واجه الاقتصاد العراقي عام 2020 عاما حافلا بالتحديات الاقتصادية تمثلت بانهيار اسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية بشكل حاد نتيجة تفشي فيروس كورونا والقيود التي فرضت على مختلف الانشطة الاقتصادية فضلا على تخفيض قيمة الدينار العراقي نتيجة ضغوط مالية تعرضت لها خزينة الدولة جراء تراجع الايرادات النفطية للبلاد الى دون النصف مقارنة بالعام 2019
واجه الاقتصاد العراقي عام 2020 عاما حافلا بالتحديات الاقتصادية تمثلت بانهيار اسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية بشكل حاد نتيجة تفشي فيروس كورونا والقيود التي فرضت على مختلف الانشطة الاقتصادية فضلا على تخفيض قيمة الدينار العراقي نتيجة ضغوط مالية تعرضت لها خزينة الدولة جراء تراجع الايرادات النفطية للبلاد الى دون النصف مقارنة بالعام 2019، مما عرقل اقرار مشروع موازنة 2020 لصالح اصدار أكثر قروض عامة تقارب (27) ترليون دينار لتمويل الرواتب وبعض النفقات الضرورية. وقد خلف تفشي فيروس كوفيد-19 تداعيات خطيرة على الطبقات الفقيرة والهشة في البلاد نتيجة توقف النشاط الاقتصادي بشكل مفاجئ، خصوصا بالنسبة للفئات التي تعمل خارج القطاع العام وبالأجر اليومي. ولم تتمكن الحكومة العراقية من تخفيف التداعيات الاقتصادية على محدودي الدخل والفقراء عبر برامج الحماية الاجتماعية والدعم النقدي نتيجة ضعف التدفقات المالية الكافية لتلك البرامج. ووفقا للبنك الدولي فان معدل الفقر في العراق ارتفع الى (40%) من حجم السكان البالغ عددهم (40) مليون نسمة وفقا لأحدث الارقام.
كما خلف تخفيض قيمة الدينار بنسبة (22%) موجات تضخمية تفوق هذا الرقم بكثير نتيجة استغلال التجار والموردين لهذا التخفيض برفع اسعار السلع المستورد بشكل مضاعف في بعض الاحيان بحجة ارتفاع سعر الدولار. وقد امتدت الموجات السعرية المرتفعة لتطال معظم السلع والخدمات في البلد حتى المحلي منها، رغم ادعاء الحكومة بان سياسة رفع سعر صرف الدولار تستهدف بشكل اساس تحفيز المنتج المحلي ليكون قادرا على منافسة المنتج الاجنبي في الاسواق المحلية. لكن ذلك لم يتحقق تقريبا لعدة اسباب منها غياب الرقابة واستغلال بعض المنتجين للأوضاع السعرية الجديدة في رفع اسعار منتجاتهم المحلية، وايضا لعدم قدرة احلال المنتجات الوطنية، بالكمية والنوعية، بدل المنتجات الاجنبية المستوردة في الامد القصير او المتوسط، اضافة الى اعتماد العديد من المنتجات المحلية على مستلزمات انتاج مستوردة في الغالب.
الضغوط السعرية للسلع الزراعية
تبنت حكومة مصطفى الكاظمي في الشهور الاولى من العام الحالي جملة من السياسات للحد من استغلال التجار والموردين لارتفاع سعر الدولار في مضاعفة اسعار السلع المستوردة والمحلية ايضا، وقد تراجعت الاسعار قليلا بفعل المنافسة وعادت مناسيب الاسعار للتكيف مع السعر الجديد للدولار. لكن لا تزال الضغوط السعرية تطارد المواطن البسيط من جهات اخرى، اذ يلاحظ ارتفاع اسعار السلع الزراعية الضرورية بين الحين والاخر بسبب ضعف سياسات وزارة الزراعة في حماية الامن الغذائي من جهة واستغلال جزء كبير من تجار السلع الزراعية من جهة اخرى. اخر تلك الازمات كان ارتفاع اسعار معظم السلع الزراعية في شهر آب الماضي، حيث ارتفعت الاسعار بشكل مضاعف لمعظم اساسيات المائدة العراقية من محاصيل زراعية نتيجة شحة المعروض والتحكم بالمخزون من قبل كبار التجار. ورغم قيام وزارة الزراعة، في وقت متأخر، كالعادة بفتح استيراد بعض المحاصيل الزراعية، الا ان اجراءات الوزارة جاءت متأخرة، والاسعار استمرت بالارتفاع. بدلا من ذلك، كان ينبغي لسياسات الوزارة ان تكون استباقية، خصوصا مع علم وزارة الزراعة بمواسم شح المحاصيل الزراعية في الاسواق، لا ان يكون المواطن مسرحا لتقلبات الاسعار لحين قيام وزارة الزراعة باتخاذ الاجراءات اللازمة، ولحين نفاذ تلك الاجراءات الى الاسواق وعودة استقرار الاسعار الى الاسواق. ويمكن ايجاز أبرز التحديات المتعلقة بتقلبات اسعار الزراعية واثارها على المواطن بما يلي:
1- تعاني الطبقات الفقيرة من الارتفاع والتذبذب المستمر في مستويات اسعار السلع الزراعية الاساسية بسبب ضعف سيطرة وزارة الزراعة على التجار والموردين بالشكل الذي يؤمن توفير الكميات الكافية لاستيعاب الطلب المحلي، خصوصا في المناسبات التي يزداد فيها الطلب على السلع الزراعية.
2- اخفقت وزارة الزراعة في تصفير ملف تهريب المنتجات الزراعية الممنوعة من دخول البلد لوجود منتج محلي يحتاج الى دعم. اذ لا زالت السلع الممنوعة من الدخول (كالتمور السعودية) تدخل بانسيابية الى العراق وتغزو الاسواق وبأسعار تنافس المنتج الوطني.
3- تعزو العديد من الدراسات والتقارير ضعف سيطرة وزارة الزراعة على تهريب السلع الزراعية من دول الجوار الى العراق نتيجة فتح منافذ الاستيراد في اقليم كوردستان. وقد ولد غلق المنافذ الحدودية في المحافظات الجنوبية اجبار التجار للتوجه صوب الاقليم لاستيراد السلع الممنوعة من الدخول وتغطية الطلب المحلي، مما ساهم في ارتفاع اسعار هذه السلع نتيجة كلف النقل ومصاريف اخرى.
4- تشير اتجاهات اسعار السلع الزراعية الى تقلبات كبيرة بين ارتفاع وانخفاض نتيجة ارتفاع الاسعار للذروة، لأسباب متنوعة، يليها انخفاض تدريجي لكن بعد مدد طويلة نسبيا، كارتفاع الاسعار الزراعية في شهر اب الماضي وفشل وزارة الزراعة في السيطرة عليه. خصوصا مع ضعف السياسات الاستباقية رغم وجود مجسات وتجارب تفصح عن مواسم الطلب والعرض للمنتجات الزراعية وبالتالي يمكن للوزارة الاستعداد لهذه المواسم بتنظيم ميزان العرض والطلب.
5- قد تنجح وزارة الزراعة في فرض ضرائب ورسوم على المنتجات الزراعية المنافسة للمنتج المحلي لتحقيق هدفين في ان واحد: الاول الحصول على ايرادات يمكن ان توجه لدعم المزارع العراقي، والثاني دخول المنتج الاجنبي بسعر مرتفع يحد من منافسة المنتج المحلي مع تأمين العرض الكافي من المنتجات الزراعية الاساسية، ويتم العمل بهذا النظام في العديد من بلدان العالم.
6- يمكن لوزارة الزراعة معالجة معضلة ارتفاع اسعار السلع الزراعية عبر تحديد سقوف للأسعار كما كان يتم العمل به سابقا لحماية الفقراء والطبقات الهشة من جشع التجار. خصوصا بالنسبة للزراعية الاساسية.
اضافةتعليق