التربية البيئية ودورها في الحد من التلوث البيئي

في ظل التطور والتقدم الحاصل في النمو الزراعي والصناعي والتكنولوجي الذي عرفه العالم اليوم واجهت البيئة مشاكل كثيرة نتج عنها أضرارا خطيرة بحياة الافراد والبيئة التي يعيشون ويمارسون أعمالهم فيها، وللتصدي لهذه المشاكل برزت التربية البيئية كعملية اجتماعية بيئية تقوم بها جميع المؤسسات الاجتماعية المتنوعة كحل لمشاكل البيئة وحمايتها من الاخطار المتعلقة بها، ومن بينها مشكلة تلوث المياه والهواء والأرض، فضلا عن ظواهر الاحتباس الحراري والتصحر وهدر مواردها الطبيعية خصوصا الموارد المائية وتلوثها. 

مفهوم التربية البيئية والتلوث البيئي

تعرف التربية البيئية في علم اجتماع البيئة بانها عملية اكتساب المعرفة والحقائق والمعارف والانماط السلوكية والثقافة البيئية من اجل تنشيط وتحسين القدرات العقلية والمهارات المعرفية والعلمية التي تهدف الى تكوين وتطوير الوعي للأفراد بالبيئة والمشكلات المتعلقة بها إضافة الى تدريبهم وتزويدهم بالخبرات والإرادة الكاملة لتحمل المسؤولية والعمل على منع ظهور مشكلات بيئية جديدة.

اما التلوث البيئي فهو كل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحدث في البيئة وتؤثر على الافراد نتيجة ظهور عناصر او مواد جديدة على عناصر ومواد الطبيعة البيئة من ماء وهواء وارض مما يؤثر على صحة الافراد والكائنات الحية الأخرى. لذا خصص هذا المقال لتوضيح الدور الفعال للتربية البيئية في التصدي للتلوث البيئي.

أهداف التربية البيئية 

تهدف التربية البيئية الى:

1-تهدف التربية البيئية الى اكتساب الفرد المعارف والمفاهيم العلمية وزيادة الوعي البيئي والاتجاهات والقيم والعادات والتقاليد والمسؤولية والادراك والتربية الإيجابية نحو القضايا البيئية.

2-تسهم التربية البيئية في اكتساب الفرد الفهم والمعرفة الواضحة والصريحة بالمشكلات المتعقلة بها.

3-ان التربية البيئية تعمل على خلق روح المشاركة الوطنية وذلك بمساهمة جميع افراد المجتمع بحل المشكلات المرتبطة بها ويجب ان تتجه التربية البيئية الى الصغار والكبار معا في جميع المستويات العمرية. 

التحليل الاجتماعي بين التربية البيئية والتلوث البيئي

يواجه العراق اليوم أزمة بيئية خطيرة ومؤثرة بحياة أفراده نتيجة لفقدان الإدارة البيئية وانعدام الوعي البيئي والتربية البيئية، فضلاً عن زيادة النمو السكاني غير المنتظم وخروج الغازات السامة في الجو من قبل بعض اصحاب المعامل الصناعية الذين يرمون نفاياتهم في مجاري الأنهار والاستيراد العشوائي لمركبات النقل كل هذه المشاكل نتج عنها تلوث في الماء والهواء والارض، ومن المعروف ان الاحتلال الأمريكي للعراق عام (2003) نتج عنه ايضاً انحدار بيئي خطير هدد الأمن والاستقرار البيئي للأفراد من جهة ومن جهة اخرى ادى هذا الاحتلال أيضا الى فقدان النظام القانوني والاجتماعي والرقابة والمسؤولية الاجتماعية لدى قبل بعض المؤسسات الاجتماعية اتجاه الاهتمام بمواضيع البيئة، لذا فان من أخطر أنواع التلوث البيئي التي شهدها العراق في ظل هذا الاحتلال هي تدمير المنظومة المائية والصرف الصحي والبنية التحتية، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي وايقاف المضخات التي تعمل على ازالة مياه البالوعات وتدوير المياه الصالحة للشرب، فضلا عن المخلفات الطبية التي تؤدي الى انتشار وتفشي الامراض والأوبئة، وزيادة على ذلك فالفرد كعنصر أساسي وجوهري من عناصر البيئة يتكيف مع المتغيرات الاجتماعية التي تحدثها بقية عناصر البيئة والتغيرات الاجتماعية ولمثل هذا التكيف بين الانسان والبيئة تحصل اضطرابات نفسية واجتماعية مؤثرة بحياة الافراد.

وللتصدي لهذه المشاكل لابد من تكوين الوعي والتربية البيئية الناجحة فهذا الوعي والتربية البيئية الناجحة لا ينشأن الا عن طريق  المؤسسات الاجتماعية، لذا فان المؤسسة الاسرية تعتبر اللبنة الاجتماعية الأولى والمسؤولة عن تنشئة الأطفال وارشادهم ونصحهم وتربيتهم وتعليمهم القيم والعادات والتقاليد والمعايير والمعرفة من خلال التفاعل والتكيف مع الوالدين اللذان يعيش في حضنهم الأطفال، بالإضافة الى هذا فأنها أيضا تعمل على غرس وتلقين الأطفال الأنماط السلوكية السوية في التعامل مع البيئة وهذا ما يساعد على تكوين اتجاهاتهم نحو قضايا ومشاكل البيئة، فضلا عن تكوين الوعي البيئي لدى الأطفال وذلك لأن الوعي البيئي يتمظهر أكثر في السلوك الإنساني تجاه البيئة، هو وعي مكتسب ومتعلم.

