عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية تناول من خلالها موضوعا تحت عنوان (محددات ومقومات التغيير السياسي في العراق)، وذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف صباح يوم السبت الموافق 7 تشرين الثاني 2019، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية، ضمن فعاليات ملتقى النبأ الأسبوعي في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في محافظة كربلاء.
اعد الورقة البحثية الدكتور حسين أحمد السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، ورئيس قسم الدراسات السياسية في مركز الدراسات الإستراتيجية/ جامعة كربلاء، واكد على:
"بداية الامر لابد أن نفهم مفردة (التغيير) بشكل اساسي، وايضا أن نفهم العلوم الاجتماعية والبنى الاجتماعية، ثم ندخل إلى موضوعة التغيير السياسي. لغوياً، التغيير هو (جعل الشيء على غير ما كان عليه)، والتغيير مصدر يعبر عن صيغة مبالغة مشتق من فعل غير، بمعنى حوله وبدله بآخر، وايضا جعله غير ما كان عليه في السابق، والتغيير هو تحول وتبدل.
التغيير بمعنى التحول هو (الانتقال من حال إلى حال اخر جديد)، بمعنى اخر التحول من نقطة معلومة إلى نقطة معلومة اخرى، فيأخذ بصورتين: الاولى، بدلالة تغيير صورة الشيء بذاته، والثانية اخذه باعتبار استبدال الشيء بغيره.
التغيير في العلوم الاجتماعية هو تحول ملحوظ في المظهر أو المضمون إلى الافضل، والتغيير الاجتماعي (هو كل تحول يطرأ على البناء الاجتماعي خلال فترة من الزمن فيحدث تغيير في الوظائف والادوار والقيم والاعراف وانماط العلاقات السائدة في المجتمع، وكذلك هو انتقال المجتمع بإرادته من حالة اجتماعية محددة إلى حالة أخرى أكثر تطورا".
" التغيير السياسي وفيما لو نظرنا اليه في اطار التغيير الحاصل في العلوم الاجتماعية أو مفهومه في العلوم الاجتماعية، نجد انه يشير إلى الانتقال من وضع لا ديمقراطي استبدادي إلى وضع ديمقراطي، والتغيير السياسي السلمي يطلق عليه مصطلح (الاصلاح)، ويمكن اعتباره مرادفا للتغيير الدستوري، أو لإعادة بناء التأثير السياسي داخل المجتمع.
وهذه هي النقطة الجوهرية، أي تغيير دستوري ينطوي على تغيير في توازن القوى، وايضا ينطوي على تغيير في موازين القوى بين الجهات أو الفعاليات الناشطة داخل المجتمع، اذا هو اعادة التأثير السياسي داخل المجتمع، كذلك التغيير السياسي يرمز لمجمل التحولات التي قد تتعرض لها البنى السياسية في المجتمع، أو طبيعة العمليات السياسية والتفاعلات بين القوى السياسية وتغيير الاهداف وبما يعنيه كل ذلك من تأثير على مراكز القوى، بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها، أو في احيان اخرى يكون التغيير على مستوى اقليمي أو دولي، بالتالي يكون التغيير في موازين القوى بين عدة دول.
والتغيير السياسي يحصل استجابة لمجموعة عوامل منها:
العامل الاول: وجود راي عام أو مطالب للأفراد وللجماهير من النظام السياسي، باتجاه التحول إلى صيفة أكثر ايجابية تخدم مصالح الافراد وتلبي حقوقهم.
العامل الثاني: وجود تغيير في نفود بعض الحركات والاحزاب وجماعات المصالح، وهذا التغيير وفيما لو نظرنا اليه في اطاره التطوري والسلمي، نجد انه يحصل من خلال الانتخابات.
العامل الثالث: يأتي التغيير لأجل ثبات اليات التداول السلمي للسلطة في الحالات الديمقراطية وبالتالي توزيع الادوار السياسية.
العامل الرابع: وجود ضغوط ومطالب خارجية من قبل دول ومنظمات، وتأخذ هذه الضغوط اشكال مختلفة (اقتصادية / سياسية / عسكرية).
العامل الخامس: التغيير يأتي بفعل الاستجابة لتحولات خارجية في المحيط الاقليمي، أو طبيعة التوازنات الدولية.
اذا كان التغيير ايجابيا محمودا يهدف إلى محاربة الفساد وازالته وتحقيق الاصلاح فينطبق عليه تعريف (الاصلاح السياسي)، والاصلاح السياسي هو... (تغيير وتعديل في نظام الحكم سواء كان جزئيا أو جذريا، ومحاربة مظاهر الفساد والضعف فيه بوسائل مختلفة بحيث يحقق المقاصد الشرعية المرجوة)، هذا فيما لو نظرنا اليه في اطار الاصلاح السياسي الايجابي.
وعكس هذا المفهوم هو الاصلاح السياسي السلبي الذي يتناقض كثيرا مع حاجات المجتمع، ويولد الفساد والظلم واحتكار السلطة. والتغيير السياسي يرتبط بمفهوم وماهية التحديث السياسي وايضا هو من المفاهيم المقاربة للتغيير السياسي، الذي يشير بشكل بسيط إلى التغيير الحاصل بالأشياء التي لها صلة في الاداء السياسي أو في السلوك السياسي أو في النظام السياسي. وبالتالي هذا الامر له علاقة بجوانب الحياة السياسية كافة، وهناك اتجاهين للتحديث السياسي:
الاتجاه الاول: الاتجاه اللبرالي الذي ينطلق من شرح مفهوم التحديث السياسي من القيم الديمقراطية في المجتمع اللبرالي أو الحر، اذا يرى أن الديمقراطية هي المسار الوحيد للتنمية وعملية التحديث السياسي.
الاتجاه الثاني: الاتجاه الماركسي يرى أن الطريق الوحيد لعملية التحديث السياسي تمر من خلال الصراع الطبقي، ويؤكد الماركسيون انهم لا يسعون للتحديث السياسي والاقتصادي فحسب، بل إلى تحديث طبيعة الانسان، وايجاد له دور قيادي في عملية التغيير.
وهناك نمطين من انماط التغيير وهي على النحو الاتي:
1- نمط التغيير الثوري /
هو نمط خاص للتغيير الاجتماعي يستلزم ادخال العنف في العلاقات الاجتماعية، وهذا التغيير الثوري ربما يأتي بعد مرحلة كبيرة من مساعي وجهود سلمية باتجاه تحقيق التغيير، لكن ربما هذه المساعي والجهود لا تحقق الهدف، بالتالي تلجئ الجماعات الضاغطة باتجاه التغيير إلى استخدام العنف فيسمى ب (التغيير الثوري)، وهنا لابد أن نضع في اذهاننا الحالة العراقية الان، فاذا ما تم تبديل العنف بالاطار السلمي، تلجئ الجماعات المحتجة إلى تغيير في اطار النظام، أي تغيير تطوري سلمي، لكن لو توصلت تلك الجماهير إلى قناعة مفادها، بان التغيير السلمي صعب جدا، عندها سوف تلجئ للعنف، حينذاك ستكون الاهداف مختلفة، لان التغيير والاصلاح من داخل النظام لن يجدي نفعا.
وابعاد هذا التغيير الثوري يكون على النحو الاتي:
- تغيير البنية الاجتماعية.
- تغيير قيم ومعتقدات المجتمع.
- تغيير المؤسسات.
- تغيير في تكوين القيادة واساسها الطبقي.
- تغيير النظام القانوني واستخدام العنف في الاحداث التي تؤدي إلى تغيير النظام بشكل كامل، وليس تغيير داخل النظام.
2- نمط التغيير التطوري /
هذا التغيير السياسي يتضمن معنى السلمية والتدرجية والعمل من خلال المؤسسات القائمة في المجتمع، بمعنى اخر اجبار السلطة التنفيذية والتشريعية باتخاذ اجراءات معينة باتجاه تحقيق تغيير سياسي، أو اجبار السلطة القضائية كي تكون داعمة لتوفير الاطر القانونية المناسبة، أو تطبيقها ووضعها محل التنفيذ باتجاه دعم هذا التغيير السياسي، وبالتالي يسمى تغيير سلمي شرعي يتم وفق القوانين والمؤسسات القائمة في المجتمع، وهو ايضا تغيير تدريجي لا يتضمن تغيرات جذرية في وقت محدد من الزمن، بل تغيرات تحدث نتيجة تراكمات بطيئة لتغيرات جزئية تتم عبر مرحلة طويلة من الزمن، هذه تحتاج طبعا لإيمان من قبل القوى المحتجة أو المتظاهرين، كي يتيقنوا بان السلطة تعمل باتجاه التغيير، وبالتالي قد يمنحوها فترة اطول من الزمن باتجاه حصول تراكم لإجراءاتها باتجاه حصول نوع من التغيير السياسي.
هذا التوضيح للإطار المفاهيمي لموضوع التغيير السياسي مهم جدا، خاصة اذا ما اردنا سحب هذا الكلام على العراق، فعادة الاحتجاجات أو المطالب السلمية في الدول والانظمة الديمقراطية الحديثة والجيدة، نجد أن تلك الانظمة تحاول أن تستثمر ازمة الاحتجاجات باتجاه تحويلها إلى فرصة، بالتالي يستفاد صنع القرار من الضغط الجماهيري باتجاه اجبار القوى السياسية أو مؤسسات الدولة باتجاه تحقيق التغيير السياسي.
لكن في الحالة العراقية بالذات للأسف كان هناك تعامل امني مع هذه الاحتجاجات، وبالتالي اندثرت كل الآمال باتجاه تحويل هذه الازمة إلى فرصة لتحقيق الاصلاح من قبل صانع القرار، هناك محددات اخرى وهي على النحو الاتي:
- الوضع السياسي الهش.
- عدم التوافق السياسي.
- البنية السياسية التي تعاني من خلل هيكلي نتيجة اعتماد نظم انتخابية غير معبرة عن تمثيل ارادة الجماهير، بقدر ما هي معبره عن تمثيل ارادة القوى السياسية المشتركة في السلطة.
- انتشار السلاح خارج الدولة.
هناك اسباب اخرى قد تكون اقتصادية ، لكن مظاهرها لا تتجلى بوضوح اتجاه اعاقة التغيير السياسي حاليا، لكنه في المستقبل قد تظهر .
"لكن في نفس الوقت لدينا مقومات للتغيير السياسي في العراق..
* فنجد أن المواقف الجماهيرية وشرعية النظام، قد تستكمل اذا ما احسنا التصرف بهذه الحركة الاحتجاجية في العراق، باتجاه التأسيس لشرعية كبيرة جدا تمنح السلطة القدرة على تحقيق التغيير والاصلاح السياسي.
* الموقف الدولي الذي يعتبر مقوم اساسي اتجاه التغيير السياسي، ويمكن استثماره باتجاه التغيير السياسي، واعتراف المجتمع الدولي بهذا التغيير فيما بعد.
ولتسليط الضوء أكثر على الورقة، نطرح السؤالين الآتيين:
السؤال الاول: برأيك هل ترى وجود محددات وكوابح اخرى للتغيير السياسي في العراق في المرحلة الحالية؟
- الدكتور قحطان حسين الحسيني (الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية)
يرى إن طبيعة المشهد العراقي هي طبيعة معقدة جدا، واهم الكوابح التي يمكن رصدها الان هي تأتي على سبيل المثال وليس الحصر، فالتظاهرات الاخيرة الساعية وراء التغيير والاصلاح في العراق افرزت نوع من الصراع ما بين جهة داخلية وارادة خارجية. هذه الجهات الداخلية، التي تمثل المطالب الشرعية المشروعة بتغيير واقع سياسي سيئ، اصطدمت بإرادة خارجية عنيدة جدا، تحاول أن تفشل هذه الجهود الشعبية نحو التغيير المنشود.
الصراع ليس فقط بين جهة محلية وجهة خارجية، بل هو صراع على مستوى الطبقة السياسية بسبب التظاهرات الاخيرة، مما عقد المشهد السياسي وخلق حواجز اخرى قد تكون معوق نحو التغيير الكامل والشامل والحقيقي، فالإرادة الخارجية تحاول بشتى الوسائل وهي تمتلك أذرع وأدوات في العراق، هذه الاذرع والادوات ليس من السهولة أن يتم تجاوزها. الا في حال الدخول في دوامة كبيرة تكون فيها التضحيات كبيرة وجسام.
كما يوضح الحسيني "المحدد الثاني هي طبيعة المجتمع العراقي القائمة على اساس التعدد والتنوع، ووجود المكونات على اساس قومي ومذهبي وطائفي، هذه المكونات غير مشتركة أو متفقة على طبيعة التغيير، وبالتالي هناك مكون يرفض التغيير، ومكون اخر اجبر على السعي وراء التغيير، وهذا بحد ذاته غياب الاتفاق على مستوى الحكومة والبرلمان، ونلاحظ مدى وحجم الاختلافات التي تظهر على مستوى النقاشات السياسية ما بين الاحزاب".
الامر الاخر هو التخوف من طبيعة التغيير المأمول، فالعراقيين بشكل عام لديهم تجارب مريرة مع التظاهرات ولديهم تجارب قاسية بهذا الخصوص، بالتالي نرى أن المطالب الشعبية التي تطالب بالتغيير وبالإصلاح تُقمع، عند ذاك تتحول سلبية اكثر منها ايجابية، وتنتج لنا ازمات كبيرة نتائجها وتداعياتها تمتد لفترات طويلة، لذلك هناك تخوف من التغيير، وعندها من غير المستبعد ان تظهر دعوات شعبية للكف عن التظاهرات، أو على الاقل ايقافها لمدة زمنية معلومة.
يختم الحسيني " والسبب لان العراقيين يتخوفون من التغيير، خصوصا إذا كان التغيير تغييرا سريعا، تغييرا قد تضطر الجماهير فيه إلى اتباع الاسلوب العنيف، لأنها يئست من الاسلوب السلمي وترى عدم استجابة حكومية واضحة في هذا المجال.
-سماحة الشيخ مرتضى معاش(رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام)
يؤكد على ان المشكلة لا تتركز حول النظام السياسي، بل من الممكن أن يكون النظام السياسي سيء ولكن ادواته جيدة، بالتالي هو ينتج عملية سياسية جيدة، مقابل ذلك اذا كان النظام السياسي جيد وكانت ادواته سيئة ويتم التلاعب به، هذا ايضا سوف ينتج لنا مخرجات سيئة جدا، بالتالي المشكلة في العراق اساسا هي مشكلة ثقافية اجتماعية.
العراق مجتمع تقليدي عاش قرون عديدة تحت نير سلطات استبدادية مختلفة، كالحكم العثماني والحكم البريطاني ناهيك عن الحكومات الاستبدادية التي حكمت العراق، بالتالي المجتمع العراقي هو مجتمع تقليدي تربى على الوصاية والهيمنة، وهي لها انعكاسات مؤثرة جدا في بناء النظام السياسي، مع وجود التغيير السياسي الذي حصل في العراق أدى إلى ظهور نوع من الحرية. لكن لم تتطور الهياكل السياسية بما يتناسب مع هذا التطور والتحديث السياسي، بطبيعة الحال أن التحديث السياسي يأتي في مرحلة لاحقة بعد تحديث النظام السياسي، نحن إلى الان لا نمتلك نظام سياسي مستقر، بسبب عدم وجود ادوات جيدة تربط ما بين الشعب والسلطة، اليوم النظام الديمقراطي الشعبي ليست فيه ديمقراطية مباشرة، وانما يخضع للنظام التمثيلي يتم عن طريق الاحزاب.
اضاف ايضا "النظام الحزبي هو نظام تقليدي جدا قائم على اسلوب الهيمنة والوصاية والمجتمع التقليدي، وهو لا يتناسب مع حداثة النظام السياسي البرلماني والديمقراطي، لذلك هذا المعنى اوجد مشكلة كبيرة، خاصة نحن امام ارادة شعبية كبيرة تريد أن يكون لها رأي وتكون لديها مشاركة، علما اننا نفتقر للديمقراطية المباشرة. واوضح معاش " لذلك إذا لم يتطور النظام الحزبي كي يكون تمثيلي حقيقي يعكس ارادة الشعب، وسوف تبقى المشاكل حاضرة وموجودة، فالنظام الحزبي في العراق هو نظام ليس فيه مشاريع ورؤى وافكار، وانما هي مشاريع ومقاولات تعبر عن اشخاص، بالتالي كل حزب في العراق يعبر عن شخص أو عائلة أو مجموعة، علما أن الانظمة الديمقراطية في الغرب هي انظمة تعبر عن تيارات اجتماعية شعبية كبيرة".
