ان حماية وحدة العراق وسيادته الكاملة على اراضيه يمثل مصلحة وطنية عليا للدولة العراقية لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الظروف والمبررات، وان صانع القرار العراقي ملزم دستوريا ووطنيا واخلاقيا بالحفاظ على هذه المصلحة ومنع التعدي عليها، فهي خط احمر غير قابل للتفاوض والمساومة عليه
فريق العمل:
رئيس الفريق
ا. م. د. خالد عليوي العرداوي/ مدير المركز.
اعضاء الفريق
- م. د. حسين أحمد السرحان / رئيس قسم الدراسات الدولية في المركز.
- م. د. فراس حسين علي الصفار/ رئيس قسم ادارة الازمات في المركز.
- م. د. روافد محمد علي الطيار / باحثة في الشؤون القانونية والدستورية.
- م. د. سعدي الابراهيم / باحث في شوؤن النظم السياسية والسياسات العامة .
- م. د. ياسر عامر المختار/ باحث في شؤون القانون الدولي العام.
- م. خالد حفظي التميمي/ باحث في الشؤون الايرانية.
- م. م. مؤيد جبار حسن / باحث في شؤون العلاقات الدولية.
- م. م. حسين باسم عبد الامير/ باحث في الشؤون الاستراتيجية والامن الدولي.
- م. م. ميثاق مناحي العيساوي/ باحث في شؤون العلاقات الدولية.
- م. م. عبير مرتضى حميد / باحثة في شؤون التنمية الاقتصادية.
- م. م. علي مراد العبادي/ باحث في شؤون النظم السياسية والسياسات العامة.
- م. م. سعد محمد الكندي / باحث في شؤون النظم السياسية والسياسات العامة.
تقديم
ان حماية وحدة العراق وسيادته الكاملة على اراضيه يمثل مصلحة وطنية عليا للدولة العراقية لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الظروف والمبررات، وان صانع القرار العراقي ملزم دستوريا ووطنيا واخلاقيا بالحفاظ على هذه المصلحة ومنع التعدي عليها، فهي خط احمر غير قابل للتفاوض والمساومة عليه.
لقد باتت تطورات الاحداث في العراق ومحيطه الشرق اوسطي والعالمي تميل الى مصلحة الحكومة العراقية في تعزيز تجربتها الديمقراطية والحفاظ على وحدتها الجغرافية والسكانية، والمطلوب استثمار هذه الفرصة وعدم التفريط فيها، نعم قد تواجه الحكومة في سعيها نحو هذا الهدف الكثير من التحديات، لكن عليها ان تُثبت انها جديرة بمواجهتها والتغلب عليها.
ان وحدة وقوة العراق تمثل وحدة وقوة للجميع، وتساعد بفاعلية على دعم جهود السلام والامن في المنطقة والعالم، وان الرهان على تفتيت نظام الدولة الحديثة في الشرق الاوسط اثبت انه رهان خاسر ولن يربح فيه الا الطغاة واصحاب الاجندات الخارجية المغرضة والارهابيين المحليين والدوليين. ومن اجل ازاحة هذا السيناريو من الطاولة بالكامل من الضروري ان يكون العراق هو القطب الاساس في حماية نظام الدولة الحديثة من خلال الحفاظ على وحدته وتعزيز سيادته.
لقد دفع بروز بعض الدعوات المناوئة لمسار تعزيز وحدة العراق مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء الى تشكيل فريق عمل، تشرفت برئاسته، تمحور عمله حول وحدة العراق وشارك فيه معظم الباحثين في المركز، وقضى الفريق وقتا طويلا في الحوار والنقاش واقامة ورش العمل لدراسة موضوع وحدة العراق محليا واقليميا ودوليا، وطبيعة المخاطر والتحديات التي تهددها، والاليات التي يمكن للحكومة الاتحادية في بغداد ان تعمل عليها من اجل الحفاظ على مصالح البلد العليا. وفي الوقت الذي يكون فيه صانع القرار العراقي هو المعني الاول بنتائج هذا التقرير، فمن المفيد مشاركة نتائجه مع صناع القرار الاقليميين والدوليين؛ ليدركوا اهمية الحفاظ على بقاء العراق موحدا متماسكا بالنسبة لمصالح بلدانهم.
ان ما تحمّله العراق والعالم في السنوات الاخيرة من جراء السياسات والمسارات الخاطئة هنا وهناك لم يعد مقبولا الاستمرار به، فالبشرية تتعلم من تجاربها وتستفيد من اخطائها لتتقدم الى الامام، وان الخيار العراقي والدولي في حماية وحدة العراق وتعزيز قوته هو الدليل المؤكد على استعداد الجميع على التخلص من خياراتهم المجنونة المدمرة والتوجه بعقلانية نحو مستقبل افضل يشارك فيه الجميع الامن والمحبة والسلام.
خالد عليوي العرداوي
رئيس فريق وحدة العراق
الملخص التنفيذي
مصلحة العراق في وحدته
ان عراق موحد قوي ومستقر، ينعم بالازدهار، ويحيى بسلام داخل حدوده الدولية، ويتمتع بعلاقات جيدة مع جيرانه، ويكسب سمعته كحليف اقليمي موثوق به، يعد أمرا حاسما لبناء شرق أوسط يحضى بالامن والسلام . فالعراق اليوم يمتلك نظام سياسي ديمقراطي قابل للتطور، وحكومة منتخبة، وثروات اقتصادية هائلة، وتركيبة سكانية متنوعة، ويمتلك قوة بشرية كبيرة، وله مؤسسة عسكرية تتنامى قدراتها بسرعة ونجحت في دحر التنظيمات الارهابية وتحقيق الانتصار عليها. وان اي تفتيت او اضعاف لوحدة العراق ستترتب عليها نتائج وخيمة على السلم والامن في الشرق الاوسط والعالم برمته، وهذا ما اظهرته تجربة ما بعد الغزو الامريكي لهذا البلد في عام 2003.
محفزات الوحدة
تكمن العناصر الداخلية غير المشجعة للذهاب باتجاه تقسيم العراق بوجود حالة من الرفض الشعبي للمشروع، وتوسيعه لدائرة المخاطر الاقتصادية المترتبة عليه، وانعكاسه السلبي على القدرات العسكرية للدولة، وتشتيته لثروتها الوطنية، وتوسيعه لدائرة الاطماع الإقليمية والدولية في العراق المقسم، فضلا عن تعارضه مع النصوص الدستورية النافذة .
أما على الصعيد الإقليمي والعالمي، فان مقاومة مشروع التقسيم تبرز من خلال: حجم المخاطر التي سيتسبب بها، فالتقسيم ينذر بتفكك نظام الدولة الحديثة في المنطقة، واضعاف الاستراتيجية الدولية في مكافحة الإرهاب، ويوسع دائرة العنف والصراع على امتداد الشرق الاوسط والعالم، ولن يستفيد من التقسيم الا السلطوين المحليين الباحثين عن المنافع والمكاسب الشخصية او الحزبية، والتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود والدول الداعمة او الممولة لها.
ان ادراك صانع القرار العراقي لطبيعة التحديات التي تواجهه في هذه المرحلة، والخيارات المتاحة امامه، والنتائج المترتبة على ذهابه باتجاه أي من هذه الخيارات، سيكون له انعكاسات مهمة على قراراته التي قد يتوقف عليها مصير دولته وشعبه.
آليات العمل
ان الاليات التي يمكن الانطلاق منها للحفاظ على وحدة الدولة العراقية لا تبدو مثالية جدا في بيئة داخلية وخارجية مناسبة، الا ان ظروف الشرق الاوسط تجعل ابسط الاليات تواجه عقبات كثيرة عند تنفيذها. مع ذلك لا خيار امام العراق ليبقى موحدا من اتباع بعض الاليات العاجلة في الوقت الحاضر مثل:
- زيادة الوعي السياسي للشعب بأهمية الوحدة.
- بناء حكومة رشيدة فاعلة تعمل مؤسساتها الدستورية بكفاءة وتناغم وتملك القدرة على مد جسور الثقة مع مواطنيها، وتطوير المسار الديمقراطي للعملية السياسية.
- تعزيز مناهج التربية والتعليم المرسخة للهوية الوطنية.
- تفعيل دور الإعلام الوطني الموحد في رسالته.
- التصدي الفاعل إلى خطر الجماعات المتطرفة بصرف النظر عن انتماءاتها لا سيما الجماعات الجديدة غير المنظورة التي تعمل بهدوء وصمت بين السكان وهدفها تقويض سيادة الدولة او خلق كيانات موازية لها.
- تعزيز منهج الاعتدال في الخطاب الديني والسياسي، واستثمار الدور الايجابي للمرجعيات الدينية في حماية وحدة العراق.
- معالجة العوامل الاقتصادية الدافعة الى اضعاف ايمان المواطن بحكومته وتقليل شرعيتها، بما يكفل معالجة مشاكل البطالة والتفاوت الاقتصادي والمخاطر التنموية في الاقتصاد العراقي.
- استثمار دور السياسة الخارجية في المحيطين الاقليمي والدولي لخلق رأي عام يتناسب مع المصالح العراقية العليا الداعمة للوحدة.
التوصيات لصانع القرار العراقي
ان سياسة عدم التصعيد التي تتبعها الحكومة العراقية بقيادة السيد حيدر العبادي مع جميع الاطراف تبدو جيدة، وقد انعكست نتائجها الايجابية من خلال الانتصارات المتحققة في الميدان، فاصبح العراق قاب قوسين أو ادنى من اعلان الانتصار العسكري على تنظيم داعش، وتحتاج الحكومة لتستكمل مسعاها وتحقق اهداف الدولة العليا الى مزيد من الخطوات في المرحلة المقبلة، ومنها:
- دعم صعود نخبة سياسية مدنية تقر بحقوق وحريات جميع مكونات الشعب العراقي، فذلك يعد ضمانة مهمة لحماية وحدة العراق.
- الاستمرار بسياسة النأي بالنفس عن حالة الاستقطاب الطائفي المنتشر في الشرق الاوسط يمثل خيارا صائبا لسياسة العراق الخارجية في هذه المرحلة.
- تصفير المشاكل لاسيما بين المركز والاقليم وبقية الحكومات المحلية سيقطع الطريق امام اية محاولات تصعيدية تستهدف عرقلة عمل الحكومة الاتحادية، وربما يكون تواصل الحكومة الاتحادية مع مختلف مكونات الشعب لاسيما في المناطق التي تعاني من التهميش والمظالم والاستقطاب الاثني من الامور الحاسمة في تعزيز الوعي الشعبي المطالب بدعم الوحدة الوطنية.
- اعتماد برنامج إصلاحي شامل يتضمن إصلاح المنظومة القانونية-القضائية والأمنية والدفاعية للدولة، من الامور الجوهرية لاستعادة الدولة لسيادتها الكاملة، ومنع سقوطها في فخ استراتيجية الافشال المعادية.
- ابعاد التنوع السكاني الداخلي من ان يكون أداة للتدخل الخارجي، وهذا لا يكون الا بتجاوز عُقد الماضي المؤلمة، والتحرر من مشاعر المظلومية الاجتماعية، وتحقيق مصالحة مجتمعية تضمنها آليات فاعلة للعدالة الانتقالية.
- كسب الولايات المتحدة كحليف دولي قوي أمر مهم وحيوي في هذه المرحلة، فليس من مصلحة العراق ان لا تكون واشنطن الى صفه في دعم جهود الحكومة الاتحادية، وتحقيق ذلك يتطلب من حكومة بغداد المزيد من الخطوات الذكية والمؤثرة.
تقرير فريق عمل وحدة العراق
عراق موحد قوي ومستقر ضمان لشرق اوسط آمن ومستقر خالي من التطرف والارهاب
أهمية وحدة العراق
محليا، أن تحقيق الإنتصارات المتتابعة على تشكيلات داعش الإرهابية، يعطي زخما هاما لوحدة العراق ويجعلها الرؤية الاقرب للواقع اليوم خلافا لما كان في العام 2014. ولوحدة العراق أهمية كبيرة في منع تسارع عجلة العنف، إذ تتمثل المخاوف محلياً في عدم توقف مشروع التقسيم -فيما لو حصل- عند حدود المكون الكردي وإنما ستتبعه العديد من المكونات بنفس الإتجاه والمطالب. كما ان معظم العراقيين لا يشغلهم موضوع التقسيم كأولوية قصوى في متطلبات حياتهم اليومية، وربما يكون هذا الطرح سياسيا اكثر مما هو واقعي مما يفتح الباب لصراع سياسي لا ينتهي، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ستبرز المخاطر الإقتصادية الناجمة عن التقسيم من خلال ظهور إشكالية تصدير النفط العراقي عبر الحدود الشمالية وخلق مشاكل للدولة ترتبط بالتجارة والمياه والحدود الجغرافية غير الثابتة والتوزيع غير المتكافئ للثروات وغيرها. كما ان الدستور العراقي لعام 2005 يمثل ضمانا للحفاظ على العراق كوحدة سياسية واحدة، ضمن أتحاد فدرالي ديمقراطي يتمتع بمظاهر الوحدة ولا يحق لأي جزء الانفصال عن الدولة الاتحادية تحت اي ذريعة، كما لا يحق لاي صانع قرار عراقي التنازل عن اي جزء من العراق مهما كانت المبررات والا كان تحت طائلة القانون.
اقليميا، تتجلى أهمية وحدة العراق من خلال درء الخطر الذي قد يصيب كافة دول الإقليم فيما لو تفككت وحدة هذا البلد. إذ ان ذلك سوف يحفز إنهيار نظام الدولة الحديثة أي -الدولة القومية- في كافة منطقة الشرق الأوسط. فعدوى التقسيم سوف تنتشر الى باقي الدول الإقليمية بموجب قاعدة الدومينو. وعليه فان وحدة العراق تعد بمثابة مركز قوة للدول الإقليمية وتقسيمه يشكل خطرا عليها. فقيام دولة كردية في شماله، سوف يشجع الاكراد في سوريا وايران وتركيا للقيام بالامر نفسه. أما دول الخليج فهي لن تستفيد من تقسيم العراق؛ لأن تقسيمه الى ثلاثة دول (شيعية، سنية، كردية) يشكل تهديداً مباشراً لأمنها الوطني، لما يتركه من انعكاس سلبي على ميزان القوة والنفوذ مع غريمتها اللدود ايران. ان ما يوحد الدول الاقليمية في الوقت الحاضر ليس تقسيم العراق، فهذا السيناريو مزعج لمعظمها، ولكنها تبدو متفقة على بقاء العراق ضعيفا وغير قادر على منافستها في صراع النفوذ والقيادة.
