سوء تقدير كردي يقابله تخبط تركي في شمال سوريا

منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، اتجهت الأنظار إلى المكون الكردي في سوريا، بوصفه يشكل مكونا قوميا مختلفا عن القومية العربية، ونظراً لعلاقته المتوترة مع النظام ولاسيما بعد أحداث عام 2004 في مدينة القامشلي، فضلاً عن أنهم (الأكراد) يشغلون منطقة جغرافية حساسة تشمل معظم مناطق الشمال السوري مع تركيا وصولا إلى العراق شرقا على نهر دجلة مع إقليم كردستان العراق، وهي منطقة مهمة وحساسة لكل الأطراف، يشكلون الأكراد أقل من 10% من سكان البلاد، ومعظمهم من المسلمين السنة، وبعضهم من اليزيديين إضافة إلى عدد قليل من المسيحيين والعلويين الأكراد، وهاجر قسم كبير من الأكراد إلى سوريا من تركيا في 1925 عقب ثورة الشيخ سعيد بيران التي قمعتها حكومة أتاتورك بقسوة، وفي السنوات التي تلت ذلك نتيجة القمع التركي والاشتباكات بين الجماعات الكردية والجيش التركي ظ والمجتمع الكردي في سورية صغير جدا بالمقارنة مع نسبة الأكراد في إيران والعراق وتركيا، لهذا فان اندفاع الأكراد في هذه المنطقة بدعم أمريكي مباشر هو ليس في صالح الأكراد، بل من اجل تحقيق أهداف أمريكية معروفة، وهو غباء وتهور واندفاع غير مبرر، كما انه لا زالت تركيا تتخبط هي الأخرى في سياساتها في سوريا، إذ باتت تركيا في مأزق عميق مع تقدم الأكراد السوريين حلفاء روسيا والولايات المتحدة في شمال سورية ومحاولتهم الوصول إلى عفرين وجرابلس في الغرب، هذه المنطقة كانت نافذة لأنقرة استخدمتها منذ سنوات في ضخ التسليح والمسلحين إلى الداخل السوري، لتزيد من تأجيج الصراع، كذلك أصبح لسيطرة الأكراد على شمال سوريا واتحادهم مع أكراد العراق، واحتمال وصولهم للبحر المتوسط الخطر الداهم الذي تخاف منه تركيا، والذي وضعها في وضع سياسي متخبط وغير متزن، دفعها بقوة إلى الاندفاع إلى روسيا ومصالحتها، والتقرب من النظام السوري، كذلك الاندفاع العسكري وبقوة إلى شمال سوريا. فبعد التقدم السريع الذي أحرزته قوات سوريا الديمقراطية ( التي تضم مقاتلين أكراد وعرب)، مؤخراً في شمال سوريا بدعم من حلفائهم الأمريكان في التقدم نحو مدينة حلب وقطع طريق الإمدادات الأخير الذي يربط بين مواقع الجماعات الإرهابية والحدود التركية، فمن حصار مدينة مارع، ثاني أهم معقل للمجموعات المسلحة في محافظة حلب، وتقع مارع في ريف حلب الشمالي، ولها أهمية إستراتيجية بالنسبة للمجموعات المسلحة، إذ مكنتها في العام 2012 السيطرة على نصف مدينة حلب، إلى سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على تل رفعت إلى الغرب من مارع، وسيطرتها على بلدة شيخ عيسى التي تبعد خمسة كيلومترات عن مارع، فيما يتواجد تنظيم داعش على بعد كيلومترين فقط من الشرق منها، ولم يبق أمام المجموعات المسلحة في مارع سوى طريق واحد من الجهة الشمالية الشرقية يصل إلى مدينة إعزاز الأقرب إلى الحدود التركية، وتعد إعزاز أهم معاقل المجموعات المسلحة المدعومة من أنقرة في المنطقة، وسيطرة الأكراد كذلك على مدينة منبج، وهم يتقدمون نحو مدينة جرابلس السورية في محاولة لربط عفرين مع باقي شمال سورية، وبحسب المصادر، يسيطر السوريون الأكراد، الذين اثبتوا أنهم الأكثر فعالية في محاربة تنظيم داعش، حاليا على 14 في المائة من الأراضي السورية (26 ألف كيلومتر مربع) مقابل تسعة في المائة في 2012. بعد هذا التقدم للقوات الكردية، جاءت تصريحات القادة والمسئولين في تركيا شديدة الانفعال واللهجة سقفها الأقصى التدخل البري المباشر بقوات في شمال سوريا، وفرض منطقة عازلة هناك، سبقتها تصريحات سابقة بان تركيا سوف لن تسمح لأكراد سوريا من التقدم إلى غرب نهر الفرات، أي إلى مدينة حلب السورية، إذ شهدت الجبهة الشمالية في سوريا تحولات دراماتيكية في الآونة الأخيرة، خاصة بعد التدخل الروسي الذي وفر الغطاء الجوي لقوات الجيش السوري وحلفائه في استعادة الكثير من المدن من سيطرة الجماعات الإرهابية، وذلك بالتوازي مع تضييق الخناق على ما تبقى من وجود لهذه الجماعات في مدينة حلب، التي يعني استعادتها والسيطرة على الطرق المؤدية لها انتهاء الحرب في الشمال السوري، ليتبقى فقط القيام بعمليات عسكرية وأمنية الغرض منها إنهاء باقي بؤر الإرهاب في هذه المنطقة. ويرى العديد من الخبراء أنّ (أردوغان) يعتبر أنّ الأكراد يمثلان التهديد الأكثر إلحاحا، وفق رأيه، على الأمن القومي التركي، بينما يعتبر داعش كتهديد في المركز الثالث بالنسبة له، وهو في ذلك يغاير تقييم الإدارة الأميركية للوضع، وهي التي تسعى حثيثا لإقناع أنقرة بالتركيز على هزيمة داعش عبر التصالح مع القوات الكردية التي تمثل الشريك الأكثر فعالية للأميركيين ضدّ داعش على أرض الميدان، إن تحرك تركيا عسكريا في شمال سوريا، هو الخشية من تقدم الأكراد وإنشاء منطقة إدارة ذاتية على طول حدودها، لهذا بدأت مدفعيتها باستهداف مواقعهم في ريف حلب الشمالي، ثم اندفاع الجيش التركي والمسلحين الموالين لها إلى مدينة جرابلس السورية، وتعتبر أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأهم في سورية، وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية فرعا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه "إرهابيا" ويشن تمردا منذ عقود ضد الدولة التركية كثفه في الأشهر الأخيرة. الحركة الكردية الغبية جعلت تركيا تفكر بأمنها القومي ووحدة أراضيها لذلك دعت اللاعبين على الساحة السورية إلى إنهاء الأزمة وقبلها خففت من موقفها الرافض نهائيا للأسد، إن اندفاع الأكراد في شمال سوريا كان وحسب رأي العديد من الخبراء خطا كبيرا، لأنهم لم يأخذوا التوازنات الإقليمية على محمل الجد، وانه في حالات كثيرة يمكن إن تتحول العداوات إلى تعاون لصد خطر يهدد الجميع، أن تغير التصريحات التركية تجاه بشار الأسد وضرورة مشاركته في المرحلة الانتقالية، هو ما شجع قوات الجيش السوري لدخول منطقة الحسكة ومحاربة الأكراد بها، وعلى الرغم من العلاقة المتباينة بين المشهد التركي مع إيران وروسيا والنظام السوري، إلا أن الأكراد حفزوا هذا القوى على أن يدركوا الخطر الحقيقي عليهم ليس تنظيم داعش الإرهابي ولكن الأكراد؛ بسبب تطلعاتهم لتأسيس دولة قومية لهم، واغلب التوقعات ترجح استمرار الجيش السوري في محاربة الأكراد في الحسكة بالتزامن مع معارك يشنها الجيش التركي على الحدود المتاخمة للأكراد عبر غرفة قيادة مشتركة بين الجيشين. وعلى الرغم من وجود تعاون بين العرب والأكراد في شمال سوريا وهناك عدد من العرب ضمن قوات سوريا الديمقراطية، إلا إن الوضع قد تغير ضد الأكراد مع تقدمهم نحو الغرب، وقتالهم للسيطرة على