حظي تقرير المرصد الاقتصادي للعراق الصادر عن البنك الدولي باهتمام كبير على المستوى الاعلامي لما تضمنه من رصد وتصورات حول تطورات الاقتصاد العراقي ما بعد جائحة كورنا وارتفاع اسعار النفط
حظي تقرير المرصد الاقتصادي للعراق الصادر عن البنك الدولي باهتمام كبير على المستوى الاعلامي لما تضمنه من رصد وتصورات حول تطورات الاقتصاد العراقي ما بعد جائحة كورنا وارتفاع اسعار النفط. ويركز التقرير الموسوم "تسخير عائدات النفط المفاجئة لتحقيق النمو المستدام" على جملة من القضايا الاقتصادية يمكن اجمالها فيما يلي:
1- تعافى الاقتصاد العراقي بعد الخروج التدريجي من الركود العميق الذي تسبّبت به جائحة (كوفيد-19) والتراجع الحاد في أسعار النفط عام 2020. فبعد تراجع الناتج المحلي الحقيقي بأكثر من (11%) عام2020 ، ارتفع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بقرابة (2.8%) عام2021. ويتوقع التقرير ان يحقق العراق نموا يقارب (5.4%) في المتوسط سنويًا بين عامي 2022 و 2024.
2- حققت الارصدة المالية في العراق فوائضا كبيرة نتيجة ارتفاع اسعار النفط وتحسن الايرادات النفطية، اذ ارتفعت الإيرادات الحكومية بقرابة (37%) عام 2021 بفضل ارتفاع أسعار النفط التي بلغت في المتوسط (68.4) دولارا للبرميل، وبزيادة تقارب من (87%) عن متوسط اسعار النفط عام 2020.
3- على الصعيد الخارجي، دفعت صادرات النفط المرتفعة والواردات المنخفضة الحساب الجاري إلى فائض بنسبة (11%) من إجمالي الناتج المحلي عام 2021. بغض النظر عن التراجع في صافي الاستثمارات الأجنبية، الذي يعود جزئياً إلى عدم اليقين السياسي المتزايد.
4- حسّن التحوّل في أسواق النفط من آفاق الاقتصاد العراقي على المدى المتوسط، فمن المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي الى (8%) عام2022 ، مدفوعاً جزئياً بانتهاء الظروف المرتبطة بالجائحة واتفاق" أوبك+" بإنهاء قيود حصص الانتاجية، لذلك، يُتوقع أن يتجاوز الإنتاج العراقي مستواه ما قبل الجائحة والبالغ (4.6) مليون برميل في اليوم في النصف الثاني من عام 2022.
5- من المتوقع أن يعود نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى اتجاه نموه المحتمل على المدى الطويل، جزئياً بفضل ارتفاع الاستثمارات التي يمكن تمويلها من مكاسب النفط المفاجئة. مع ذلك، يمكن لتأخير تشكيل الحكومة وتعثر إقرار موازنة 2022 الحد من استخدام المكاسب المالية المفاجئة مما قد يخفّض النمو الاقتصادي المتوقع.
6- تطوق العديد من المخاطر الآفاق الاقتصادية للعراق، فالتوترات الجيوسياسية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا تسلّط الضوء على المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العراقي في المنحيين الإيجابي والسلبي على حد سواء. ورغم أنّ أي ارتفاع كبير في أسعار النفط يحسّن رصيد العراق المالي، فإنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاضطراب في الواردات الزراعية قد يفاقم اتجاهات الفقر الراهنة ويزيدا من المخاطر على الأمن الغذائي.
7- تفرض الحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات الدولية على موسكو مخاطر على إنتاج العراق للنفط الخام إذا تأثرت عمليات شركات النفط الروسية في العراق بالعقوبات الدولية على روسيا مما يهدد تعافي معدلات انتاج النفطي العراقي والاستفادة من ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية.
