الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران ومستقبل الشرق الأوسط

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

حزيران-يونيو 2024

تحرير: حسين علي حسين

 

عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يوم السبت الموافق 8/6/2024 حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (الانتخابات الرئاسية القادمة في ايران ومستقبل الشرق الأوسط)، وذلك ضمن النشاطات الفكرية التي يقيمها ملتقى النبأ الأسبوعي في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، وقدم الورقة الأستاذ ميثاق مناحي العيسى، باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية لجامعة كربلاء وعضو مشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، وحضر هذه الندوة مجموعة من الكتاب والأكاديميين ورؤساء المراكز البحثية، وقدّم الأستاذ الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الأستاذ المحاضر بالقول:

الحضور الكريم باسمي شخصيا وباسم مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، نرحب بكم أجمل ترحيب في الحلقة الشهرية لمركز الفرات، طبعا في هذا اليوم اخترنا موضوعا أعتقد بأنه موضوع الساعة، فهو يشغل الساحة الإقليمية والساحة الدولية، وله ارتدادات كبيرة على الساحة العراقية، سواء كانت إيجابية أم سلبية، ألا وهو مستقبل الانتخابات الرئاسية في إيران وتأثيرها على الشرق الأوسط. 

خصوصا بعد حادث مقتل رئيس الجمهورية الإسلامية وعدد من مرافقيه في حادث الطائرة المعروف للجميع، والذي لا زال غامضا بالنسبة للجميع، ولكن هذا لا يعني أن هذا الحدث بحد ذاته لا يدخل في صراع المحاور داخل الجمهورية الإسلامية وسوف يبدو للسطح أكثر وأكثر خلال مرحلة تنصيب واختيار رئيس جديد للجمهورية الإسلامية، هذا الموضوع ارتداداته، أهميته، واقعه، سوف يلقي الصورة الواضحة عليه أحد الباحثين الذين أعتز به شخصيا، وهو الأستاذ ميثاق مناحي العيسى باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء.

ثم بدأ المحاضر بإلقاء ورقته التي حملت عنوان: (الانتخابات الإيرانية المبكرة وانعكاساتها الداخلية والخارجية)، حيث جاء فيها:

مقدمة تاريخية:

تحمل الواقعة التاريخية التي تتمثل في وفاة رئيسي، نوعاً من المفاجئة، لكن النظام الإيراني عاش مثل هذه السيناريوهات في السابق سنة 1981، حيث تمت تنحية أبو الحسن بني صدر الذي كان أول رئيس للجمهورية بعد الثورة، بعد أن قرر مجلس الشورى عدم أهليته السياسية، وفي العام ذاته، تكرر هذا السيناريو بعد اغتيال خلفه الرئيس محمد علي رضائي، إثر تفجير حقيبة مفخخة أودت بحياته، وبالتالي فإن هذا الفراغ السياسي والدستوري الحالي، حدث مرتين في السابق في فترة من عدم الاستقرار السياسي، وهذه المرة لا تقل في حساسيتها عن المرات السابقة.

واقعيًا (سلطة المرشد):

وتتجه الأنظار إلى مؤسسة المرشد الأعلى، على اعتبار أنها المُسيرة الفعلية لأمور البلاد، وصاحبة المصلحة الأولى في الاستقرار لضمان استمرارها، حيث يجد علي خامنئي نفسه أمام تحدي الموازنة بين ضمان نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية مقبولة بالشكل الكافي الذي قد يعيد ثقة الإيرانيين في العملية السياسية، وهو ما يعني فتح باب المشاركة دون تدخلات أمام مختلف الانتماءات السياسية، أو الحفاظ على الوضع الراهن عبر ضمان صعود موالين له، لكن هذا الخيار قد يتركه أمام نسب مشاركة متدنية قد تعمق من الاحتقان الداخلي.

ويتفق الباحث المتخصص في الشأن الإيراني محمد عبادي، مع هذا الطرح، ويُذكر بالانتخابات الرئاسية السابقة عام 2017، عندما نافس الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، حسن روحاني، وكان المرشد والحرس الثوري يدعمان رئيسي على حساب روحاني، لكن الأخير فاز في النهاية بسبب تصوراته المعتدلة وعلاقاته مع الولايات المتحدة وسياسة الانفتاح الاقتصادي وغيره.

إذ أن المرشد الأعلى له بالتأكيد "دور كبير في محاولة إدارة العلاقات في المشهد الداخلي ومحاولة الانحياز للتيار الأصولي المتشدد" الذي أشار إلى الفترة السابقة التي عرفت "إعطاء مساحة وأدوار كبيرة للحرس الثوري" وإغلاق المجال العام عبر ما سماه "التدخل الاستباقي" من خلال تهيئة المشهد قانونياً عن طريق مجلس صيانة الدستور.

