١٢ آيار: يوم تحديد مصير الشرق الأوسط

شارك الموضوع :

إن التقارب بين العراق وسوريا ومبادرات الحكومة السعودية تجاه الشيعة الذين يسكنون المنطقة الشرقية الغنية بالنفط" علامة على الابتعاد عن سنوات المشاعر المناهضة للشيعة في كل من السياسة الداخلية والإقليمية وفي اتجاه قومية أكثر حزما

الكاتب: جيمس دورسي

الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، نقلا عن موقع لوبي لوغ

ترجمة: هبه عباس محمد علي

 

من المقرر أن يعلن الرئيس دونالد ترامب ما إذا كان سيؤيد الاتفاقية النووية الدولية بشأن إيران والانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في اليوم نفسه، لذا يمكن ان يشكل يوم ١٢من شهر آيار مستقبل الشرق الأوسط.

تكمن أهمية هذا اليوم في المنافسة التي ستعقب هذا اليوم بين السعودية وإيران التي لعبت دوراً هاما في الحروب بالوكالة واثارة الطائفية في المنطقة.

وفي اعقاب هذا اليوم ستحدث الكثير من التحولات الجذرية في نهج الزعماء السعوديين السنة والسياسيين العراقيين السنة والشيعة على الانقسام الطائفي في المنطقة، وقد تكون هذه أولى علامات النور في نهاية نفق العنف والحرب الاهلية والصراعات العرقية والدينية في الشرق الأوسط.

فضلا على ذلك، يمكن ان يؤدي تقليل حدة التوتر الطائفي الى ابراز النظام الجوهري للقوة الإقليمية داخل السعودية وبالتالي معرفة الخلاف الديني الذي غالبا ما يحيط به.

وقد قام السياسيون العراقيون الذين يناضلون من أجل خوض الانتخابات البرلمانية بتشكيل تحالفات طائفية وتوظيف الأصوات في جميع أنحاء البلاد بغض النظر عن تاريخهم وولائهم الديني.

وفي الأسبوع الماضي، أصبح العبادي اول زعيم شيعي يقوم بحملة انتخابية في منطقة سنية عندما سافر الى محافظة الانبار التي تبعد ١١٠ كيلومتر غرب بغداد.

وقال العبادي في وقت سابق " يجب أن يشعر الناس بأنهم جزء من هذا البلد وأنهم مواطنون في هذا البلد. في نهاية المطاف، وأصر على أن العراق بحاجة إلى صياغة الهوية الوطنية والألفة الدينية والقبلية.

وان الجهد المبذول لكسر خطوط الصدع الطائفية التي هيمنت على العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 والذي أطاح بنظام الأقلية السنية لصدام حسين علامة واضحة على التقدم في الانتخابات.

فالتجمعات الانتخابية التي يقودها الشيعة تطمح الى تحقيق مكاسب قياسية في المناطق السنية، ومن جانبهم عاد الساسة السنة الذين فروا من البلاد بسبب العنف الطائفي للتنافس في الانتخابات.

ان منح الثقة يعد امرا صعبا، لكن أسهمت الجهود السعودية الى اقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية وثيقة مع العراق بعد رفضها التعامل مع الدولة ذات الأغلبية الشيعية منذ عشرة سنوات.

فضلا على ذلك، فإن خطوات الحكومة السعودية لتحسين العلاقات مع الأقلية الشيعية التي ميزتها المملكة منذ فترة طويلة، هي بمثابة دليل على احتمالية تغير مواقف المسلمين السنة.

وان محاولة ولي العهد السعودي لبدء صفحة جديدة مع الشيعة السعوديين هي جهود لإظهار نفسه كمصلح ومواجهة إيران وتأثيرها الإقليمي.

نلاحظ ان هناك تشابه في الاتجاهات والميول في كل من العراق والسعودية، اذ يدعم القادة في كلا البلدين القومية أكثر من الطائفية.  