دوليا، برزت اهمية وحدة العراق على مستوى الامن والاستقرار الدولي حين أحتلته عصابات داعش الارهابية فأصبح بؤرة ينطلق منها التهديد الإرهابي الى جميع أنحاء العالم. بالمقابل، فإن العراق الواحد القوي ما كان سيسمح لارهابيي العالم أن يجعلوه منصة لمخططاتهم المدمرة.
الجهات المستفيدة من تقسيم العراق
ان المستفيد الوحيد من مشروع تقسيم العراق هم: السلطويون المحليون من الافراد والجهات السياسية الساعية الى التقسيم؛ بغية الحصول على مراكز دائمة للنفوذ من الصعب حصولهم عليها من دون ذلك، فمشروع بناء الدولة العراقية الواحدة يشكل تقليصا حقيقيا لمصالحهم الضيقة. كذلك ستستفيد الجماعات الإرهابية العابرة للحدود، كداعش واخواتها الراغبة بتمزيق الدول؛ لمنعها من امتلاك قدرة الردع والحماية لأمنها، فوجود دولة موحدة قوية يضعف كثيرا قدرة هذه الجماعات على التمدد وكسب النفوذ. فضلا على القوى الفاعلة غير الحكومية الاخرى (القبائل، التنظيمات المسلحة خارج سلطة القانون، الجماعات والحركات السرية المتطرفة) فهي تستغل حالة ضعف الدولة؛ لتعزيز الولاءات الضيقة على حساب الولاء الوطني الاكبر.
اما اقليميا، فيشكل مشروع التقسيم مصلحة لأعداء العراق الإقليمين ممن يحملون مشاريع معادية لوحدة هذا البلد ولاسيما إسرائيل. وفي ذات الوقت، قد تدعم بعض الدول الصغيرة في الشرق الاوسط تقسيم الدول الكبيرة ، مثل العراق، اذ تجد أن من مصلحتها عدم العمل مع وجود دول كالعراق تتفوق عليها في القدرة والتأثير.
دوليا، لن يجد مشروع التقسيم الدعم الا من بعض الاجنحة المتطرفة داخل الإدارة الأمريكية التي لا زالت تحلم وتدافع عن مشروع الشرق الاوسط الكبير، الا ان تطورات الاحداث الاقليمية والدولية جعلت تأثير هذه الاجنحة يتراجع كثيرا، ويخفت صوتها؛ لأن اعادة تقسيم الدول، لاسيما في منطقة مصالح حيوية كالشرق الاوسط اثبت انه سيناريو خطر جدا يهدد مصالح الجميع وفي مقدمتهم واشنطن.
العوامل الدافعة باتجاه مشروع التقسيم
محليا، تواجه الدولة العراقية جملة من العوامل (تحديات) التي تهدد وحدتها وتماسكها، وتتمثل هذه العوامل بـ: أزمة الهوية الوطنية، نتيجة تفوق الولاء للهويات الفرعية على حساب الولاء للوطن. وسوء الأداء السياسي للنخبة الحاكمة وفساد الكثير من عناصرها. وتناحر الأحزاب السياسية الذي يهدد التماسك الاجتماعي بصورة خطرة. وغياب الثقة بين الحكومة والشعب، وبين الفرقاء السياسيين المشاركين في العملية السياسية. فضلا على غياب مشروع الدولة وعدم إستكمال البناء الديمقراطي في العراق، وعدم نجاح المصالحة الوطنية الى الوقت الحاضر، ووجود مشاكل تحوم حول مسألة العدالة الإنتخابية، وتغليب المصلحة الحزبية على حساب مصالح الدولة، وغياب الشفافية والمساءلة في عمل الحكومة، وتهميش دور المواطن المستقل في المشاركة في السلطة، وإنتشار السلاح خارج سلطة القانون، والبعد الطائفي والقومي (بالنسبة لاكراد العراق) في الخطاب الديني والسياسي، وضعف التنسيق بين السلطات الدستورية الثلاث. وكذلك بروز تحديات إقتصادية تتمثل بغياب التوزيع العادل للثروة بين المواطنين، وانتشار الفقر والبطالة، وتدهور البنى التحتية للدولة، والديون الكبيرة التي تراكمت على العراق بسبب استمرار الحروب والأزمات، ووجود ثغرات دستورية تحفز التوجهات الانقسامية، منها على سبيل المثال تكرار الإشارة في الدستور الى ان العراق دولة مكونات اكثر من كونها دولة مواطنين، وقيام بعض الأطراف السياسية والشخصيات العراقية بالتدخل بشؤون دول الجوار خارج اطار الاعراف الدبلوماسية ، ففي الوقت الذي يتوجب على الحكومة العراقية رفض التدخل في الشأن العراقي الداخلي من قبل بعض الأطراف الإقليمية، كذلك عليها إحترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية مهما كانت الاسباب.
اضافة الى هذه التحديات المحلية المهمة، تبرز تحديات اخرى تتمثل في غياب وحدة الخطاب السياسي الخارجي العراقي إنطلاقا من اجندات وخلفيات إثنية وسياسية مختلفة، وتردي الوضع الإجتماعي والأمني، ووجود أزمة قيادة سياسية دفعت الى بروز بعض القيادات غير الكفوءة الممسكة بزمام السلطة، فالصراع في العراق في عمقه الجوهري ليس صراعا سنيا-شيعيا وإنما صراعا بين السلطويين غير الكفوئين الطامحين الى المزيد من السلطة والنفوذ على حساب مصلحة بلدهم، ناهيك عن تنامي دور الجماعات والحركات السرية المتطرفة مما يشكل خطرا على مستقبل نظام الدولة الحديثة –الدولة القومية- في العراق والمنطقة، اذ تطعن هذه الجماعات بشرعية نظام الدولة الحديثة وتسعى للتأثير على عقول البسطاء من الناس؛ بهدف إقامة شكل من الأشكال التقليدية للدولة العابرة للحدود القومية والوطنية، لذا تبرز ضرورة ايجاد معالجة ذكية لخطر هذه الحركات قبل تطورها واستفحال أمرها، فتكون شبيهة بالقاعدة وداعش في تهديدها لأمن ووحدة العراق.
من جهة اخرى، تشكل التسميات المختلفة للحشد الشعبي تهديدات كبيرة وجوهرية لأمن الدولة في المرحلة القادمة، إذ أن وجود مثل هذه التسميات يبعث برسائل سلبية للمكونات الإثنية والعرقية والمذهبية الأخرى، مما يثير لديها الخشية والقلق (احيانا بصورة غير مبررة) فبالرغم من ان الحشد الشعبي يعتبر من ضمن القوات المسلحة العراقية وبقيادة رئيس الوزراء (القائد العام للقوات المسلحة) في الوقت الحاضر (حسب قانون هيئة الحشد الشعبي) الا ان الخوف داخل بعض المكونات العراقية موجود ولا يمكن التغاضي عنه، ومن الافضل معالجة هذه المشكلة قبل استفحالها من خلال ادراج كل المقاتلين في الحشد ضمن صفوف الجيش الوطني النظامي، او ايجاد وضع قانوني عملي لهم يمنع تواجد بعضهم خارج اطار المنظومة الامنية للدولة، وتوحيد مسمياتهم وتشكيلاتهم، وتذليل مشاكل الثقة والقلق بين الحشد ومختلف فئات الشعب.