8- عادة ما يؤثر ارتفاع أسعار النفط سلباً على الجهود الحكومية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ما يعمّق التحديات الاقتصادية البنيوية التي يواجهها الاقتصاد الاحادي للعراق.
9- تشتد التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي في العراق خصوصا مع الارتفاع الحاد الأخير في أسعار السلع العالمية. وحتى قبل الاضطرابات الأخيرة في الإمدادات الغذائية العالمية، كان العراق يواجه مخاطر هامة فيما يخص الأمن الغذائي نظرا لإخفاق الإنتاج المحلي في تلبية الطلب الناجم عن النمو السكاني السريع. اذ عانى الإنتاج الزراعي مؤخراً من موجات جفاف حادة، وارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة، وتآكل التربة وتملّحها، وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، فضلاً عن الاضطرابات في الإنتاج الناجمة عن فترات انعدام الأمن والنزاعات. لذلك وبهدف سد ثغرة الإمدادات الغذائية، أصبح العراق معتمداً بصورة متزايدة على الواردات التي تشكل أكثر من نصف ما يستهلكه من غذاء، ما زاد من تعرّض البلاد الى صدمات أسعار الغذاء والإمداد العالمية.
10- اتساع أزمة رأس المال البشري في العراق فحصيلة الصحة والتعليم منخفضة ومتراجعة في الأعوام الأخيرة. ووفقاً لمؤشر رأس المال البشري عام 2020، فان الطفل المولود في العراق قبيل جائحة (كوفيد-19) قد تبلغ إنتاجيّته عند بلوغه سن ال 18 نسبة (41%) فقط مما كانت ستكون عليه لو كان يتمتع بتعليم كامل وصحة تامة. وعلى الرغم من ثروة البلاد النفطية، يشكل الاستثمار في رأس المال البشري حصة قليلة نسبياً من الموازنة العامة (قرابة 10% للتعليم و4% للصحة).
توصيات التقرير
1- نظراً للهشاشة المالية والاجتماعية والاقتصادية للعراق تبرز حاجة ملحّة إلى إصلاحات بنيوية واسعة النطاق يجب أن تطبّقها الحكومة الجديدة. فإعادة توجيه الموارد المالية من أجل برامج معزّزة للنمو في رأس المال البشري والمادي ستكون جوهرية من أجل التنويع وخلق فرص العمل.
2- من اهم مجالات الإصلاح ذات الأولوية الرئيسية تصحيح تكلفة الأجور وتحسين فعالية الإنفاق العام. لذا يجب بذل المزيد من الجهود من أجل تعزيز الإدارة المالية العامة، وتقليص دعم الطاقة غير الفعّال. ويجب أن تتكامل هذه التدابير مع برامج متكاملة لمساعدة الطبقات الاجتماعية الفقيرة لتسهيل التحويلات التي تستهدف الأُسر الأكثر ضعفاً.
3- تسريع الإصلاحات الخاصة بالمصارف المملوكة من قبل الدولة من خلال تعزيز فعاليتها وحوكمتها من اجل تقوية القطاع المالي وتمكين القطاع الخاص من الحصول على التمويل المناسب بيسر وكلف تنافسية.
4- تضمين سياسات متعلقة بالمناخ في صلب خطة التنمية العراقية من أجل زيادة الإيرادات والحث على النمو وخلق فرص العمل على المدى المتوسط.
5- لا تزال الورقة البيضاء للحكومة العراقية نموذجاً جريئاً لوضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل نحو التنويع الاقتصادي.
6- يتطلّب تحقيق الأمن الغذائي تنسيق الجهود لتحسين الإنتاج المحلي من خلال زيادة فعالية مياه الري، وتخفيف انحلال التربة وإعادة تأهيلها، وتحسين إدارة الأراضي، وتطبيق تدابير التكيّف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره بما في ذلك اعتماد الزراعة الذكية مناخياً.
اضافةتعليق