الهجرة من الظواهر المتلازمة والمتوارثة مع الإنسان في كل المجتمعات البشرية لأسباب متعددة منها دينية، اقتصادية، سياسية، وعلمية، نظراً لتوسع دائرة المعارف والعلوم المختلفة ولمواكبة التطور في العالم ووسائل الاتصال المختلفة، مما شجع الإنسان على الهجرة والبحث عن مناطق أكثر أماناً للعيش وممارسة نشاطه لخدمة الإنسانية، وكانت الصراعات السياسية والعرقية لها الدور الأكبر في هجرة أبناء الوطن، وترك أوطانها الأصلية والبحث عن أوطان بديلة للحفاظ على حياة ومستقبل أبنائها، بعد أن وجدوا هناك مخاطر على سلامة ومستقبل أبنائها، بانعدام القانون والنظام، وانعدام الوسط الاجتماعي لحمايتهم.وعليه ظهرت فكرة الهجرة القسرية للحفاظ على سلامتهم وأبنائهم.
من المعروف دوليا إن الجامعات ومعاهد التعليم العالي تلعب ثلاثة ادوار مهمة في حياة المجتمع وهي التعليم والبحث العلمي وتقديم الخدمات للمجتمع بشكل التطوير التقني والعلمي، وتساعد الجامعة المجتمع على وضع اللمسات الملائمة لعملية تطوره وتحديثه في العالم السريع التغير، إي إن الجامعة تلعب دورا مهما في حياة المجتمعات الحديثة، وبالإضافة إلى تخريجها العناصر التقنية الكفوءة فان الجامعة تقود المجتمع إلى عملية التحديث وتقلل الفجوة بين الطبقات المتعلمة وعموم المجتمع، وكان المجتمع العراقي ينظر بعين الاحترام إلى خريجي الجامعات العراقية إذ كانوا يعتبرون قدوة الشعب العراقي وطبقته الكفوءة، وكان المستوى العلمي في الجامعات العراقية خصوصا جامعة بغداد يعتبر من المستويات الرفيع المعترف بها عالميا، ولكن وقعت عدة حوادث في العراق كان لها السبب في تدني مستويات التعليم، ابتداء من الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، مرورا بأزمة حرب الكويت عام 1990، وظروف الحصار على العراق، وأخيرا الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وما رافقه من تدهور امني وسياسي واقتصادي واضح، الذي كان له الوقع الأكبر في تدني التعليم، وهجرة العقول العراقية للخارج.
إن ظاهرة هجرة العقول العراقية المفكرة من الظواهر الفريدة المتميزة في العقود الأخيرة من الزمن ويجب دراستها بطريقة مغايرة للدراسات السابقة باعتبارها ظاهرة إجبارية وليست طوعية، والسبب في ذلك يعود إلى إن عوامل هجرة العقول المفكرة تركز برمتها على الأسباب الاقتصادية ثم الأسباب الأخرى التي تليها، أما بالنسبة إلى دولة كالعراق فان الأمر يختلف إذ إن العراق يتميز عن غيره من الدول باعتباره من أغنى دول الشرق الأوسط قاطبة لما يمتلكه من ثروات معدنية وزراعية ومائية بالإضافة إلى خصوبة أرضه وموقعه الجغرافي المتميز وحضارته التي تمتد في عمق التاريخ، ونظرة سريعة إلى تاريخ العراق تبين إن هذا البلد كان بمأمن عن الأزمات الاقتصادية والمجاعات التي حدثت في بلدان أخرى بسبب موقعه ضمن منطقة الهلال الخصيب حتى إن ثروات هذا البلد وخيراته كانت تفيض لتشمل بجودها البلدان الأخرى. وعموما لم يشهد تاريخ العراق موجات نزوح جماعية كتلك التي عاشها في نهاية عقد الثمانينات وعقد التسعينات من القرن العشرين.
إن أسباب موجات النزوح الجماعية التي شهدها العراق في الفترات الحديثة هي عديدة، و جديرة بالدراسة لمنع تكرارها من جهة، ولعلاج الجراح التي سببها النزوح الجماعي خصوصا هجرة العقول المفكرة العراقية إلى بلدان العالم المختلفة، ولذلك لايمكن اعتبار هجرة الكوادر والعقول العراقية تمت لأسباب اقتصادية فقط، وإنما كانت هناك أسباب أخرى دفعتها للنزوح عن الأرض التي تعلقت بها وأحبتها إلى بلدان غريبة بالتقاليد والأعراف والعادات، إذن ما الذي حدث لدفع ملايين الأشخاص من بينهم الآلاف من الكوادر والطاقات والعقول المفكرة العراقية على هجرة أرضها والتشتت في أرجاء الأرض؟.