ومن التحديات التي تهدد وحدة الدولة تبرز قضية ضعف مؤسسات إنفاذ القانون ووجود الجماعات التي تتحدى سلطة الدولة، واستمرار خطر الإرهاب المتمثل بوجود تنظيمات ارهابية وافكار متطرفة تريد فرض اجنداتها على الدولة والمجتمع، فضلا عن التوجهات الكوردية المستمرة وغير المدروسة للقيادة السياسية في اقليم كوردستان العراق والداعية للإنفصال عن العراق.
دوليا، نجد أن التحديات المحلية المذكورة اعلاه شجعت معظم الأطراف الإقليمية على التدخل في الشؤون المحلية العراقية، كما أن وجود ذاكرة تاريخية أقليمية مأزومة جعل من عودة العراق قويا بمثابة مصدر قلق لدول الجوار. ومن ثم، فإن سياسات هذه الدول تسعى الى الإبقاء على العراق ضعيفا وغير مؤثرا في محيطيه: الاقليمي والدولي.
الخيارات المتاحة لصانع القرار للحفاظ على وحدة العراق
يمكن تلمس الخيارات المتاحة امام صانع القرار العراقي للحفاظ على وحدة البلاد من خلال تشخيص التحديات الرئيسة، وتحديد الاليات الكفيلة بمواجهتها، وكما يأتي:
أزمة الهوية الوطنية:-
يتطلب تعزيز الهوية الوطنية للعراقيين وضع حد لتدخلات دول الجوار، والاهتمام الجدي بتنشئة الأجيال العراقية القادمة لتكون هويتها الوطنية مقدمة على هوياتهم الفرعية المتنوعة، وانهاء المحاصصة في إدارة شؤون الدولة، وتعديل الدستور، وتعزيز شرعية السلطة بنظر المواطنين، والعمل على رفع كفاءة نظام الحكم بشكل عام ولا سيما تعزيز كفائته في تقديم الخدمات العامة، وإيجاد مؤسسات سياسية وإجتماعية عابرة للهويات العرقية والإثنية الضيقة، والإبتعاد عن شخصنة المؤسسات، وتفعيل المؤسسات الدستورية للدولة، وتوحيد الخطاب السياسي والديني وعدم الأستقواء بالخارج على فرقاء الداخل، ومنح المواطنين داخل الدولة حقوقهم بالكامل وتحقيق العدالة فيما بينهم في الحقوق والواجبات، فضلا عن تفعيل قانون الخدمة المدنية والعدالة في التوظيف، وتقوية اركان دولة المواطنة، وإنهاء حالة الارباك الجارية حاليا بسبب وجود طبقة سياسية دينية ضمن إطار دولة مدنية فتحديد العلاقة بين الدين والدولة مهم جدا في هذه المرحلة، والتركيز على أهمية الدور الذي تلعبه المنابر الجامعية والثقافية والدينية في تفسير وتوضيح مبررات حالة التضامن بين أفراد مختلف ابناء الهويات العرقية والإثنية والمذهبية وإنصهارهم جميعا في بوتقة الهوية الوطنية العامة، وهو ما يساهم في نشر الإقتناع والإيمان بإخوة كافة افراد الشعب العراقي بالرغم من الهويات الأثنية والعرقية المتنوعة.
كما ان هناك ضرورة ملحة في اتخاذ خطوات جدية باتجاه تجريم الطائفية، ومحاربة الخطاب المتطرف، وإعادة ثقة المواطن بالسلطة، وتوعية الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، والتاكيد على إرتقاء الإعلام العراقي الى الدور المناط به من خلال توحيد الخطاب الوطني وتجاوز الطائفية، وتخفيف وطأة الدور العشائري في ممارسة الحكم، ووضع السياسات العامة المناسبة لتعزيز الهوية الوطنية عبر مراحل، والإهتمام بالدور التربوي في إشاعة محبة الوطن، وتعزيز سلطة القضاء الحيادي النزيه، والتوزيع العادل للثروة في العراق لتحقيق الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
أزمة القيادة السياسية:-
يتطلب الوضع في العراق إيجاد حلول لتجاوز أزمة القيادة السياسية من خلال: تفعيل دور القيادة السياسية كألية لتلافي التوترات والنزاعات في إدارة الدولة وبما يكفل إنهاء حالة الترهل الحكومي والقضاء على الفساد المستشري، والتشجيع على ضخ دماء سياسية جديدة في العملية السياسية وفقا للأليات الدستورية، وأن تكون مؤمنة بالهوية الوطنية أكثر من الهوية الفرعية، وتشجيع الجماهير في ان يكون لهم حضور في الضغط على الطبقة السياسية لتحقيق الاصلاحات الجوهرية. فضلا على ضرورة ان يتحلى صانع القرار بالجرأة في تحقيق المطالب الجماهيرية ولاسيما فيما يتعلق بمحاسبة المسؤولين الفاسدين، من أجل منحه فرصة إعادة جسور الثقة بينه وبين قطاعات المجتمع المختلفة، وتفعيل المحاسبة والمراقبة للمسؤولين مهما كان موقعهم في الدولة، مع عدم إستبعاد أي مواطن عن تولي المناصب الحكومية بكل انواعها, بل تعزيز مشاركة الكفاءات من افراد الشعب في تولي تلك المناصب من اجل تعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه بلدهم، وإلغاء المحاصصة في تولي المناصب السيادية للدولة العراقية.
ان توحيد القرار السياسي من قبل القيادة السياسية ضرورة ملحة لفاعلية دورها الداخلي والخارجي، فضلا عن ضرورة ظهور قيادة جديدة تحمل مشروعا واضحا لبناء الدولة، وتفعيل النظام القضائي في العراق ومحاكمة جميع المتسببين بضعف وانهيار الدولة، وتشجيع ثقافة الإستقالة والإقرار بالخطأ كثقافة سياسية.
من جانب آخر، هناك حاجة الى تعزيز السمات القيادية الملهمة للقيادة السياسية في العراق، وأن تتمتع بتأييد عابر للهويات الأثنية والعرقية، لخلق شعور لدى مختلف الأطياف العراقية بأن هذه القيادة تمثلهم وتحمي مصالحهم، وان لا تدين اي قيادة في العراق بالولاء لأي جهة خارج الحدود؛ لتكون حصيلة كل هذه الخطوات في اصلاح القيادة تهيئة البيئة المناسبة لايجاد ادارة رشيدة فاعلة للحكم في العراق. فضلا على جعل العملية الانتخابية اكثر تمثيلا لتوجهات الشعب.
