يمثل القضاء الإداري حصن الحريات العامة – كما يشير فقه القانون العام لذلك – من خلال دوره في الحفاظ على مبدأ المشروعية في الدولة برقابته على أعمال الإدارة وإلغاء تلك المخالفة للمبدأ المذكور والحكم بالتعويض للأفراد المتضررين إن كان له مقتضى , وبذلك يسود حكم القانون على كل من الحاكم والمحكوم مما يؤدي إلى قيام دولة القانون . وفي العراق فان هذا النوع من القضاء قد وجد بعد صدور قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لعام 1989 ومن ذلك التاريخ والعراق من دول القضاء المزدوج أي تلك التي فيها قضاء إداري منفصل عن القضاء العادي .
ويلاحظ أن المشرع الدستوري العراقي قد اهتم بالقضاء الإداري من خلال النص عليه في صلب الوثيقة الدستورية فنصت المادة (101) من دستور العراق لعام 2005 بأن ((يجوز بقانون إنشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء الإداري والإفتاء والصياغة ، وتمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة أمام جهات القضاء ، إلا ما استثني منها بقانون)) .
غير أن معالجة المشرع الدستوري للقضاء الإداري جاءت معيبة من الناحية القانونية والعلمية أيضاً ، فمجلس الدولة وكما هو متعارف عليه في جميع دول القضاء الإداري يختص بوظيفتي القضاء والإفتاء (وتعني الوظيفة الأخيرة بيان الآراء والاستشارات القانونية للحكومة وصياغة مشروعات القوانين والأنظمة) كما هو الحال في فرنسا ومصر ولبنان وكذلك مجلس شورى الدولة العراقي الحالي وكما عرفته المادة (101) أعلاه في شقها الأول ، أما تمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة أمام جهات القضاء فأنه لا يتم عن طريق مجلس الدولة وإنما عن طريق ممثليها القانونيين وهم ((.... من موظفيها الحاصلين على شهادة الحقوق (القانون) بوكالة مصدقة من الوزير أو رئيس الدائرة)) . وذلك في غير الدعاوى التي يوجب فيها قانون المحاماة توكيل محام ( ) .
لذا يتضح لنا عدم دقة الشق الثاني من المادة (101) من الدستور لمخالفتها للنواحي العلمية والموضوعية المتعارف عليها في مجال القضاء الإداري ، وهذا ما يدعونا أن نقترح على المشرع الدستوري تعديل النص أعلاه ليتفق مع ما هو سائد ومتعارف عليه في وظائف مجلس الدولة وذلك بحذف الشق الثاني من المادة (101) من الدستور.
اضافةتعليق