كما اشار معاش "إلى وجود افكار وأيدولوجيات ورؤى ومشاريع تتصارع فيما بينها، واقرب مثال على ذلك الحزب الجمهورية والحزب الديمقراطي في امريكا، بالتالي هي لا تعبر عن اشخاص بل هي مؤسسات كبيرة جدا، فيها (مؤسسات مجتمع مدني / تيارات اجتماعية / تيارات اقتصادية)، هذه كلها لديها رؤية للسلطة، لذلك هذا يخلق صراع مشاريع بين الاحزاب، اما في العراق ليس لدينا مشاريع، لدينا مجموعة اشخاص يتصارعون على السلطة، بالتالي المشكلة الاساسية أن النظام الحزبي في العراق لم يتطور بشكل جيد".
يختم معاش " فالنظام الحزبي هو الاساس الذي يحول القناة الشعبية، وهو اشبه ما يكون بالماء الهادر الذي يأتي من السيول، فتاتي الاحزاب لتنظم حركة المياه وتحولها لجداول امنة ومستقرة، وهذا غير متحقق في العراق، لذلك سوف تتكرر تلك التظاهرات مرة اخرى وهي تعبر عن حالة شعبوية، والحالة الشعبوية خطيرة جدا لأنها ستتحول نحو رمزية الشخص الواحد أي الديكتاتور، لذلك لابد من تطوير هياكلنا الاجتماعية من الاحزاب إلى منظمات المجتمع المدني إلى المؤسسات الاخرى، إلى مؤسسات حديثة فيها حداثة اجتماعية سياسية، قادرة على أن تكون متلائمة مع النظام الديمقراطي".
-الدكتور خالد عليوي العرداوي (مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)
يرى بان التغيير حاصل لا محالة، خاصة وان التغيير هو سنه كونية وكل المجتمعات قد تغيرت. ولولا وجود هذه السنة، لما تغير العالم من العصر الحجري إلى عصر الصناعة، لذلك العراق شأنه شأن هذه المجتمعات البشرية وسوف يحصل هذا التغيير فيه، وهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد هذا المعنى فاتساع المدن هو علامة من علامات التغير في عقلية الانسان العراقي، ناهيك عن الشباب العراقي الصاعد واهتماماته السياسية واهتماماته الكونية، وهذا ايضا يشكل حالة تغيير في ذهنية الانسان العراقي".
يكمل العرداوي " بالتالي التغيير سيحصل سواء كان تطوري أو فجائي، فالتغيير عندما تتوفر جميع مرتكزاته حاصل لا محال، وأقرب مصداق على ذلك الثورات العالمية هي ليست ثورات فجائية أو من دون استعداد كالثورة الفرنسية والثورة الشيوعية، فكل الثورات في العالم قامت لان البيئة اصبحت مستعدة بالكامل ولا ينقص الا المفتاح حتى يحصل التغيير الثوري، لذلك اهم الكوابح التي توجه الثورة في العراق هو انكار الحاجة إلى التغيير، بمعنى انكار التغيير من قبل القابضين على السلطة ومن قبل القوى السياسية.
كما يوضح العرداوي "هنا نرمز للقابضين على السلطة الاحزاب والكتل السياسية الموجودة اليوم، والقوى الاجتماعية سواء كانت قوى عشائرية أو قوى دينية أو حتى الاسرة، فأرباب الاسر اليوم عليهم مسؤولية استيعاب فكرة ان هنالك تغيير يحصل، بالنتيجة انماط التربية والتعليم التي تربوا عليها من غير الممكن أن يتربى عليها اولادهم، وأن انكار التغيير يجعل حصول التغيير يحمل درجة عالية من العنف، أي عندما تنكر هذا التغيير سوف تتخندق ضد التغيير وهذا ما يحصل في العراق الان، والسبب هنا يعود لأعمار القابضين على السلطة، وحتى اعمار الماسكين بالقوى الاجتماعية .
واشار العرداوي " فالإنسان كلما يتقدم في العمر يكون نمط تفكيره ضيق ومحدود، والعكس صحيح كلما يكون أكثر شبابا يكون ثوريا في تفكيره، لذلك نحن امام جيل عجائز يحكم البلد في كل الاتجاهات، وهذا الجيل يريد أن ينكر تلك الحقيقة وبدعم ملموس من بعض المستفيدين. الشيء الثاني في العراق لا زال إدراك الحاجة للتغيير ليس ادراكا عاما، بعض فئات المجتمع العراقي بعيدا عن التصنيفات القومية والمذهبية هم لا يدركون الحاجة الفعلية للتغيير، وهذا يجعل قوى التغيير منقسمة في داخلها وتكون ضعيفة، وهذا كابح مهم لابد ان يتم تجاوزه".
ثم أكمل العرداوي "اما الكابح الثالث هو ضعف المؤسسات الدستورية في البلد، فالمؤسسات الدستورية وخصوصا السلطة القضائية ومؤسسات الرقابة والمحاسبة وما شابه ذلك، هذه المؤسسات اليوم لا تقوم بدور محايد في المجتمع، بل لا زالت تميل لطرف على حساب طرف اخر وعليها الحذر حتى لا تصبح هدف للتغيير. فعلى سبيل المثال في النصف الاول من القرن العشرين كانت لدينا ديمقراطية ومؤسسات دستورية، وكانت تسمى (الديمقراطية المزيفة أو الشكلية)، ولكن على ضعفها كانت تشكل حالة ايجابية في مجتمعنا، لكنها لم تستوعب ولم تكن مؤسساتها الدستورية محايدة فيما يخص مساندة التغيير الاجتماعي، لاحظنا التغيير عندما جاء نسف هذه المؤسسات.
يختم العرداوي " اليوم هذه المؤسسات في العراق للأسف الشديد ورغم اننا نعيش في القرن(21)، لا زالت لا تعمل بعقلية المحايد او تعمل بطريقة ايجابية تتلاءم مع الدور المطلوب منها، بالتالي هذه المؤسسات إذا لم تستطيع ممارسة دورها ايضا ستكون هي عائق امام التغيير، بالنتيجة هذه الكوابح الثلاثة هي كوابح مهمة، ولكن التغيير سيحصل شأنا أم ابينا".
-الدكتور علاء إبراهيم الحسيني (التدريسي في كلية القانون بجامعة كربلاء، والباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات)
يرجع مسالة الكوابح لمقومين اساسيين، المقوم اول هو قانوني والاخر واقعي، المقوم القانوني مضمونه أن هناك اليات لم تنضج، وهناك فراغ قانوني كبير، سبب سرعة التغيير أو الاستجابة للمطالب الشعبية، فعلى سبيل المثال استقالة رئيس الوزراء لمدة اسبوع كامل اغلب النخب كانت تناقش مسالة استقالة رئيس مجلس الوزراء، هل هي انية، هل يبقى هو في المنصب، ام نركن للمادة (81) ورئيس الجمهورية هو من يترأس رئاسة مجالس الوزراء".
اضاف الحسيني "وبقى هذا الجدال بسبب وجود فراغ بالدستور يتناول موضوع استقالة رئيس الوزراء، وهذا الموضوع على ما يبدو كان متعمد في صياغة الدستور، لان هذه القوى السياسية القابضة على السلطة التي وضعت هذا الدستور، هي لا تفكر بمسالة الاستقالة، ولذلك كان الاستهزاء بالحركة الشعبية هو سيد الموقف في بداية الامر. كذلك حل مجلس النواب، اليوم لو تحققت المطالب الشعبية بأكملها ابتداءً من ضع قانون انتخابات جديد وصياغة قانون للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات واستقالة الحكومة، المطلب الكبير يبقى الذي هو الانتخابات المبكرة فهناك فراغ دستوري في هذا الموضوع، المادة (65) تتكلم عن حل مجلس النواب لنفسه بنفسه".
يكمل الحسيني "ومجلس النواب في خضم الازمة وفي اوج الحركة الشعبية والقمع غير الحكومي والميلشياوي، مجلس النواب كان يتمتع بعطلة وكان الامور في أحسن حالاتها، فالمادة (61) البند (تاسعا) وضع وكأنما لم يوضع للظروف الاستثنائية، والدليل على ذلك لم يتم الركون لهذا البند حتى في حربنا مع داعش واعلان حالة الطوارئ. اعلان حالة الطوارئ نعم تعطي صلاحيات اوسع لرئيس الوزراء، ولكن الغاية منها تجميد وتعطيل دور البرلمان، واعطاء سلطة التشريع لرئيس الوزراء، وهذا بسبب طبيعة النظام القائم في العراق وهو نظام برلماني، والامر هنا يعود لضعف البناء الدستورية للمادة (61)، لأنها تشترط تقديم طلب من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية إلى مجلس النواب وموافقة بأغلبية كبيرة جدا، قد لا تتحقق في اجمل ايام دوام اعضاء مجلس النواب".
واضاف ايضا "فهذه الاغلبيات الثلثين وغيرها كأننا نتكلم عن دولة ضاربة في عمق الديمقراطية كبريطانيا، فالمعوق الرئيسي هو الدستور، لان هنالك نقص في البناء الدستوري، وهناك غموض في بعض الفقرات التي بنيت في الدستور، وهناك تعارض ايضا مع الارادة الشعبية، لأننا نصف الشعب بانه مصدر السلطات وشرعيتها ومن ثم نعطي السيادة للقانون ولا نعطيها للشعب، وهذه كارثة حقيقة وضعت في دستور(2005) لذلك لا يستطيع الشعب أن يسحب السيادة من النائب أو من الحكومة، ولذلك نجد العناد الحقيقي من قبل النخبة الحاكمة".
كما اشار الحسيني "لأن القوى السياسية تعتقد أن السيادة ليست للشعب، الا أن الشعب هو مصدر السلطات ولكن يمارسها من خلال الاقتراع كل اربعة سنوات، وهذه حقيقة تدل على وجود ثغرة وثلمة في البناء الدستوري لابد من معالجتها، السبب القانوني الاخر هو القوانين الاساسية أو المكلمة للوثيقة الدستورية، هذه القوانين الاساسية واحد منها قانون المحكمة الاتحادية العليا لحد الان لم يتم تشريعه، وقانون الاحزاب الذي يكرس الاحزاب كأحزاب اشخاص وعوائل، وليس احزاب تعمل بصفتها عنصر من عناصر المجتمع المدني والارادة الشعبية والتمثيل الشعبي، وانما هي احزاب لشخصيات واحزاب بائسة".
ويؤكد الحسيني "العامل القانوني الاخر الذي يرتبط بالعامل الواقعي وهو تسرب الفساد للمؤسسة العسكرية، والسبب هنا يعود للحاكم المدني بريمر حينما قرر قانون (91) وما تلاه، وهو يدعو إلى دمج الميلشيات بالقوات المسلحة العراقية، الان وصلت نخبة من المدمجين ممن لا يعتقدون بالعقيدة العسكرية، وانما ينظرون إلى هذه الراتب التي يحملونها على اكتافهم على انها مغنم أو هدية من الاحزاب، ولذلك هم يطيعون الاحزاب ويتناسون الدستور الذي نص في المادة (التاسعة) (على أن القوات المسلحة العراقية لا تستخدم لقمع الشعب.
يختم الحسيني "بالتالي وجدنا الكثير من القادة العسكريين الكبار انجروا في الفساد الذي وجدوه مستشري بهذه المؤسسة الكبيرة، ووجدوا هذه المؤسسة المناصب فيها تباع وتشترى، ولذلك كانت الولاءات مهمة لبعض الشخصيات وبعض المناصب حتى يضمنوا بقائهم في السلطة، بالتالي ضحوا بعراقيتهم وبشعورهم الوطني من اجل مغانم دنيوية وكسب سريع".