مشكلة ضعف الوعي السياسي:-
يقتضي مواجهة هذا التحدي تفعيل دور النخب والرموز العراقية وتنشيط إسهاماتهم في زيادة الوعي الشعبي من خلال زيادة عقد الندوات التي تعزز الوحدة الوطنية، واشاعة ثقافة الوطن الواحد، وتفعيل مناهج التربية والتعليم الداعمة، واستثمار الدور الايجابي للمنبر الديني، وان يكون هناك واعزا ذاتيا لدى الشعب لتطوير عمل مؤسساته الدستورية الصالحة في عملية مراكمة وتطوير الوعي الشعبي العام. كما أن تعزيز المبادرة الشعبية يعدا أمرا مهما جدا، وهذا يتطلب:
أ- ترسيخ ملامح دولة القانون فعلا.
ب- تنظيم حملات توعية واسعة لمختلف شرائح السكان.
ت- التزام القوى السياسية بجوهر النظام الديمقراطي.
ث- تعزيز دور النظام الحزبي في رفع الوعي الشعبي وعدم السعي للسلطة فقط.
ج- تفعيل دور منظمات المجتمع المدني وتمكين شرائح المجتمع المهمة من اخذ دورها الحقيقي.
خطر الجماعات والتيارات السرية المتطرفة:-
تمثل هذه الجماعات تهديدا وتحديا فكريا غير تقليدي للدولة، ومن ثم فإن معالجته تستلزم إستجابات غير تقليدية، أي عدم الركون والإعتماد في مواجهة هذه الجماعات على القوة فحسب، وإنما يجب التصدي الفكري لها عبر الإعتماد على متخصصين في هذه المجالات. وينبغي على المؤسسات الدينية والأكاديمية والثقافية ان يكون لها الدور البارز في هذه العملية بما لا ينتهك الحقوق والحريات. كما وتجدر مواجهة هذا الخطر من خلال: تعزيز منهج الإعتدال الديني والسياسي، واستثمار دور المرجعيات التي تنتسب لها هذه الجماعات للضغط عليها ومنعها من الخروج عن الإطار المقبول الذي يهدد السلم والأمن المجتمعي، مع ضرورة طرح فكر سياسي وديني بديل يكون قادرا على جذب الشباب الذين يشكلون القاعدة المهمة لهذه الجماعات، وتفعيل القوانين التي تجرم الافكار التي تكون سببا في نشر التفرقة بين افراد المجتمع. كذلك على الدولة ان تفعل اجهزة المتابعة حول مواقع التواصل الإجتماعي المشبوهة واتخاذ الخطوات الكفيلة بالقضاء عليها، والتركيز على منهج الإصلاح المجتمعي وبناء الدولة المدنية، وسيادة القانون، وعدم إستخدام القوة والعنف مع هذه الجماعات طالما لم تبادر الى استخدامها، فضلا على ضرورة التخلص من مشكلة الفقر وتقليل معدلات البطالة كونها السبب الاساس لنشأة هذه الجماعات واستفحال أمرها، وتفعيل الجهد الإستخباري –الضعيف حاليا- لمتابعة انشطة وإمتدادات هذه الجماعات ووضع قاعدة بيانات كاملة عنهم.
مشكلة الوجود المسلح خارج سلطة الدولة:-
المقصود بالوجود المسلح خارج سلطة الدولة هو: أي وجود مسلح خارج سلطة القانون. ومن بين الجماعات المسلحة التي تعمل بهذه الصفة في العراق الآتي:
- الاجنحة المسلحة التابعة لأحزاب او تيارات سياسية.
- التسلح العشائري خارج سلطة القانون.
- جماعات إرهابية معادية للدولة والمجتمع.
- جماعات مسلحة تتخذ من أرض العراق مقر لها لمعارضة دول أخرى.
ويعود التواجد المسلح خارج سلطة القانون الى اسباب كثيرة: فالعشائر المسلحة تقوى شوكتها بسبب ضعف الدولة العام لاسيما مؤسسات انفاذ القانون بين المواطنين، وهو ما يدفع المواطن في النهاية الى اللجوء الى العشائر لحل مشاكله والإعتماد عليها في توفير الحماية، مما يعطي للعشيرة قوة وهيبة اعلى من الدولة نفسها، حتى اصبح المواطن –في معظم الاحيان- يهاب العرف العشائري اكثر من قانون العقوبات الرسمي، وهذا يعد خللا كبيرا في تركيبة الدولة والنظام القائم في البلاد. كما تعود قوة العشائر الى حصولها على الدعم والاسناد المبالغ فيه من قبل بعض القوى السياسية لاغراض انتخابية وسياسية.
أما إنتشار الفصائل المسلحة غير القانونية، فيرجع الى ضعف النظام السياسي وعدم استكمال عناصره، وبالتالي ضعف ادواته التنفيذية الامر الذي قاد الى التدهور الامني وسيادة الفوضى، مما شكل ارضية مناسبة لظهور هذه الفصائل، فضلا عن وجود دوافع إقتصادية شجعت وجود مثل هذه الفصائل مرتبطة بتدني متوسط الدخل الفردي السنوي، وانتشار الفقر، وانعدام التوزيع العادل للثروة، وارتفاع نسبة البطالة... كل ذلك دفع الكثير من الافراد الى الانضمام الى هذه الفصائل للحصول على مردود مادي، كذلك تكتسب بعض هذه الفصائل زخمها بسبب ولائها لمرجعيات سياسية خارج الحدود، تحصل من خلالها على المال والسلاح، وهو ما يُعد تهديدا مباشرا للأمن القومي العراقي، وانتقاص من سيادة الدولة.
وبالنسبة للجماعات الارهابية، والجماعات الاجنبية التي تتخذ من ارض العراق قاعدة لها، فان وجودها يتغذى على ضعف الدولة العام، والصراع السياسي الداخلي، وتقاطع المصالح الاقليمية والدولية واتخاذها ارض العراق قاعدة لتصفية حساباتها، فضلا عن التمويل الخارجي للارهاب.
ان معالجة مشكلة الوجود المسلح خارج سلطة القانون يحتاج من الحكومة العراقية ان تتخذ جملة من الاجراءات المهمة تتمثل بـ:
ضرورة القضاء على الإرهاب كخطوة مهمة باتجاه العديد من الاجراءات اللاحقة، وتقليص سلاح العشائر والافراد بشتى السبل كالشراء وغيرها، ووضع استراتيجية أمنية موحدة للدولة، واشراك المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني في الموضوع، وتوعية الافراد والجماعات بأن اي دعم او تشجيع لانتشار السلاح خارج سلطة القانون فيه خدمة لأجندات أجنبية لا تصب في مصلحة البلاد، وفك الإرتباط بين الجماعات المسلحة في الداخل وبين الدول الإقليمية التي ترعاها، وتفعيل قانون ضبط السلاح وحصره بيد الدولة، وتجريم اي وجود عسكري غير مرخص، وربما يكون التفكير بايجاد صيغة ما من التجنيد الإلزامي خطوة صحيحة اذا ما تم دراستها وتطبيقها بشكل صحيح، وايجاد معالجات حقيقية لمشاكل الفقر والبطالة فاتساع هذه المشاكل ينذر بمخاط كثيرة مستقبلية تهدد الامن العام، كذلك من المهم جدا تجفيف المنابع المادية والفكرية الخارجية الداعمة لوجود الجماعات المسلحة غير النظامية، وعد اي دعم تقدمه اي دولة بدون المرور بنافذة الحكومة العراقية تهديدا مباشرا للامن الوطني العراقي، وتعزيز التعاون مع المحيطين الاقليمي والدولي لايجاد صيغ مناسبة من الامن الجماعي يتم من خلالها تكثيف اليات المراقبة وأمن الحدود وتبادل المعلومات والخبرات، والسعي الى ادراج القوى والجماعات التي تهدد أمن العراق في قائمة القوى والجماعات التي تهدد الامن والسلم الدوليين؛ من اجل الحصول على الدعم الدولي في محاربتها واضعافها وربما انهاء وجودها.
