كركوك ما بين الخلاف الكردي والتحرك العسكري

شارك الموضوع :

بعد تمكن الحكومة الاتحادية من بسط سيطرتها على مجمل المناطق المتنازع عليها مع الاقليم دون قتال يذكر فقد تمكنت الحكومة من طي صفحة معقدة جداً ، ومع ذلك تبرز الحاجة لتهدئة الموقف ومخاطبة الراي العام الكردي باعتباره جزء مهم من الشعب العراقي لتبديد المخاوف التي روجها بعض دعاة الانفصال

 من يراجع الموقف الكردي ما بعد عام 2003 يستشف وبوضوح عامل المناورة بقضية المطالبة بإعلان الدولة الكردية وتتصاعد وتيرة المطالبة بالانفصال او العمل على ضم مناطق المادة 140 وعلى راسها كركوك في حالات لا سيما عندما يكون الخلاف الكردي في اوج ازمته فتعمل القيادة الكردية على تصدير تلك المشكلة بغطاء الخلاف مع بغداد للتغطية على عمق ذلك الخلاف ، وفي احيان اخرى عند اقرار الموازنة الاتحادية للحصول على اكبر نسبة ممكنة، وفي تارة اخرى في مراحل تشكيل الحكومة الاتحادية لا سيما ان الطرف الكردي يتمتع بتحالف استراتيجي مع القوى الشيعية لذلك يعمل على عقد صفقات قبل القبول باي شخصية لرئاسة الحكومة او التلويح بالانفصال .

وحصيلة النقاط اعلاه كانت بإعلان الاستفتاء في 25 / ايلول والذي صاحبه رفض من اطراف كردية معارضة لسياسات رئيس الاقليم اضافة الى دول جوار العراق لا سيما تركيا وايران ، ايضاً عدم قبول دولي لا سيما الجانب الامريكي اضافة الى موقف الحكومة الرافض للانفصال فضلاً عن رفضها للتفرد بالسيطرة على المناطق المتنازع عليها التي سيطرت عليها القوات الكردية بالتزامن مع دخول تنظيم داعش الى الموصل بحجة حمايتها من الوقوع بقبضة التنظيم والسيطرة على منشآت النفط هناك والتحكم بعمليات التصدير، ولا شك في انشغال الحكومة بمحاربة التنظيم  قد اتاح لحكومة الاقليم التغلغل اكثر في بسط نفوذها على المدينة واجراء الاستفتاء فيها ، وبعد تحرير الحويجة في كركوك واصرار الكرد على اجراء الاستفتاء ادركت الحكومة الاتحادية خطورة الموقف فعملت على اجراء مناورة ربما تبدد حلم الدولة الكردية لا سيما بعد اعادة انتشار القوات في مدينة كركوك والتي سرعان ما اكملت مهامها في السيطرة على كامل المحافظة ولهذا الامر فرضيات عدة منها:

1- سياسة الاحتواء التي عمل عليها السيد العبادي عبر اللجوء للدستور في حل القضايا العالقة وبنفس الوقت العمل على كسب المواقف الدولية الرافضة للاستفتاء او الانفصال.

2- انسيابية دخول القوات الاتحادية الى كركوك تحتمل احتمالات عدة منها:

أ‌- تمكن الفريق الحكومي وبرئاسة السيد العبادي من أجراء مفاوضات مباشرة مع الاتحاد الوطني الكردستاني او جناح مهم في ذلك الحزب لا سيما ممن هم على تماس مباشر مع الاحداث وهذا من الامور الاكثر ترجيحاً وفقا لتصريحات عدة ووفقاً لمعطيات الميدان لا سيما ان القوات الكردية الماسكة بزمام كركوك هي تتبع الاتحاد الوطني ما عدا بعض المعترضين وعلى رأسهم المحافظ المقال نجم الدين كريم.

ب‌- قد يكون هناك ربط بين زيارة قاسم سليماني وما حصل من تطورات خصوصاً ان علاقات الاتحاد الوطني بإيران تعود لأيام النظام السابق وتربطهم روابط قوية، فربما هدف الزيارة تهدئة او حث السليمانية على عدم التورط او الانجرار لأية مواجهات.

ت‌- اتهام مسعود برزاني من قبل بعض قادة الاتحاد الوطني بأجراء الاستفتاء في كركوك والمناطق المتنازع عليها بهدف سحبها من تحت سيطرة الاتحاد الوطني عبر إدراك النتيجة مسبقاً بصعوبة امكانية ضمها للإقليم نتيجة لموقف تركيا الرافض وضمها لمكونات عربية وتركمانية فضلاً عن موقف الحكومة الاتحادية الرافض.

3- هناك من يرى امكانية تشكيل اقليم مرادف لكردستان في السليمانية ودهوك وحلبجة تحت مظلة التيار الكردي المعتدل في اجنحة الاتحاد الوطني او حركة التغيير.

  و بعد تمكن الحكومة الاتحادية من بسط سيطرتها على مجمل المناطق المتنازع عليها مع الاقليم دون قتال يذكر فقد تمكنت الحكومة من طي صفحة معقدة جداً ، ومع ذلك تبرز الحاجة لتهدئة الموقف ومخاطبة الراي العام الكردي باعتباره جزء مهم من الشعب العراقي لتبديد المخاوف التي روجها بعض دعاة الانفصال ، كذلك بسط الامن الاتحادي في المناطق التي استعادها الجيش عبر الادارة المشتركة لا سيما كركوك التي تعد مدينة لجميع المكونات، وايضاً تحتاج الحكومة للاستمرار بالتصعيد التدريجي بالعقوبات التي اعلنت عنها ضد الانفصاليين بما لا يخرج عن الاطار الدستوري من اجل الغاء الاستفتاء، وكسب المزيد من المواقف الاقليمية والدولية المؤيدة لإجراءاتها. 

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية