العدالة الاجتماعية في ظل الاقتصاد الريعي: العراق والنرويج مثالاً

76242017-11-19

 عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ملتقاه الشهري، تحت عنوان (العدالة الاجتماعية في ظل الاقتصاد الريعي: العراق والنرويج-مثالاً)، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية، والذي يعقد كل سبت في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

حيث أكد الاستاذ حامد خضير عبد الحسين الجبوري الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية على: أن السجال لم يُحسم إلى الان بين الدولة الريعية والاقتصاد الريعي حول أيهما يولد الآخر ولكن هناك شبه إجماع حول مصدرهما أي إن مصدرهما هو الريع الخارجي، فالاقتصاد الريعي هو الاقتصاد الذي يعتمد في دخوله النقدية على العالم الخارجي كنتيجة لتصدير الموارد الأولية التي تتسم بتذبذبها وانخفاض مرونة الطلب عليها. وإن اعتماد الاقتصاد في توليد دخوله النقدية على الريع الخارجي يولد الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، في حال انعدام الرؤيا الاستراتيجية وغياب الإدارة الكفوءة والإرادة الحقيقية لدى أصحاب القرار والمسؤولين الحكوميين. وعلى الرغم من تداخل تلك المشاكل فيما بينها التي يولدها الاقتصاد الريعي، إلا إننا سنركز قدر الإمكان على مسألة غياب العدالة الاجتماعية في ظل ريعية الاقتصاد، مع التطرق إلى المشاكل الأخرى بقدر الضرورة.

وفي الوقت الحاضر يشكل النفط العنصر الرئيس من الريع الخارجي بالنسبة للبلدان النفطية ومن بينها العراق، ولذا دائماً ما يوصف الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الريعي، ولإثبات مدى أتصاف الاقتصاد العراقي بهذه الصفة لا بد من اللجوء إلى بعض المؤشرات الاقتصادية المهمة كالناتج المحلي الإجمالي والإيرادات العامة والصادرات السلعية، ومعرفة مدى مساهمة النفط فيها، فكلما ترتفع نسمة مساهمة النفط فيها كلما يدل ذلك على ارتفاع ريعية الاقتصاد والعكس صحيح. فبالنسبة للمؤشر الأول تتراوح نسبته ما بين 45-55% من الناتج، وأكثر من 90% من الإيرادات العامة والصادرات السلعية كذلك. وفي ظل هذه النسب التي تؤكد ريعية الاقتصاد العراقي بامتياز، فأن أبرز ما يؤكد على غياب العدالة الاجتماعية بين أفراد الجيل الحالي هو تنعم الأفراد الذين يعملون مع الحكومة ولو بشكل نسبي من النفط في حين ان من لا يعمل معها لا يمكن أن يحصل على حقه من النفط إلا بمقابل إظهار ولاءه لها، وبهذه الكيفية فإن مقولة "النفط ثروة عامة للجميع" تصبح فارغة المحتوى ويكون واقع الحال هو " النفط ثروة خاصة بالحكومة ومن يبدي موالاتها".

ومع ارتفاع نسبة تغطية النفط للنفقات الجارية إلى أكثر من 80%، والتي تشمل تقريبا 3مليون شخص تحت ما يسمى القوى العاملة الممولة مركزيا 2016، بالإضافة إلى المتقاعدين والرعاية الاجتماعية، فيكون العدد الإجمالي المستفيد من الثروة النفطية حالياً كنتيجة لارتباطه بالحكومة 7مليون شخص تقريباً، أي ما نسبته 20% من عدد السكان البالغ 36مليون تقريباً، ولذا فإن أكثر من 80%من أفراد الشعب العراقي لا يتمتعون بحقوقهم من النفط بل يعانون من الفقر الذي بلغت نسبته 22.5% حسب ما أشارت إليه وزارة التخطيط، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة التي تتراوح ما بين 30-40%، وأخذت تتفاقم حتى بين أصحاب الشهادات العليا، وسوء الخدمات والبنى التحتية وغيرها. أما غياب العدالة ما بين الجيل الحالي والأجيال المستقبلية يمكن التأكد منها من خلال ارتفاع نسبة استهلاك الثروة النفطية لصالح الجيل الحالي الذي لم تتحقق العدالة بين أفراده كما أشرنا إليه أنفاً. فالعراق حالياً يمتلك 143 مليار برميل وعلى افتراض أن متوسط الإنتاج سيكون عند 4.5 مليون برميل، فإن عمر النفط لا تتجاوز مدة بقاءه أكثر من 89 سنة، فما بالك إذا أزداد متوسط الإنتاج النفطي أكثر من هذا المعدل؟! أو انخفضت أهميته الاقتصادية قبل نضوبه بفعل إيجاد البدائل المنافسة له.