مشكلة الفساد الإداري والمالي:-
يعد الفساد من الإمراض الخطيرة التي تصيب المجتمعات وتعاني منها الشعوب منذ القدم، وغالبا ما يتم فسح المجال أمام هذه الظاهرة السلبية من خلال ترهل الجهاز الإداري الحكومي، وقد تهدد هذه الظاهرة استقرار الكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع برمته، وتعود اسباب انتشارها في العراق بعد العام 2003 الى طبيعة تقاسم وتوزيع السلطة في النظام العراقي الحالي القائم على المحاصصة السياسية الطائفية/العرقية، حيث توفر هذه الطبيعة -عملياً- مظلة للفاسدين تحول دون مسائلة المسؤول الفاسد، فضلا عن تعدد الجهات التي يتم إحتكام المتهمين امامها، وانتشار البيروقراطية المقيتة، وضعف ادوات المراقبة والمحاسبة، وكذلك ضعف الوعي العام بالظاهرة وعدم ادراك مخاطرها.
ان القضاء على مشكلة الفساد يقتضي إجراء إصلاح سياسي وقانوني واداري عام مع توافر الارادة السياسية الحازمة لتنفيذ هذا الاصلاح ، وتفعيل القوانين المختصة بمكافحة الفساد كقانون: من اين لك هذا؟، وتفعيل دور المؤسسات ذات العلاقة بالموضوع كهيئة النزاهة، واصلاح القضاء وتعزيز دوره، وتقليل امتيازات المسؤولين، وتعظيم اجراءات المساءلة والشفافية واسترداد الاموال المسروقة، والنزاهة في عرض العطاءات، وتسقيط الفاسدين من اعين الناس اعلاميا واجتماعيا، وتسريع اجراءات الحوكمة الالكترونية، واعتماد النظام الالكتروني في التحويلات المالية، وتقليص الجهات الرقابية مثل الغاء دوائر المفتش العام في الوزارات ودمج هيئة النزاهة بديوان الرقابة المالية، والتشديد على الكفاءة والمهنية في تولي المناصب العامة، وتفعيل الرقابة على مصادر تمويل الاحزاب ونفقاتها، واخضاع ميزانيات الاحزاب الى رقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي، وتفعيل النص الدستوري القاضي بإجراء حسابات ختامية لكل سنة قبل اقرار مشروع قانون الموازنة للسنة المالية الجديدة ، والغاء التعارض بين القوانين والأنظمة والتعليمات التي يستغلها الفاسدون لتمرير تلاعبهم بالمال العام، والتعاون مع الدول الإخرى وحثها على: عدم السماح للأموال العراقية المهربة بالإستثمار داخلها، وإعتماد إجراءات دبلوماسية وإقتصادية رادعة اتجاه الدول التي ترعى وتقدم الدعم للمسؤولين المتورطين بتهم الجريمة والفساد والإرهاب على حد سواء، وحثها على عدم جعل أراضيها ملاذا آمناً للفاسدين الذين يهربون من القانون العراقي.
الدعوة الانفصالية لبعض القوى السياسية الكوردية:-
دائما وابدا يعد ضعف الحكومة العراقية من بين أهم المحفزات للأطراف الراغبة بالإنفصال، ومجرد الدعوة للإنفصال من قبل القيادة في اقليم كوردستان العراق يمثل مشكلة تواجه العراق ونظامه السياسي، والاخطر من ذلك قيام الفواعل الاقليميين باستغلال هذه الدعوات لاضعاف العراق اكثر وتوظيف بعض مكوناته لتحقيق هذا الهدف.
ومن أجل الحفاظ على وحدة العراق والتصدي للدعوات الانفصالية يجب ان تعتمد الحكومة الاتحادية الاليات الآتية:
- الاستمرار بتعزيز قوة الدولة وبما يدفع الأطراف الراغبة بالإنفصال الى البقاء ضمن الجسد العراقي.
- تعزيز الشراكة الإقتصادية بين مختلف مناطق العراق، ولاسيما بين المركز والإقليم، فوجود المصالح الاقتصادية المتبادلة يعزز فرص الوحدة والتعاون.
- الرجوع الى المرجعيات الدينية للتأكيد على وحدة العراق.
- الالتزام بالدستور العراقي الذي لا يمنح الحق بالإنفصال لاي طرف عراقي.
- اتخاذ خطوات عملية باتجاه حل القضايا العالقة بين المركز والاقليم.
- تجريم الدعوات الانفصالية وعدها شكلا من اشكال التمرد والعصيان الداخلي غير المشروع.
- تكثيف التواصل مع الشارع الشعبي الكوردي والقوى السياسية الكوردية المؤمنة بوحدة العراق، والتوضيح لها بإن مساعي أي زعيم كوردي في الإنفصال، قد تُفضي الى دمار الإقليم بسبب الوضع الإقليمي والدولي غير الداعم. فكسب ثقة الكورد واشعارهم بأن مكتسباتهم في العراق الأتحادي أهم وأعظم من المكتسبات المرجوة من الإنفصال، بالإضافة الى ان بقائهم ضمن العراق الأتحادي يجنبهم المخاطر المتوقعة لهم بعد الإنفصال. وهذا يستلزم فتح قنوات الإتصال مع الأطراف الكوردية غير الراغبة بالإنفصال داخل الاقليم.
- إن اللجوء الى القوة العسكرية في ظل الظروف الحالية لمواجهة النزعات الانفصالية يعد خيارا غير حكيم؛ فالتجارب السابقة المبنية على استخدام القوة اثبتت فشلها، لذا من الافضل اللجوء الى الخيارات الدبلوماسية لاجهاض الدعوات الانفصالية.
- تنظيم الإعلام الداخلي وإتخاذ سياسات حازمة تجاه الوسائل الإعلامية المشجعة على الإنفصال.
- عدم تقديم أي تنازلات من قبل المركز اتجاه الإقليم فيما يتعلق بموضوع الانفصال؛ لأن الامر يمس الأمن الوطني العراقي وهو غير قابل للتفاوض.
- تعزيز منهج الوحدة بالرضا على حساب منهج الوحدة بالإكراه، وضرورة وجود خطاب سياسي من بغداد موجه للشعب الكوردي للتأكيد على أن الوحدة المنشودة للعراق تقوم على أساس الرضا.
- تأجيل أي تفاوض في هذه المرحلة مع الأطراف الكوردية حول موضوع الانفصال، وأن لا تذهب الحكومة الاتحادية الى التفاوض مع الاقليم وهي في حالة ضعف. وإستخدام استراتيجية المماطلة لتحاشي اي عملية تفاوضية لا تتوفر فيها مقومات حفظ وحدة العراق.
