التوجه الجديد هو خطوة اخرى الى الامام بالنسبة للعربية السعودية بما يعزز زعامتها للعالم الاسلامي وجهودها بأتجاه التعبئة الطائفية ضد إيران والتي تنظر لها السعودية والدول المؤيدة لها على انها منبع الارهاب وداعم له ولعدم الاستقرار في اليمن وسوريا والعراق ولبنان عبر دعم أذرعها في هذه الدول
عقد يوم 26 تشرين الثاني 2017 الاجتماع الاول لوزراء دفاع (41) دولة اسلامية بينها عدد من الدول العربية وتمخض عن الاجتماع تشكيل تحالف لمكافحة الارهاب سميّ بـ " التحالف الاسلامي العسكري لمحاربة الارهاب". ويبدوا من البيان الختامي ان هذا التحالف وضع الخطوط العريضة لإستراتيجيته، عبر إقرار آليات مواجهة الإرهاب فكرياً وإعلامياً وتمويلياً وعسكرياً. اذ اقر البيان الختامي، الصادر عن الاجتماع، سبع نقاط أساسية هي: (مواجهة الإرهاب وفضح أساليب زيفه والعمل على تجفيف منابع تمويله، وتأمين ما يكفي من القدرات العسكرية لمحاربته، وتوظيف وسائل الإعلام الجديد في التصدي لمحاولة تشويه الوقائع، واعتماد ما يلزم من قدرات لمنع التنظيمات الإرهابية من تنظيم صفوفها، وتبادل المعلومات والخبرات بين أعضاء التحالف بهدف تعزيز القدرات، وفتح المجال على أوسع أبوابه للتعاون مع الجميع، ودعم الدول التي تعاني من الإرهاب).
هذا التحالف انشئ بمبادرة من العربية السعودية ولايضم جميع الدول الاسلامية. فهناك دول عدة لم تشترك في الاجتماع لاسباب سياسية اهمها معارضة الدور السعودي في المنطقة مثل الحالة مع قطر وسوريا او حالة العداء تجاه السعودية وتوجهاتها كما في الحالة مع ايران، فضلا عن ان هناك دول تريد ان تقف على الحياد بعيدا عن الانغماس في ديناميكيات الصراع الاقليمي ذو الصبغة الطائفية كما في الحالة مع العراق.
لذا نرى ان هذا التوجه الجديد هو خطوة اخرى الى الامام بالنسبة للعربية السعودية بما يعزز زعامتها للعالم الاسلامي وجهودها بأتجاه التعبئة الطائفية ضد إيران والتي تنظر لها السعودية والدول المؤيدة لها على انها منبع الارهاب وداعم له ولعدم الاستقرار في اليمن وسوريا والعراق ولبنان عبر دعم أذرعها في هذه الدول. لذا لايمكن ان نصنف هذا التشكيل على انه مضاد للارهاب والتطرف. فلسنوات خلت شكلت شبه الجزيرة وبعض دولها الداعم الرئيس للتطرف والكراهية وفتاوي التكفير لاسيما في السعودية وبالتالي يتبادر الى الذهن السؤال الآتي: هل سينجح هذا التحالف الجديد في مواجهة الارهاب فعليا في الوقت الذي لاتزال دول رئيسة فيه لاتزال مجتمعاتها تعاني الارهاب وترضخ لفتاوي التكفير بوجود رجال دين متطرفين رافضين للاخر المختلف طائفيا ودينيا واقصد هنا السعودية؟
لذا نرى ان هذا التوجه من قبل السعودية هو تصعيد خطير، وتعقيد آخر يضاف الى الحالة المعقدة للصراع في المنطقة في وقت تحتاج المنطقة فيه الى جهود من الدول الاسلامية نفسها لردم ساحة الصراع بين طرفيه الابرز ايران والسعودية. اذ لايمكن لهذا التشكيل ان يمارس دورا في مواجهة الارهاب وهناك اختلاف واضح في مفهوم الارهاب ولازال هذا المفهوم الاكثر غموضا بين ظواهر السياسة الدولية والعلاقات الدولية وهذا الغموض هو الاكثر فائدة في توظيف ظاهرة الارهاب في حالة الصراعات لاسيما في الصراع الاقليمي في الشرق الاوسط فكل من ايران والسعودية ينظران لبعضهما البعض على انهم داعمي للارهاب وعدم الاستقرار في ساحات الصراع الابرز العراق وسوريا واليمن. وكل منهما يعتمد التكتيك ذاته في التعبئة الطائفية بالترغيب او الترهيب عبر تشكيل ماسميّ بـ " محور الممانعة" او " محور المقاومة" من قبل ايران او عبر تشكيل تحالفات يطلق عليها صفة الاسلامية تكون مضادة لما يسمى بـ "محور المقاومة" او "محور الممانعة".
لذا ان تشكيل هذا التحالف يعد الخطوة الثانية الابرز بعد تشكيل التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن وبمبادرة من قبل السعودية ايضا. ونتائج هذا الاخير بعد سنوات من الحرب في اليمن لازال الصراع مستمرا ولازالت الازمة الانسانية في تصاعد متسارع ومضطرد واكثر الدول المشاركة في ما اطلق عليه بـ " التحالف الاسلامي العسكري لمواجهة الارهاب" هي مشتركة في التحالف الذي يخوض حربا في اليمن منذ عدة أشهر.
عليه، فأن التصعيد المتقابل بين اطراف الصراع ومحاولة التعبئة الطائفية لن ينفع المنطقة في تحقيق الاستقرار وسيعرض الاستقرار الهش الذي تعيشه المنطقة الى خطر الانهيار. كما ان هذا التصعيد يجعل من الصراع الاعلامي والنفسي وصراع المواقف يغلي كالمرجل باستمرار عبر توظيف الصراع التاريخي الطائفي واستحضاره بشكل مستمر الامر الذي يعزز من دور المتطرفين، مما يشكل مصدر قلق كبير واستنزاف للقدرات والاموال بعيدا عن توظيفها في خدمة شعوب المنطقة. وأمامنا دروس كثيرة ابرزها ما آلت له الاوضاع طوال اكثر من عقد من الزمان وما جنته المنطقة من كوارث.
اضافةتعليق