وما يزيد غياب العدالة الاجتماعية سوءً هو المديونية التي تتحملها الأجيال اللاحقة كعبء أضافي لعدم تمتعها بالحقوق المالية النفطية كنتيجة لنفاذ النفط او انخفاض اهميته او عدم استثماره من قبل الادارة الحالية بالشكل الذي يضمن حقوق الأجيال اللاحقة، مع تمتع النسبة الأقل من الجيل الحالي بالحقوق النفطية بفعل ارتباطهم بالحكومات التي لا تتطلع إلى الاهتمام بالشعوب ومستقبلها وذلك من خلال استثمار الثروات النفطية في بناء اقتصاد متين يكون قادر على ضمان حقوق الجيل الحالي والأجيال اللاحقة، كما فعلت النرويج وغيرها.

وينبغي أن لا ننسى أن غياب العدالة الاجتماعية لا تكمن بذات العائدات النفطية بقدر ما تتعلق بسوء الإدارة لتلك العائدات وغياب الإرادة الحقيقة، وانعدام الرؤيا الاستراتيجية التي من خلالها يتم الوصول إلى بناء اقتصاد سليم وتوزيع عادل للثروات بين الجيل الحالي والأجيال المستقبلية. وما يدُل على هذا الكلام هو بعض التجارب الدولية ومن بينها التجربة النرويجية، حيث عملت النرويج على إنشاء صندوق تدار من خلاله العائدات النفطية وذلك بما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية مع تجنب الاقتصاد النرويجي من الإصابة بالمرض الهولندي، وهذا التجنب من الإصابة بالمرض الهولندي يؤدي إلى استمرار توفر فرص العمل للأجيال الحالية وكذلك تحسين كمية ونوعية الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية وغيرها، المقدمة لهم. ويعد بمثابة أداة لإدارة التحديات المالية للسكان المسنين وتراجع عائدات النفط لكن وفق أطارٍ محدود، أي يمكن السحب من الصندوق لتمويل الموازنة العامة عند انخفاض أسعار النفط على أن لا يتجاوز4-3% من عائداته وذلك من أجل الحفاظ على قيمته الرأسمالية، وهو بهذه السياسة يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين الجيل الحالي والأجيال اللاحقة. فالصندوق النرويجي الذي يعرف بـ"صندوق المعاشات التقاعدية الحكومية العالمية " والذي تم إنشاءه في عام 1990 وبدأ الاستثمار الفعلي عام 1990، وتبلغ قيمته الحالية تريليون دولار، فهو استطاع أن يحقق العدالة الاجتماعية حيث إن الأجيال اللاحقة تستطيع أن تستخدم أموال الصندوق لصالحها عندما تنفذ الثروة النفطية أو تنخفض أهميتها. أما بين الجيل الحالي فقد يتم استخدام نسبة معينه منه عند حصول الاضطرابات الاقتصادية لضمان حماية واستمرار أداء الاقتصاد، وهذا الاستمرار بحد ذاته هو حماية أفراد المجتمع من البطالة مع توفير الخدمات المذكورة آنفاً. ففي الوقت الذي تمتلك النرويج ثروة نفطية أقل من العراق، مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق في التعداد السكاني، حيث يتجاوز عدد سكان العراق (البالغ 36.936 مليون نسمة) أكثر من 7 أضعاف عدد سكان النرويج (البالغ 5.170 مليون) إلا إنها استطاعت أن تحقق العدالة الاجتماعية بين الجيل الحالي والمستقبلية من خلال الصندوق السيادي الذي بلغت قيمته التريليون دولار كما أشرنا آنفاً.