الحسكة بدفع من أمريكا، فقد نقلت مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا أنباء تفيد بتجمع كبير لأبناء العشائر العربية والمطالبة بتسليحهم لصد الوحدات الكردية في محافظة الحسكة، ونقلهم من دمشق إلى مطار القامشلي ونقلهم جوا إلى محافظة الحسكة، وإنزالهم بجبل كوكب أو في ملعب المدنية، وهنا فان غباء الأكراد وتقدمهم في شمال سورية سوف يجلب عليهم الويلات بدلا من إن يكون نصرا لهم. كذلك الخلاف بين الاكراد وما يسمى الجيش الحر السوري، فمنذ بدء ما يبسمى بالجيش الحر عملياته العسكرية ضد النظام السوري، ثمة مخاوف متبادلة بينه وبين الأكراد، هذه الخشية المتبادلة، لها أسباب كثيرة، تتجاوز المعادلة السورية الداخلية، الأكراد يعتقدون أن ما يسمى بالجيش الحر، الذي اتخذ من تركيا قاعدة له وتلقى من الأخيرة السلاح والتدريب والدعم اللوجستي ولاستخباراتي، له أجندة بفعل التأثير التركي، من بينها إقصاء المكوِّن الكردي في سوريا المستقبل لصالح بعد أيديولوجي له علاقة بالسياسة الإقليمية لتركيا وخوف الأخيرة من القضية الكردية ككل في المنطقة، في المقابل يعتقد الجيش الحر أن ثمة تحالفاً بين النظام السوري وبعض الأحزاب الكردية وتحديداً حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعد الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني العدو اللدود لتركيا، لهذا فان هذه الخلافات بين الطرفين ستكون قوة للحكومة السورية يمكن ان تستغلها في حربها ضد الطرفين. إنه من الواضح وجود اتفاق بين تركيا والنظام السوري بتوجيه المعارضة التركية نحو الأكراد وفي المقابل تحرك النظام السوري لمحاربة الأكراد، وبذلك يخرج النظام السوري من أزمته وينهض أمام تراجع المعارضة، وفي المقابل تنتهي المخاوف التركية من وجود كيان كردي على حدودها الجنوبية. أن تدخل تركيا في سوريا ضد الأكراد وداعش لم يكن ردة فعل على عمل أو تهديد أو خطر طارئ يهددها، بل كان عدوانها على الأرض السورية عدواناً مخططاً منذ أكثر من ثلاث سنوات وأعطي تسميات شتى كالقول بالمنطقة الآمنة أو منطقة الحظر الجوي أو المنطقة المنزوعة السلاح أو الممرات الإنسانية، فلو كانت تركيا تريد محاربة الإرهاب أو كانت جادة في التصدي للمشروع الكردي المدعوم من الجانب الأمريكي وهو مشروع فاشل أصلا الذي، لا يملك شيئا من مقومات النجاح، لنسقت مع الحكومة السورية وأعادت الاعتبار إلى اتفاقية أضنه وأغلقت حدودها بوجه الإرهاب المتدفق إلى سوريا، وامتنعت عن القيام بأي عمل لا يجيزه القانون الدولي. أنّ فكرة التدخل التركي في سوريا ستعيد مؤشر بوصلة السياسية التركية اتجاه (أردوغان) وحزبه رغم النتائج الانتخابية الأخيرة التي فاز بها، وهو ما يستبعده مراقبون ويرون أنه سيأتي بنتائج معاكسة تماما، إذ إن الاقتصاد التركي يعد من الاقتصادات النامية في المنطقة، ويعتمد بالدرجة الأساس على التجارة الخارجية مع دول الشرق الأوسط، وان أي تطور خطير في دول المنطقة، ودخول تركيا في الحرب المباشرة في سوريا ستكون له عواقب كارثية على الاقتصاد التركي، لهذا فان اغلب الأتراك سوف يعارضون أي تدخل مباشر في سوريا. المعارضة الداخلية للرئيس (اوردوغان) في مسالة التدخل في سوريا، إذ يرى الأتراك إن نهج السياستين الداخلية والخارجية الذي اتبعته أنقرة قد أوصل البلاد إلى