- الحقوقي احمد جويد (مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات)
يؤكد انه من ضمن المحددات والكوابح وجود ثلاثة عوامل: العامل الاول هو غياب أو فقدان الثقة بين اكثر المكونات العراقية، سواء كان على مستوى الطبقة السياسية والطبقة الشعبية والعيش في عقد الماضي، دائما ما تظهر عقد الماضي سواء كانت طائفية أو قومية في أي احداث للتغيير، المحدد الاخر هو غياب المؤسسات، الدولة العراقية مؤسساتها دائما تميل نحو القابض على السلطة.
يكمل جويد، الامر الاخر هو اختلاف المصالح حتى داخل الطائفة الواحدة والمكون الواحد، اليوم نجد نسيج الشعب العراقي يشير إلى جود تباين طبقي، وهذا النظام الطبقي دائما له مصالح مختلفة، بالتالي بعد مضى فترة معينة بعض الجهات قد تنسحب من ساحات التظاهر والاحتجاج حفاظا على مصالحها، والشواهد على ذلك كثيرة فالدولة العراقية الحديثة ومنذ تأسيسها هي تعيش العقد الاجتماعية والمكوناتية التي يتشكل منها الطيف العراقي.
-حامد عبد الحسين الجبوري (باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)
يتوقع أن الثقافة السياسية والاقتصادية هي المحدد الرئيس للتغير السياسي، فالعراق سابقا ساد فيه النظام الديكتاتوري سياسيا والنظام الاشتراكي اقتصاديا لمدة غير قليلة، بالتالي سيادة هذين النظامين الديكتاتورية والاشتراكي لفترات طويلة، ادى إلى انسحب صفات هذين النظامين على المجتمع، لذا اضحى المجتمع يتبنى ثقافة النظام الاشتراكي والنظام الديكتاتوري، وهذا مما مهد الطريق واسعا امام المجتمع كي يدين بثقافة العبودية للحاكم ومهما كان نوعه هذا من جانب، ودائما هو لا يبحث عن العمل بشكل ذاتي".
يكمل الجبوري " وانما يرغب العمل لدى الدولة، فهاتين الثقافتين هي التي اسست لصعوبة التغيير، فأي صعود للمجتمع في السلطة يرجع في الذاكرة التاريخية لاستخدام السلطة في قمع الاخرين، من اجل تحقيق رغبات الثقافة التي نتجت عن النظام الديكتاتوري والاشتراكي، من حيث توفير الفرص لضمان الديكتاتورية من خلال النظام الديمقراطي".
-عدنان الصالحي (مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية)
يرى أن احد محددات التغيير لا تختص بالجانب السياسي، بل تغيير في كل جوانب الحياة وهناك انقلاب على كل شيء، لذلك هناك معوقان للتغيير، دائما عجائز الفكر السياسي والديني والاجتماعي عنصر مهم جدا في مقاومة التغيير، والشيء الثاني هي الانهزامية النفسية، عجائز الفكر كانوا موجودين في زمن رسول الله(ص)، بالتالي هم قاوموا التغيير وبكل اشكاله الاجتماعية والثقافية والدينية، علما أن الرسول الكريم (ص) لم يأتي بشيء يحط من قيمة وكرامة الانسان، بل جاء لينقلهم الى وضع انساني افضل لكنهم قاوموا تلك الخطوة والسبب حرصهم الاكيد على المكتسبات الذاتية التي يتمتعون بها.
يكمل الصالحي "وهو نفس المجتمع الذي قاوم تغيير علي بن ابي طالب عليه السلام، وايضا امتدت تلك النزعة نحو الامام الحسن والامام الحسين عليهم السلام وحتى مجيء صاحب العصر والزمان، القوم ابناء القوم سوف يرفضون التغيير لدوافع ذاتية ومصلحية وشخصية، بالتالي أن معوقات التغيير تتركز حول عجائز الفكري السياسي والديني والاجتماعي، والان هم موجودين ويرفضون التغيير مخافة أن تذهب عنهم الامتيازات".
- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة (التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كربلاء، والباحث الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)
يجد أن صعوبة التغيير السياسي يتمحور حول ثلاثة اسباب: السبب الاول، وجود مصالح شخصية مبنية على النظام القائم، ولا يمكن التفريط بتلك المصالح بسهولة في الوضع الراهن. السبب الثاني، السلطة والاحزاب الحاكمة اثبتت بمعنى الكلمة بانها مفترسة، مفترسة لهذه السلطة لما جنته من مغانم وجاه، على الجانب الاخر أن البديل مؤلم بالنسبة لها وهي الملاحقة والسجون والقضاء، وهذه بدائل غير محببة لهذه الاحزاب".
يكمل آل طعمة "السبب الثالث الذي يبطئ التغيير هو حيادية جزء كبير من المجتمع العراقي، وهذه الحيادية على مستويين: المستوى الاول حيادية بعض الطوائف وحيادية بعض القوميات، ولذلك هم لم ينخرطوا في هذه الثورة، علما ان الزخم الشعبي الاكبر يعطي فرصة اكبر لأحداث التغيير، المستوى الثاني هو مستوى الطائفة الواحدة المنتفضة فهناك نسبية كبيرة تقف على الحياد، جزء من هذا الحياد سببه الكسل، السبب الثاني عدم الاقتناع، السبب الثالث هو تخوفهم من المجهول، فلذلك هذه الاسباب مجتمعة تبطئ من عملية التغيير السياسي في الوقت المطلوب.