فالمرشد الأعلى، وبالتنسيق مع الحرس الثوري، سيقوم بـ"دفع" بعض الترشيحات وبعض الأشخاص ليضمن ولاءهم للنظام، من اللذين يمثلون "مرشحين أساسيين للنظام السياسي الإيراني". وعلاوة على ذلك، يمكن أن يتم الدفع بمرشحين آخرين لـ"تفتيت الأصوات" وصنع نوع من "المنافسة الشكلية"، في حين أن بعض المرشحين سيقومون بأدوار أخرى "تخديمية".

داخليًا: 

توقع الخبير السياسي محمد مهاجري أن الرئيس القادم -وبالتالي الحكومة القادمة- تستطيع من خلال التعامل مع الدول الإقليمية والعالمية، حلحلة الأزمة الاقتصادية التي أنتجتها العقوبات. وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن البلاد بحاجة إلى حكومة تجيد السياسة الخارجية بالشكل الذي يؤدي إلى تعافي الوضع الاقتصادي والأوضاع المعيشية للشعب، معتبرا أن هذا الأمر يعزز الروح الوطنية.

خارجيًا:

وعلى الصعيد الخارجي، تتعامل طهران مع مسألة التصعيد مع الخصم الإسرائيلي والجبهات المفتوحة في دول المنطقة في ظل الحرب على غزة، إلى جانب الملف النووي الإيراني ومسألة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علاوة على جملة من الملفات المهمة وتدبير العلاقات مع دول الإقليم مثل أذربيجان واستكمال مسار توطيد العلاقات مع دول الخليج، وبالتالي فإن إيران تحتاج إلى "رؤية متكاملة" يمكن أن يوفرها التيار الأصولي في البلاد.

ويأتي الحادث وسط تحديات متزايدة للسياسة الخارجية الإيرانية، والأهم أن الحادثة لم تغيّب فقط الرئيس بل وزير خارجيته حسين عبد اللهيان، الذي يمسك بجميع ملفات السياسة الخارجية بشكل لم يتوافر لنظرائه السابقين في الحكومات السابقة، حيث كان موضع ثقة رئيسي، ولكن انتقال إدارة السياسة الخارجية بسرعة إلى محمد باقر كني سيحد من التداعيات السلبية بحكم خبرته في التعامل مع الأوساط الغربية تحديدًا من خلال إدارة مفاوضات الملف النووي الايراني، الذي يأتي منه غالبًا أكثر وزراء خارجية إيران في السنوات الأخيرة.

القضايا الإقليمية:

وفي ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، قال المتحدث نفسه إن طهران والحكومة الديمقراطية في البيت الأبيض تسعيان إلى خفض مستوى التوتر في منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن الشرط الأساسي الذي تفرضه إيران في هذه المفاوضات هو أن تستخدم أميركا نفوذها في إسرائيل وأن ترغم حكومة نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار في غزة. من ناحية أخرى، فإن مطلب أميركا الرئيسي من إيران هو استخدام نفوذها بين حلفائها في المنطقة والسيطرة على تصرفاتهم تجاه إسرائيل والمواقف الأميركية مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني الذين يتمتعون باستقلالية في أفعالهم.

وفي ذات الوقت فأنه إذا ما تم انتخاب الرئيس الجديد من المعسكر السياسي المقرب من إبراهيم رئيسي و"الأصوليين" فمن المرجح أن تستمر الاستراتيجية نفسها، وقال إنه لن نشهد سوى تغييرات صغيرة في الأدبيات والتكتيكات المعتمدة، فيما إذا تم انتخاب الرئيس من المعسكر السياسي للمعتدلين أو الإصلاحيين فقد يكون هناك قدر أكبر من المرونة من جانب الحكومة الجديدة في تبني سياسات كلية بشأن القضية النووية.

بشكل عام، لا ينبغي نسيان أن السياسات العامة للنظام تحددها قيادة الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى آية الله خامنئي نفسه، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك حتى مع وصول الإصلاحيين إلى السلطة، وهو ما يبدو أنه ذو احتمالية ضعيفة، لذا فإن القيادة الإيرانية -وبحكم تجربتها في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015- لن تسمح بالتغاضي بشكل كبير عن الإنجازات التقنية النووية، وسيكون الحفاظ على هذه الإنجازات أحد خطوطها الحمراء.

وبعد أن أنهى الباحث ورقته، طرح السؤالين التاليين على الحضور الكرام:

السؤال الأول: كيف تعلق على توازنات القوى السياسية في إيران (الاصلاحيين والمحافظين) بعد حادثة مقتل الرئيس الإيراني، وما هو مستقبلهم الانتخابي؟

السؤال الثاني: برأيك كيف ستتأثر منطقة الشرق الأوسط بعد الانتخابات الرئاسية في إيران؟ 

المداخلات:

الدكتور حميد مسلم الطرفي 

الانتخابات الإيرانية المقبلة قراءة عامة 

الانتخابات في عموم العالم تنحو باتجاهين او شكلين: 

-  الأول: شكل من أشكال استمرار النظام وقوته وتجديده ودفعه نحو الصعود والتألق ومقاومة السقوط، يبعث الدم في شرايين الأنظمة ويزيد من شرعيتها ومشروعيتها والتفاف المحكومين حولها. 