بينما العراق وعلى الرغم من ضخامة ثروته النفطية (143.07مليار برميل) التي تشكل أكثر من 27 ضعف ما تمتلكه النرويج الذي يبلغ (5.14 مليار برميل) وكذلك ارتفاع إنتاجه اليومي البالغ 3481000 برميل مقارنة بإنتاج النرويج البالغ 1577.1 إلف برميل يومياً، إلا إنه لا يزال لم يحقق العدالة الاجتماعية، ليس هذا فحسب بل لا يزال يعاني من المديونية حتى وإن يصرح بعض أصاحب الاختصاص إن حجم الديون العراقية لا تشكل خطراً وهي ضمن الحدود المقبولة! لان التجارب الناجحة لا تقبل بهذا المنطق، إذ إن الخيار السليم هو تعويض الأجيال المستقبلية وليس القبول بمستويات متدنية من عبء الجيل الحالي.

 ولمحاولة ربط هذه القواعد والأفكار والنظريات بما يجري على واقع المشهد السياسي العراقي اليوم نطرح السؤالين التاليين:

السؤال الأول: ما هي أسباب غياب العدالة الاجتماعية بين أفراد الجيل الحالي من ناحية وبين الجيل الحالي والأجيال اللاحقة من ناحية أخرى، في ظل الاقتصاد الريعي العراقي؟

-الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء - كلية القانون والباحث في مركز آدم  يؤكد  على اننا لا نستطيع أن نستشرف المستقبل ونقول بان العدالة الاجتماعية  لن تتحقق في المستقبل، خصوصا وأن المؤسسة التشريعية تلزم السلطات في العراق بان تقوم بإصلاح الاقتصاد العراقي وفق اساسا اقتصادية حديثة وبما يكفل استغلال كامل موارده الاقتصادية، بالتالي هل الحكومة ومجلس النواب العراقي يسيران بذات الاتجاه من اجل اصلاح الاقتصاد العراقي وتحقيق العدالة الاجتماعية كي يستفيد العراقيون من مواردهم الاقتصادية كالنفط أو غيرها، فبالتأكيد ان الظروف المحيطة بالحكومة وبالبرلمان وعمله تجعله عاجز ان يحقق اصلاح حقيقي في الاقتصاد العراقي. نعم هناك خطوات موجودة لا يمكن انكارها وهناك تحول اقتصادي من اقتصاد اشتراكي واقتصاد مركزي إلى نوعا ما اقتصاد سوق واقتصاد حر، وبطبيعة الحال هناك ثمة عقبات تحول دون ان تطبيق هذا النهج لاسيما مع وجود بعض المركزية التي يتمسك بها بعض الوزراء وبعض الهيئات العامة،  المادة الاخرى هي المادة(30) التي تكلمت عن العدالة الاجتماعية وأن تكفل الضمان الاجتماعية والعدالة الاجتماعية لفئات معينة في حال المرض والشيخوخة والعجز فضلا عن المشردين والايتام والمهجرين، وبالتالي على الحكومة العراقية أن ترعى تلك الشرائح الاجتماعية وان تهتم بهم، والسؤال هنا هل استطاعت الدولة أن تكفل لهؤلاء الضمان والعدالة الاجتماعية. واقعا هناك محاولات لا تنكر من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومن قبل بعض الجهات الحكومية الراعية لكنها لا تزال ايضا دون مستوى الطموح، اذن العدالة لم تتحقق للجيل الحالي فكيف نأمل أن تتحقق للأجيال اللاحقة في ظل الاستهلاك الجائر للنفط واستخراجه بشكل يضر بالبيئة، وهنا التزام اخر على الدولة  بان تكفل بسلامة البيئة للجيل الحالي والاجيال اللاحقة وهذا غير متحقق، بل على العكس أن التغيير الجيولوجي الذي يحصل الان والذي يطال التربة هذا سوف تمتد اثاره الى مئات والألاف السنين، وبالتالي فان العدالة وفي ظل الواقع الحالي لن تتحقق.

-احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات الحقوقي احمد جويد أشار إلى أن عدم وجود التخطيط الجيد وعدم رسم السياسات العامة هل الذي تسبب بوجود تلك المشكلة، خصوصا وأن العراق لا يمتلك خطط اقتصادية تمتد لسنوات قادمة كما هو الحال مع ما موجود في الدول الخليجية القريبة منها، وبالتالي هي تضع صناديق سيادية للأجيال القادمة كي تضمن لها عدالة اجتماعية، وهذا ربما يعود لعدم وجود الاستقرار السياسي في العراق وخلال فترات طويلة تمتد لستينيات القرن الماضي، فضلا عن ذلك أن الفساد المشتري في مؤسسات الدولة هو عامل اخر ومن ثمة تأتيك قضية الارهاب  فكل هذه الامور اتخذت ذريعة من قبل السلطة الحاكمة، من اجل أن ترسم عدالة اجتماعية في المجتمع العراقي.

-الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يجد أن المشكلة الاساسية في ادارة الثروة الوطنية في العراق كون اننا ومنذ تأسيس النظام الجمهوري كان الاقتصاد يسير على النهج الاشتراكي، علما أن العراق في العهد المالكي كان يعيش على الزراعة وكل من اكثر البلاد في الانتاج الزراعي وهو بمثابة سلة غذاء، هذا مما جعل العراق في الحرب العالمية الثانية من اهم الدول التي لم تحصل فيها ازمة، لذا فان السيد الشيرازي( رحمه الله) أكد في مذكراته  على أن العراق حصلت فيها ازمة في شيئين فقط وهما السكر واستبدله الناس بالتمر والشيء الاخر القماش. لذا فان النظام الجمهوري في العراق واقعا بدأ بتدمير الزراعة هذا مما أدى إلى انخفاض الانتاج الزراعي إلى أدنى حد حتى وصل الامر بالعراق أن يستورد كل شيء ولا ينتج أي شيء تقريبا، بالتالي هذا النظام الاشتراكي الريعي أدى الى عملية بناء الانسان المتراخي الكسول غير المنتج والمستهلك، ودائما توقعاته تعيش على الدولة والدولة كذلك هي من تسيطر على النفط وتعطي للمواطن الفتات، وهنا بطبيعة الحال اسس لمعادلة اجتماعية اقتصادية جدا خطيرة وتؤدي الى كوارق، خاصة وان الثروة النفطية التي تضخمت في العراق فبدل أن تذهب للإنتاج وبناء الفرد العراقي اقتصاديا وتعليميا وصحيا ذهبت نحو صناعة الحروب بالتالي من الطبيعي جدا فأي ثروة عندما لا تصب بالمجرى الصحيح تذهب نحو المجرى الخاطئ. النقطة الاخرى هناك مشكلة في سوء الادارة فالصندوق السيادي الذي اسس في النرويج ويبلغ اليوم (ترليون دولار) ربح في الربع الاول للسنة ما مقداره(50) مليار أي نصف ميزانية العراق، والغريب في الامر أن من أسس للصندوق السيادي في النرويج هو عراقي الاصل ويسمى (فاروق القاسم)، وهذا دليل واضح على أن العراقيين لا يستطيعون الاهتمام بأصحاب العقول الجيدة وبالتالي فان العقول الفاشلة تنتج دولة فاشلة".

-المحامي زهير حبيب الميال يعتقد أن العدالة الاجتماعية تعتبر ضرورة في كل مناحي الحياة وبطبيعة الحالة هي تمس العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة وتوزيع الوظائف واتخاذ القرارات، وهنا لابد أن نؤكد بان العدالة الاجتماعية تحتاج لبيئة خصبة كي تنمو فيها الا أن العدالة الاجتماعية لا تعني أن اعطيك مالا من دون أي جهد، بل ان العدالة الاجتماعية ترمز إلى يكون هناك مساوات في الحقوق والواجبات.

