التفجيرات الاخيرة بين البعد السياسي والخرق الامني

بعد ان اعلن السيد رئيس الوزراء العبادي بأن الحرب مع داعش ربما تحتاج لقرابة الثلاثة اشهر لإنهاء تواجد التنظيم داخل العراق وهذا الامر هو توقع مبني على معطيات ميدانية لا سيما مع قرب حسم معركة الموصل بينما لم يتبق سوى مدينة الحويجة في كركوك وبعضاً من المناطق الحدودية في محافظة الانبار، مع ذلك فأن تنظيم داعش يختلف عن سابقيه فهو يتحرك على وفق تكتيكات متجددة بحسب طبيعة ونوعية المعركة ومن هذا المنطلق لا بد من معرفة امكانيات العدو لتتمكن منه والتفجيرات الاخيرة التي شهدتها مدينة النجف وبغداد وسامراء ما هي إلا دلالة على استغلال الثغرات واللعب على اثارة الخلافات ، ففي الوقت الذي اتجهت الانظار صوب البدء بتحرير كامل الجانب الايسر لمدينة الموصل ومع بداية العام الجديد قد اخترق التنظيم الصفوف الخلفية للقوات العراقية وهذا مؤشر خطير باعتبار ان هدف العمليات الجارية هو تأمين المدن والمدنيين من خطر هجمات التنظيم وبنفس الوقت ان كثيراً من هؤلاء المقاتلين سواء الجيش او الشرطة او الحشد الشعبي يذهب للقتال لهدفين: الاول هو لحماية وطنه وأهله، والثاني لتخليص ابناء المناطق المحتلة من داعش، ولكن بلحظة يسقط قرابة أل200 ما بين شهيد وجريح بيوم واحد كيف ؟ حتى وان لجأ التنظيم لإيقاظ خلاياه النائمة فهذا لا يبرر هذه الخروقات في الوقت الذي تتعدد الاجهزة الاستخبارية والأمنية ومن ثم من هي تلك الخلايا النائمة التي يلجا التنظيم لإيقاظها كلما دخل البلد اما بأزمة سياسية او تمكنت القوات الامنية من محاصرته؟ هذه الخلايا هي متواجدة ومنتشرة ما بين المجتمع وحتى بعضاً منها هو داخل مؤسسات الدولة او حتى تعمل بغطاء سياسي. لذلك فالتفجيرات الاخيرة تحمل مدلولين: الاول: سياسي _ غالباً ما يتزامن موعد التفجيرات في بغداد وبقية المدن مع توتر سياسي وهذه الظاهرة قد رافقت معظم التفجيرات السابقة، فهل الامر هو محل صدفة ام هناك اطرافا سياسية تسعى لزج الشارع بالصراع السياسي واستخدامه كورقة ضغط لتحقيق اهدافها ام ان تنظيم داعش او القاعدة من قبله تستغل هذه الاجواء السياسية او الطائفية المشحونة لضرب الخصوم او احداث فتنه داخلية يدفع المواطن البسيط ثمنها ؟ كل الاحتمالات السابقة محل دراسة وتحليل لكن بنسب متفاوتة كما ولا يمكن استبعاد أي منها ، فهناك اطراف سياسية تعمل على اثارة النعرات الطائفية وتدعم بصورة مباشرة او غير مباشرة تنظيمات ارهابية وخير دليل على ذلك ان التفجيرات الاخيرة جاءت متزامنة مع توتر شيعي داخلي نتيجة رفض المرجعية الدينية المتمثلة بأية الله السيستاني ان يتم زجها في اي مشروع سياسي حتى وان كان تحت غطاء مشروع التسوية الوطنية وبطبيعة الحال اولى ردود الافعال جاءت من السيد مقتدى الصدر معتبراً نفسه خارج التحالف الوطني كما ودعائهم لتغيير الوجوه القديمة تزامناً مع ذلك حصل اختراق النجف ومدينة الصدر وسامراء وهنا قد حصل الشك ؟ من سهل دخولهم ؟ ومن اين مروا؟ وما الهدف منها في هذا الوقت؟ والاحتمال الثالث ان التنظيم وربما بدعم سياسي او خارجي يعتمد على عناصر تسهل مرور هؤلاء ويختار وقت الازمة لتنفيذ عملياته وبالنتيجة هناك غطاء سياسي سواء كان مباشر او شبه مباشر لهذه التفجيرات. الثاني : امني _ في الوقت الذي تحرز القوات الامنية بشتى صنوفها تقدماً ملحوظاً في معارك تحرير الموصل يلجأ تنظيم داعش وعبر حواضن وخلايا نائمة الى استهداف العاصمة بغداد والنجف وسامراء عبر هجمات انغماسيه انتحارية ، فألانغماسي هو ابرز ما يدفع به داعش عندما يصل لحالة من الانهيار او عندما يحاول اعادة الثقة لأنصاره او يلجأ التنظيم لمثل هذه الهجمات للسيطرة على موقع امني او مؤسسة مدنية فيبادر الانغماسيون للمواجهة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة التي يحملونها وبعد استنفاذها يقومون بتفجير انفسهم موقعين اكبر عدد من الضحايا للوصول لأهدافهم ، وهذا ما حصل مؤخراً في هجوم ناحية القادسية في النجف الاشرف بعد استهدافهم للسيطرة الامنية في المنطقة ولولا يقظة ابناء القوات الامنية ومساندة عشائر المنطقة لكانت الخسائر اكبر مما هي عليه ، كذلك الامر في سامراء عندما حاولوا السيطرة على مركز للشرطة بعد مواجهة مع القوات الامنية والحشد الشعبي قبل ان تتمكن الاخيرة من احتواء الموقف ، الامر الاخر هو أنه مع تعدد الاجهزة الاستخبارية وتفرعها تظهر خلايا نائمة وحواضن في داخل المدن الكبرى لا سيما العاصمة بغداد فأين دور هذه الاجهزة ؟ الخرق الاخر هو كثرة السيطرات التقليدية والتي اصبحت عبئاً على حركة مرور المواطنين في حين ان السيارات المفخخة تمر عبر هذه السيطرات. لذلك فأن الخروق الامنية ستستمر ما لم تعالج معالجة جذرية عبر اجراءات شاملة ومنها: - 1- تنشيط وتوحيد الاجهزة الاستخبارية وتوحيد القرار بداخلها وإلا ليس من المعقول كل وكالة استخبارية تعمل بوادي وهذا خطئ فادح يشل ويعطل اهدافها. 2- معالجة خطر الخلايا النائمة عبر متابعة وملاحقة عناصرها باستخدام التقنيات الحديثة مراقبة صورية وأجهزة تنصت لا سيما في مناطق الاكتظاظ السكاني ومن يلاحظ عليهم تحركات مشبوهة او تفعيل دور المخاتير في معرفة السكان الجدد في تلك المناطق. 3- تقليل السيطرات الامنية التقليدية والتركيز على ايجاد سيطرات تعمل بأنظمة حديثة ومزودة بأجهزة لكشف العجلات المفخخة ومعالجة مكامن التفخيخ قبل انطلاق السيارة او الانتحاري. 4- محاسبة المحرضين على الارهاب سواء كانوا سياسيين او رجال دين يضاف اليه متابعة وسائل الاعلام لا سيما تلك التي تنشر اخباراً كاذبة.
التعليقات