أولا: الأسباب السياسية: تعد الأسباب السياسية لها أهمية كبيرة في هجرة العقول العراقية للخارج بعد العام 2003، لعدة أسباب منها:
1- الإحباط التي أصيب بها العديد من الشرائح المثقفة والأكاديميين في المجتمع، والسبب هو استلام الأقل كفاءة المسؤولية الأولى عن تسيير دفة العمل والتخطيط في المراكز العلمية مثل مجلس النواب والوزراء والمدراء العاميين وحتى وصل الأمر إلى الجامعات ومراكز الأبحاث وغيرها، حتى إن اغلب التعيينات تتم عن طريق الأحزاب السياسية الماسكة بزمام السلطة في وزاراتها، فلا تتوفر أي فرصة إلا نادرا لأي شخص مستقل بان يصبح مثلا وزيرا أو نائبا في البرلمان أو حتى مدير عام إن لم يكن منتميا إلى جهة سياسية معينة، فهؤلاء السياسيين نجد إن لديهم مركب نقص ويعرفون في دواخل أنفسهم مستواهم لذلك يعتبرون كل إنسان واعي وكفء عدواً لهم لان وجوده يظهر نقصهم أمام الآخرين، فيلجئون إلى كل وسائل الإحباط الممكنة للتخلص منه وإذا عجزوا عن ترويضه بالطرق العادية لجئوا إلى الطرق الملتوية من تهديد أو عزله من المناصب العليا أو حتى اتهامه بشتى التهم مما يضطره أخيرا للهجرة إلى البلاد الأخرى.
2- إن سياسات الغرب من استقطاب الكفاءات العراقية والعربية ، الذين هم أمل المستقبل والبناء في البلاد، خلفه أجندات خارجية (دولية وإقليمية) وهي الصفحة الأخرى من صفحات الإرهاب، فبعد سنوات من مقاومة سوريا والعراق لتنظيم داعش الإرهابي تحاول دول في المنطقة وأمريكا ودول أوربية تشجيع الشباب على الهجرة من اجل إضعاف الجبهة الداخلية لهذه الدول وإضعاف قدرتها على مواجهة الإرهاب، ومن ثم احتمال سقوطها بيد المجموعات المسلحة الإرهابية، خاصة وان العراق يواجه الإرهاب حاليا من خلال قوات الحشد الشعبي والمتطوعين من فصائل المقاومة المسلحة، بعد دعوة المرجعية الرشيدة بالجهاد الكفائي، وان فتح باب الهجرة بهذا الوقت هو سياسة مقصودة هدفها إسقاط العراق وسوريا.
3- لقد طرأت على المجتمع العراقي مفاهيم جديدة أدت إلى تدمير أسس الدولة العراقية، فقد اعتمد نفس الأسلوب المتبع من قبل النظام السابق الذي حرم الآلاف من العراقيين من التعيين في دوائر الدولة لأسباب عديدة ومنها معارضة النظام، فقد اعتمدت أيضا أسس خاطئة وهي المحاصصة الحزبية والطائفية التي حرمت العراقيين من التعيين والوصول إلى مراكز متقدمة في الدولة، فقد تم اقتسام المناصب الحكومية بين الكتل والأحزاب وتعيين أصحاب الولاءات الخاصة بهم، وإقصاء كل وطني يحاول الوصول إلى مناصب خارج سياق الطائفية والحزبية، كذلك إقصاء أصحاب الكفاءات من المكونات القليلة العدد مثل الكلدان والايزيديين والصابئة، كل هذه جعلت من الهجرة هي الحل الوحيد ومتنفس لهم.
ثانيا: الأسباب الاقتصادية: تعد الأسباب الاقتصادية دافع أخر للهجرة إلى خارج العراق، ومنها:
1- بالإضافة إلى عدم فسح الفرص لأصحاب الكفاءات العليا بالمناصب التي يستحقونها، كذلك يتم حرمانهم من التقدم العلمي من خلال التشدد في شروط البعثات والإجازات الدراسية، من خلال تقليل نفقات الدراسة، بل وإلغائها، واعتبار الإجازة الدراسية بدون راتب أيضا، واقتصارها على أبناء المسؤولين لأنهم لديهم الإمكانيات المادية للدراسة، هذا ما اضطر العديد من العلمية إلى الهجرة طلبا للطموح العلمي الذي لا يحققه الموقع الذي يتواجد فيه حتى وان احترم وقدم على غيره لذلك تجده يذهب إلى حيث يجد ضالته وهي إشباع روح البحث والتطوير أو المشاركة الفاعلة في الرأي والخبرة أو الحصول على الدعم المادي والمعنوي وإلى حيث يستجاب لطلباته مهما كلفت ما دامت سوف تؤدي إلى نتيجة تفيد الممول وتحفظ حق العالم والمؤسسة العلمية.