وضع صعب يتعذر الخروج منه بسهولة، خاصة السياسة التي تنتهجها تركيا تجاه سورية، والتي أوصلت البلاد إلى وضع صعب، فيما فرص الخروج منه بلا خسائر تكاد تكون معدومة، إذ إن الشعب التركي يدرك إن التعويل على الدعم السياسي من الولايات المتحدة والناتو لا فائدة منه، فكلا من واشنطن أو الأطلسي لا ترغبان بالدخول في نزاع مع حليف سوريا الأساس ( روسيا)، فيما صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي (كمال كيليتشدار اوغلو) "إن الرئيس التركي (رجب اوردوغان) يدعم التنظيمات الإرهابية في سورية ويحميها ويستخدم المهجرين السوريين كورقة مساومة في علاقاته مع العواصم الأوروبية، وانتقد (كيليتشدار اوغلو) سياسات اوردوغان ورئيس حكومته (احمد داود اوغلو) في سورية والمنطقة وقال إن التحالف مع دولة متخلفة مثل السعودية سيخلق لتركيا مشكلات خطيرة ومعقدة، وحذر من مخاطر مغامرات اوردوغان التي ستعرض تركيا للكثير من السلبيات والمخاطر في علاقاتها مع دول المنطقة والعالم ..".‏ إن الخطة التركية القاضية بإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، سبق أن اقترحتها رسميا قبل أكثر من سنتين في مجلس الأمن، وقوبلت بالرفض الأميركي وقتها، إذ ترى أمريكا أنّ تحرير (كوباني، وتل ابيض، ومنبج) وبعض المناطق في حلب والتقدم نحو جرابلس من قبل الأكراد كان تنسيقا جيدا على الجمع بين قوة جوية فعالة للتحالف جنبا إلى جنب مع قوات برية محنكة ومدربة وقادرة، على مسك الأرض، ويوضح مثل هذا الرأي أن تعويل الأتراك على واشنطن لكبح جماح التطلعات الكردية للدولة وزيادة الضغط على الأسد أصبح غير ذي جدوى، فقد أضحى من الواضح أن واشنطن تدعم وحدات الحماية التركية باعتبارها أفضل رهان لهزيمة من تعتبره عدوا رئيسيا في المنطقة وهو تنظيم داعش، في تناقض مع التصور التركي للأمور، لهذا نرى أن أمريكا وحلفاءها الأوربيين كانوا أول المنتقدين لضرب تركيا لقوات سوريا الديمقراطية. كما إن أي مغامرة عسكرية تركية في شمال سوريا سوف تطيح بأي أمل في بقاء حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ضمن خط الدولة التركية، إذ يعد هذا الحزب أكبر تكتل معارض للأكراد في البلاد الآن، وفضلا عن الانتصار الانتخابي للحزب ودعم الأكراد له في تركيا ، يبدو جليا أن أكراد اليوم، ليسوا كأكراد الأمس القريبين من حزب العدالة والتنمية، فقد أضحى الحزب يمثل بالنسبة لهم رمزا للقمع والاضطهاد، خاصة مع تبدل خطاب (أردوغان) أو حزبه وتوجهاته في ما يتعلق بالقضية الكردية لتصبح شبيهة بخطاب أي حكومة قومية تركية سابقة في تعاطيها مع هذا الموضوع، كما أنه من المحتمل أن يعمل التدخل التركي في شمال سوريا على تقوية النزعة الانفصالية لأكراد تركيا، بدلا من حماية الأمن القومي لتركيا. بعد التقارب الروسي الإيراني مع تركيا والذي كان سينعكس حتما على الأزمة السورية؛ فقد دفعت واشنطن الميليشيات الكردية في الحسكة لمهاجمة الجيش السوري في محاولة السيطرة على المدينة من اجل ضمها للكانتون الكردي المحاذي للحدود التركية، وحذرت الطيران السوري من الاقتراب من القوات الأمريكية المتواجدة مع الأكراد، كذلك دعمت الأكراد في التقدم نحو الغرب إلى جرابلس والى عفرين للوصول إلى البحر المتوسط، في محاولة للضغط على تركيا للتراجع عن تعاونها مع روسيا