في يوم الأربعاء الموافق 23/12/2015 عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية بعنوان (مستقبل منظمة أوبك في ظل تقلبات أسعار النفط) ، أدار الحلقة وقدم لها الباحث في مركز الفرات الدكتور احمد عمران المسعودي الذي استهل مقدمتها بالترحيب بالباحثين أصحاب الأوراق البحثية والحضور ، وانطوت الحلقة النقاشية على مناقشة أبرز الأسباب التي أدت الى التدهور المستمر في أسعار النفط خصوصا مع دخول موجة الهبوط عامها الثاني، إضافة الى مناقشة تخلي "أوبك" عن دورها المأمول في كبح جماح زيادة إنتاج النفط الخام من اجل إعطاء دفعة للأسعار نحو الارتفاع ، وقدمت في الحلقة النقاشية ورقتين بحثيتين الأولى للدكتور عامر عمران المعموري التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة كربلاء والتي حملت عنوان (أسعار النفط الخام : عوامل الانهيار وأفاق المستقبل) ، فيما تناولت الورقة الثانية (تطورات أسعار النفط والتحول الاستراتيجي في سياسة الأوبك النفط) والتي قدمها الدكتور حيدر آل طعمه من كلية الإدارة والاقتصاد من جامعة كربلاء أيضا .
الدكتور عامر عمران المعموري ذكر في ورقته: إن انزلاق أسعار النفط دون النصف فاقمت من محنة البلدان النفطية، خصوصا مع دخول موجة الهبوط عامها الثاني وذكر إن العديد من الدراسات والتقارير تناولت مستقبل اسعار النفط خلال الأشهر والسنوات القادمة، مبينا جملة من الأسباب تقف وراء موجة الهبوط في أسعار النفط منها: -
1- تخمة المعروض من النفط الخام واستمرار إمدادات النفط الخام من المصادر التقليدية والأخرى الغير تقليدية والذي تجاوز حاجز إلـ 93 مليون برميل يوميا.
2- ارتفاع حجم المخزون التجاري العالمي من النفط وخاصة الدول الغنية الصناعية والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث وصلت كمية المخزون التجاري إلى 20916 مليون برميل.
3- استمرار الانقسام داخل منظمة أوبك بشأن السياسة النفطية وتحول البوصلة من الاتفاق على الأسعار إلى سياسة الحفاظ على الحصص.
4- استمرار الدوافع السياسية الرامية إلى إضعاف عدد من البلدان التي يشكل النفط العمود الفقري لاقتصادياتها مثل روسيا وإيران.
5- تغير في قواعد السياسة النقدية الأمريكية قاد إلى رفع أسعار الفائدة ومن ثم سعر صرف الدولار.
6- استمرار حرب الأسعار بين منتجي النفط الكبار لغرض تأمين أسواق قادرة على استيعاب الزيادة الحاصلة في الإنتاج.
بعد ذلك تطرق الدكتور المعموري الى مستقبل أسعار النفط فذكر أنها تغيرت بشكل ملحوظ نتيجة طفرة أنتاج النفط الصخري ومع تلبية هذا المصدر الجديد من النفط تم تلبية الكثير من الطلب العالمي على الطاقة ، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ، اذ لم يعد يعتمد المستهلكون على منظمة أوبك المصدرة للنفط وغيرها من المنتجين ، وذكر إنه نتيجة لهذا المتغير ، أصبح المستهلكون أيضا اقل عرضة للمخاوف الجيوستراتيجية ، وعلى المدى البعيد فأن تخفيض شركات النفط الكبرى وشركات الخدمات لاستثماراتها وتسريح الآلاف من منتسبي تلك الشركات ، وانخفاض عدد أبراج الحفر العاملة قد يؤدي في أخر المطاف إلى انقلاب الوضع وبدأ دورة جديدة في زيادة الأسعار لا يستطيع احد التنبؤ بمداها أو وقت حدوثها خاصة إذا ارتبطت بأوضاع جيوستراتيجية غير مستقرة في مناطق مهمة في العالم بالنسبة لسوق الطاقة .