 بالإضافة الى الاسرة تعتبر الإدارة المدرسية ايضاً ضرورة اجتماعية تربوية وتعليمية رئيسية في نجاح اهداف المدرسة بصفة عامة وتدريب وتعليم وتكوين وعي بيئي وتربية بيئية ناجحة اتجاه مشاكل البيئة بصفة خاصة وذلك لان الإدارة المدرسة تعد أداة استكمال للأسرة، فضلاً عن الدور الكبير للمربين التربويين باعتبارهم قادة اجتماعيين مسؤوليتهم تقوم على ترسيخ القيم الأخلاقية والتربية البيئية الناجحة في نفوس وعقول الأطفال إضافة الى نقل المعرفة والمعايير والحقائق وتعديل سلوكهم وتحسينهم من اجل تحقيق اهداف التربية البيئية، اذن يعد المربيين هم جواهر اساسية للنهوض بعملية التربية البيئية واهميتها لحياة الاطفال من جانب ومن جانب اخر ضرورة ان يكون للمربي التربوي القدرة والكفاءة والاستمرارية في المطالعة والقراءة وخاصة بالمناهج والقصص والمثال والروايات التي تحيط بمفاهيم البيئة وذلك لان مفاهيم التربية البيئية لا تلقن بل تنمو وتتطور قيمها نحو قيم البيئة ومكوناتها، وهذا يعني ان التربية البيئية هي مسؤولية كل المربين التربويين والاجتماعيين في جمع مراحل الدراسة وحياة الأطفال وذلك من خلال توسيع افاق المعرفة والأفكار والمعارف والحقائق للأطفال عن المفاهيم البيئية والمشاكل التي تحدث فيها.

وانطلاقاً من هذا فان للمؤسسة الدينية أيضا دور كبير وقوي في توعية وتنمية وإدراك الافراد بالقضايا البيئية والمشاكل التي تواجهها وذلك لان الدين كناظم قانوني يحد من تفاقم المشاكل التي تحدثها بعض التغيرات الاجتماعية، لذا فان الهدف الأساسي للمؤسسة الدينية هو خلق بيئة سليمة تحقق الامن والاستقرار والرفاهية للأفراد وذلك لان قبل ظهور الدين كانت المشكلات البيئة تفسر على انها نتيجة غضب الحكم الإلهي على الفراد وعلى هذا الأساس كانت علاقة الانسان بالبيئة تقوم على الخوف والخنوع لها باعتبار ان الحكم الالهي فرض عليه العقوبة نتجه لارتكابه ذنب أدى الى حدوق اضرار بالبيئة.  

وزيادة على هذا فالمؤسسة الإعلامية المسموعة والمقروءة تعد سلطة حكومية رابعة في الوقت الحالي وذلك لما لها من دور فعال وكبير في توعية الراي العام والكشف عن المشاكل التي تؤدي الى تدهور الواقع البيئي للمجتمع وذلك من خلال نشر الحقائق والأفكار حول المشاكل البيئية. كما ان المؤسسة الإعلامية تعد قوة ضاغطة لحث صناع القرار على انتهاج سياسة إنمائية متوازنة تحترم البيئة وتحافظ على مواردها الطبيعية.

ولأجل الوصول الى التربية البيئية الناجحة لابد من وضع بعض التوصيات:

1-ضرورة ادخال مادة التربية البيئية في المناهج الدراسية في جميع مراحل التعليم من اجل التوعية والإرشاد والنصح حول المشاكل التي تحدث بالبيئة.

2-سن قوانين وتشريعات رادعة وقوية تحد من تصرفات المخالفين والمتجاوزين على البيئة والذي يعرض البيئة الى الخطر بتلوثها.

3-ضرورة حث وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على نشر الوعي البيئي والعمل على تنمية روح المسؤولية الاجتماعية اتجاه البيئة وحمايتها من الاخطار التي تضر بحياة الافراد لأجل تحقيق الاستقرار والامن والرفاهية ومنع ظهور مشاكل بيئية أخرى.

4-تفعيل دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بحث الافراد على تدريب وتعليم وأدراك أهمية المشاكل البيئية إضافة الى تقوية العلاقة المتينة بين الانسان والبيئة وذلك لان الانسان يعد جزء لا يتجزأ من البيئة. 

المصادر المعتمدة: 

1- عبير يحيى الساكني: دور الوعي البيئي والتربية البيئية في الحد من مشكلات البيئة (العراق انموذجا)، مجلة كلية المأمون الجامعة، العدد(25)، 2006، ص53-54.

التعليقات