-  الثاني: الانتخاب عامل من عوامل التفكك والانحدار وكشف العيوب وزرع الفتن والاستقطاب السياسي الحاد في المجتمع، عامل من عوامل الشعبوية وهجران الشعبية، تحويل التنافس الحر إلى صراع اجتماعي لا تنتهي آثاره بمجرد انتهاء الانتخابات بل تبقى وتتجذر، وتغير قناعات الكثير حول شرعية النظام مما يدفعهم إما إلى ترك الانتخابات وعدم المشاركة فيها لتقويض شرعيتها تمهيداً لسقوط النظام بالكامل، أو المشاركة بدافع سحق الآخر لا التنافس معه وبالتالي التمهيد لأعمال عنفية او انقسامات مجتمعية. 

-  الشكل الثاني كان وما زال واضحاً في ام الديمقراطيات كما تدعي ( أمريكا ) في الدورتين السابقتين والدورة القادمة لانتخابات الرئاسة، وللأسف نقول ان ذلك ما كان في الدورتين السابقتين لانتخابات رئاسة الجمهورية الإسلامية دورة انتخاب احمدي نجاد الثانية وظهور ما سمي في حينه بالحركة الخضراء (2009م) ودورة انتخاب الفقيد الراحل إبراهيم رئيسي 2021 م ومقاطعة قطاع واسع من الشعب الإيراني للانتخابات بسبب اضطرار مجلس صيانة الدستور لعدد من المرشحين الموالين لتوجه الاصلاحيين. وما كان ذاك الاستقطاب الحاد إلا بسبب المبالغة في عملية التنافس الانتخابي وإظهار عيوب النظام بشكل شعبوي يستهدف الحصول على اعلى نسبة من الأصوات على حساب استقرار النظام السياسي والمصلحة العامة ومبادئ الجمهورية الإسلامية ، حتى وصل الحد ببعض المرشحين ان يتهم خصومه السياسيين أنهم يقفون وراء عملية ممنهجة لقمع القوميات الأخرى ومنها القومية العربية وأنه يعد بإعطائهم حقوق منعها اياهم الرؤساء السابقون !!!

-  وبناءً على ما ورد أعلاه فإن مقتل السيد رئيسي رحمه الله إن كان مديراً فإن المخطط لاغتياله إنما يطمع في احداث بلبلة مجتمعية بعد انتخابات خلفه وذلك هو المكسب، وإلا فان الجمهورية الإسلامية استطاعت ان تستثمر فقد قادتها بدءً من بهشتي رحمه الله وانتهاءً بسليماني بما يقوى عرى التلاحم الشعبي مع النظام ويعزز من شعبيته ومشروعيته عبر التشييع المليوني وتحويل الراحلين إلى رموز وطنية ودينية. 

-  بوادر الترشيحات تنم عن منافسة حادة بين مرشحين ليس فيهم من التيار الاصلاحي شخصية بارزة على غرار خاتمي وروحاني مثلاً  . هل امتنع الاصلاحيون عن دخول هذه الانتخابات بقرار مقاطعة ام لقراءتهم للمزاج الشعبي  والتفافه حول المحافظين ؟ لا يمكن التنبؤ بالإجابة قبل يوم الانتخابات ومعرفة نسبة المشاركة . 

-  الجمهورية الإسلامية اليوم تواجه تحدي كبير على مستوى الداخل لتأثر قطاعات واسعة من الشعب بالحصار المفروض على البلاد وانخفاض قيمة العملة المحلية وتحدي خارجي بوصول العداء مع اسرائيل إلى درجة ضرب إيران لاسرائيل مباشرةً وامام هذه التحديات فإن الوضع لا يسمح برئيس جمهورية لا تتطابق رؤاه مع رؤية المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية مما يؤثر كثيراً على الاستقرار الداخلي. 

-  لا بوادر بشأن سياسة الجمهورية التي اتبعها الرئيس الراحل رئيسي وهي تصفير المشاكل مع المحيط الإقليمي، تركيا، الباكستان، السعودية وباقي الدول العربية والتفرغ لقضيتين الالتفاف على الحصار ومواجهة اسرائيل عبر دعم فصائل المقاومة .

الانتخابات الإيرانية فقدت بريقها

الباحث حسن كاظم السباعي 

رغم أن الصبغة التقليدية و المعروفة لتوازن القوى في إيران - من إصلاحيين و محافظين-  فقدت بريقها منذ الانتخابات السابقة، حيث تحولت المنافسة بين محافظين و محافظين مع فارق درجات بسيطة فيما بينهم بعد تصفيات مجلس الصيانة، إلا أن نظرة إلى المرشحين قبل التصفيات المذكورة تدل على ان التقسيم المعروف -بين الاصلاحيين والمحافظين- لا يزال جاريا.