الدكتور حيدر حسين آل طعمه بين في ورقته البحثية: إن المملكة العربية السعودية وعدد من بلدان الخليج (الإمارات وقطر والكويت) تقف وراء التحول في إستراتيجية أوبك صوب الدفاع عن الحصص السوقية بدلا من خفض الإنتاج لدعم الأسعار وتتجاهل الإستراتيجية الجارية الانحدار الحالي في اسعار النفط بحجة إمكانية انعكاس الأسعار على معدلات الإنتاج العالمية من النفط الخام غير التقليدي بخاصة في الدول ذات كلف الإنتاج الباهظة، على اعتبار إن كلف الإنتاج غير التقليدي ( النفط الصخري ) هي كلف باهظة، وتراهن أوبك أيضا على إمكانية إن يأخذ انخفاض أسعار النفط مفعوله في تعافي الاقتصاد العالمي وذلك من خلال زيادة الاستهلاك وتحسن مستوى الطلب بفعل تعافي الاقتصاد العالمي .وتطرق الدكتور طعمه إلى تقرير داخلي لأوبك نشرته رويترز مطلع نوفمبر الماضي يتحدث عن تنامي الخلافات داخل أوبك بين الدول الأعضاء حول أسعار النفط ، وأشار إن التقرير تضمن في الجانب المقابل إستراتيجية أوبك في الأجل الطويل وملاحظات ومقترحات من إيران والجزائر والعراق بخصوص إجراءات لدعم الأسعار مثل تحديد مستوى سعري مستهدف أو حد ادنى للسعر والعودة إلى نظام حصص الإنتاج، وإن معالجة الانهيار في أسعار النفط يتطلب نهجا جديدا من جانب البلدان المصدرة للنفط "أوبك" خصوصا اثار الصدمة النفطية على كافة القطاعات الاقتصادية والمالية في بلدان أوبك، وإن التقديرات الدولية عن خسارة البلدان النفطية في أوبك هي أكثر من 500 مليار دولار من إيراداتها بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ يونيو/ حزيران 2014 وحتى ألان ، وحذر الباحث من تشكيل محاور داخل منظمة أوبك من شئنها تقويض حدوث تعافي قريب لأسعار النفط ، إذ أشار إلى سياسية المحاور التي تؤدي إلى حدوث انقسامات عميقة في المنظمة بعد سنوات من العمل المشترك والناجح على الرغم من اختلاف سياسة الدول الأعضاء، وفي نهاية الورقة البحثية تطرق الباحث إلى عدد من الحقائق غيرت بنية سوق النفط العالمية وهي:-
1- شعار منظمة أوبك الجديد لن نكون مدراء السوق بعد ألان، لنسمح للسوق بإدارة السوق.
2- ارتفاع المنتج الأمريكي ارتفاعا مذهلا ليصل إلى أكثر من 9 ملاين برميل يوميا في نهاية عام 2014، بعد إن كان 6 ملاين برميل يوميا قبل خمس سنوات، وبالتالي فأن الذرة التي تقلق السعوديين أكثر من ذروة الطلب.
3- تقوم أوبك بتجهيز العالم حاليا بتجهيز العالم بما يزيد قليلا عن 30 % من احتياجاته بينما في سبعينيات القرن الماضي قرابة 50% ويعود السبب جزئيا إلى منتجي النفط الصخري الأمريكي الذين أغرقوا السوق بما يقرب من 4 ملايين برميل يوميا عندما بدأوا من الصفر.
المداخلات:
- الأستاذ احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن حقوق الإنسان في مداخلته تطرق إلى الأخطاء الكبيرة التي يرتكبها أعضاء أوبك في الحفاظ على الحصص بدلا من الأسعار والتي من شأنها إن تؤدي إلى خسائر لكل الأعضاء، وذكر إن هذه المنظمة ربما تتفتت ويكون بقائها شكلي فقط ، وذكر أنها كان لها دور سابقا وإن اغلب الدول في المنظمة هي خليجية ، وإن قضية فلسطين كانت تلعب دور أساس في أسعار النفط وألان يشهدون صراعا مريرا بينهم على قضايا سياسية بينهم ، وذكر إن السعودية تنتج كميات كبيرة من النفط فلو كانت تنتج نصف ما هو عليه ألان لكان أفضل لها ولغيرها من الدول في اوبك.
- الشيخ مرتضى معاش أمين عام مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام ذكر إن هنالك ثلاث قوى في العالم تملك السيطرة على النفط وهي : أمريكا وروسيا والسعودية وهي تصدر حوالي 30 مليون برميل يوما وعندما نقول اوبك لابد من القول إن السعودية هي المتحكمة في قرار أوبك ،وأشار إن السعودية في اجتماعات أوبك الأخيرة لم تقبل تخفيض إنتاجها النفطي من اجل المحافظة على الأسعار ، وتطرق إلى أمكانية تفكك أوبك، وأيضا تطرق إلى حرب الحصص ولماذا حرب الحصص؟ ، ذكر إن السعودية قادة حرب الحصص من اجل الحفاظ على قوتها في العالم من خلال النفط وهي دولة متهمة بدعم الإرهاب وتمويله فماذا يبقى لها إن تركت حرب الحصص؟ ، السعودية تخاف من انتهاء دورها وخمولها في العالم وألان السعودية تقاتل من اجل الحفاظ على حصصها في السوق العالمي للنفط وذكر إن هنالك تحولات سياسية في المنطقة والسعودية لابد إن تكون جزء منها وهي داخلة في حروب في سوريا واليمن .
- باسم عبدون فاضل باحث في مركز الفرات تطرق في مداخلته إلى التراجع والتلاشي في دور المؤسسات الدولية الجامعة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ومنها منظمة أوبك كتكتل اقتصادي يضم عدد من الدول النفطية في المنطقة، فأوبك تحولت إلى أداة تابعة تحرك وفق المحاور والمصالح السياسية التي تدور رحاها اليوم في المنطقة، فهي خرجت من منظمة اقتصادية إلى منظمة تدور في فلك صراع النفوذ والهيمنة الدائر في العالم.
وفي نهاية الحلقة شكر مدير الجلسة باسم مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية الباحثين على ما طرحوه من أفكار وأراء ومعلومات وتحليلات حول موضوع الحلقة، وكذلك الحضور على تحملهم عناء الحضور والمشاركة واغناء موضوع الحلقة بالأفكار والمداخلات التي نمت عن عمق اهتمامهم ومتابعتهم للوضع الاقتصادي العراقي والعالمي.