-حيدر الاجودي الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية يرى أن الدول ذات الاقتصاد الريعي هي في الغالب غنية وهي ايضا تعاني من سوء توزيع عوائد الثروة، فضلا عن كون تلك الدول تكون هشة سياسيا واقتصاديا بسبب عدم التطور الفكري للأشخاص العاملين على الاقتصاد الريعي، على عكس الاشخاص العاملين على الاقتصاد الزراعي والصناعي، اما بالنسبة للعدالة الاجتماعية فهو بلا شك مبدأ يؤدي إلى التعايش السلمي ويرفض التطرف والعنف، وبالتالي فان غياب العدالة الاجتماعي يعزى الى عدم وجود التخطيط الصحيح والمنتج، خاصة وان الدول ذات الاقتصاد الريعي تعتمد على البرامج الانفاقية فقط.

-عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية يجد أن العدالة الاجتماعية يتم الحديث عنها في الدول المستقرة نسبيا لاسيما وان العراق والنرويج هما على طرفي نقيض تماما، فالعراق منذ ستينيات القرن الماضي وإلى الان لم  يعرف الاستقرار ودائما حالة الطوارئ في البلاد، هي التي تسود الشارع العراقي بين فترة واخرى بسبب كثرة الحروب والانقلابات السياسية، فضلا عن ذلك غياب سلطة التخطيط في ادارة الموارد الطبيعية من اجل وضع تنمية اجتماعية حقيقية لهذا البلد، فكيف ستنتج العدالة الاجتماعية اذا ما كانت الفترات السابقة هي فترات حروب وطوارئ وبالنتيجة لا توجد حالة من الاستقرار، كي تضع البلد في ايادي المختصين لمناقشة برنامج (الاستثمار /الانتاج / التنمية البشرية/ التنمية الاقتصادي. بالتالي من الطبيعي أن تكون العدالة الاجتماعية في أواخر سلم الدولة أن كانت لديها أولويات أصلا، ولكن هذا لا يعني بان العدالة الاجتماعية لن تطرح في المستقبل، وبالتالي نحن امام استحقاق رئيسي الان وهو الاستقرار السياسي وأن نبحث عن الكفاءات واصحاب الاختصاص ممن يفقهون بهذا الجانب كي يضعوا اولويات من أين نبدأ، فهل نبدأ من (التعليم/ الاقتصاد) من الخطة التنموية في كل الجوانب حتى نصل الى مستلزمات العدالة الاجتماعية لهذا الجيل أو الجيل اللاحق، بالنتيجة لابد من ايجاد المقدمات حتى نستطيع الحديث عن العدالة الاجتماعية.

السؤال الثاني: ما هي رؤيتك الخاصة بتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الاقتصاد الريعي؟

-الدكتور علاء الحسيني يرى بضرورة الاستمرار في النهج الذي عملت عليه الدولة في تجربة صندوق الاسكان وهو اشبه ما يكون بصندوق الاجيال إلى حداً ما، وذلك على اعتباره يعطي قروض وبفوائد بسيطة جداً للأفراد حتى يستطيعوا من بناء مساكن، لذا فهذا الصندوق يحتاج إلى تطوير أكثر وتقليل الفوائد ويحتاج أيضا إلى تمديد فترة التسديد أكثر وهذا يعتبر نوع من انواع العدالة الاجتماعية بين الجيل الحالي وبين الاجيال القادمة، أضف إلى ذلك هناك أيضا تجربة شبكة الحماية الاجتماعية وهي تمنح رواتب للعاطلين عن العمل وللأرامل وللأيتام وهذا ايضا نوع من العدالة الاجتماعية. وأن هناك توزيع للدخول وللثروة التي تحصل عليها الدولة وأنها تعيد توزيعها تارة من خلال الرواتب والموازنة الجارية، وتارة من خلال الاعانات التي تقدم إلى الافراد وإلى الفئات الاجتماعية الاضعف في المجتمع، وهذه التجربة أيضا تحتاج إلى التوسع بها لتشمل المشردين والايتام، وأن تقنن وتكون فعلا للمحتاجين وليس غطاء للفساد ونحتاج ايضا لترشيد الانفاق الحكومي.