و في هذا الوادي يمكن القول إن "عباس آخوندي" وزير الطرق و التنمية الحضرية في حكومة روحاني يمثل الإصلاحيين في مواجهة مجموعة من المحافظين، إلا انه من المحتمل أن يتم حذفه فيدور الأمر بين المحافظين أنفسهم دون أي منافسة خارجة عن هذا الإطار كما سبق في الانتخابات الرئاسية و البرلمانية الماضيتان. أما لو سلم من التصفية فيمكن أن يحصل بعض التغيير في التوازنات خاصة و هو التكنوقراطي الوحيد الذي يرفع شعارات أقرب للواقع مما قد يكرر دور محمد خاتمي قبل حوالي ربع قرن.

و رغم اختلاف الدرجات بين المحافظين أنفسهم إلا أن القاسم المشترك بينهم هو علاقتهم مع خامنئي، و سيختار من بينهم من يكون أكثر تبعية له و ذلك لما في هذه المرحلة من حساسية لتزايد احتمالية تعيين خليفة له؛ حيث لابد من تهيئة المناخ لتفادي أية طوارئ ليست في الحسبان.

وعليه؛ فلا يتوقع حدوث تغيير كبير على مستوى السياسة الداخلية أو الخارجية.

و فيما يرتبط بمنطقة الشرق الأوسط فإن الدور الإيراني قد انحسر بشكل كبير و سيستمر هذا الانحسار بشكل أكبر، حيث إنه رغم التقارب السعودي مثلا و تأبينه للرئيس المغدور إلا أن محمد بن سلمان صرّح مؤخرا بقوله إن إيران لم تعد قوة مؤثرة في المنطقة بقدر تأثير السعودية. و قد أدركت كل من الصين و روسيا هذا الواقع من خلال مواقفهم الأخيرة و وقوفهم مع الجانب الخليجي في موضوع الجزر الثلاث المتنازع عليها و مثيلاتها من الملفات. 

ولكن لا تزال المفاجئات تلعب دورها، خاصة و أنه من الصعب التكهن فيما سيخرج بعد تصفيات مجلس الصيانة و الذي قد يقلب المعادلات رأسا على عقب و يغير قواعد اللعبة بمجيء شخص قد يغرد خارج الأسراب التقليدية.

تأثيرات الصراع الداخلي في إيران

الأستاذ الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

أعتقد أن هناك الكثير من الأمور التي تنطوي عليها هذه الورقة، وأنا باعتقادي أن قضية الانتخابات القادمة لا زالت قضية تحليلية، ومثار جدل طويل بين الباحثين والأكاديميين والمهتمين والسياسيين، وكاتبي مراكز الأبحاث، ولكن في اعتقادي أن هذا الموضوع يحكمه أكثر من تصوّر، أحد التصورات هل أن حادث الرئيس الإيراني كان حادثا عرضيا أم كان حادثا مقصودا؟

إذا كان حادثا عرضيا، فهذا يعني أنه هناك حسابات طبيعية سوف تُبنى على ذلك، وبالنتيجة قضية الانتخابات القادمة، لا تعني أن صراع المحاور الداخلي وصل إلى درجة عالية من الحدة وإنه بالنتيجة سوف تمر الأمور بطريقة سلسة. 

لكن إذا كان حادثا مقصودا، وأنه أمر دُبِّر بطريقة أو أخرى، فهذا يعني قطعا أن المتسبب داخلي، وليس خارجي، لأنه لو كان خارجيا فليس من مصلحة إيران القومية أن تغطي على قاتل رئيسها من دولة أخرى أو من جهة أخرى، وعندما يكون المتسبب بهذا الحادث هو من الداخل فهذا يعني أن هنالك صراع في داخل إيران بلغ أشدّه، بحيث يصل إلى أنه استهدف رئيس الجمهورية، والمرشح الأول ليكون خليفة المرشد، هذا هو التصوَّر الأول.

التصوّر الثاني، الذي يحدد هذه الانتخابات هو طبيعة ما يجري بعد السيد علي خامنئي، من سيكون المرشد القادم في إيران، كذلك على الرئيس القادم أن يهيّئ الساحة الإيرانية للمرشد القادم، فالقضية ليست قضية رئيس يُنتخَب فقط، وإنما هنالك إعداد يجري في الساحة الإيرانية للمرشد القادم، هل هو مثلا ابن السيد الخامنئي، ام هو شخص آخر يجري إعداده، هذا الأمر طبعا سوف يحدد وجود ترابط بين اختيار المرشد واختيار الرئيس القادم.

الأمر الآخر الرئيس يجب أن لا يخرج من دائرة المتشدّدين كما ذكر مقدِّم الورقة الأستاذ ميثاق العيسى، يعني من سيأتي للرئاسة لن يكون من الإصلاحيين، وإنما يكون من المتشددين، ويكون أقرب لتصورات المرشد الأعلى.