- على صانع القرار العراقي أن يثبت قدرته في حفظ النظام والأمن الداخلي وتعزيز سيادة الدولة ، وعدم جعل أرض العراق منطلقا لتهديد السلم الإقليمي.
- إقامة أحلاف وعقد معاهدات وإتفاقيات إقليمية ودولية تنص على ضمان وحدة دول المنطقة، والحرص على تشكيل محور دولي مضاد لتقسيم العراق.
- استثمار ثقل الدول الإقليمية في الضغط على الأطراف العراقية الطامحة بالإنفصال، وهنا يبرز دور وزارة الخارجية للقيام بهذه المهمة.
- إيصال رسائل واضحة الى الدول الاقليمية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بأن وحدة العراق خط احمر ومبدأ اساسي للشعب والدولة العراقية، ولايمكن القبول بأي تعاطي دولي مع هذا الموضوع حرصا على السلم والامن الدوليين.
- مشكلة السياسة الخارجية العراقية:-
- لقد عانت السياسة الخارجية العراقية منذ عام 2003 من مشاكل كثيرة، فأحيانا وصفت بأنها طائفية، وأخرى وصفت بأنها تعبر عن مصالح الكُورد على حساب مصالح الدولة العراقية، وكان لشخصية الوزير دور حاسم في كل ذلك، لذا تحتاج السياسة الخارجية للعراق بعد هزيمة تنظيم داعش عسكريا الى: توحيد الخطاب السياسي الخارجي للدولة، وتحييد العوامل الخارجية المزعزعة لاستقرارها، ووضع تصنيف للدول؛ لتحديد الأصدقاء من الخصوم وخيارات التعامل معهم، وإتخاذ موقف الحياد الدولي، وعدم زج العراق في النزاعات الإقليمية الطائفية.
- وتعد السياسة الخارجية أحد أدوات القوة الناعمة في تنفيذ أهداف الدولة، وهي عامل جذب في تحقيق المصالح الوطنية وحمايتها، عبر تعزيز الروابط والصلات مع الأصدقاء وتخفيض المشاكل مع الخصوم، فالسياسة الخارجية لأي دولة هي إمتداد لسياستها الداخلية، وهي تقتضي حماية مصالح الدولة في الخارج، وكذلك حماية القيم الإجتماعية وجاذبية نظام الحكم القائم، ومن بين أهم أولوياتها هو تحديد من هم الاصدقاء ومن هم الاعداء؟ وما هي السبل اللازمة لتعزيز الصداقة مع الأصدقاء وتحييد الاعداء قدر الامكان أو تحويلهم الى أصدقاء؟ .
- والسعي لتطوير دور السياسة الخارجية؛ لتكون كفوءة في حماية مصالح العراق على الصعيد الدولي، تبرز ضرورة إيجاد ثوابت وطنية تكون بمثابة المفتاح المرجعي عند وضع السياسات العامة العراقية بشكل أوسع. وعند العمل على تحديد ماهية الدور الذي يلعبه العراق في محيطه وبيئته الإقليمية والدولية، لابد من استحضار هذه الثوابت الوطنية كونها المعيار في تمثيل العراقيين وحماية مصالحهم وقيمّهم، ولاسيما عند السعي لتحديد خارطة أصدقاء وخصوم العراق، وكذلك عند السعي لتخطي وتجنب الأزمات الأقليمية في بيئة تشهد الغليان. فمع غياب هذه الثوابت غالبا ما يتم تحديد أصدقاء العراق وخصومه ليس على اساس المصالح العليا للدولة، وإنما على اساس توجهات تمثل فئات عراقية دون أخرى!! فالسعودية وإيران مثلا أصدقاء لبعض الفئات وخصوم لفئات عراقية أخرى، فيؤيدهما البعض ويعاديهما البعض الآخر، وهكذا فوضى غير مقبولة في صناعة اي سياسة خارجية فاعلة، اما عند إيجاد ثوابت وطنية تمثل مصالح وقيّم ونظام الحكم في الدولة، فسيتم التغلب على الهواجس الفئوية، واسقاط الأدوار التي تلعبها كافة الدول الإقليمية على حجر الثوابت الوطنية العراقية لتحديد اي من هذه الدول يساعد العراق فعلا على النهوض من جديد وبناء نفسه باقتدار، واي منها يعمل على عرقلة نهوضه وبناء قدراته على المستويين: الإقليمي والدولي.
- ان وجود سياسة خارجية فاعلة للعراق يتطلب وجود تناغم في المواقف والقرارات بين وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء، وان تنعكس قوة العراق الداخلية وزخم انتصاراته إيجابا على سياسته الخارجية، لاسيما عند تشكيل الأحلاف؛ لكي نكون بموقع الندية وعدم الظهور بموقع التابع. فضلا عن ضرورة الابتعاد عن المحاصصة بالنسبة للكوادر والقيادات العليا في وزارة الخارجية، وان يتم تولي الوزارة من قبل شخصيات كفوءة تتقن فن ومهارات التفاوض في بيئة دولية مضطربة؛ من اجل سياسة خارجية قوية وذكية تتمكن من توظيف الأطراف الخارجية لخدمة مصالح الدولة. كما أن هناك حاجة ماسة الى وضع إستراتيجية واضحة طويلة الأمد تقود وزارة الخارجية، وعدم نقل المشاكل الداخلية الى الأطراف الخارجية، والحرص على ايجاد حلفاء عديدين للبلد بدلا من حليف واحد تبقى الدولة اسيرة لقراراته، فوجود الحلفاء الاقوياء مهم جدا في هذا المرحلة لحماية وحدة وسلامة العراق، لاسيما عندما يكونا حليفا من الاعضاء الدائميين في مجلس الأمن.
- ان ما يؤشر على السياسة الخارجية العراقية منذ العقد الماضي والى الان أتسامها بالضعف في حماية المصالح الوطنية العليا، لذا تبرز الحاجة الى تحسين أداء هذه الوزارة المهمة وإستثمارها بفاعلية وبالشكل الذي لا يضع العراق في منتصف طريق تقاطع المصالح الدولية والإقليمية على حساب مصالحه العليا. وعلى الرغم من معاناة العراق من العديد من نقاط الضعف، إلّا أنه يمتلك عناصر قوة يأتي في مقدمتها ما يمتلكه من موقع جيواستراتيجي وروحي محوري في العالم، وكونه ثاني منتج للنفط في المنطقة، ، يمكن توظيف هذه العناصر بصورة أفضل لتحقيق المصالح العليا للعراق.
- واذا كانت فاعلية السياسة الخارجية تعتمد في جزء منها على شخصية الوزير الممسك بها، فان من المهم جدا ان يكون من يمسك بزمام الخارجية العراقية شخصية كفؤة وقوية وقادرة على إيصال الرسائل الصحيحة الى المحيط الدولي، فضلا عن اتخاذها القرارات والمواقف التي تخدم المصالح الوطنية العليا، الحرص على إخراج وزارة الخارجية من دائرة التنافس الحزبي ودعمها لتكون وزارة محايدة وظيفتها حماية مصالح العراق دوليا.
