قبل أن يستطيع المرء تفهم تصرفات شخص آخر عليه أن يكون أولاً ملماً بواقع نفسه وخلجاتها فالمرأة كائن جميل يبحث عن دفء اسمه الأمان فهي تكون في صراع حقيقي وحرج مع نفسها إذاً لم تدرك من يفهمها ويغوص في أعماقها ويشتد الصراع إذا لم تحاول أن تخطو خطوة واحدة لإدراك أفكار ما هي... لذا فعلى الرجل الذي يريد أن يدرك ذات المرأة ليفوز بقلبها فعليه قبل ذلك أن يفهم ذاته هو وكينونة نفسه وبذلك يكون قد اكتمل بناء شريطي (الـ DNA) بعد أن تعشقا بأواصر الحب المتبادل. لقوله تعالى "والله جعل لكم في أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة" (النحل آية 37).
وهنا يقرر الله سبحانه وتعالى بأن الرجل يتمم المرأة كما هي تتممه وإنها مغرس للنوع الإنساني وبمقتضى ذلك تستحق كل إكبار واحترام. أما قوامة الرجل على المرأة فإنها حق ولكنها قوامة موقع وقيادة ومسؤولية لأقوامه امتياز وتفضيل.
إن توافق الإنسان مع نفسه حل لأغلب مشاكله إذا لم تكن كلها فنزع فتيل الحرب وإزالة الدهاليز المظلمة بإحلال السلم وأرض مستوية لا يتم بسهولة نتيجة الرواسب التي خلفتها السنين وباركتها الأيام، وإنما تبدأ متسلسلة متدرجة فالصرامة كنخر دفين داخل القلب مفتاحه الإنسان نفسه والعقل المتأمل هو الحارس الأمين ما لم يكن في حقبة إجازته.
وبعد تجاوز هذه المرحلة العصيبة يستطيع الإنسان أن يتوشح بأكاليل النار لأنه تقدم إلى الصفوف الأولى في مدرسة الإنسانية رافضاً البهيمية والعشوائية متبعاً خطوات الرحمن مثلما أراد للبشرية من سمو ورقي وأصبح أهلاً لأن يتسلم مفاتيح الحب الحقيقي الإنساني الإسلامي فيؤثر ويتأثر فيه..
وبعد أن تكتمل صورة المؤمن بعقيدته والواعي لدوره النبيل في هذه الدنيا يبقى هناك سؤلاً تمددت الإجابات حوله واختلفت أو ربما اتفقت علية العديد من وجهات النظر ألا وهو (ما هي البنية الأساسية في المجتمع وفترة الإصلاح تبدأ بالطفل أم بالمرأة أم الرجل؟ رب مجيب يقول الطفل ويعطي الكثير من المسوغات يدافع فيها عن وجهة نظره والآخر يقول الرجل ويسلك مثلما سلك سابقة وآخر يجيب وبكل تعصب ووثوق بالنفس "إذا صلحت المرأة صلح المجتمع" وهكذا.. ولم يبق إلا أن أجيب عن هذا السؤال.
فلو تأملنا في بدأ هذا الكون لوجدنا الله سبحانه يتجلى في ملكوته وخلقه لعباده فهو سبحانه لم يخلق آدم.. نعم.. لم يخلق آدم طفلاً وإنما تام التكوين والتفكير جسدياً وعقلياً وكذلك شأن حواء (عليها السلام).
ومن هذه عبر وحكم لنا نحن البشر فعلينا إذاً البدء بالرجل والمرأة الحديثي العهد بالدنيا وما أبلغ البداية عندما تكون قبل الارتباط الجسدي والروحي العميق (الزواج) فالفحوصات الطبية لفحص تطابق الدم (عامل Rh) وغيرها فإنها تهدف لضمان سلامة الطفل الوليد صحياً ولنجنبه الكثير من الآلام هذا من الناحية الطبية ولكن ماذا عن سلامته اجتماعياً وفكرياً ونفسياً وما هي الفحوصات لهذا الأمر الخطير...
لهذا فقط علينا التخطيط والمتابعة لبناء شخصية الإنسان (رجل كان أو امرأة) والعمل على تثقيفها مهما بلغا من درجة الجهل وفق قانون جديد يضم إلى قانون الأحوال الشخصية يمنع الزواج إلا بعد تجاوز فحوصات التوعية الثقافية وهنا لنتخيل كيف سنؤمن للطفل الوليد حياة صحيحة سليمة خالية من الحسرات وفي نفس الوقت سيتوفر للمرأة الأمان والاطمئنان فتقتنع بما لديها وتحافظ عليه وهذا ما يدعو الرجل للتمسك بأهله وعدم النظر والبحث عما ينقصه خارج بيته وبذلك سيكون مجتمعنا لا عنيفاً قويماً محصناً من أخطار الدنيا المفاجئة والمباغتة منطلقين من بيوتنا لبناء عائلة متماسكة ففطرة الإنسان قابلة لكل شيء وليس لها لون قبل التربية فالخير راسخ في ذات الإنسان والشر مكتب والسعادة والشفاء متوقفة على ما يقدمه الأبوان والمجتمع للطفل فكل مولود يولد على الفطرة.