وكما قال الأستاذ ميثاق العيسى أن الذي يحدد الانتخابات حاليا ربما ما يثير الانتخابات هو حجم المشاركة الشعبية داخل إيران في هذه الانتخابات، لأن منحى المشاركة في هذه الانتخابات منذ أيام حسن روحاني إلى الوقت الحاضر كان نازلا، ولم يكن صاعدا، كل انتخابات رئاسية تأتي تكون أسوأ من الانتخابات التي سبقتها، من ناحية نسبة المشاركة.

فالانتخابات التشريعية الأخيرة اكانت قد بلغت نسبة المشاركة فيها بالأربعينات 40%، وهذا الأمر يتخوف منه النظام السياسي في إيران، لأنه يشعر أن هناك قطيعة بين النظام وبين القاعدة الشعبية، لذلك فإنهم يحاولون في قضية اختيار الرئيس القادم ان يكون من التيار المتشدد ولكن يجب أن يكون قادرا على كسب القاعدة الشعبية بشكل أو آخر.

هنالك أمر اطلعت عليه في عدد من الدراسات التي كُتِبَت عن هذا الموضوع، تقول ربما أن إيران تبحث وشخص المرشد يبحث عن صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس القادم ينبغي ان يكون مستعدا لتوقيع هذه الصفقة مع الغرب.

هنا طبيعة هذه الصفقة كيف ستكون؟، ما هي معطياتها، ما هي انعكاساتها؟ 

قطعا كل هذا الأمور، صراع المحاور داخل إيران، الصراع حول خلافة السيد الخامنئي، والصراع حول تحديد طبيعة العلاقة مع الغرب، وحسم الأمور مع بعض سوف تكون لها تأثيرات إقليمية ودولية، لأنه أي خيار يخرج من هذه الخيارات، لن يكون تأثيره على ايران فقط.

وقد جمعت الإجابة عن السؤالين الأول والثاني مع بعضهما، فالخيار لا ينعكس داخليا على إيران فقط، وإنما سوف تكون ارتداداته إقليمية ودولية، تؤثر على خصوم وحلفاء إيران في العالم، وسوف تؤثر على امتداداتها و وكلائها في اليمن والعراق ولبنان وغيرها، وعلى طريقة التعاطي مع غزة. 

وبالنتيجة لا نستطيع أن نجيب أو نعطي صورة واضحة، لأن الصورة من داخل إيران غامضة، كما هي أوضاع النظام حاليا فهي غامضة وغير واضحة بشكل كامل، لكن هذا التصور هو تأطير عام لهذه الانتخابات وتأثيراتها على المنطقة والعالم.       

الإصلاحيون واستثمار الفرص السانحة

الأستاذ علي حسين عبيد كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية

شكرا لمركز الفرات الذي عودنا على طرح ومناقشة المواضيع المهمة، في الحقيقة أنا لا امتلك اطلاعا واسعا في الجانب السياسي الإيراني، بل هو اطلاع قليل، ولكن عندي مثلا إطلاع جيد على الأدب الإيراني، وعلى نحو خاص أتمتع باطلاع جيد في مجال الرواية، وبعض الشعراء المعروفين على المستويين العربي والعالمي.

فيما يخص السؤال الأول، بالنسبة لحادثة مقتل الرئيس الإيراني، باعتقادي سوف تتيح فرصة للتيار الإصلاحي كي يستثمر هذه الحادثة استثمارا سياسيا وليس استثمار بمعنى آخر، وقد يحقق بعض النتائج الجيدة في الانتخابات القادمة.

لكن فوز الإصلاحيين على المحافظين أمر في غاية الصعوبة لاسيما في ظل الظروف الراهنة، ولا يمكن الفوز على المحافظين، ولكن يمكن استثمار هذه الحادثة لتقوية هذا التيار المعارض، ولزيادة فرص الفوز، هذا جانب أول.

أما بالنسبة للسياسة الخارجية، طبعا بالدرجة الأولى في حال انتقال السلطة من المحافظين ووصول التيار الإصلاحي للسلطة، هذا الأمر سوف ينعكس على تقليم المخالب الاقليمية، ونقصد بذلك الامتداد الإيراني في بعض الدول الإقليمية، وقد تحدث سياسة مغايرة لسياسة المحافظين، قد يكون هناك تقليص لهذا النفوذ.

وكذلك قد تحدث انفراجه في الملف الذي تطرق له بعض الأخوة الذين شاركوا في هذا النقاش، في حال وصول تيار الإصلاحيين إلى الرئاسة الإيرانية.

إيران تعرضت إلى هزات قوية

الأستاذ أحمد جويد رئيس مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

إن الإجابة عن الأسئلة المطروحة يتطلب منا أن نعود قليلا إلى تاريخ قيام الثورة في إيران، أتصور في بداية الثورة تعرضت إيران إلى مشاكل كبيرة وهزات قوية، منها قضية وجود حزب توده، وأحزاب مجاهدي خلق، والشيوعيون وغيرهم، وقد استطاع النظام أن يناور في مراحل ويحافظ على مسيرته وبقائه في الحكم.

