التنسيق العراقي – السعودي: المتغيرات الاقليمية لا تلغي التحديات القائمة

شارك الموضوع :

ان هذه المتغيرات الاقليمية توفر فرصة للجانبين العراقي والسعودي لتطوير علاقاتهما في ظل بيئة تشهد نوعا من الاستقرار. كما ان العراق والسعودية يمكن ان يعززا تضامنهما فيما يتعلق بأسعار النفط والذي ليس من مصلحة العراق ان تنخفض اسعاره، وهو ما يوافق الرؤية السعودية، في ظل توجه القيادة السعودية الى تعزيز تحالفاتها مع الاقطاب العالمية كالصين وروسيا واستقلالية قرارها فيما يخص اسعار النفط في إطار اوبك بلس

عقدت أعمال الدورة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي العراقي، يوم الخميس (26 أيار 2023)، بحضور أعضاء المجلس ورؤساء اللجان الفرعية من الجانبين السعودي والعراقي.

تأسس المجلس عام 2017، وقال السفير السعودي في العراق، عبد العزيز الشمري، ان: "علاقتنا مع العراق مميزة، وأن هذا المجلس وخلال السنوات الست الماضية كان له دور كبير في تطوير العلاقات السعودية العراقية، وتم انجاز الكثير من الملفات المهمة في العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين".

أن ما تحقق من خلال المجلس هو فتح منفذ عرعر وزيادة حجم التبادل التجاري. اذ نما حجم التجارة البينية بين البلدين الشقيقين حيث بلغ حجم التبادل التجاري (1,5) مليار دولار لعام ۲۰۲۲م بنسبة ارتفاع (50%) مقارنة بالعام 2021م، واتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التبادل التجاري بين البلدين والاستفادة من افتتاح منفذ جديدة عرعر والاسراع بافتتاح منفذ جميمة الحدودي، وفقا لما جاء في البيان الختامي المشترك.

كما ان من ملفات المجلس هو متابعة اعلان الرياض مبلغ مليار ونصف دولار في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق الذي عقد في شباط 2018م وتعهداتها ومساهمتها فيه، والاعلان عن تأسيس صندوق للاستثمار في العراق بقيمة 3 مليارات دولار.   وبحث الجانبان المشاريع التنموية القائمة والمقدمة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية عبر الصندوق السعودي للتنمية والتي تهدف إلى المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة بجمهورية العراق، كما ناقشا التحديات التي تواجه سير العمل التنموي، وكيفية تجاوزها لتحقيق أهداف التنمية في النمو والازدهار، وأشاد بما تم اطلاقه من مشاريع تنموية بتمويل من قبل الصندوق السعودي للتنمية. 

على صعيد الطاقة والاستثمار، ناقش المجتمعون عمل الفريق المشترك لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي السعودي العراقي بقدرة 1000 ميغاواط وفق مبادئ الاتفاق الموقعة بين الجانبين، وأكدا حرصهما وتطلعهما إلى سرعة إنجاز المشروع، بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين وشعبيهما، كما أكد الجانبان على أهمية توفير المتطلبات اللازمة لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بقدرة 1000 ميغاواط، واستمرار المشاورات واللقاءات لتنفيذ مشروع نبراس الشرق للبتروكيماويات.

فيما يخص الاستثمارات والتجارة البينية بين البلدين، سيسهم فرع المصرف الاهلي العراقي وفرع المصرف العراقي للتجارة في تسهيل عملية التجارة البينية بين البلدين. وسيتولى البنك العربي الوطني في المملكة العربية السعودية مع الشريك الاستراتيجي "البنك العربي" لتأسيس "البنك العربي العراقي". كما سيتم تعزيز الاستثمارات بين الجانبين اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي والتي من المتوقع ان تدخل حيز النفاذ قريبا. 

لازالت العربية السعودية برؤيتها القائمة على ان استقرار العراق سينعكس ايجابا على استقرار المنطقة ككل، كما ان التطورات الاخيرة في اليمن وسوريا تشير الى ان القيادة السعودية تعمل لما يقوي دورها الاقليمي ويخلع عنها عبء الخلافات والصراعات الاقليمية. 

تسعى الحكومتان العراقية والسعودية الى تطوير علاقاتهما في كافة المجالات خدمة لهدفهما في استئناف دورهما الاقليمي. واجهت الحكومات العراقية الثلاث السابقة تحديا داخليا تمثل في وجود ارادة سياسية داخلية لا تريد التطور في العلاقات العراقية السعودية تماهيا مع ارادة الجانب الايراني، وكانت توظف كل قدراتها الاعلامية والسياسية والحزبية باتجاه الحط من أي تطور في تلك العلاقات. 

سعي السعودية لتطوير علاقاتها الاقتصادية مع العراق تتلائم مع رؤية السعودية 2030 بما يحقق اهدافها الاقتصادية. على الجانب العراقي، يشهد العراق وجود حكومة منبثقة من ارادة سياسية كانت رافضة لأي تطور في العلاقات مع السعودية، الا انها اليوم تلتزم الهدوء، وكان للتطورات الاقليمية ومنها التقارب السعودي الايراني وسعيهما الى استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، دورا في ذلك الموقف المؤيد لاستئناف الحكومة جهودها لتعزيز العلاقات مع السعودية. وهذه ربما تشكل فرصة للحكومة العراقية لتكثيف تلك الجهود.

تبقى التحديات الامنية (عدم وجود مفهوم موحد للأمن، وهشاشة نفاذ القانون، وعدم احتكار الدولة لقوة الاكراه الشرعي، وتعدد الجماعات المسلحة، وعدم سيطرة الدولة على كامل اقليمها... الخ) والاقتصادية (الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد وريعية، توافقية السياسات والقرارات الاقتصادية، والفساد، وتراجع بيئة الاعمال، وعدم توفر الحرية الاقتصادية، وتقليدية النظام المالي... الخ) قائمة وسترسل رسائل سلبية الى الجانب السعودي.

كل هذه التحديات ينبغي للحكومة العراقية ان تعمل على مواجهتها، وجذب الاستثمارات ورؤوس الاموال العربية وبالأخص السعودية وتعزيز التواصل بين العراق وجيرانه من دول الخليج العربية. كما ان هذه المتغيرات الاقليمية توفر فرصة للجانبين العراقي والسعودي لتطوير علاقاتهما في ظل بيئة تشهد نوعا من الاستقرار. كما ان العراق والسعودية يمكن ان يعززا تضامنهما فيما يتعلق بأسعار النفط والذي ليس من مصلحة العراق ان تنخفض اسعاره، وهو ما يوافق الرؤية السعودية، في ظل توجه القيادة السعودية الى تعزيز تحالفاتها مع الاقطاب العالمية كالصين وروسيا واستقلالية قرارها فيما يخص اسعار النفط في إطار اوبك بلس.

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية