قال فيديل كاسترو أثناء مقابلته مع الأب فراي بيتو :لقد احتاج الأمر أربعة قرون ليعترف بنا الغرب أننا أشياء ، فكم سيحتاجون من الوقت ليعترفوا بأننا بشر " ، يبدوا من هذه المقولة انطباقها على الواقع البحريني ليس من جانب الغرب فقط بل من جانب النظام السياسي الحاكم الذي لا يعترف بمطالب الشعب ويصف ألازمة ألقائمة في البحرين بأنها حركة شغب ، ومن يقوم بها خارجين عن القانون ويصفهم بالغوغاء لكن الواقع يشير إلى غير ذلك .
فمنذ الرابع عشر من شباط / 2011م تعيش البحرين أحداثا عارمة كانت تهدف إلى إصلاح النظام الحاكم ، لكنها اليوم تدعوا إلى إسقاط هذا النظام نتيجة لاستخدامه القوة في تعامله مع المطالب الشعبية المشروعة . إن ما تشهده البحرين اليوم من إحداث يمثل سلسلة مكملة لما حصل في السابق من مواجهات عنيفة بين الشعب والسلطة التي مثلت قلة أسرية من الإفراد الذين سيطروا على مقدرات ألدولة جميعا واستمرت هذه القلة تحكم البلاد بمنطق الأمر الواقع لا بمنطق الشرعية في أدارة العمل السياسي .
لقد مارست أسرة آل خليفة في البحرين طوال السنوات المنصرمة سياسة استبدادية وجشعة وعلى مختلف المستويات سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية من خلال تمييزها العنصري بين أبناء المجتمع الواحد للتفريق بين طائفة وأخرى وهذا ليس محبة بالطائفة الأخرى وإنما تحقيقا لمصالحها من اجل استمرار تمسكها بزمام الحكم وعدم التفريط بالسلطة لأي سبب من الأسباب . فعندما تسلم حمد بن عيسى آل خليفة السلطة في البحرين بعد والده في عام 1990م تجشم أهل البحرين خيرا فيه نظرا للوعود الإصلاحية التي أطلقها والتي بين من خلالها أنه من الراغبين بالإصلاح والداعين له , حيث قام بإصدار عدد من المراسيم الملكية التي تبين رؤيته الإصلاحية لكن هذه المراسيم لم تطبق على ارض الواقع وبقيت مجرد حبرا" على ورق ، وكانت الغاية من إصدار هكذا مراسيم هو كسب الرأي العام وتفادي المواجهة التي قد تحدث ما بين السلطة والقوى المعارضة نظرا للدور المؤثر الذي تلعبه هذه القوى على ارض الواقع فحاول النظام جذبها إليه ، لكنه فشل في ذلك ، وما تعيشه البحرين اليوم من إحداث يعد دليلا واضحــا على ذلك .
وما تشهده البحرين من حراك شعبي لم يكن وليد اللحظة ، لكنه اليوم ومع انطلاق ثورات الربيع العربي - أن صح التعبير – عزز لدى الشعب البحريني الرغبة في إبراز قضيته والدفاع عن حقوقه آملا أن تحظى قضيته بالاهتمام الذي حصلت عليه نظيراتها من الثورات والحركات الاحتجاجية الأخرى . وتوجد جملة من الأسباب التي يمكن أن توصف بأنها الأسباب المباشرة للحراك الشعبي في البحرين منها ما يلي :-
1) إصدار ميثاق العمل الوطني من قبل حمد بن عيسى آل خليفة وكان هذا عام 2000م ، حيث حاول من خلاله كسب قوى المعارضة فأطلق برنامجه الإصلاحي وتم التصويت عليه بغالبية ساحقة وصلت إلى ( 98% ) وقد صوت الجميع على هذا الميثاق .
2) إصدار دستور جديد للبلاد في عام 2002م يتناقض مع بنود الدستور الأول لعام 1973م ، حيث أعلن الملك عن رغبته في تعديل الدستور الأول بما يتوافق والتطورات الحديثة ومشروعه الإصلاحي المنشود لكن الواقع أشار لغير ذلك حيث تم إصدار دستور جديد للبلاد يختلف تماما مع دستور 1973م .
3) التمييز الطائفي والعنصري بين أبناء المجتمع من خلال إقصاء أبناء ألطائفة الشيعية من المناصب العليا في ألدولة وعدم منحهم الوظائف الحكومية ، وحتى في السكن فهناك بعض المناطق التي لا يحق لأبناء ألطائفة الشيعية السكن فيها وهي منطقة ( الرفاع ) التي تقسم إلى الرفاع الغربي وهو مخصص للعائلة الحاكمة ، والرفاع الشرقي وهو مخصص للسنة فقط .
4) التهميش والظلم الاقتصادي الذي تعاني منه ألطائفة الشيعية مقارنة بالطائفة الأخرى ، فبسبب الإقصاء من الوظائف الحكومية لجأ البعض إلى مزاولة الإعمال ذات المردود المالي المنخفض كالزراعة .
5) التجنيس السياسي حيث عمل النظام الحاكم في البحرين على تجنيس العديد من الإفراد ذوي الجنسيات المختلفة لتغيير الوضع الديمغرافي للبلاد ومن اجل القول بأن الشيعة اقلية وليس أكثرية ، وما يؤكد لنا هذا بأن الجيش البحريني عبارة عن جيش متعدد الجنسيات ، وهذه من اخطر المشكلات التي يعاني منها الشعب البحريني لأنه يؤثر على ألتركيبة السكانية للمجتمع البحريني .
6) العمالة الأجنبية الوافدة إلى البحرين من الخارج وقد شجع النظام الحاكم في البحرين على نموها ، حيث أقدمت السلطة الحاكمة على تهميش وإقصاء أبناء البلد من الوظائف وتم معاملة المجنسين على أنهم مواطنين أصليين وأبناء البلد يعاملون على أنهم مواطنون من ألدرجة الرابعة .
7) الثورات العربية التي يشهدها العالم العربي اليوم كانت سببا رئيسا ومحركا فعالا للحراك الشعبي البحريني ، فمن خلال هذه الثورات أراد الشعب البحريني إظهار قضيته للعالم بأسره من اجل تحقيق مطالبه المشروعة التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
اضافةتعليق