ومن جانبه يقول العالم المختص بشؤون الخليج "كريستين سميث "إن التقارب بين العراق وسوريا ومبادرات الحكومة السعودية تجاه الشيعة الذين يسكنون المنطقة الشرقية الغنية بالنفط" علامة على الابتعاد عن سنوات المشاعر المناهضة للشيعة في كل من السياسة الداخلية والإقليمية وفي اتجاه قومية أكثر حزما". 

حتى الآن، يبدو أن تحركات الأمير محمد والمبادرات التي قدمها العبادي والسياسيون العراقيون حققت نتائج ملموسة، اذ سيتصالح زعماء السنة العراقيين المسلمين مع الحقيقة المتمثلة بان أيام حكم الأقلية الطائفية قد انتهت وأنهم سيضطرون إلى تخصيص مساحة لأنفسهم في مشهد سياسي تهيمن عليه قوى سياسية شيعية ممزقة.

وبالمقابل ايد الشيعة السعوديين إصرار الأمير محمد في مقابلة مع صحيفة "ذي اتلنتك" أقر فيها بأن المملكة العربية السعودية كانت موطنًا للسنة والشيعة ويسعى جاهدا لإشراك الشيعة في إصلاحاته.

اذ قال "سنجد الشيعة في مجلس الوزراء والحكومة، وسيرأس أهم جامعة في السعودية شخص من الطائفة الشيعية، لذا نعتقد أننا مزيج من المدارس والطوائف الإسلامية. 

لكن من المؤكد ان السعودية قد تعودت على السحق الوحشي للاحتجاجات الشيعية في المنطقة الشرقية وتدمير أجزاء كبيرة من بلدة العوامية، التي كانت موطنا لنمر النمر، العالم الديني الشيعي المعارض الذي أعدم في وقت مبكر عام 2016.

وفي الوقت الذي تصمم فيه على القضاء على نبرة الخصومة في العلاقات بين الطوائف وزيادة الفرص الاجتماعية والاقتصادية، فإن التغيير لا ينضوي على إعطاء الشيعة كلمة سياسية خاصة بهم كما لا يتم منح السنّة خيار المشاركة السياسية.

وعلى الرغم من هذا يأمل عدد كبير من السنة والشيعة السعوديين بتحقيق ما يرمون اليه باستخدام ابسط الوسائل المتاحة.

ان التطورات في المملكة العربية السعودية والعراق، وكذلك في العلاقات بين البلدين لا تساعد فقط على الحد من التوتر الطائفي، بل تحدي إسقاط إيران الشيعية باعتبارها قوة ثورية تمثل جميع المسلمين وليس طائفة معينة.

ولا شك أن امام كل من المملكة العربية السعودية والعراق طريق طويلا لإعادة بناء الثقة بين المجتمعات الطائفية وضمان شعور الأقليات بالأهمية والمصلحة في دولتها.

ومع ذلك، فإن الجهود الرامية إلى الحد من النزعة الطائفية تأخذ أهمية إضافية بسبب احتمالية اشعال ترامب نار الجدل او الصراع بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 12 آيار.

واعتمادًا على ما يفعله ترامب، يمكن أن يكون يوم 12 ايار نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط. وإذا انسحب من الاتفاق هل سيلبي قاعدته الداخلية من خلال رفضه التصديق على امتثال إيران للاتفاقية النووية أو يسعى لتصعيد المواجهة مع الجمهورية الإسلامية بإعادة فرض العقوبات عليها.

إن الانتخابات العراقية التي ستجري في 12 أيار والتي سيشعر فيها المسلمون السنّة بأنهم جزء من العملية السياسية في العراق ومستقبلها ستكون انتخابات تاريخية، اذ سيعتمد التاريخ على استمرار الجهود السياسية الشيعية لإعطاء المسلمين السنة فرصة المشاركة، والامر ذاته ينطبق على الإصلاحات التي أجراها الأمير محمد، بما في ذلك إيماءاته الشمولية تجاه الشيعة كجزء من نظام ملكي مطلق يلتزم بما يسميه "الإسلام المعتدل".

رابط المقال الاصلي:

https://lobelog.com/may-12-a-potentially-future-shaping-day-for-the-middle-east/

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية