قد تكون تركيا دولة دكتاتورية وقضاءها عبارة عن مزحة لكن هذا لا يعني عدم اعتراف الاتراك والعالم الخارجي بتعقيد القصة او القضية
لايزال الجدل يحيط بالانقلاب التركي الفاشل الذي حدث في الصيف الماضي، والذي وصفه اردوغان بأنه " هبة من الله" واستخدمه كوسيلة ليس فقط لقمع من كان حليفا له مثل فتح الله غولن بل عشرات الآلاف من المعارضين عبر الطيف السياسي.
ففي داخل تركيا كان اردوغان يسيطر على كل من القضاء والاعلام الامر الذي مكنه من الدفاع عن نفسه، وان مشكلة النظرية التركية الرسمية هي اغفال العديد من الفروع المتناقضة للمعلومات، فمن الناحية الدبلوماسية يظهر هذا من خلال احباط القادة الاتراك الذين أعلنوا عن فشل الولايات المتحدة والعديد من الدول الاوروبية في دعم الحملة على اتباع غولن، وببساطة فان الادلة التي قدمها اردوغان غير كافية للعمل بها في اي محكمة مستقلة.
وإذا كانت نظرية اردوغان وما جاء به معيباً لذا ما النظريات البديلة لها؟ من الظاهر لا توجد نظريات بديلة في الوقت الحالي. ومن جانبهم قام العديد من الضباط العسكريين الاتراك الذين لا يعّدون من اتباع او انصار غولن من خلال الاستناد الى مصادر مختلفة باعداد تقرير مطول يحلل الأنقلاب، وقد وصفوا جهدهم هذا بالقول" هذه الدراسة هي جهد متواضع لوصف ما حدث يوم ١٥ يوليو عام ٢٠١٦، تتناول بعض المجالات الهامة مثل جنسية المعارضين ودوافعهم ودور اردوغان في الاحداث ومؤيديه في الجيش واماكن اخرى، كما تعتمد هذه الدراسة على جمع وتحليل البيانات العامة المتاحة، وتتألف من سجلات الخطابات الرسمية او العامة والتصريحات الصحفية والتقارير و الشهود والشهادات المشبوهة ولوائح الاتهام، كما تسلط الضوء على ما حدث في اعقاب ١٥ تموز، وتشكيل الاحداث الحاسمة في جدول زمني معين، وتقدم الحجج فضلا على سلسلة من النتائج.
هذا التقرير يستحق القراءة لانه يستند بأكمله الى مصادر مفتوحة ويسلط الضوء على التناقضات الداخلية والشهادات الباطلة سواء الطوعية منها او القسرية، فهم يزيدون الإقناع بكذب اردوغان وأوجه الشبه بين الانقلاب التركي والحريق الذي أُضرم في مبنى البرلمان الالماني “الرايخستاج"، وقد شارك بعض اتباع غولن في هذا الانقلاب لكنهم من الضباط الاقل رتبة الذين كانوا يعتقدون بأنهم يشاركون في ممارسة امر يقوده المشرفون العسكريون المباشرون.
وجاء هذا التقرير الهام في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لمحاكمة عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية والضباط بتهم قد تؤدي بهم الى السجن مدى الحياة او ربما الاعدام.
وبهذا قد تكون تركيا دولة دكتاتورية وقضاءها عبارة عن مزحة لكن هذا لا يعني عدم اعتراف الاتراك والعالم الخارجي بتعقيد القصة او القضية، وبغض النظر عن الوضع الذي ستكون فيه تركيا فمن الصعب اخفاء الحقيقة".
رابط المقال الاصلي:
https://www.aei.org/publication/turkish-officers-speak-erdogan-may-have-staged-coup/
اضافةتعليق