2- البطالة المستشرية بين اغلب العراقيين، فأكثرهم هناك يعيشون بوضع اقتصادي مؤلم وصعب جداً، فرغم من العراق هو اغني دول العالم بالموارد الاقتصادية مثل النفط والغاز والزراعة، إلا إن الإجراءات الأمنية المشددة وقطع الطرق، والتفجيرات الإرهابية، التي جعلت العراقيين يجدون صعوبة في إيجاد فرصة عمل لهم، أو الحفاظ على حياتهم، ولا ننسى الفساد المستشري في اغلب مؤسسات الدولة العراقية الذي جعل من أموال الدول نهبا للمتنفذين، ثم وبعد أول تحدي اقتصادي في البلاد، وهو انخفاض أسعار النفط اتجهت الحكومة إلى الرجوع للموظفين من خلال تقليص الرواتب، والحد من الإنفاق بكافة أشكاله ومنه العلمي، فهناك قطاعات علمية مهمة وتحتاج إلى أموال للاستمرار فيها، لهذا شعر اغلب الكفاءات العراقية أنهم أصبحوا غير ذات أهمية في بلدهم، لهذا اتجهوا للهجرة بحثا عن دول تقدر علمهم وشهاداتهم.
3- إن الاعتقاد السائد إن هجرة الكفاءات للخارج سوف يقوي اقتصاديات البلد إلام بسبب مايرسله المهاجرون من عملة صعبة إلى ذويهم متناسين في ذلك إن نزيف العقول غالبا مايؤدي إلى تدمير اقتصاديات البلد واعتماده على مايستورد من الخارج من تقنية وكوادر علمية أجنبية لتغطية العجز الناجم عن هجرة العقول المحلية.
الأسباب الأمنية: تعد الأسباب الأمنية من أهم الأسباب لهجرة الكفاءات العراقية إلى الخارج، بحثا عن الأمان والاستقرار، ومن هذه الأسباب الأمنية أيضا هي:
1- إن عملية الهجرة عملية منظمة ومدبرة وتقف وراءها إطراف تمولها وتخطط لها فغايتها إفراغ العراق من كفاءاته العلمية والأستاذ الجامعي ذو إمكانيات متميزة في التدريس، فالجامعات العربية ما زالت تحتفظ بالأساتذة العراقيين الذين هاجروا إليها في العقد الماضي، والسبب إن جميع إجراءات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي غير مجدية وغير عملية ودون مستوى الواقع فهي لا تؤمن الحماية الكافية للأساتذة والتدريسيين الجامعيين ماعدا الذي قامت به من تأليف اللجان لمتابعة ظاهرة قتل وتهديد الأساتذة منها لجنة حماية التدريسيين وهذه اللجنة اقتصر دورها على تأمين الحماية داخل الحرم الجامعي وهي لاتحميهم خارج الجامعة وفي الطريق ولهذا فالإجراءات غير نافعة وغير مجدية أمام ما يمر به التدريسيين من تهديدات وقتل عشوائي.
2- الحروب التي تقودها الحكومة ضد الإرهاب التي أخذت مديات واسعة، وأدت إلى عسكرة البلاد واستنزاف الطاقات، وخسائر اقتصادية هائلة، وسوء الإدارة، جعلت العديد من الشباب يفقد الأمل بالمستقبل ويتجه إلى الهجرة لدول الغرب تحت تأثير المغريات التي تطرحها بعض هذه الدول .
رابعا: الاسباب الاجتماعية: وهي أسباب أخرى لهجرة الكفاءات إلى خارج العراق ومنها:
1- عدم تفهم المجتمع والمؤسسة السياسية لأهمية التطور العلمي والبحث العلمي والصناعات المتطورة، وتقبل المجتمع الموارد والإمكانيات المتواضعة المتوفرة لدية، بل وانه كان ينشد ضالته بما يستورده من دول الجوار ودول العالم الاخرى من اجهزة ومعدات الكترونية لم تساهم القدرات العلمية العراقية في تطويرها وصناعتها وانما اصبح البلد سوقا استهلاكية بحتة مما تنتجه مصانع البلدان المختلفة، وغالبا ماارتبطت ميزانية البحث العلمي مع ميزانية التعليم العالي وجمع الاثنان في وزارة واحدة، لكن هذه الوزارة لم تشجع في عملها على استثمار عقولها المفكرة لخدمة المجتمع.