بعد ذلك حدثت الأزمة الكبيرة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وهي قضية الرئيس أبو الحسن يني صدر، وتحققت له شعبية كبيرة بعد أن قاد بعض المعارك في الحرب، وحقق انتصارات في منطقة المحمرة، ثم حصلت بعض الأحداث حيث حدثت لأول مرة صدامات بين المعارضين للسلطة والمعارضين لها في داخل إيران.

وقد تم إصدار قرار آنذاك كي يتنحى عن السلطة، ولأنه كان يشكل خطرا على النظام، فقد تم تصفيته سياسيا، ومن الألفين حتى وقت قريب، لاحظنا الثورات المخملية، وثورة الوشاح الأخضر، وتزامنت مع إجراء الانتخابات الإيرانية، أعتقد في 2016 أو 2018 لا أتذكر بالضبط، حيث كانت هناك شخصية إصلاحية هي التي تقود الحراك آنذاك. وتم إلى حد ما قمع تلك التظاهرات.

لبقاء فكرة المرشد وهو قائد الثورة، لا أعتقد أن هناك تأثير كبير على رحيل رئيس والإتيان برئيس آخر، سوى حدوث بعض القضايا التي تتعلق بسياساته الخارجية، مع الدول وقد تتشنج لفترة ما، ثم يأتي رئيس آخر يقوم بتهدئة هذه العلاقة لفترة أخرى.

أتصور حول هذا الموضوع أن المحيط الخارجي هو الذي يرسم ملامح إيران مع الخارج، أو بناء ملامح إيران مع الخارج، يعني متى من أصبح الوضع الدولي متأزما في منطقة معينة أو متصارع في منطقة معينة، تكون هناك فرصة لإيران أن تستثمر هذا الشيء، فإنها سوف تستثمر بالفعل هذا الشيء، ومتى ما كان هناك ضغط على إيران في ملفات معينة سوف تحاول إيران أن تمتص الزخم وغير ذلك.

وقد عودتنا إيران أن تتراجع إلى الخلف في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان إذا وجدت إيران فرصة أمامها، فإنها تتقدم إلى الأمام، ولا أعتقد أننا سوف نشهد تغيرا كبيرا في السياسة الخارجية الإيرانية، ولا حتى على صعيد السياسة الداخلية.

زيادة حالة عدم اليقين

الأستاذ حيدر الأجودي باحث في مركز المستقبل للدراسات والبحوث

أعتقد أن إيران تمر اليوم بمرحلة انتقالية دقيقة، وهي كما تم ذكره في الورقة البحثية، قد مرت في هذه المرحلة مرتين، الأولى في بداية الثمانينات، وهذه المرة الثالثة التي تمر بها بنفس القضية، مما جعل من زيادة حالة عدم اليقين بمستقبل إيران يسود الشارع بصورة عامة، والذي جعل من حالة عدم اليقين هذا الوضوح بشأن المرشحين المطروحة أسمائهم في الانتخابات الرئاسية، وقد وصل مجموعهم 80 شخصا تقريبا.

لكن المشكلة التي تقف حجر عثرة أمام المرشحين هي مشكلة مجلس صيانة الدستور، يعني أغلب المرشحين هم من الحزب الإصلاحي، وهم الأقرب للشارع، والأقرب للتظاهرات وهم الأكثر مقبولية من قبل الشارع، لكن مجلس صيانة الدستور يقف عائقا أمام هؤلاء المرشحين الإصلاحيين لاعتبارات عديدة، منها بسبب بعدهم عن ولاية الفقيه، وعدم تطبيقهم لما تقدمه رؤية ولاية الفقيه وتحث عليه.

وهذا الأمر جعل انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة كبيرة، وقد هبطت هذه النسبة تقريبا إلى 40%، بسبب ابتعاد أو إبعاد الإصلاحيين عن هذه الانتخابات، مما أثر حقيقة وأدى إلى امتعاض المرشحين.

الرئيس الإيراني القادم عليه أن يواجه الضغوطات الاقتصادية الكبيرة السائدة في إيران، وكذلك الظروف الصعبة التي تحدث نتيجة الضغوط على الأذرع الإيرانية المنتشرة في المنطقة، فعليهم أن يكبحوا جماحها حتى يكون لديهم مقبولية أكثر في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أوربا.

لذا لابد من كبح هذه الأذرع لكي يستمروا، ولا أعتقد أن هناك أي شيء جديد على الساحة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة.     

براغماتية النظام في إيران

الأستاذ باسم حسين الزيدي مدير مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات

بالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة في إيران، طبعا الحادث الذي أدى إلى مقتل الرئيس الإيراني سوف يكون له تأثير على الانتخابات الرئاسية، وهذا لا يعلم تأويله أو تفسيره إلا العارفون أو الباقون ولا يعلم تفسيره إلا الثابتون، ولكن نحن نريد أن نعرف كيف ستجري الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران. 