مشكلة البيئة الاقليمية والدولية:-
تاريخيا، مثل العراق ساحة لتقاطع المصالح دوليا وإقليميا، واذا كانت الحقب الماضية تقوم على سيطرة القوى الكبرى من خلال إخضاع الحكومات بالقوة لهيمنتها، فأن الوقت الحاضر باتت فيه هذه القوى تسعى الى تحقيق اهدافها باستعمال ادوات اقل كلفة من بينها خلق منظمات عابرة للحدود كالقاعدة وداعش ...بهدف انهاك واستنزاف الدول وتحويلها الى دول فاشلة، ومن ثم إخضاعها لسيطرتها ونفوذها.
ومع حقيقة ان معظم دول الشرق الاوسط (لاسيما العربية) هي دول استهلاكية وتمثل سوقا مناسبة لتصريف منتجات القوى الكبرى، فان الحصول على المال الشرق اوسطي من قبل هذه القوى، والهيمنة عليها جيوسياسيا جعلها تعمل باستمرار على تأجيج الصراعات في هذه المنطقة الحيوية، ومنها في الوقت الحاضر ما يسمى (الصراع العربي- الايراني أو الصراع الشيعي -السني)، فدفعت هذه الصراعات دول المنطقة العربية الى ان تصبح المستورد الاول للاسلحة في العالم، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
هذ الواقع الاقليمي والدولي القى بضلاله على العراق بشكل مباشر، إذ جعله ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الاقليمية والدولية، وجعله مندكا بقوة في الصراع الشرق اوسطي، مما أدى في النهاية الى تدمير البلد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وفكرياً ... وزادت مشاكل الادارة والحكم في هذا البلد من حدة المشكلة ، مما جعل البيئة االداخلية بيئة خصبة جدا تستقطب المشاريع الخارجية للتدخل في شؤونه الداخلية تحت ذرائع مختلفة، وهذا الامر هدد ولا زال يهدد وحدة العراق وسيادته على اراضيه، وشجع ولا زال يشجع البعض في الداخل والخارج على طرح مشاريع مشبوهة تستهدف تفتيته وتقسيمه بحجج شتى.
إن تجنيب العراق البقاء كساحة لصراعات الاخرين، واستعادة دوره المؤثر من جديد يستلزم دعم المؤسسة الأمنية الوطنية للنهوض بإعباء حماية وحدة ومصالح البلاد، وتفعيل دور المؤسسة الدينية العراقية –على اختلاف مشاربها- للسيطرة على إيقاع اتباعها، وكسب الحكومة لثقة مواطنيها، والسير في برامجها الاصلاحية الى النهاية، والقضاء على دينامية الصراع الأساسية وهي الطائفية باعلاء شأن المصلحة والهوية الوطنية، ووقوف العراق على مسافة واحدة من جميع الاطراف بالتحلي بالحكمة والعقلانية، وتحسين العلاقة مع كافة دول الجوار.
كذلك التعاون مع دول المنطقة لايجاد نظام أمني إقليمي هدفه مواجهة الإرهاب، وتعزيز نظام الامن الاقليمي، والحفاظ على الدولة الحديثة في الشرق الاوسط، فضلا على كسب العراق للحلفاء الدوليين الاقوياء بجعله شريكا اقليميا جديرا بالثقة، ومحاولة التأثير على صانع القرار الروسي والأمريكي من أجل تهدئة الحلفاء الإقليميين وحثهم على عدم الإنسياق وراء صراع صفري مفتوح، وإستثمار مظلة الأمم المتحدة في حماية السلم والامن في المنطقة.
الخاتمة:-
كان ضعف العراق ناجم عن سياسات داخلية خاطئة تم إستثمارها من اطراف خارجية لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصلحة هذا البلد، ومهما اختلفت هذه الاطراف فيما بينها في المصالح والسياسات الا انها كانت متفقة بصورة أو اخرى على ابقاء العراق ضعيفا وغير مستقر ويعاني من مشاكل في الادارة والحكم.
ان تجربة السنوات الثلاث الاخيرة -منذ سقوط الموصل بيد تنظيم داعش الارهابي الى الوقت الحاضر- اثبتت ان العراق الضعيف وغير المستقر وغير الموحد لا يمثل افضل الخيارات لتحقيق المصالح الاقليمية والدولية، بل انه عامل مزعزع للسلم والامن الدوليين، وان الحفاظ على حالة السلم والامن في المنطقة والعالم يتعزز فقط من خلال بناء الدولة العراقية الموحدة والقادرة على احكام سيطرتها على حدودها ومواطنيها، وبناء هذه الدولة لن يتحقق بفاعلية ما لم تتطور تجربة الحكم الديمقراطي في هذا البلد، فالديمقراطية هي الخيار الوحيد امام العراقيين لاصلاح نظام الحكم والادارة لديهم، ومد جسور الثقة بينهم، وتجاوز مشاكلهم وصراعاتهم المزمنة، وقطع الطريق على الاجندات الداخلية والخارجية التي تستهدف تقسيمهم جغرافيا واجتماعيا.
لقد ظهر من خلال عمل الفريق ان الحكومة العراقية تتحمل مسؤوليات كبيرة في تذليل المشاكل والتحديات التي تهدد أمن ووحدة العراق، وتحسين صورة العراق في المحافل الاقليمية والدولية، ووجود الاشخاص المناسبين في قمة هرم المسؤولية سيكون سياسة حكومية حكيمة في هذا الوقت بالذات، فاقتراب مرحلة الحسم العسكري مع داعش، يفتح الباب لمرحلة جديدة اكثر تعقيدا تتطلب التزاما حكوميا اكبر في بناء الثقة وتطوير الاداء الحكومي، اذ ان قدرة الحكومة لا تكون من خلال تحقيق النصر العسكري، بل قدرتها الاكبر تتجسد في تمكنها من ادامة حالة الاستقرار والسلام التي تعقب مرحلة الانتصار.
كما ظهر للفريق ان آليات الحفاظ على وحدة العراق وتماسكه الاجتماعي متعددة وكثيرة وهي بحاجة الى استراتيجية شاملة تشترك في وضعها الحكومة في بغداد مع مراكز الابحاث والتفكير العراقية والدولية والمؤسسات والافراد المعنيين بالموضوع، فبدون وجود هذه الاستراتيجية الشاملة ستكون اية استراتيجية فرعية غير نافعة؛ لانها سوف تصطدم باستراتيجيات فرعية اخرى لا تتناغم ولا تتكامل معها. لقد حان الوقت ليكون العراق بكامل ترابه وشعبه محط اهتمام صانع القرار، وان تكون السياسات الحكومية شاملة، ومتكاملة، وتعمل وفق توقيتات مضبوطة بدقة، وبآليات تنفيذية واضحة ومعروفة للجميع.
ان الانتصار العراقي على التنظيمات الارهابية قلب جميع الحسابات، فصارت مقولة ان الشرق الاوسط الذي نعرفه اصبح من الماضي التي قيلت بعد سقوط مدينة الموصل مقولة غير مرحب بها في ظل وضع اقليمي ودولي يثبت يوما بعد آخر ان حماية الشرق الاوسط الذي نعرفه، وتعزيز بناء دولهِ، وترسيخ مساره الديمقراطي التنموي، وتطوير علاقات شعوبه فيما بينها هو الهدف الاستراتيجي لكل صانع قرار حريص على حماية السلم والامن في العالم.
اضافةتعليق