2- غياب السياسة الواضحة لامتصاص الاعداد الكبيرة من خريجي الجامعات واجبارهم على اللجوء الى الاعمال الاخرى مثل التطوع في الجيش والشرطة، لفترات طويلة ساعد على ابتعادهم عن الأجواء العلمية ونسيان ماتعلموه في الجامعات ومن ثم ازدياد البطالة بين اوساطهم، وكان هذا من الاسباب المهمة التي دفعت العديد من خريجي الجامعات العراقية للهجرة الى دول العالم الصناعي، الا ان الكثير منهم انتهى بهم الحال الى العمل في مجالات معيشية واعمال حرة بعيدة عن المجالات العلمية والتقنية وهي خسارة مؤسفة لطاقات شابة انفقت عليها حكوماتها الكثير من الاموال لبلوغ المرحلة الجامعية.
بعد دراسة اسباب هجرة العقول المفكرة العراقية ، يأتي الكلام عن أهمية التعامل لاستثمار هذه العقول المفكرة ووقف هذا النزيف المستمر للكوادر العراقية، ومن المهم ضمن هذا الاطار تحديد اهداف وضع الاستراتيجية المتعلقة بالتعامل واستثمار هذه العقول، ويعتبر تحديد الاهداف الخطوة الاخرى المتقدمة لبلوغ استراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع مشكلة استنزاف العقول والكفاءات المبدعة العراقية، ويستلزم بلوغ الاهداف المرجوة رسم خطط استراتيجية عملية على المدى القصير والبعيد تركز فيها على الطرق والاليات الفعالة حول افضل السبل لاستثمار قدرات الادمغة العراقية في المهجر اما عن طريق تشجيع عودتها الى العراق او استثمارها عن بعد، ونظرا لما تشكله ظاهرة هجرة العقول العراقية من خصوصية ومجال متميز فان مشروع استراتيجية التعامل مع هذه العقول يرمي الى تحقيق اهداف ومقاصد مختلف يمكن ايجازها بالتالي:
1- معالجة الوضع الأمني المتدهور في البلاد، وذلك بالإسراع بإتباع سياسات أمنية جدية في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه بأسرع وقت ممكن، لان إي تأخير وإطالة أمد الحرب قد يقود إلى التذمر الشعبي، واليأس، وزيادة تدخل الدول ومنها ما نراه حاليا من فتح الهجرة، لهذا إن معالجة وإنهاء حالة الحرب في العراق واستقراه هي مفتاح إيقاف الهجرة، بل وعودة الكفاءات المهاجرة، إذ إن خلال السنوات الأولى من الاحتلال واستقرار الأوضاع في العراق رئينا إن عدد من العائلات العراقية المهاجرة في دول الجوار أو من بعض دول أوربا قد عادت للبلاد.
2- معالجة الثغرات الدستورية التي سببت العديد من المشاكل داخل العراق، ومنها إلغاء العمل بالمحاصصة الطائفية والقومية، والاعتماد على الكفاءة في تسلم المناصب في الدول سواء كانت مدنية أو عسكرية، مما يؤدي إلى بناء مجتمع المواطنة، وعلى العراقيين تشكيل حكومة وطنية تسهر على حماية ورعاية كل المواطنين، وان تطبق كل القوانين والقرارات المتعلقة بحياة المواطن دون تمييز.
3- استقطاب الكفاءات بواسطة تشجيعها على تأسيس شركات تقنية متطورة داخل الوطن ودعمها ماديا، ونتيجة لذلك تم انشاء شركات تقنية ناجحة، فقد نجحت تجارب في بعض الدول الاسيوية ومنها تايوان وسنغافورة التي سيطرت على اسواق جنوب شرق اسيا والصين وبسواعد العقول التي كانت تعيش في الغرب.