حسب وجهة نظري الخاصة، هذا الأمر يتعلق بمعرفة طبيعة النظام، يعني أي دولة لها نظام ومن الممكن أن يحدث صراع بين المؤسسات الحكومية أو التي تعود للرئاسة حسب طبيعة النظام وبناء على الأدوار الموزعة.

كما هو معرف إن النظام السياسي في إيران نظام فريد من نوعه، يعني حسب الدراسات السياسية لا يوجد لهذا النظام مثال في العالم، لا يمكن أن نصفه بأنه نظام ثيوقراطي مثلا، أو هو رئاسي أو برلماني أو ديمقراطي أو مركزي، فهو نظام خاص بالإيرانيين حصرا. 

وهذه هي الميزة التي تمتاز بها إيران حسب رأيي، فبالنسبة للنظام في إيران قد تتواجد فيه القضايا البراغماتية، فنظام إيران هو نظام براغماتي قادر على ابتلاع ومواجهة أكبر الأزمات، حتى فكرة قيام الجمهورية الإسلامية، وضعوا إلى جانبها شعار تصدير الثورة أو تصدير الأفكار، وهذه القضية طبعا من الممكن أن نضيف لها تصدير الأزمات. 

لأن إيران قادرة على تجاوز أية عقبة، وهذا الأمر قد يكون مدح بما يشبه الذم، أو ذم بما يشبه المدح بحسب تحليل المحللين أو المتابعين، ولكن هذا النظام يتمتع بالبراغماتية العالية. 

فإذا سلمنا بهذه النقطة من الممكن أن نعرف بأن الانتخابات الرئاسية القادمة في أيران، سوف تنجح من حيث التنظيم والنتائج، ولكن طريقة الإعداد لها أو السيناريو المعدّ لها من الممكن أن يجعل إيران تخرج بحكومة موحّدة في صفوفها، كما ذكر المناقشون، تخرج هذه الانتخابات بشخصية معتدلة إذا كانت هناك اتفاقات مبنية مسبقا بعد الانتخابات الأمريكية أو الدور الصيني، والدور الأوربي والدور الروسي.

أو من الممكن بالنسبة للسيناريو الآخر الذي يظهر عادة عندما تمر الدول في أزمات قوية، أو نكبات قوية، فعادة ما يلجأ الشعب أو المجتمع إلى دور المحافظين، الذين يقومون بتعزيز الأمن وتقوية السلطة وحفظ النظام، وحماية المؤسسات وبقائها على حالها. 

فقد نخرج مثلا بحكومة محافظة، وهذا السيناريو الذي يتحقق في الانتخابات القادمة هو الذي سوف يجيب عن السؤال الآخر الذي يتعلق بمستقبل المنطقة أو الشرق الأوسط، طبعا حسب طبيعة النظام السياسي الذي سيتم انتخابه.    

المحافظون هم الأقرب للمرشد الأعلى

الأستاذ حسين علي حسين.. مركز الفرات للتنمية والبحوث الاستراتيجية 

سوف أجيب باختصار عن السؤالين المطروحين من قبل الأستاذ الباحث الذي قدم هذه الورقة البحثية المهمة، بالنسبة للإجابة عن السؤال الأول أقول إن المحافظين هم الأقرب من غير إلى المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي كونهم يمنون بولاية الفقيه التي تمنح المرشد الأعلى سلطة دستورية مطلقة.

في حين يمثل خط الإصلاحيين منهج المعارضة، أما بالنسبة لحادثة مقتل الرئيس الإيراني فإنه لا يؤثر على حظوظ خط المحافظين، فهم باقون في السلطة في جميع الأحوال، هذا ما يخص الإجابة عن السؤال الأول.

 أما الإجابة عن السؤال الثاني من وجهة نظر مختلفة، أنه في حال تفوَّقَ الإصلاحيون وتمكنوا من الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران، فإنهم سوف يحصلون على قيادة الدولة. 

وهذا سوف ينعكس حتما على علاقات إيران مع دول المنطقة وربما العالم كله، وسوف تظهر سياسات الإصلاحيين الأقل تشددا من المحافظان، تجاه الأوضاع المختلفة في الشرق الأوسط، وربما سوف تقل حالات الصراع والنزاع في هذه المنطقة على نحو عام.

دور الأذرع الإيرانية في النفوذ الداخلي

الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية

أعتقد أن الصراع في داخل إيران هو صراع حقيقي وموجود، لكن ما يميز هذا الصراع هو الاختفاء شبه التام عن العلن، مجسات الصراع قد لا نلاحظها في داخل البلد نفسه، لكن يمكن أن نلاحظها في أذرع إيران في الدول القريبة والمجاورة مثل لبنان اليمن العراق سوريا، و واضح جدا أنه هنالك خطوط مرتبطة بجهات، وخطوط أخرى مرتبطة بالجهة المناوئة.