وإيران، اذ من المعلوم ان اغلب الميليشيات الكردية تتبع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة ارهابيا، حاولت واشنطن بهذه الخطوة ايقاف الاتراك عن الانزلاق للمحور الروسي او تقديم شيء من التنازلات، لهذا فان مأزق تركيا سيكون كبير جدا، لأنها في كل الأحوال لن تستطيع ثني أمريكا عن تحقيق أهدافها في سوريا، لان مصالح أمريكا وأهدافها في المنطقة لن تتحدد في علاقاتها مع الدول الإقليمية بل بإمكانية تحقيقها. بالإضافة إلى المأزق السياسي والاقتصادي، يمثّل الجيش عائقا آخر مرتبطا بجملة الحسابات المتداخلة من شأنه أن يحول دون تحقيق هذه المخطط ، فطوال الثلاثة عشر عاما التي قضاها في السلطة، دأب (أردوغان) على شن حرب على نطاق محدود على الجيش التركي، الذي تقلصت سلطته السياسية في الدولة نتيجة لذلك، ولذلك فإن أجواء عميقة من عدم الثقة ظلّت تُخيم على العلاقة القائمة بينه والجيش الذي سيحتاجه للقيام بعملية عسكرية ناجحة، فعلى الرغم من أن الجيش يعارض أي كيان كردي على طول الحدود التركية، ألا أنه يحافظ على حذره كذلك، رغم العملية العسكرية المحدودة الأخيرة، من الانجرار بكل ثقله وراء مغامرة في سوريا، كما تدور معطيات مفادها أنّ رئاسة أركان الجيش التركي تخشى من التداعيات الدولية التي قد تنجر عن الانخراط في الصراع السوري المعقد، لهذا فان نتائج الانقلاب العسكري الأخير مع سياسات اوردوغان القمعية ضد الانقلابيين، من اعتقال وعزل المئات من الضباط الكبار، والآلاف العسكريين، قد ساهمت في إضعاف معنويات الجيش التركي، كذلك ان الجيش لن ينسى ما تعرض له من إهانة على يد أتباع الرئيس (اوردوغان) لهذا سوف لن يندفع بتلك القوة المطلوبة لتحقيق أهداف الرئيس وطموحاته. إن تدخل تركيا المباشر في شمال سوريا لضرب الأكراد وداعش، قد يقود إلى قيام الجيش السوري باستهداف المعارضة داخل الأراضي التركية، بدفع من روسيا، وان حصول أي عملية من هذا النوع سوف تقود إلى مواجهات مباشرة بين الجيش السوري والتركي، لهذا فان ليس من مصلحة تركيا الاندفاع داخل سورية لأنه فخ كبير قد يبتلع المارد التركي. خلاصة القول، إن سوء التقدير الكردي قد حفز تركيا بأنها مهددة في حال تقسيم سوريا، واثبت للأمريكان إن الجيش السوري لازال يملك المبادرة، واثبت إن الخليجيين هم اغبي من الأكراد في قراءتهم للواقع السياسي في المنطقة، خاصة بتعاونهم مع الأكراد ضد النظام السوري، كما إن تدخل عسكري تركي في شمال سوريا، حتى وان توفرت له عوامل القوة الكافية من داخل تركيا، وحصل على الدعم الإقليمي من بعض الدول الإقليمية مثل السعودية، هو الأخر له مخاطره على تركيا تبقى في الحسابات السياسية والعسكرية التركية، فالتوافق الأمريكية الروسي الأخير حول سوريا، قد زاد من مأزق تركيا، كما إن سياسة أردوغان تجاه أكراد سوريا لا تكذب حقيقة نظرية صفر المشكلات التي طرحها وزير الخارجية (احمد داود أوغلو) وعدم التدخل في شؤون دول الجوار الجغرافي فحسب، بل تؤكد عكس ذلك تماما وتفتح المنطقة أمام نزاعات متداخلة من شأنها تدمير النسيج الاجتماعي التاريخي لشعوب المنطقة ككل، ولن تجلب للمنطقة سوى المزيد من الصدام والتوتر والصراعات في حين لن يكون المستفيد منها سوى الغرب وحليفتها إسرائيل التي تتطلع إلى السيطرة والهيمنة على المنطقة.
التعليقات