4- ان عدم نجاح عودة الكفاءات من الخارج، بسبب عدم توفر استراتيجية واضحة المعالم لاستقطاب هذه العقول ولعدم رغبة الكثير من هذه العقول على العودة بسبب استقرارها الدائم في دول الغرب، لا يعني نهاية المطاف، لان اهمية استثمار هذه العقول لا تكمن فقط في الاستفادة من كفاءتها على دفع مشاريع الرقي والتقدم في الموطن الاصلي عن طريق تشجيعها على العودة الى الوطن الام وانما تتعداها الى مشاريع ومجالات اوسع من ذلك بكثير، من هذه المجالات تكمن في كون اعتبار العقول المفكرة المهاجرة جسور ارتباط بين الحضارات واواصر لإقامة علاقات عالمية من خلال الحوار العلمي والثقافي بل والديني ايضا، والسبب في ذلك يعود لمعيشة واستقرار تلك العقول المفكرة في دول المهجر وهي الدول الغربية عموما، ان استقرار هذه العقول في دول الغرب ساعدها في التعرف عن قرب على عادات واخلاق تلك المجتمعات الغربية وطرق عملها وكيفية تخطيطها وتنفيذها للمشاريع، واسست تلك العقول في نفس الوقت شبكة جاهزة من الاتصالات الفردية والجماعية، لهذا يمكن الاستفادة منها من خلال استضافتها كخبراء ومستشارين في كل المجالات لغرض الاستفادة منهم.
5- معالجة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد والذي يعتمد بشكل أساس على تصدير مادة النفط فقط، واعتماد سياسات اقتصادية تقود إلى تنويع مصادر الدخل في البلاد، وتطوير الزراعة والصناعة وعدم الاعتماد على المواد المستوردة التي تقود إلى استنزاف العملة من البلاد، وتوفير فرص عمل للعاطلين، من خلال القضاء على آفة الفساد المالي والإداري في البلاد.
6- محاولة فتح أفاق أمام الكفاءات العراقية من خلال تعيينهم في مؤسسات الدولة المختلفة على أساس الكفاءة والخبرة لا على أساس المحسوبية والقرابة، لان اغلب أسباب هجرة الكفاءات حاليا هي عدم اشراكهم في ادارة الدولة، خاصة وان العراق بحاجة إلى خدماتهم وهو يخوض حربا ضد الإرهاب.
7- على وزارة الخارجية إن تأخذ دورها التاريخي في الحد من الهجرة من خلال الاتصال بالدول التي تستقطب العراقيين وعدم تسهيل إجراءات الهجرة، إذ إن بعض دول أوروبا قد فتحت أبواب الهجرة للعراقيين والسوريين وبدون سابق إنذار، وهي سياسة معروفة الأهداف ومحاولة لتفريغ هذه البلاد من الكفاءات والطاقات الشابة، وهي محاولة أخرى بعد محاولة زج الإرهاب إلى العراق وسوريا من قبل دول معروفة في المنطقة، كذلك على الأجهزة الأمنية إن تتخذ دورها في منع عمليات التهريب غير الشرعية ومنع المهربين واعتقالهم، لان عمليات الهجرة غير الشرعية تضر بسمعة البلاد واقتصاده.
8- كذلك علينا إن لا ننسى دور المرجعية الدينية في الحد من الهجرة من خلال إصدار الفتاوى والبيانات، وحث الشباب العراقي على التمسك بأرضه وحمايتها، فعلى الرغم من خطبة الجمعة 28 أب في الصحن الحسيني الشريف لم تخلوا من التطرق لها، بل دعا ممثل المرجعية في كربلاء في هذه الخطبة الحكومة العراقية إن تبحث في أسباب الهجرة، ودعا الشباب إلى عدم الانجرار وراء الهجرة للغرب، إلا إن دور المرجعية يجب أن يكون اكبر من الدعوات وان تكون هناك فتاوى بتحريم الهجرة، وذلك لإيقافها نهائيا.
9- التقييم السليم والواقعي لكفاءة العقول العراقية ضمن المعايير العلمية والاعتراف بانها ثروة قومية ووطنية لايمكن التفريط بها، ويمكن التعامل معها حتى لو قررت البقاء في دول الغرب.
أخيرا إن أزالت أسباب الهجرة والتي لازالت موجودة هي المفتاح والحل لمنعها، إذ إن ما لم تتحسن اوضاع الدولة العراقية ومؤسساتها في حماية المواطن وتوفير العيش الكريم له، وايلاء أصحاب الكفاءات والخبرات أهمية، ومعالجة الفساد المالي والإداري، وإلغاء المحاصصة الطائفية، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، فان الهجرة لن تتوقف وستكون نتائجها كارثية على البلاد.
اضافةتعليق