-احمد جويد يرى إذا ما أردنا تحقيق العدالة الاجتماعية أن لا ننظر إلى الايرادات المالية من مصدر واحد وهو النفط، وأن تتم برامج مراجعة الزراعة والصناعة والاستثمار، وذلك لان النفط لوحده لا يستطيع ومع مرور الوقت أن يحقق العدالة الاجتماعية للجيل الحالي ولا للأجيال القادمة".

- الشيخ مرتضى معاش يعتقد أن العدالة الاجتماعية يتم تحقيقها من خلال تكافئ الفرص للجميع ومن دون أي استثناء، فالامتيازات محصورة عند افراد معينين، إلى جانب ذلك انت لا تستطيع ان توظف جمع افراد الشعب العراقي الذي اعتاد على التفكير بهذا النمط المحكوم بفرصة العمل في الدولة، وبالتالي فان القطاع الخاص هو الذي يمكن أن ينقذونا من الكثير من المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها من اجل الخروج من الدولة الريعية إلى الدول المنتجة زراعيا صناعيا، وذلك للاستفادة من ثروات النفط لتعزيز الانتاج وهذا يحتاج لعقلية متحررة ومنفتحة. فعلى سبيل المثال المفوضية المستقلة للانتخابات تم توزيعها على الاحزاب واصبحت محاصصة فمن اين يأتي الانصاف، بالتالي باقي الاشياء هي ايضا تدخل ضمن حيز المحاصصة ولن تتحقق العدالة وتبقى الدولة الريعية وتأتي من بعدها الماسي والكوارث تتكرر بسبب هذا التفكير الخاطئ، فالمواطن يفكر بالربح السريع وهو لا يعطي اجور الكهرباء ولا يقبل بالخصخصة ويحتاج من الدولة أن تعطيه دائما، أضف إلى ذلك الوعي المجتمعي هو الاخر غير ناضج فالبعض يتقاضى اكثر من راتب ولا يهتم بالأخر، لذا نحن بانتظار القانون الجديد الذي يدعم فكرة وجود راتب واحد. بالتالي نحن نحتاج الى تكثيف مبدأ الانصاف خاصة وأن العدالة الاجتماعية التي نتحدث عنها اليوم هي تنطلق من المواطن نفسه في الدول الاسكندنافية، وايضا نحتاج من الدولة أن تقوي القوانين المركزية وأن تشرك المواطن في تشريع القوانين كي يحس بان المسؤولية مشتركة في تحقيق العدالة.

- حيدر الاجودي يجد أن تطبيق مبدأ العدالة هو الطريقة (للتنمية/ للتعايش السلمي/ للمساواة، بالتالي مع وجود الاسباب التي أدت إلى الفوارق الطبقية ووجود الفساد والفقر والبطالة، لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية ما لم تعالج الاسباب.

- عدنان الصالحي يعتبر أن العدالة الاجتماعية هي مسؤولية مشتركة وأن الوظائف يجب أن توزع بشكل عادل بين المجتمعات، بينما في العراق الموظف في بعض الاحيان يستغل منصبه للبحث عن وظيفة خارجية اخرى، وبالتالي هو يقلص فرص العمل بالنسبة للأخرين وهذا ما معمول به في المجال الأكاديمي فبعض الاساتذة يعملون في المؤسسات التعليمية الحكومية ويأخذون حصص دراسية مسائية، بالنتيجة تمسي العدالة الاجتماعية غائبة في المجتمع ذاته فكيف لها تتوفر في داخل الحكومة، لذا لابد أن نهتم على البناء المجتمعي وخلق حالة من التعاضد.

توصيات الملتقى

-أعادة النظر بقوانين الموازنة الاتحادية وتخصيص نسبة معينة من ايرادات البلد لتأسيس صناديق اقراضية جديدة للفئات الاضعف في البلد.

- التشجيع على الاستثمار وتنمية القطاع الخاص وتوفير فرص العمل.

- ترسيخ اللامركزية كأساس لتحقيق الانصاف. 

- التأكيد على القوانين التي تحمي القطاع الخاص من اجل تمكينه.

-توعية المواطنين بأهمية المشاركة الفعالة بعملية الانتاج وتحمل المسؤولية لبناء اقتصاد مستقبلي.

التعليقات