أنا باعتقادي إن الخطين في إيران يحاول كل منهما أن يقوي نفسه في خارج إيران، ثم تنعكس العملية بالعكس، وهذا ما بات واضحا وجليا في بعض الدول، حيث تكون هناك تقوية للأذرع باستخدام الأذرع نفسها، وهذه الأذرع قد تفرض نفسها في المنطقة كجزء من المعادلة المرتقبة، أو في الصفقات الكبرى.

ثم ينعكس هذا الوضع على داخل إيران، يعني اليوم أية جهة يمكن أن تكون فعالة أكثر في المنطقة أذرعها تكون فعالة هي التي سوف تكون في حالة تفاوض أكثر من سواها، كما سيحدث في المعادلة القائمة مع الدول الغربية، وبالنتيجة قد يعود الكسب لها في داخل إيران، لذا باعتقادي أن القضية تسير في هذا الاتجاه.

هذا يدل على أنه لا يوجد تأثير لحادثة مقتل الرئيس الإيراني، في في قضية التوازن الأساسي نعم لصالح جهة معينة، لكن نحن نبحث في أصل المعادلة نفسها، فهناك بعض المجاهيل في المعادلة لم نفهمها لحد الآن، وهذا يحتاج إلى تخصص بالملف الإيراني بالذات.

لذلك أنا باعتقادي إن تقويتهم للخطوط الخارجية، يحاولون أن يكون الصراع فيما بينهم في الخارج، وتقوية الخطوط ثم تنعكس إيجابيا على الداخل، فكل منهم يحاول إيجاد نفوذ وخطوط أكثر في الدول التي ينتشر فيها الجناح.

بالنسبة لتأثر منطقة الشرق الأوسط بالانتخابات الرئاسية الإيرانية باعتقادي إنها صفقة كاملة، فقد تشمل ما يدور في غزة، وفي اليمن وفلسطين وفي سوريا، أما إيران فلا أعتقد أن الانتخابات سوف يكون لها دور مهم في هذه الأمور، وربما تكون هي رقم في معادلة التسويات القادمة، أو قد تكون جزءا من الاستقطابات الجديدة، هذا الأمر مرتبط بوضع الترتيبات النهائية للحرب بين إسرائيل وغزة.

ونتنياهو وتطلعاته نحو توسعة الحرب أو العكس، واحتمالية فتح جبهة جديدة مع لبنان أو لا، هذه الأمور كلها تحتاج إلى إجابات كي نعرف ما هو القادم في إيران.

ملاحظات مقدِّم الورقة عن المداخلات

في ختام الجلسة علق الباحث الأستاذ ميثاق عيسى مناحي على المداخلات فقال:

شكرا جزيلا لجميع الأخوة الذين أثروا موضوع هذه الورقة، وبالتأكيد أن مداخلاتهم أنضجت الورقة وساهمت في تعميقها، طبعا كما سمعتم كل المداخلات تراوحت بين عدة احتمالات، إما ستكون الانتخابات الإيرانية هي مسألة تحصيل حاصل في وضع المنطقة، وهناك من أكد على وجود صفقة جديدة أو دور جديد لإيران.

وهذا الأمر بالتأكيد يثير تساؤلات، يعني إذا كان هناك دور جديد أو صفقة جديدة لإيران في المستقبل، فهل هذا الدور أو هذه الصفقة الجديدة متوقفة على مقتل رئيسي وبعض من كابينته الوزارية، أنا شخصيا لا أرى أن الانتخابات الإيرانية لها دور وإنما هي مسألة تحصيل حاصل، أما الوضع في المنطقة فهو خاضع لمجموعة متغيرات.

من ضمنها المتغيّر الإيراني، ولكن بالتأكيد إن المتغير الأكبر هو الانتخابات الأمريكية القادمة، ومجيء ترامب من عدمه، وطبيعة تفاعلات إيران الخارجية، سواء على مستوى العواصم العربية، أو على مستوى دول المنطقة بشكل عام.

تبقى كما قلنا سابقا مسألة الانتخابات مسألة تحصيل حاصل، وخاضعة ربما لمصلحة قومية أمريكية، أكثر مما هي رغبة محافظين أو إصلاحيين أو رؤية سياسية أخرى، بالنسبة للأستاذ باسم الزيدي وصف نظام إيران بأنه نظام براغماتي، أو الدولة الإيرانية براغماتية. 

بالتأكيد ربما هو وصف يكون فيه جانب من الصحة، ولكن باعتقادي الشخصي هذه البراغماتية وابتلاع الأزمات لها تأثير واضح على شرعية النظام السياسي في كل دورة تشريعية انتخابية. 

وبالتالي نرى مثلا أن انتخابات 2017، كانت نسبة المشاركة فيها قليلة، ثم تدنّت بشكل مستمر، وربما هذه الانتخابات لو لم يتم الأمر مع الحشد العاطفي لمقتل الرئيس الإيراني وتوظيفه داخليا، فربما تدنّت نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة تحت الثلاثين بالمئة. وهذا الأمر بالتأكيد سوف يضعف شرعية النظام السياسي الإيراني.

التعليقات