العراق والتنافسية الاقتصادية: قراءة في تقرير تنافسية الاقتصادات العربية لعام 2022

دأب صندوق النقد العربي ومنذ عام 2016 بإصدار تقارير دورية سنوية عن تنافسية الاقتصادات العربية ومقارنتها مع تسع دول مرجعية من مختلف الأقاليم وهي (تركيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند والهند واسبانيا والبرازيل وجنوب افريقيا، لمعرفة التطورات الحاصلة في اقتصاداتها.

والتنافسية على مستوى الاقتصاد الكلي (وجه نظر الدولة) تختلف عن التنافسية على المستوى الجزئي (وجهة نظر الشركات ومنشآت الاعمال)، فالتنافسية لدى الدولة يشمل تحقيق معدلات نمو عالية ومستمرة وتطوير البنية التحتية وتوفير فرص العمل والمحافظة على استقرار الأسعار والتخفيف من حدة الفقر وتحقيق الرفاهية والازدهار الاقتصادي، الى جانب توفير المناخ والبيئة الملائمة لجذب الاستثمارات، في حين تمثل التنافسية لدى قطاع الاعمال (المنشآت) في السعي الى تحقيق اعلى عائد ممكن باقل التكاليف والاستمرارية في الأسواق ومنافسة الشركات التي تنتج سلعاً بديلة بكفاءة عالية والسعي الى النفاذ الى الأسواق وكيفية الوصول الى قنوات التوزيع.

مخطط (1) أنواع التنافسية

ويتكون المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية من مؤشرين رئيسين هما مؤشر الاقتصاد الكلي ويضم أربع محاور تضم 18 مؤشر كمي يرتبط بالقطاع الحقيقي، فيما يتضمن مؤشر بيئة جاذبية الاستثمار 11 مؤشراً كمياً، إذ يعكس مؤشر الاقتصاد الكلي مدى قدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، في حين يعكس مؤشر بيئة جاذبية الاستثمار مختلف السياسات التي يتم تبنيها لجذب وزيادة حجم الاستمارات.  كما موضحة في المخطط الاتي:

مخطط (2) المؤشرات الرئيسة والفرعية لتنافسية الاقتصادات العربية

المصدر: صندوق النقد العربي، تنافسية الاقتصادات العربية، العدد السادس، أبو ظبي، 2023، ص5.

ويعتمد التقرير على المنهجية المعيارية في احتساب المؤشرات وذلك بطرح قيمة المتغير المسجل لدولة ما من المتوسط الحسابي للمتغير نفسه لمجموع الدول المدرجة في التقرير ثم قسمتها على الانحراف المعياري لجميع الدول ومن ثم ترتيب الدول تنازلياً من حيث مستويات التنافسية. 

واستناداً الى تحليل المؤشرات الفرعية والرئيسة لكل المتغيرات الداخلة في الحساب، احتلت الامارات المركز الأول في تنافسية الاقتصادات العربية الداخلة في التقرير ثم جاءت بعدها قطر والسعودية والكويت وعُمان والبحرين، وبالمقارنة مع دول العينة التي تم اختيارها في التقرير جاءت سنغافورة بالمركز الأول فالإمارات ثانياً وكوريا الجنوبية ثالثاً وقطر رابعاً، ثم جاءت السعودية والكويت وعمان بالمركز الخامس والسادس والسابع على التوالي، ثم اسبانيا وماليزيا والبحرين بالمرتبة الثامنة والتاسعة والعاشرة بالترتيب. 

أما فيما يتعلق بالاقتصاد العراقي، فقد جاء العراق بالمرتبة 15 في عام 2021 بعدما كان بالمرتبة 12 في عام 2020 من مجموع 17 دولة عربية شملها التقرير. ويوضح الجدول الآتي القيم المعيارية لمؤشرات التنافسية الاقتصادية في العراق لعام 2021.

جدول (1) القيم المعيارية لمؤشرات التنافسية الاقتصادية في العراق لعام 2021

• يشمل الدول العربية ودول المقارنة       

الجدول من عمل الباحث بالاستناد الى: 

- صندوق النقد العربي، تنافسية الاقتصادات العربية، العدد السادس، أبو ظبي، 2023، صفحات متفرقة

من خلال الجدول يتضح، تراجع اغلب مؤشرات التنافسية الاقتصادية على مستوى مؤشرات الاقتصاد الكلي او على مستوى مؤشرات جاذبية وبيئة الاستثمار باستثناء مؤشرات محور قطاع مالية الحكومة.

ففيما يتعلق بمؤشر القطاع الحقيقي فقد جاء العراق بالمرتبة 21 من أصل 26 دولة شملها التقرير، وفي مؤشرات القطاع الخارجي جاء بالمرتبة 25 من أصل 26، في حين احتل المرتبة الأخيرة في مؤشرات الحرية الاقتصادية والمرتبة 24 من أصل 26 في مؤشرات المؤسسات والحوكمة الرشيدة كمتوسط للمدة 2018-2021. اما فيما يتعلق بمحور مالية الحكومة فيتضح ان العراق يحتل مرتبة متقدمة فيه كمتوسط للمدة 20188-2019، ويعود السبب الرئيس فيه الى ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية لاسيما خلال عام 2021 بعد تعافي الاقتصادي من جائحة كورونا. عموماً، ان هذا التراجع الكبير والخطير في مؤشرات التنافسية الاقتصادية واحتلال العراق مراتب متأخره فيه يعود الى جملة من الأسباب يمكن توضيحها من خلال المخطط الاتي: 

مخطط (3) أسباب تراجع تنافسية الاقتصاد العراقي

المخطط من عمل الباحث

التعليقات