-الحاج جواد العطار (عضو برلماني سابق)
اكد على أن ما يمر به العراق، حاليا، من ازمة سياسية وشعبية، هي ليست بالأمر الهين ولا بالأزمة العابرة، وهي ليست ازمة مستعصية على الحل. بل، كل شيء في عالم السياسة ممكن للتجاوب مع المطالب الشعبية القابلة للتطبيق حاليا ومستقبلا، اليوم الازمة هي على مستويين: الاول شعبي مطلبي ينقسم إلى قسمين: مطالب مشروعة ومطالب مفتوحة. المطلوب المشروعة، دعاتها يتعاملون مع الواقع وحدود الديمقراطية ويسعون إلى التغيير والاصلاح ضمن العملية السياسية".
اما المطالب المفتوحة فيرفض دعاتها كل الواقع السياسي وتسعى إلى التغيير جملة وتفصيلا، ايضا هناك مطلبين للمتظاهرين السلميين: هناك اجندات تحاول تخريب التظاهرات وتدمير الممتلكات العامة والخاص، المطلب الثاني سياسي متأزم ينقسم إلى قسمين: حكومة واجهة الازمة وفشلت واستقالت وتركت الكرة في ملعب البرلمان، وبرلمان يعاني من تحديات عدم اقرار قانون انتخابات وعدم القدرة على اختيار رئيس وزراء جديد المحصصة الموجودة داخل مجلس النواب، وايضا الفساد المشتري والازمة الحاصلة بين الحكومة ومجلس النواب".
يختم العطار "بالتالي تبقى خيارات الاصلاح والتغيير والقضاء على الفساد ومحاربة الفاسدين ومحاكمتهم والاستجابة لمطالب الشعب قائمة، إن استطاعت الطبقة السياسية من تغيير سلوكها وتفكيرها، وأدركت أن عراق ما قبل اكتوبر يختلف تماما عن عراق ما بعد اكتوبر".
السؤال الثاني: في ظل الاوضاع الحالية، كيف تقيم مقومات التغيير السياسي، وهل ستنجز تلك المقومات التغيير السياسي؟
- الدكتور قحطان حسين الحسيني،
يؤكد على أن التغيير هي حالة حتمية وهو امر حاصل ومتحقق، ولكن يبقى السؤل المطروح هو نوعية التغيير، هل هو تغيير حقيقي، تغيير ايجابي بالمطلق، ام سيكون تغيير سلبي أو نسبي، هناك ايضا مجموعة مقومات تصب في صالح التغيير، خصوصا وأن هناك قناعة وأدراك تام من قبل احزاب السلطة والزعماء السياسية الذين يتصدرون المشهد السياسي، بان التغيير حتمي ولا مفر منه، وهم يسعون للخروج بأقل الخسائر".
يكمل الحسيني "وهذا الامر بحد ذاته هي دعوة للمتظاهرين إلى الابتعاد عن قواعد اللعبة الصفرية في هذا الصراع، وذلك كي لا نعطي لأحزاب السلطة بان الخطر امامهم وأن نهايتهم متحققة، وذلك من اجل أن نعطيهم مجال للتفكير للانسحاب للتراجع للتعاون مع المطالب الشعبية، المقوم الاخر الذي ممكن أن يعزز الجانب الشعبي في هذا الموضوع، هو تنظيم التظاهرات وضبطها وتقويم مسارها بما يضمن عدم انجرارها إلى اعمال عنيفة، تعطي فرصة للحكومة إلى قمعها بشتى الوسائل".
كما يبين الحسيني " ايضا قضية القيادات فالبعض يقول لا توجد تظاهرات من دون قيادات، وهذا هو سر من اسرار نجاح هذه التظاهرات حيث لا توجد قيادة واضحة متفق عليها، لان بمجرد بروز قيادة سيتم التعامل معها من قبل الحكومة والاحزاب، وبالتالي يمكن كسبها أو اغرائها، لكن هذا بحد ذاته لا يمنع المتظاهرين من الاستئناس برأي المتخصصين اصحاب الفكر اصحاب الرؤية.
يختم الحسيني "مقوم اخر مفقود وهو الدعم الخارجي الذي يصنف على انه مهم جدا في نجاح التظاهرات والثورات في كل البلدان ولدى كل الشعوب، لحد الان لا وجود لدعم خارجي باستثناء دعم اعلامي محدد، وهذا لا يشكل دعم حقيقي لنجاح التظاهر، هذا قد يؤجج الموقف احيانا ولا يشكل دعم حقيقي يصب في مصلحة التظاهرات ووصولها إلى مبتغاها الحقيقي".
- سماحة الشيخ مرتضى معاش،
متفائل بالتغيير الذي سيحصل في المستقبل، وهذا تشكل من لحظة الحرية التي حصل عليها العراقيين، مع ضرورة التسليم بحقيقة ان الانسان في حياته الاعتيادية قد يتعرض لبعض الانتكاسات الصحية والمعيشية واشياء اخرى. من الامور التي بشر فيها التغيير هي كسر حاجز الهيمنة والوصاية الموجودة في المجتمعات التقليدية، التي تنتج العبودية والوصاية بكافة اشكالها، فالإنسان حر والحرية هي التي تصنع الانسان، وتجعل منه مستقلا ومفكرا وقادر على ان يمارس الحياة الانسانية في المجتمع، هذه النقطة الاولى".
يكمل معاش "النقطة الثانية كسر حاجز الخوف من التغيير، فالتغيير حالة طبيعية وحتمية في الحياة، والسبب لان الزمن من طبيعته مرن ومتطور ومتحرك، فالخوف من التغيير محاولة ايقاف الزمن، هذا امر غريب في تفكير بعض الناس، ويطلق عليه المرجع الراحل سيد محمد الشيرازي رحمه الله عليه (المجتمع الراكد). النقطة الثالثة هي قضية المواطنة فكلما يتوسع مفهوم الحرية يتوسع مفهوم المواطنة، والمواطنة تنشأ في زمن الحرية، والمواطنة هي ليست عن جنسية، بل هي عملية روحية ثقافية اجتماعية يعيشها الانسان النقط من خلال حريته واستقلاليته وانسانيته".
يختم معاش "ما نراه اليوم هو عبارة عن صراع بين جيلين جيل عايش الاستبداد ولم يشعر بالمواطنة، وجيل عاش الحرية فبداء يشعر بالمواطنة، هذا هو الفرق بين الجيلين والصراع بين الاجيال. لذلك التغيير السياسي سيؤدي إلى مزيد من الشعور بالمواطنة والانتماء، بعض العراقيين تشعر ليس لديه ولاء للعراق، والسبب هو عدم الاحساس بالانتماء للوطن، اما الجيل الجديد بدء يشعر بمعنى الحرية، هذا يؤدي إلى التغيير الجيد المتراكم، لكن يحتاج للاستثمار الجيد والبناء الجيد".
- الدكتور خالد عليوي العرداوي،
يعتقد ان التغيير حاصل لا محال، لكن اتجاه التغيير لا زال غامض، لان الذهاب باتجاه التغيير يعني انه سوف تتحرك لدينا ثلاثة ملفات اساسية وهي: (ملف الفساد / ملف محاسبة القتلة والمجرمين / ملف العقد الاجتماعي الذي يربط العراقيين مع حكوماتهم ويربطهم فيما بينهم)، مع تحرك هذه الملفات الثلاثة نجد القوى التي تواجه التغيير وهي كبيرة جدا، لان لديها مصالح وامتيازات وايضا لديها مخاوف، شخصيا لا اميل إلى فكرة التصفير بدون محاسبة المجرمين والفاسدين، وأن كانت المباراة صفرية مع هؤلاء فلتكون صفرية".
يكمل العرداوي "لأنه لا يمكن أن تسمح لقاتل أو فاسد أن يستمر في الحياة ويستمر بالعمل السياسي، ومن ثم تقول اريد أن اسس دولة مدنية على اساس سيادة القانون ودولة مؤسسات، لذلك هذه الملفات في حال تحركها مع التغيير سوف يعطينا صورة غامضة عن الوقت الذي يحصل فيه التغيير، فربما يأخذ وقت طويل، ومآلات هذا التغيير ربما تكون مآلات عنيفة، فطالما سقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، هذا بحد ذاته يدل على اننا مقبلين على تغيير عنيف وليس تغيير سلمي".
يختم العرداوي " التغيير السلمي يعني أن الثورة بيضاء، اليوم ليس لدينا حركة بيضاء، وانما لدينا حمام دم في العراق، وهذا حمام الدم يؤشر إلى وجود حالة تغيير وتغيير عنيف، أن لم يكون في هذه الحركة الاحتجاجية سيكون في حركة احتجاجية اخرى".
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني،
يتصور أن اتجاه التغيير سيكون لصالح الشعب، فراينا تغيير اولي بعد حرب داعش وهي انتخابات (الشهر الخامس /2018)، تغيرت الخارطة السياسية للوجوه الموجودة في مجلس النواب بما يصل إلى (65%) تقريبا، وهذا تغيير حقيقي وكان ممكن أن يبنى عليه، لكن التفت عليه الاحزاب والكتل والوجوه العجائزية ليقدموا (عادل عبد المهدي) غير المحسوب على جهة حتى يقودنه من الخلف والاحتفاظ بمكتسباتهم".
اضاف الحسيني "الان هم في حرج شديد فالشخصية القادمة لرئاسة الوزراء، إن تم احتسابها على جهة معينة سوف تفشل سياسيا وتموت سياسيا، لذلك هناك حذر من سيخلف رئيس الوزراء المستقيل، ولعله هذا انتصار اخر يسجل للشعب العراقي، بالتالي فان بوصلة التغيير سائرة باتجاه الشعب وسيكون التغيير ايجابي، وأن يكون التغيير بطيء لكنه حاصل".
- الحقوقي احمد جويد،
نتوقع حدوث التغيير في حالتين: الحالة الاولى هي القبول بالأخر، والحالة الثانية هي الثقة بالعيش المشترك ما بين الطبقة السياسية وما بين مكونات المجتمع المختلفة، فاذا تم تجاوز كل العصابيات والعقد ممكن أن يحصل التغيير".
- حامد عبد الحسين الجبوري،
يرى أن التغيير قاعدة ثابتة وسنه كونية، لكن المشكلة الحقيقية هي اين يحصل التغيير هل في اعلى الهرم ام في قاعدة الهرم، فعند حصولها في اعلى الهرم ستسبب مشاكل مزمنة، بالتالي من الضروري ان يحصل التغيير في قاعدة الهرم".
- عدنان الصالحي،
يصف اللوحات التشكيلية التي يضعها المتظاهر العراقي الان في الانفاق والجسور، هي رسالة عظيمة يقرأها من في الخارج وتخاطب العقول، اما موضوع التغيير فلن يحصل تغيير جذري، فالتغيير يحتاج إلى حرب طويلة، وهذه معركة من المعارك وستنجز شيء ولن تنجز كل شيء، لان التغيير يجري على المألوف منذ عقود، والان يأتي غير مألوف يحاول اقتلاعه، فالقضية ليست سهله هناك مصدات ومعوقات ستمانع بقدر ما، لكن الظروف الدولية والاقليمي والجو العالمي الجديد، قد يساهم بالتغيير".
- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة،
يعتقد أن مجرد التفكير بالتغيير هو شيء جيد وخطوة طويلة نحو التغيير، ثانيا الحركات الشبابية خلقت حالة من الضغط على السياسيين حتى يقلل من قبضة من في السلطة، لكن ما هي الافاق فهذا الامر مجهول لوجود عوامل داخلية وخارجية هي ستحكم المستقبل".