وثائق وكيليكس لم تأت بجديد

الجديد في وثائق وكيليكس هو تلك التوقيتات التي أباحت من خلالها تلك المعلومات التي يدركها ويعيها الجميع خاصة شعوب المنطقة العربية والإسلامية التي تعيش حربا ضروسا تدور رحاها على مختلف الأصعدة والاتجاهات، ولكن وثائقها وما تضمنتها من خفايا وأسرار والتي تعودنا على سمعها بين الحين والأخر هل تغير شيء من مشهد الأحداث في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق؟ السؤال المطروح هو من هي وكيليكس كمؤسس وكمؤسسة وكخلفية وكأهداف تريد وتبحث عن تحقيقها؟ وعلى من تحسب تلك المؤسسة ومؤسسها وتلك الخلفية المخابراتية الأمريكية؟ وهل ويكليكس مؤسسة إعلامية خيرية باحثة عن الحقيقة لمنفعة الشعوب وحمايتها وكشف الحقيقة لها لكي تنعم بالخير والاستقرار؟ لجأ هذا الموقع في كشفه للوثائق الى أسلوب خاص دئب مؤسسيه على اتباعه وأشهرهم جوليان أسانج، الصحفي الاسترالي المتحدث باسمه وصاحب فكرة تأسيسه البالغ من العمر 43 عامًا المولود في استراليا والمؤسس له منذ عام 2006، أشهر حجج جوليان وتبريراته في نشره للوثائق ذات الطابع العسكري والدبلوماسي والمخابراتي وكما يقول هو لغرض تغيير سلوك الأنظمة وهنا يقول (علينا أن نكون متأكدين مما إذا كنا قد أدركنا بالفعل حقيقة أنها لا تريد أن تتغير، وعلينا أن نفكر في ما وراء ما فكر فيه أولئك الذين سبقونا إلى اكتشاف التغييرات التقنية التي حددت لنا طريقًا للتحرك باتجاهات لم يسبقنا إليها الأجداد) . اما الوثائق السرية التي قام بنشرها أخيرا حيث أقدم هذا الموقع في الجمعة الماضية المصادفة 19/6/2015 على نشر وثائق مسربة للخارجية السعودية والبالغ عددها 70000، وهي مصنفة تحت عناوين "سري للغاية" من مؤسسات سعودية بينها وزارة الداخلية والاستخبارات العامة وتحوي الوثائق المسربة بحسب موقع ويكليكس أعدادا كبيرة من رسائل البريد الالكتروني المتبادلة بين الخارجية والهيئات الخارجية، وقال الموقع بأن الوثائق تشمل أكثر من نصف مليون وثيقة وبرقية الباقية سيتم نشرها تباعا خلال الأسابيع المقبلة واغلب الوثائق تتحدث عن اتصالات بين سياسيين عراقيين وممثلين عن المملكة العربية السعودية وأيضا عن حصول المملكة على معلومات تتعلق بسياسات الدولة العراقية ومنها محاضر الاجتماعات والاتفاقات والمفاوضات بين الكتل السياسية وأيضا قضايا تخص السياسية الخارجية والملف الأمني وبعض هذه الوثائق تسمي شخصيات عراقية معروفة بأسمائها . وفي عرض سريع لتك الوثائق الأخيرة نلاحظ منها الآتي: - 1-تتحدث الوثائق عن حراك دبلوماسي سعودي على مستوى المنطقة والعالم وذي أبعاد مخابراتي في غالبه. 2-مسألة غياب حقوق الإنسان وتداعياتها داخل السعودية وحقوق الأقليات فيها ومسألة أبداء الرأي وحرية التعبير فيها. 3-اتصالات ولقاءات مباشرة وغير مباشرة بين ساسة عراقيين من شخصيات نيابة وتنفيذية وعشائرية وشخصيات حكومية سعودية وخاصة في الخارجية والاستخبارات السعودية وذات أهداف وتركات سلبية اتجاه المشهد العراقي. وفي عرض سريع للوثائق التي سبق وأن أقدم الموقع على نشرها نلاحظ إن أولى تلك الوثائق كانت تتعلق بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية متضمنة كشف للكثير من تلك الخفايا الدبلوماسية والعسكرية المتعلقة بدول المنطقة وهنا السؤال: من أعطى لهذا الموقع ولرائده جوليان أسانج تلك الوثائق الهامة وهل تلك الوثائق غير محمية من القرصنة في بلد يعد الأول في كل شيء ومنها حفظ وحماية تلك الوثائق والمخاطبات الرسمية الحساسة؟ الجواب على ذلك أنها خارطة عمل وقناة عمل جديدة لسياسة الدول الغربية ودوائر عملها الإستراتيجية عن طريق هذه المؤسسة وروادها ولكي تبعد الشك والصلة بين هذه الدوائر والعمل الذي تقوم به هذه المؤسسة أعطي في بادئ الأمر صفة العداء والملاحقة لها ولمؤسسها وهنا توهم الكثير ولازالوا متوهمين أن هذا الموقع قناة الحقيقة وداعما لها ومدافعا عنها ، وما يؤكد أحقية قولنا بارتباطاتها بتلك الدوائر أن تلك الوثائق تمثل عمرا سياسيا ودبلوماسيا منتهي المفعول والتأثير؛ فلو كان ويكليكس ومؤسسها تملك تلك الإمكانية الآنية المباشرة لكشف الوثائق السرية لكشفتها بدون أن تنتظر مرور أكثر من عام لتقوم بنشرها. - ويكليكس ودول المنطقة العربية والإسلامية ومنها العراق. دول العالم تمثل أكثر من 230 دولة السؤال لماذا تركز أنشطتها على دول تشكل نسبة ضئيلة منها والتي لا تتجاوز العشرة دول منها العراق وإيران والسعودية ومصر وسوريا ويعطى لبعض الدول العالمية الأخرى جانب من النشر الهامشي البسيط، وهنا يتأكد لنا ارتباط هذا الموقع ومؤسسيه بتلك الأجندة التي تركز على خلق الفوضى والإضعاف والتشتيت لدول هذه المنطقة، اذ استطاعت هذه المؤسسة اجتذاب ثقة هذه الدول في ما تنشره من خلال كشفها تلك الوثائق التي تتحدث عن خفايا دبلوماسية وعسكرية قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية قبل وأثناء وبعد احتلالها لكل من العراق وأفغانستان. والسؤال هنا متى قام هذا الموقع بنشرها وما كان مضمونها؟ الجواب أيضا تم نشرها بعد انتهاء أي اثر يمكن أن يعود بالنفع والإيجاب على الدول المتضررة كما كشفتها تلك الوثائق وأيضا لم تكن ذات تأثير سلبي على الدول المسببة للضرر كل ما أتت به لم يكن بحاجة إلى وثائق ويكليكس بل كانت المعلومات متاحة عند الجميع وأيضا قام بنشرها بعد احتلال تلك الدول بكثير، ألان هذا الموقع يركز نشاطاته في نشر الوثائق فيما يخص الملف العراقي وتجاذباته المحلية والإقليمية والدولية. ونشره أخيرا لوثائق تتحدث عن تعاطي وتعاون شخصيات سياسية عراقية مع دول إقليمية لزعزعت امن واستقرار العراق هدفها الآتي: - 1- العمل على زيادة حالة الفوضى والاضطراب والتناحر السياسي والمجتمعي في العراق وغيره من دول المنطقة. 2- إشغال الرأي العام العراقي والإقليمي بقضايا لم تكن ذات غموض تام عن مختلف الشرائح المجتمعية. 3- إبعاد الاتهامات للغرب والولايات المتحدة خصوصا من الدور المباشر في افتعال الأزمات التي تعاني منها دول المنطقة ومنها العراق وسوريا ووضعها في الإطار المحلي والإقليمي. 4- خلق حالة عدم الثقة بين مختلف القوى السياسية المحلية داخل كل دولة من دول المنطقة وبين الدول بعضها مع البعض الأخر وإبعاد حالة التفاهم والوئام والقضاء على كل خطوات تصفير الأزمات وتناسي الماضي. المشهد العراقي بمختلف اتجاهاته السياسية والإعلامية والشعبية أفرط في التعاطي مع ما نشره هذا الموقع وبمواقف متعددة تمثل غياب إدراك الأهداف والنوايا من نشر هذه الوثائق، وأقدم على تسويق إعلامي منقطع النظير لهذا الموقع ولوثائقه ولمؤسسيه، حتى أضحت وثائقه المنشورة مادة إعلامية دسمة للنشرات الإخبارية والتحليلات وهنا ابتعدت قضايا على تماس مع حياة المواطن البسيط والمؤسسة السياسية في إدارة الدولة والمؤسسة الأمنية وخطر تنظيم داعش الذي نعاني من وقائعه على الأرض وأصبح كل ما عدى وثائق وكيليكس قضايا ثانوية. اخيرا يمكن القول أن بلادنا العربية والإسلامية بواقعها المرير الذي تمر به وخاصة العراق وبمفكريها وسياسيها وإعلامها ليست بحاجة إلى تلك الوثائق لكي ترشدنا وتدلنا على ما يحدث، بل بحاجة إلى عقول تفهم من هي وهو وكيليكس وماذا تريد ولمن تعمل وأي مشروع تتبع وماذا بعد ويكليكس وخاصة في العراق والمنطقة عموما.
التعليقات