أصبح منصب الرئيس بمثابة رشوة لدعم نمط الحياة الباهظة لقادة الاتحاد الوطني الكردستاني في وقت لا يحصل فيه العديد من الأكراد العراقيين على رواتب كاملة او يعانون من تأخرها
الكاتب: مايكل روبن
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، نقلا عن معهد امريكان انتربرايز-واشنطن
ترجمة: هبه عباس محمد علي
ماتزال المناورات السياسية في بغداد مستمرة، اذ يسعى السياسيون العراقيون الى التوصل الى صيغة سياسية سحرية تمكنهم من تشكيل الحكومة، وفي الوقت الذي يتولى فيه الشيعة رئاسة الوزراء المنصب الأكثر نفوذاً في البلد، تحدث المناورات بشأن المناصب المهمة الأخرى مثل رئاسة البرلمان.
وبعد عقد من الزمان، أي بعد انتخابات عام 2005 التي تعد الأولى في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، تسلم جلال طالباني منصب رئيس الجمهورية، واراد الاكراد هذا المنصب لسببين: الأول هو قيمته الرمزية في ضوء جهود القوميين العرب بشكل عام، ونظام صدام حسين البعثي بشكل خاص في انكاره لهوية الاكراد الثقافية ومكانتهم كمواطنين متساوين في العراق، والسبب الاخر هو ان رئاسة الاكراد للعراق قد مكنتهم من تجاوز المشكلة الكبرى في كردستان والمتمثلة في التنافس بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني وجلال الطالباني، الذي انفصل عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1975 لتشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني. (PUK).
ولقد استمر هذا التقسيم بعد مرض طالباني ووفاته، ومن جانبه نجح فؤاد معصوم، أحد مؤسسي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني واحد اعضاءه السابقين، في تقلد منصب رئيس الجمهورية عام 2014 على الرغم من الهدوء الذي يتسم به عكس الطالباني الذي عمل كوسيط مهم بين المجموعات السياسية العراقية المتباينة في وقت التوتر والعنف.
لكن كان لهدوءه ثمن باهظ: ففي السنة الماضية، خصصت الموازنة العراقية لرئاسة الجمهورية حوالي 51 مليار دينار عراقي، أي ما يقرب من 43 مليون دولار في الوقت الذي يعاني فيه العراق من التقشف بسبب سنوات الحرب وانخفاض أسعار النفط، لكن من غير الواضح كيف تم إنفاق هذه الأموال. من الناحية النظرية، تخضع الرئاسة لمراجعات سنوية لإنفاقها، ويجب عليها تقديم كشف بالمبالغ المصروفة، لكن يقول العديد من العراقيين إن هذا لم يحدث منذ عدة سنوات، ويتهمون قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني في الوقت الحالي باستغلال منصب الرئاسة. وبينما يميل السياسيون العراقيون إلى المبالغة، يقدر بعض المسؤولين الأكراد راتب معصوم بـ 50 ألف دولار شهريًا، وتسيطر هيرو إبراهيم أحمد، أرملة الطالباني ومراقب شؤون الاتحاد الوطني الكردستاني على المال المتبقي. في واقع الأمر، أصبح منصب الرئيس بمثابة رشوة لدعم نمط الحياة الباهظة لقادة الاتحاد الوطني الكردستاني في وقت لا يحصل فيه العديد من الأكراد العراقيين على رواتب كاملة او يعانون من تأخرها.
ماذا يعني هذا المخطط بالنسبة للعراق والاكراد؟ صوت معظم الأكراد في 12 آيار على أمل تحقيق الشراكة التي يفضلونها مع الحكومة الفيدرالية في بغداد، ومع ذلك، يبدو أن مفاوضي الاتحاد الوطني الكردستاني أكثر اهتماما بالحصول على الأموال من الاكتراث لتأثير وقوة السلطة التشريعية، وهذا سبب رفضهم التخلي عن الرئاسة واجراء محادثات مع أعضاء المجتمع العربي السني.
الفساد مستشر في العراق، ونظام الانتخابات يجعل الأمر أسوأ، وفي الوقت الذي يدين فيه معظم العراقيين الفساد ويسعون إلى معاقبة الفاسدين من خلال صناديق الاقتراع، فإن قادة الأحزاب الفاسدة هم الذين يشكلون بعد ذلك حكومة على أساس عدد المقاعد التي فازت بها وينتقل دافعهم من التغيير إلى حماية الوضع الراهن.
وفي ظل هذا الوضع ينبغي ان يصر البرلمان العراقي ولجنة النزاهة وقادة الأحزاب على حقهم في التدقيق ومحاسبة الإدارة المقبلة، فضلا على محاسبة إدارة معصوم وطالباني، اذ هناك فرق كبير بين الميزانية الرسمية ورواتب الموظفين، وبهذا يجب ان لا تُستغل الرئاسة لصالح الأقارب وقادة الأحزاب.
رابط المقال الاصلي:
http://www.aei.org/publication/has-the-iraqi-presidency-become-a-puk-slush-fund/
اضافةتعليق