أن نجاح المنظمة، وبقائها ضمن دائرة المنافسة، وأيضا تحسين المركز التنافسي لها، يعود إلى شرط بالغ الوضوح، وهو أن يكون هناك اهتمام شديد برأس المال الفكري وعدم تعريضه للإهمال، وجعل المعرفة متاحة للجميع، مع وجود مواكبة مستمرة لكل ما يستجد في التسابق أو التنافس بين المنظمات، وسعيها للتسلق المستمر نحو مراتب أعلى في الانتاج والتطور المستمر
توجد أهمية كبيرة لرأس المال الفكري في تطوير المنظمة من خلال التركيز على استثمار المعرفة بشكل صحيح، والاستفادة من الأفكار الجديدة، وتحقيق سلسلة من حلقات التفوق والتقدم في مجالات الاستثمار الصحيح للمعرفة، والابتعاد عن حالة الاهمال التي تطال العلوم وتهمل المعارف التي تضيف للمنظمة رصيدا جيد في مجال التميز والتقدم إلى أمام.
هناك تأكيد من قبل الباحثين والخبراء المعنيين بتطوير المنظمات على أن تحسين المركز التنافسي للمنظمة يعتمد بشكل مباشر على عنصر استثمار المعرفة، وأي إهمال في هذا المجال يجعل المنظمة تحتل رقما في اسفل القائمة، مما يجعلها متخلفة أو متأخرة كثيرا عن بقية المنظمات وتلغي عنها عنصر التنافس مع غيرها.
ولهذا السبب يذكر الباحثون في مجال رأس المال الفكري وتطوير المنظمات، بأن (العديد من الأبحاث والدراسات تُجمع على أن أهمية رأس المال الفكري تنبع من كونه أكثر الأصول قيمة في القرن الحالي للمعرفة، كما يعد من أهم مصادر الميزة التنافسية للمنظمات المعاصرة، وذلك لأن تحقيق التميز والابتكار لا يأتي إلا من خلال النتاجات الفكري المبدعة).
وهذا الأمر يعطي أهمية كبرى لرأس المال الفكري بل وأهمية حاسمة يمكنها أن ترفع المنظمة إلى مراكز أعلى في ميدان المنافسة مع المنظمات الأخرى، فالفكر والابتكار هما اللذان يحققان مراتب أعلى للمنظمة، الأمر الذي يعني بأن رأس المال الفكري يتربع على قمة أولويات المنظمات، أو ينبغي أن يكون الحال هكذا، وكل منظمة تهمل هذه القضية أو تتغاضى عنها يكون مصيرها التراجع والفشل.
ولهذا السبب يعتقد الخبراء المختصون بأن ضمور رأس المال الفكري للمنظمة، يقودها نحو سلسلة من التراجعات التي تنتهي بها إلى الخروج من دائرة المنافسة مع المنظمات الأخرى، وهذا يعني فشلها بشكل تام، لذلك من المهم التنبّه إلى هذه النقطة المهمة، وهي تفعيل حالة الاهتمام المتواصل برأس المال الفكري، والتركيز على نشر المعرفة بين عناصر المنظمة، لأن الاهمال للمعرفة والابتكار ولرأس المال الفكري يعني تراجع المنظمة حتما.
وهكذا فإن (الفشل وإهمال رأس المال الفكري قد يؤدي إلى سلسلة من الخسائر لمستوى المنظمة التنافسي، فالتخصيص غير الكفء للموارد ينتج عنه عدم قدرة على تحديد طاقتها وإمكانياتها والتنبؤ بقيمة أعماله المستقبلية وبعض الباحثين يشبّه رأس المال الفكري غير المستثمَر مثل الذهب الذي لم يُستخرَج وتؤكد على الفوائد التي يمكن أن تجنيها المنظمات والمؤسسات من خلال الاهتمام برأس المال الفكري).
هذا يعني بأن تجميد المعرفة، وسكون الفكر، وعدم التعويل على الابتكار، يقود المنظمة بعيدا عن مركز التنافس مع المنظمات المتأهبة دائما للدخول في ميدان المنافسة مع الآخرين، لأننا كما نعرف أن العنصر الوحيد القادر على تطوير الانتاجية وتحسينها وزيادتها كمًّا ونوعا، هو التمسك بقضية الاهتمام برأس المال الفكري، وهذا يتطلّب من قادة المنظمة ما يلي:
- التركيز على نشر المعرفة بين عناصر المنظمة، وتخليصهم من حالة الجهل التي يعانون منها.
- تسهيل قضية الوصول إلى العلوم وتوفير المصادر اللازمة لتحقيق هذا الشرط، لكي تكون الأفكار الجديدة وحالات الابتكار متوفرة ويمكن الوصول إليها.
- يجب أن يعرف جميع المنتمين إلى المنظمة بأن التخلي عن الفكر والمعارف، يعني تخليا عن أهم أهداف المنظمة في التطور والبقاء في دائرة المنافسة مع المنظمات الأخرى.
- لذا يجب أن تكون هناك جهود منتظمة لرفد عناصر المنظمة والعاملين فيها بالجديد الفكري والابتكاري، حتى تبقى المنظمة منتجة ومتفاعلة وتتطلع إلى المراكز المتقدمة دائما.
- من المهم أن يتم توفير كل شيء يجعل من رأس المال الفكري للمنظمة في المقدمة، وبعيدا عن الاهمال لأي سبب من الأسباب.
أما المسؤول عن تطبيق هذه الملاحظات في المنظمة، فهو يعود إلى الأسلوب الإداري، والطريقة التي يتم فيها إدارة المنظمة، وتحديد المسؤوليات وفقا لنظامها الإداري، ولكن مع ذلك لا يصح إلقاء مسؤولية الإخفاق على فرد بعينه، أو على طبيعة النظام الإداري للمنظمة، بل هناك مسؤولية على جميع عناصر المنظمة، وخصوصا ما يتعلق بحماية رأس المال الفكري للمنظمة.
وأخيرا نصل إلى نتائج واضحة تؤكد لنا بأن نجاح المنظمة، وبقائها ضمن دائرة المنافسة، وأيضا تحسين المركز التنافسي لها، يعود إلى شرط بالغ الوضوح، وهو أن يكون هناك اهتمام شديد برأس المال الفكري وعدم تعريضه للإهمال، وجعل المعرفة متاحة للجميع، مع وجود مواكبة مستمرة لكل ما يستجد في التسابق أو التنافس بين المنظمات، وسعيها للتسلق المستمر نحو مراتب أعلى في الانتاج والتطور المستمر.
اضافةتعليق