الانظار تتجه صوب الاصلاحيين بقيادة الرئيس روحاني للخروج من بوتقة الازمة بالرغم من صعوبة الموقف؛ لكون هكذا امور هي من صلاحية المرشد الاعلى لا سيما ما يتعلق بإعادة اجراء التفاوض مع الولايات المتحدة
بعد ان تكللت الثورة الاسلامية في إيران بالنجاح وتحقيق الهدف في عام 1979 بقيادة الامام الخميني ، شرع الثوار لترسيخ افكارهم وحصد ثمار ثورتهم عبر ايجاد نظام يتناسب واهدافهم التي قاموا لأجلها لاسيما وان قادة الثورة هو من كبار رجال الدين بالضد من نظام الشاه العلماني الذي تتهمه تلك القوى بالتبعية للغرب واقامة علاقات مشبوهة واضطهاد الشعب وتقييد الحريات ويضمر العداء لرجال الدين لا سيما الشيعة منهم ، لذلك جاءت الرؤية موحدة لإقامة نظام جديد يتلاءم والجمع ما بين الدين والدولة بالرغم من وجود بعض النصوص الفقهية الشيعية باعتبار ان الدولة الدينية لا تقوم الا بشروطها وشرائطها بوجود الامام العادل وهو الامام الثاني العشر لدى الشيعة الامام المهدي ( المنتظر ) ، هذه الصعوبة تجاوزها الامام الخميني باعتبار ان في زمن الغيبة يوجد وكلاء للإمام الغائب لحين الظهور ممن تنطبق فيهم شروط الولاية والأعلمية ، بالتالي تم اللجوء لإقامة نظام سياسي ديني يجمع ما بين حداثة الانظمة والاحتفاظ بالروابط الدينية وهو نظام ولاية الفقيه الذي يحتفظ فيه الولي الفقيه بأغلب الصلاحيات يقابله وجود رئيس جمهورية ووزراء مسؤولون امام البرلمان الذي يتمثل بمجلس الشورى المنتخب من قبل الشعب بمعنى رئيس منتخب وبرلمان منتخب وجميعهم لا يتجاوزن الولي الفقيه في الامور المصيرية ، وبالتالي جرت الامور على وفق ما خطط له وتولت قيادة الثورة اغلب زمام الامور السياسية والمؤسساتية على وفق ما موجود اليوم ، الا ان السؤال هنا كيف شبت الخلافات ما بين القيادات ولماذا اصبح هناك تيار اصلاحي وتيار محافظ ؟
بالعودة الى اصل الخلافات فقد ظهرت بعد قيام الثورة الا انها كانت نسبية اخذت بالتصاعد حتى وجدت ارضية وحضور قوي وهو ما عرف بالتيار الاصلاحي ومن ابرز دعاته محمد خاتمي وهو من كبار قادة الثورة الاسلامية الا انه ومن يدعمه عبروا عن رفضهم لسلوكيات ما بعد الثورة وانحراف في بعض الاهداف ومن هذا المنطلق اخذوا على عاتقهم الدعوة لتحقيق اصلاحات على رأسها ابعاد بعض رجال الدين عن المناصب الرئيسية وتحقيق نوعاَ من التحديث للنصوص الدينية بما يتوافق مع متطلبات العصر ومتطلبات النظام السياسي والانفتاح على دول الخارج لا سيما الاقليمية وحتى الدولية ، اضافة الى تحديد صلاحيات المرشد الاعلى بل تطور الموقف من بعض الاصلاحيين الى إلغاء هذه الوظيفة اصلاً ، ايضاً دعوتهم بتقليل حجم تدخل إيران في شؤون بعض الدول او دعم جماعات مسلحة بالأموال او ما سواها ، فيما يسعى المحافظون الى ابقاء الاوضاع على حالها ومعاداة الغرب ونشر الثورة ودعم فصائل المقاومة ومناصرة الشعوب المظلومة وزيادة تطبيق الفرائض الدينية والاحتفاظ بتطوير الاسلحة حتى النووية والابقاء على ولاية الفقيه .
فيما يخص دور الاصلاحيين وحجم تأثيرهم فقد تباينت الآراء فالبعض قلل من حجم ذلك الدور معبراً عنه بالشكلي فيما يراه البعض الاخر بالمهم والمؤثر لا سيما خلال مدة تولي خاتمي رئاسة الجمهورية الاسلامية في إيران عام 1997 لولايتين اذ شهدت ايران خلالها انفتاحاً على الغرب وهدوء سياسي واصلاح اقتصادي وتحديث لبعض البرامج الدينية وتحقيق بعض طموح الشباب. وفي انتخابات 2009 انسحب من الترشح لصالح مهدي كروبي وساند احتجاجات 2009 بالتعاون مع مير حسين موسوي ومهدي كروبي ، والتي على اثرها قامت احتجاجات عارمة ادت لمشاكل عدة وصدام ما بين السلطة والمحتجين وامتدت لأشهر قبل اخمادها ، اضافة الى حركة الاحتجاجات الخضراء ودعم الاصلاحيين لها، اضافة الى تحسن بعض الامور وعلى مختلف المستويات عقب فوز الرئيس الاصلاحي حسن روحاني برئاسة الجمهورية بعد انتخابات 2013 الذي شغل قبلها مناصب عدة ويعد من كبار مفاوضي الاتفاق النووي ، لذلك موضوع الاتفاق على البرنامج النووي يحسب لدور الاصلاحيين فيه وما شهدته إيران من انفتاح في مجمل الامور قبل انسحاب الولايات المتحدة منه بعد قرار الرئيس ترامب في عام 2018 ، واعادة فرض العقوبات الأمريكية بالضد من إيران ، مما تسبب بهبوط غير مسبوق للعملة الإيرانية وتهاويها امام الدولار اضافة الى منع استيراد وتصدير اغلب البضائع وفرض عقوبات على اية شركة عالمية تتعامل مع طهران ، مما ادى الى زيادة العبء على كاهل المواطن الإيراني الامر الذي اسفر عن احتجاجات شبه يومية على تردي الاوضاع هناك ، واغلب المحتجين هم من الشباب او من حركات معارضة اخرى .
وبالرغم من كل ما تقدم فأن الانظار تتجه صوب الاصلاحيين بقيادة الرئيس روحاني للخروج من بوتقة الازمة بالرغم من صعوبة الموقف؛ لكون هكذا امور هي من صلاحية المرشد الاعلى لا سيما ما يتعلق بإعادة اجراء التفاوض مع الولايات المتحدة للخروج باتفاق جديد تكون بوادره الازمة السورية والاحداث في اليمن والتدخل في لبنان والعراق، وبالتالي قد يتمكن روحاني من اقناع المحافظين او المرشد الاعلى للشروع مجدداً بفتح الملف النووي واستبعاد شبح الحرب التي سيكون الجميع فيها خاسراَ.
اضافةتعليق