرض الحوار والنقاش حولهما وحول ما طرحه في الورقة البحثية وهما: - السؤال الأول: ما هو السبب الذي يدفع الأطراف المؤثرة في هذا التوقيت إلى التوافق لإنهاء صراعات الشرق الأوسط؟ المداخلات: - الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام عرج في مداخلته على إن المنطقة ذاهبة بالاتجاه نحو الأسوأ ونسف كل أدوات اللعبة وذكر إن هذا الأمر خطير في العالم والشرق الاوسط وفي البلدان الضعيفة التي تشهد صراعا دائرا فيها، وأكد إن هنالك احتمال إن تؤدي الإحداث إلى حرب عالمية ثالثة وان تركيا بإسقاطها الطائرة الروسية ارادت توريط العالم بحرب عالمية ثالثة وتطرق إلى سياسة المحاور المتبعة في المنطقة، وذكر إنه لابد من وجود صفقات كبرى وصغيرة في محاور الصراع الدائر في المنطقة والعالم. - الدكتور حيدر حسين آل طعمة الباحث الاقتصادي في مركز الفرات في مداخلته ذكر إن المشهد في المنطقة هو عبارة عن حروب بين داعش من جهة والنظام السوري من جهة أخرى وبين داعش والمعارضة السورية من جهة أخرى وان الحروب هي حروب بالوكالة نيابة عن الدول الكبرى لان المخططات هي تفتيت دول المنطقة وان هذه المخططات عقدت المشهد الأمني والسياسي في المنطقة كثيرا. - الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للبحوث والدراسات ذكر إن القضية هي صراع وطبيعة الصراع هذا ينتهي ليحل محله صراع أخر وهذا هو حال منطقة الشرق الأوسط وعرج على الحلف الرباعي (الروسي – السوري – العراقي – الإيراني) الذي شكل في مواجهة الحلف الأمريكي السعودي التركي القطري في المنطقة وأكد إن الصراع هو اقتصادي وتحول إلى عسكري وان تركيا جاء تدخلها عسكريا في المنطقة بشكل متأخر. - الأستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات عرج في مداخلته على قضية تقدم الدول في القوة والنفوذ والهيمنة وتراجعها بعد ذلك إلى مرحلة الخمول والتراجع، فذكر إنه في كل فترة عشرة سنوات تبرز دول فاعلة ومن ثم تختفي لتحل محلها دول أخرى وتطرق إلى التدخل السعودي في المنطقة وخاصة استخدام الأموال في تأجيج الصراعات والفتن والحروب الداخلية في الدول في سوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة. - الدكتور علاء الصافي أستاذ القانون في جامعة كربلاء يعتقد إن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على صفقات جديدة وان بلدانها أنهكت اقتصاديا وعسكريا وخاصة السعودية وإيران والعراق وسوريا. - الدكتور قحطان اللاوندي يركز على أهمية منطقة الشرق الأوسط وذكر أنها تمثل قلب العالم وذكر أنها محل جدال ودراسة وتنظير كانت للكثير من الاستراتيجيين ومنهم المفكر ماكندر الذي ذكر أنها منطقة قلب العالم وان السيطرة عليها هو السيطرة على العالم وذكر إنه في نهاية المطاف لابد وان يجلس المتخاصمون في هذه المنطقة من اجل تقسيم النفوذ وتوزيع المصالح والغنائم بالتساوي بينهم. - الدكتور خالد علويي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية تطرق في مداخلته إلى مستوى التفكير وكيف يسلط على الكثير من أزمات المنطقة وذكر إن الصور التي تشاهد تختلف عن ما هي في الواقع، فالأمر يحتاج إلى إدراك أكثر، وإن الأزمات في الشرق الأوسط مفيدة لكل الأنظمة السياسية القائمة كالنظام السياسي التركي والروسي والسعودي وغيرهم؛ لأنها تشكل مصدر الهاء للشعوب عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العميقة ومسؤولية هذه الأنظمة عن تفاقمها وترسيخها. السؤال الثاني: هل إن سياسة الصفقات والتوافق بين الدول المؤثرة ستحل أزمات المنطقة بشكل جذري تتلاءم مع تطلعات دوله وشعوبه، أم هي حلول لمصلحة هذه الدول فقط، ولن تحل المشكلة، وإنها حلول مؤقتة؟ المداخلات: - الشيخ مرتضى معاش في إجابته عن السؤال يرى إن المنطقة مقبلة على حلول وقتية وهي توافقية وهي صورة مصغرة للنموذج اللبناني القائم، وهي حلول تقاسم السلطة وهذه الحلول التوافقية تأتي وفق توافقات دول كبرى ومن ثم إقليمية ومن ثم تصبح محلية التطبيق، فهي مرهونة بمدى التغيرات الدولية. - الدكتور حيدر حسين آل طعمة يجد إن التفتيت والتقسيم في المنطقة هو في صالح إسرائيل وان المخطط من الإحداث في المنطقة هو فك عقدة التحالف بين إيران وسوريا ولبنان وعندها قد تكون هناك حلول جاهزة في المنطقة لكنها ليست دائميه. - الأستاذ عدنان الصالحي فتطرق إلى طبيعة الصراع ووصفه بالاقتصادي ومن ثم تحوله إلى عسكري وأكد انه يدور حول الطاقة والموارد الموجودة في المنطقة، وان الحلول لهذا الصراع تحتاج إلى سنين طويلة. - الأستاذ احمد جويد يرى إن التوافقات التي يروج لها لحل الأزمات الدائرة في المنطقة تحول الدول إلى دول ضعيفة متناحرة ومتضادة في داخلها ومتعددة الولاءات في داخل البلد الواحد. - الدكتور علاء الصافي تطرق إلى قضيتين وعدهما محور الصراع الدائر والقائم في المنطقة وهما النفط ووجود إسرائيل وذكر إنه منذ الأربعينيات من القرن الماضي عندما ظهر النفط ونشوء وقيام إسرائيل فان المنطقة لم ترى الأمان الاستقرار وان أي حلول لا يمكن إن ترى النور بوجود هذين المحورين. - الدكتور قحطان اللاوندي يعتقد ان العوامل المغذية للصراع الدائر في المنطقة تختلف من مكان إلى أخر، فعوامل الصراع في سوريا ومغذياتها تختلف عن ما هي عليه في اليمن وكذا الحال في العراق ولبنان وغيرها من دول المنطقة وأكد هناك حلول تلوح في الأفق إلا أنها ليست دائمية بل وقتية. - الدكتور خالد عليوي العرداوي تطرق إلى مقولة المفكر العسكري الاستراتيجي كلاوزفيتز التي تقول ان الحروب يخوضها رجال لا يعرف بعضهم الأخر ويقتل بعضهم الأخر من اجل رجال يعرف بعضهم الأخر، فحروب منطقة الشرق الأوسط برأيه هي حروب من صنع رجال السياسة وقادة الدول؛ من اجل البقاء والحفاظ على عرش السلطة، والحلول المحتملة لهذه الحروب والصراعات لا تأتي شاملة وإنما حلول موقتة وجزئية. وفي نهاية الملتقى تم تقديم الشكر والامتنان على تفاعلهم مع ما طرح واغنائهم موضوع الملتقى بالكثير من الأفكار والآراء التي تشكل مدخل مهم لفهم كثير مما يجري من أحداث في المنطقة والعالم.
التعليقات