كيف تصل الأسلحة التركية الى الصراعات الأفريقية؟

كيف تصل الأسلحة التركية الى الصراعات الأفريقية؟

لم يكن هدف تركيا من هذا الدور في القارة الافريقية هو وجودها كمتغير عسكري مهم فحسب، ولزيادة صادراتها من الاسلحة، بل الهدف الاستراتيجي لها هو ان يكون لها دور سياسي وحضور في القارة الافريقية يساهم في وضع البنية التحتية الداعمة واللازمة للعب ادوار متعددة هناك

سنان سيدي (Sinan Ciddi) وويليام دوران (William Doran)، نقلا عن مجلة Foreign Policy/ واشنطن العاصمة.

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

ترجمة وتحليل: د. حسين احمد السرحان

تشرين الثاني-نوفمبر 2025


نشرت مجلة Foreign Policy الاميركية مقالا مهما ومختصرا عن الدور التركي العسكري والاقتصادي والسياسي في القارة الافريقية. وهذا الموضوع يصنف من الموضوعات التي يقل التركيز عليها، وليس هناك معلومات متاحة بشكل كبير. وخلال العقد الماضي والى الآن يتصاعد الدور التركي ولاسيما في الدول الاسلامي في القارة الافريقية والتي تنظر لها تركيا على انها ساحة لاستعراض قوتها الناعمة هناك. وهذه القوة تنافس فيها تركيا المملكة العربية السعودية صاحبة التأثير المعنوي والمادي الاكثر في على صعيد العالم الاسلامي.

وجاء في المقالة: 

خلال العقد الماضي، وسّعت تركيا بشكل كبير من نطاق حضورها الدبلوماسي والاقتصادي والأمني في جميع أنحاء أفريقيا. وتُقدّم أنقرة نفسها كبديل للقوى التقليدية - وتحديدًا الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين - في مجالات التنمية وبناء التحالفات والتعاون العسكري. وقد تبنّت العديد من الدول الأفريقية الهدف الذي أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو "التوجه نحو أفريقيا"، مُردّدةً شعاره الشعبوي القائل بأن "العالم أكبر من خمسة"، في سخرية لاذعة من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

حظيت سياسة تركيا تجاه أفريقيا بإشادة واسعة. يُشيد حلفاء أردوغان بما يُسمى "عملية أنقرة" (وساطة تركيا بين إثيوبيا والصومال عام 2024) كدليل على تنامي نفوذ أنقرة. ويُسلّط آخرون الضوء على شبكة تركيا التي تضم أكثر من 30 سفارة مُفتوحة في جميع أنحاء أفريقيا منذ عام 2002 كدليل على استثمارها الاستراتيجي المُستدام، حتى أن بعض المحللين اقترحوا أن تتعاون واشنطن مع تركيا لمواجهة النفوذ الروسي والصيني في القارة الافريقية.

لكن هذا التفاؤل يغفل جانبًا رئيساً من القصة. فإلى جانب صعودها الدبلوماسي، برزت تركيا كموّرد رئيس للأسلحة. فقد ارتفعت صادرات تركيا من الطائرات المسيرة والأسلحة الصغيرة بشكل كبير، بينما توسع حضورها العسكري بسرعة من خلال القوات المسلحة التركية والشركات العسكرية التركية الخاصة. وصادرات الأسلحة التركية هذه تُفاقم من حالة عدم الاستقرار في الدول الأفريقية التي تواجه حروبًا أهلية، وتنتهك العقوبات الدولية بشكل روتيني، وتنتهي في أيدي مجاميع إقليمية خبيثة.

ينظر أردوغان الى أفريقيا كساحة يمكن لتركيا من خلالها تلبية متطلبات الأمن الإقليمي مع تعزيز مكانتها الدبلوماسية ومكانتها العسكرية ووصولها الى الأسواق. وتشكل مبيعات الأسلحة العمود الفقري لهذا الطموح. ففي عام 2024، تعادلت تركيا مع روسيا كثالث أكبر مورد للأسلحة في غرب أفريقيا، وفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حيث زودت تسع دول بأنظمة أسلحة متنوعة.

تُعد الطائرات المسيرة عنصرًا أساسيًا في هذا الجهد. فقد شكلت صادرات شركة بايكار للتكنولوجيا، الشركة الرائدة في إنتاج الطائرات المسيرة في تركيا، أكثر من ربع صادرات الأسلحة التركية في عام 2024 (أي ما يقارب 1.8 مليار دولار). وحاليا تستخدم ثماني عشرة دولة أفريقية - أكثر من نصفها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل - طائرات تركية مُسيّرة قتالية. وقد استخدمت دولٌ مُشترية، مثل إثيوبيا وليبيا، هذه الطائرات في حروب أهلية، ومن المُرجّح أن تُنشر طائرات مُسيّرة مُماثلة في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل، حيث لا تزال الصراعات قائمة.

يُعدّ وجود شركة تركية عسكرية خاصة ذا أهمية بالغة، وهي شركة سادات (SADAT)، وتقوم بأبرز اعمالها في تسع دول أفريقية - لا سيما في ليبيا والقرن الأفريقي ومنطقة الساحل. أسس شركة سادات الجنرال السابق المُؤيد لأردوغان، عدنان تانريفردي، وهي تتبنى رؤية عالمية إسلامية مُعلنة، وتُركّز على الدول ذات الأغلبية المُسلمة. وجنّدت مجموعة شركات سادات مرتزقة سوريين - كثير منهم مُرتبطون بانتهاكات حقوق الإنسان - للقتال وتدريب القوات في ليبيا ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر.

التحليل: 

لم يكن هدف تركيا من هذا الدور في القارة الافريقية هو وجودها كمتغير عسكري مهم فحسب، ولزيادة صادراتها من الاسلحة، بل الهدف الاستراتيجي لها هو ان يكون لها دور سياسي وحضور في القارة الافريقية يساهم في وضع البنية التحتية الداعمة واللازمة للعب ادوار متعددة هناك ليس اقلها الوساطات وحل الصراعات. وهي، وفق رأينا، تريد ان يكون لها دور موازي لأدوار الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والامارات، وان يكون لهاد دور موازي ومكافئ للأدوار الجيوبوليتيكة للقوى العالمية هناك كالولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وغيرها. 

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

أ. د. حسين أحمد السرحان

أ. د. حسين أحمد السرحان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!