اموال العراق في الخارج ليست مقيدة بقرارات تحت الفصل السابع: متى تفصح دوائر القرار؟

قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع نصوص تفهم بسهولة ومراجعتها متاحة للجميع، أو الرجوع إلى المختصين في القانون الدولي، وخاصة الجوانب القانونية للعلاقات المالية الدولية، على فرض حصول إختلاف في دلالتها. وكون إستلام إيرادات النفط في مصرف معين أو غيره مُقيّد بقرارات مجلس الأمن، أم لا، هذه معلومة أما صحيحة او خاطئة وليست وجهات نظر لا بأس في تعددها. ومن المحير عدم الوضوح في هذه المسألة، رغم مرور أكثر من ثلاثين عاما على بداية فرض قرارات مجلس الأمن على العراق منذ آب 1990، وما قاساه شعب العراق خلال هذه الحقبة. 

ويسأل أحد الزملاء الأعزاء وما أهمية تأكيد عدم خضوع اموال العراق في الخارج لقيود فرضتها قرارات تحت الفصل السابع؟ 

الجواب ببساطة لتصحيح معلومة خاطئة، حسب قراءتنا لنصوص القرارات. ومن المهم ان تفهم الدوائر ذات الصلاحية أن القرارات المذكورة لا تُقيّدهم. وعند ذاك يصبح للإعتبارات السياسية والعوائد والمخاطر المالية، وسواها، دور في مزاولتهم لصلاحياتهم. فلا معنى للخوض في تقدير الإمكانية السياسية لإبقاء أو تعديل أو تغيير تلك الترتيبات في الصيرفة الدولية لأموال العراق إن كان الأمر لم يزل خاضعا لقيود قرارات تحت الفصل السابع.

الدقة مطلوبة خاصة وأن تلك القرارات إقترنت بأصعب ما مر به العراق بعد تأسيس دولته الحديثة. فعلى الأقل، من هذه الناحية، ينتظر من الدوائر المعنية الإفصاح عن دراية أكيدة حول موقف العراق منها. وأيضا بيان القرار والفقرات التي تُقيّد الإدارة المالية الدولية للعراق وكيف يتحرر منها، على فرض وجودها.

لو لم تكن لقرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع أهمية لما أصرّ الكثير من المؤثرين في الرأي العام والحكومة على أنها موجودة وباقية ولا يستطيع العراق فعل هذا أو ذاك لحاكميّتها. قد راجعنا القرارات ذات الصلة وبينا أنها لا تلزم العراق بشيء في إدارة امواله في الخارج. وللعراق عضوية طبيعية في المجتمع الدولي، وله ما للدول الأخرى وعليه ما عليها.

يريد بعض الزملاء أن نشرح لهم على وجه الدقة وبالتفصيل ما هي النتائج المترتبة على اقتناع دوائر الاختصاص في العراق بأنها ليست مقيدة بقرارات تحت الفصل السابع؟ 

قبل الإجابة، ماهي مصلحة العراق بتداول معلومات خاطئة في دوائر الدولة، الا ينبغي أن تستند قراراتها إلى معلومات صحيحة. ثم أن الحقائق لها قيمة بذاتها وتتشرف المؤسسات الأكاديمية ومنظمات ذوي المؤهلات الإختصاصية مثل شبكة الإقتصاديين في التحري عنها. ويمكن القول إن العلاقات المالية الدولية تتضمن مفاوضات، بهذا الشكل أو ذاك، فهل يعقل ان الطرف العراقي يفاوض بنفس المنهج إن كانت قرارات تحت الفصل السابع تعلقت بموضوع التفاوض أم لا. وحتى لو وجدت قرارات أو فقرات منها لا زالت مُلزِمَة لكنها ليست فاعلة فمن الممكن إعادة الحياة لها زمن الخصومات، والمساومات، بين الدول. ولذلك من الواجب التأكد من قناعة المسؤولين بعدم وجود قرارات تمنعهم من مزاولة الحرية المتعارف عليها للدول في إدارة أموالها في الخارج. 

ما عرضناه على الزملاء أن قرارات مجلس الأمن لا تلزم العراق بإيداع أو عدم إيداع أمواله في الإحتياطي الفدرالي. هي ليست مقترحات لكيفية إستلام إيرادات النفط أو إدارة إحتياطيات البنك المركزي. دعنا أولا ننتهي من تصحيح المعلومات حول مسألة القرارات ثم تأتي الأبعاد السياسية، وقضايا مهمة منها المخاطر وسواها.  

مسألة حماية الأموال في الاحتياطي الأمريكي

عام 2003، بالتزامن مع وضع الصندوق العراقي للتنمية في الاحتياطي الفدرالي، أصدر الرئيس الأمريكي أمرا تنفيذيا بحماية الأموال من الإجرآت القضائية. جُدّدَ الأمر عام 2004 واستمر الحال إلى عام 2014 حيث أصدر الرئيس أمرا أوقف فيه تلك الحماية، هذه مبينة في الإيضاح، أي لا يوجد منذ ذلك التاريخ أمرا رئاسيا بحماية أموال العراق.

لو كانت الأموال محمية تلقائيا بمجرد وضعها في الاحتياطي الفدرالي لماذا أصدر الرئيس أمره؟ فمن الواضح أن الأمر التنفيذي استثناء لتعطيل سلطة القضاء على الأموال هناك. ومن المعروف أن العراق قبل عام 2014، أيام سريان الأمر التنفيذي، هدده الكونجرس الأمريكي بنقض الأمر التنفيذي للرئيس ما لم يدفع تعويضات لأمريكان " انتهك النظام السابق حقوق الإنسان في تعامله معهم"، ودفع العراق 460 مليون دولار أو نحو ذلك. 

نخلص إلى أن أموال العراق في الاحتياطي الفدرالي أصبحت مثل أموال جميع الدول الأخرى.

ثم هل إن أموال العراق في الخارج مهددة؟، ما هي مصادر التهديد؟، واين كان مجلس النواب عن هذه المخاطر؟، ولماذا لا يتصدى لها؟ 

أتمنى تسليط الضوء على هذه المبالغات وكشف الحقائق، ...، ولتسهيل المهمة نبين أن مصدر التهديد يأتي من ديون للقطاع الخاص الأجنبي على العراق التي تمنعت من المشاركة في التسوية لعام 2005؛ السؤال كم هو مجموع مبالغ هذه الديون بالتأكيد قليل نسبة إلى حجم الموازنة دون 2% وقيمتها السوقية أقل من نصف الواحد بالمائة. لماذا لا تّسوّى؟. هذه إشارة عرضية إلى مدى الالتباس في فهم المالية العامة والعلاقات المالية الدولية للعراق.

المهم أن يعلم ذوي الشأن أن عليهم واجب أخلاقي، قبل كل شيء، هو التحري عن مصادر المعلومات الدقيقة، ولا يسمحوا للتهريج أن يعصف بالدولة، القائد المؤهل يستطيع التمييز بين دجال وناصح.

التعليقات